السابع من اكتوبر حدث تاريخي جلل!


عدلي عبد القوي العبسي
الحوار المتمدن - العدد: 7790 - 2023 / 11 / 9 - 22:15
المحور: القضية الفلسطينية     

هو حدث تاريخي جلل يكاد يضاهي تماما من حيث التأثير ما احدثه السادس من اكتوبر في العام 1973
ويمكن تسمية هذا الحدث : (اكتوبر الثاني) بسبب التشابه في الكثير من الخصائص والاهداف والاساليب العسكرية المتبعة .

في هذا الحدث حققت المقاومة الفلسطينية الباسلة جملة من المكاسب اهمها :

- كان اختبارا ناجحا لسياسة التوازن الرادع عسكريا مع العدو .
- يمثل ردا انتقاميا للشهداء القادة وعلى رأسهم الشهيد القائد البطل قاسم سليماني وشهداء المجازر الصهيونية وشهداء الضفة الابطال وعلى رأسهم البطل ابراهيم النابلسي
ولا شك ان المدهش في عملية الرد الانتقامي انها كشفت سياسة النفس الطويل والصبر العسكري الاسترتيجي الذي تتميز به مدرسة محور المقاومة وهو ما اظهرته عملية التحضير الطويل والتي تسببت في خداع العدو وركونه وتجاهله حقيقة ان عملية الرد الانتقامي لمقتل البطل سليماني حتما ستكون مزلزلة للعدو نظرا للمكانة الكبيرة التي يتمتع بها في نظر شعوب المنطقة المقاومة

- ايصال رسالة قوية مؤثرة مفادها عدم جدوى خطط ابتلاع المنطقة جيوسياسيا وعدم جدوى تنفيذ المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية مثل مشروع صفقة القرن ومشروع تحالف الناتو العربي ومشروع ممر البخور الهندي التجاري والتي تستهدف اضعاف ومحاصرة النفوذ الصيني الاوراسي في المنطقة وبالتالي استهداف ومحاصرة محور المقاومة المدعوم من هذا المعسكر الشرقي .
وهي المشاريع التي راح يخطط لصياغتها وتنفيذها العدو الامبريالي الصهيوني وذلك من خلال كشف مقدار القوة الحقيقية للعدو وامكاناته على صعيد القدرات الفنية القتالية و التكتيكات والقدرات الرقابية والاستخباراتية والمعنويات والارادة والجاهزية التعبوية واللوجستيات والاسلحة فضلا عن هشاشة الوضع الداخلي الاقتصادي وضعف التماسك السياسي والاجتماعي والثقافي في ظل ازمة غير مسبوقة يشهدها الكيان الاستعماري الصهيوني منذ بدايات تأسيسه وايضا كون هذا الحدث يأتي في اطار تجريب معنى الحرب في الظرف الجديد ظرف تبلور عالم متعدد الاقطاب يعكس نفسه ايضا في قطبية اقليمية متعددة يشكل قطب محور المقاومة الفاعل الاول فيها بوصفه قطبا مضادا للقطب الاخرالامبريالي الصهيوني المتحالف مع الدول الرجعية العربية وغيرها من تلك الدائرة في فلك حلف الاطلسي الامبريالي .

ومن خلال هذه الرسالة القوية التي كان العنوان الابرز فيها هو القيام بالمبادره في الهجوم على العدو وشن الحرب وبشكل مفاجئ وصادم للعدو في التوقيت والحجم ونوعية العمليات الهجومية ونطاقها الجغرافي وحجم ونوعية التخطيط المسبق لها وحجم ونوعية البنية التحتية اللازمة لها والتقنيات والكوادر وتوفير الغطاء السياسي الداعم لها من بقية مكونات محور المقاومة بل والمساندة لها بطريقة غير مباشر من دول المعسكر الشرقي الاوراسي المناوئ للنفوذ الغربي الامبريالي في المنطقة والذي له مصالح اقتصادية تنموية مشروعة قائمة على النفعية والربحية العادلة ومبدأ السلام والتنمية العادلة لجميع شعوب المنطقة وعلى رأسها مشروع الحزام وطريق الحرير الصيني العملاق .

تمكنت المقاومة خلال هذه المعركة من ردع العدو عسكريا وسياسيا و نفسيا واحباط طموحاته وخططه والقضاء تماما على مشاريعه التصفوية واهمها مشروع صفقة القرن والتي حاول العدو ايضا ولا يزال يائسا في تمرير بعض مكونات هذه الصفقة واعادة صياغتها بالاستفادة من الظرف الجديد الذي خلقته المعركة توهما منه بامكانية تحويل الهزيمة الى نصر سياسي على شكل تمرير صفقة قرن معدلة من خلال محاولة فرض التهجير عمليا ومن خلال خطط جديدة لتمرير الصفقة ودويلتها الهزيلة منزوعة السلاح في مؤتمر قادم للسلام يجري التحضير له مع جوقة المطبعين العرب .

- من بين اهم المكاسب المحققة تسريع عملية تآكل الوحدة الداخلية للكيان بتعزيز الانقسام السياسي والمجتمعي واشاعة جو الاحباط وعدم الثقة لدى المواطن الصهيوني في مستوى الامن وقوة الجيش والتماسك وصلاحية بقاء دولة الكيان وجدوى العيش في مجتمع كهذا اذ بلغت الخسائرالبشرية الاف الجنود والمستوطنين القتلى والاسرى والجرحى وخسائر اقتصادية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات وانهيار جزء مهم من صناعة السلاح واغلاق مصانع وعشرات الاف المسرحين من العمل ناهيك عن خسارة العمال الفلسطينيين و الكثير من القوى العاملة التي هي في الاصل جزء من تركيبة الاحتلال بالاضافة الى افلاس عدد كبير من الشركات .
وكذلك تحفيز مسلسل الهجرة العكسية ( يريدا ) صوب دول الشتات اليهودي التي جاءوا منها ! حيث تشير بعض الاحصائيات الى ان هناك ما يقارب ربع مليون مواطن صهيوني يستعدون للهجرة ذهابا دون عودة !
هؤلاء فقط تيقنوا من عدم الجدوى في البقاء بسبب ما كشفته الحرب من حقائق جديدة حول واقع الاحتلال و من غير اولئك الذين صدمتهم ازمة الانقسام السياسي الحاد المعروفة بأزمة التعديلات القضائية والتي شرخت المجتمع الى نصفين وجعلت المجتمع الصهيوني على شفير حرب اهلية !!
- من مكاسب الحرب وهذا هو الاهم تسليط الضوء اكثر على عدالة القضية الفلسطينية وطبيعتها لدى الجيل الجديد الذي لا يعرف الكثير من ابناءه شيئا عن القضية الفلسطينية واهميتها ومكانتها ولديهم مفاهيم وتصورات مغلوطة عنها وعن الشعب الفلسطيني المناضل بفعل الة القصف الاعلامي المردوخي ذات الامتداد العالمي الهائل والاف المراكز البحثية والمنتديات الثقافية والمؤسسات التي تعمل باصرار عجيب على تشويه القضية وتحقيق قدر هائل من البلبلة والمغالطات التاريخية والمعلومات المزيفة لغرض زراعة الشك في نفوس الشباب العربي والاسلامي وشباب كافة المجتمعات الاخرى وللأسف الشديد فانهم قد تمكنوا من تحقيق جزء كبير من هدفهم الشيطاني الخبيث .
اذا نحن بصدد مكسب التعريف بالقضية وعدالتها وجعلها مسموعة اكثر مع كشف وفضح حقيقة الكيان وادعاءاته بامتلاك القوة اولا والتحضر والانسانية ثانيا والديموقراطية ثالثا .
وقد كشفت حرب اكتوبر الحالية وفضحت كل تلك الادعاءات وأسقطت ورقة التوت الاخيرة واكدت معقولية التصورات حول النهاية اي نهاية دولة الكيان وسقوط نظامه في القريب القادم من السنوات !

ونقصد هنا تلك التصورات العلمية المبنية على التوقعات العلمية المستقبلية التاريخية والتنبؤات السياسية التي تقترب من تحققها فعليا ومن خلال مسارات التغير الديموغرافي والهجرة العكسية وتعاظم نشاط النضال الفلسطيني السلمي والمسلح واقتراب تفجر الثورة الاجتماعية في الداخل الفلسطيني المحتل واستفحال الازمة الاقتصادية العالمية واضمحلال نفوذ الغرب الاستعماري الداعم للكيان المحتل ونشوء العالم الجديد المتعدد الاقطاب وتغير موازين القوى وتكون النظام الاقليمي المتعدد الاقطاب ووغيرها من العوامل التي تصب في نهاية المطاف في صالح الوصول الى تحقيق حلم التحرير الفلسطيني وانتصار القضية الفلسطينية .