عشره اخطاء قاتله ١٢


عدلي عبد القوي العبسي
الحوار المتمدن - العدد: 7149 - 2022 / 1 / 30 - 17:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

عشره اخطاء قاتله
ارتكبها الحزب الاشتراكي اليمني طيله العشرين عاما الماضيه
اي طيله مسار التراجع والنكوص والموات البطئ
اول هذه الاخطاء كان في التخلي الاحمق الساذج والمتسرع عن المنهج العلمي الاشتراكي
وثانيها في التخلي عن الانتماء الطبقي الشعبي كحزب للكادحين حزب الغالبيه الشعبيه الفقيره الكادحه
و التسرع في الحكم على صوابيه هذا النهج والوقوع في فخ اوهام اليسار الليبرالي !

والغريب ان هذا التوجه الجديد حدث في نفس فتره تنامي صعود الموجه الاجتماعيه العالميه الثامنه التي شهدت ابرز احداثها عوده اليسار الثوري في اميركا اللاتينيه وانتصار الثوره البوليفاريه في فنزويلا
و تصاعد حركات مناهضه العولمه الراسماليه و النجاح المذهل للتجربه الصينيه التي يقودها حزب لم يتخلى عن نهجه اليساري الى الان
والغريب ان
قاده الحزب كانوا لا يزالون غارقين في الاصرار على النهج الجديد حتى بعد اندلاع الازمه الراسماليه الماليه عام
٢٠٠٨
و عوده اكتشاف كبار الباحثين والمفكرين والعلماء البورجوازيين لكارل ماركس

لا نرى اي اعتبارات مقبوله تبرر الوقوع والاستمرار في هذا الخطأ
لا سياسيه ولا اجتماعيه ولا امنيه حتى مهما كانت الادعاءات
ولا حتى فكر المراجعه ولا ميزان القوى و لا حتى متطلبات التكتيك السياسي المرحلي يسمح لنا بهذا الانزلاق السياسي المريع وهذا الانتكاس الفكري السياسي الفاضح
وهذا المسار المهرول نحو القاع والمتجه نحو حاله شبه الغياب السياسي عن مشهد الدفاع عن مصالح الشعب
لكنها اللعنه ذاتها في تاريخ احزاب مشوهه التركيب الطبقي اللعنه المتمثله في حرص القيادات على العوده السريعه الى السلطه والانتفاع بمكاسبها الضيقه والتشعبط بذيلها حتى وان كانت هذه السلطه سلطه فاسده خائبه منبوذه جماهيريا وآيله الى السقوط

ثالث هذه الاخطاء كان في الانضمام الى منظمه الاشتراكيه الدوليه سيئه الصيت باعتبارها منظمه امبرياليه دوليه في التحليل الاخير
وهي المنظمه التي كانت تدعي الانسانيه والديموقراطيه وحقوق الانسان وبنفس الوقت كان ابرز اعضاءها يباركون جريمه الغزو الامبريالي الفاشي للعراق وما تلاه من انتهاك واسع النطاق لحقوق الانسان وحقوق الشعوب
وهي المنظمه التي فشل اغلب احزابها في سياساتها الداخليه والخارجيه وهو ما اضعف من تأثيرها في سنوات كثيره وعكس نفسه على ضعف تعافي وقوه هذه المنظمه الدوليه الكبيره التي قيل عنها انها ثاني منظمه امميه من حيث الحجم و الاهميه


بدأ الحزب منذ دخوله في المدرسه الفكريه السياسيه الجارلليه اواخر التسعينيات نسبه الى المناضل والمفكر القائد الشهيد جار الله عمر يتجه غربا في استداره
١٨٠
درجه جغرافيا وسياسيا وفكريا على قوس الطيف السياسي في وقت كانت تحقق فيه احزاب يساريه كبرى بعضها حاكمه من الشرق والغرب ومن خارج هذا الاطار المفلس المسمى ب
(الاشتراكيه الدوليه ) نجاحات هائله على صعيد الفكر والممارسه والاستقطاب الجماهيري وتحقيق الانجازات الاجتماعيه والتنمويه المدهشه مما جعلها تكسب صيتا عالميا كبير
على سبيل المثال الحزب الشيوعي الصيني الحاكم

هنا كان الاحرى بالحزب الاشتراكي اليمني تحقيق التقارب وتقويه العلاقات الفكريه الثقافيه والسياسيه مع هذه المؤسسات النضاليه العملاقه والاستفاده من تجربتها وخبراتها العلميه والاداريه
بدلا من الدخول في نادي الفاشلين الاممي من جوقه اليسار الاستعماري المتصهين !
مع تأكيدنا من واقع المشاهده والمتابعه
ان وجود اجنحه يساريه فاعله في بعض هذه الاحزاب الاشتراكيه الديموقراطيه والديموقراطيه الاجتماعيه
لا يقدم ولا يؤخر في التأثير والفائده

للاسف الحزب الاشتراكي اليمني تحول الى حزب ليبرالي بائس او هكذا يبدو لمتابعيه ومريديه
تأثيره هامشي حتى اقل من تأثير منظمات المجتمع المدني عندنا !!

في الوقت الذي يحتاج البلد فيه الى حزب يساري ثوري مناضل مستقل فاعل يدافع عن مصالح الاغلبيه الفقيره و ليس مهما الحجم والمصالح والارتباط بالسلطه او دوائر القرار الاقليمي والعالمي بقدر ما ان المهم هو الفاعليه والتأثير في اوساط المفقرين من ابناء الشعب وفاعليه الضغط السياسي والجماهيري على السلطه لانتزاع مكاسب شعبيه اجتماعيه مهمه
على طريق السير نحو الثوره وفق استراتيجيه النفس الطويل

حزب ينطلق من خصوصيات الواقع الاجتماعي اليمني ويصحح اخطاء التجربه الماضيه وينأى بنفسه عن الدوجماتيه والشطط الطوباوي وعن النزعات اليسارويه الطفوليه
حزب يشتق افكاره وبرامجه من واقعه الاجتماعي المدروس جيدا ومن تراثه الفكري العلمي
والنضالي ولا ينجر الى افكار وسياسات ووصفات ومشاريع قوى ودوائر استعماريه وبلدان صناعيه متمدنه حديثه تبعد عنا مسافه زمنيه تاريخيه تصل الى ما يقارب المائه عام

لا نحتاج الى حزب نفعي مرتبط ببعض اجنحه السلطه وله علاقات انتهازيه مع منظمات اجنبيه معاديه مشبوهه كالمعهد الديموقراطي الامريكي او مع قوى رجعيه معاديه في الاقليم و علاقات مشبوهه مع دوائر استعماريه
لا نحتاج الى حزب يشغل قياداته العليا والوسطى كوادر بورجوازيه صغيره في الفكر والسلوك والشعور

البلد يحتاج الى حزب ثوري وطني تقدمي مناضل يدافع عن مصلحه الكادحين العمال والفلاحين الفقراء والفئات الدنيا المتوسطه وليس الى نادي سياسي للثرثره نادي بورجوازي نخبوي ثقافي منكفئ على نفسه في ابراجه العاليه معزول عن الجماهير و ملحق بالجهاز السياسي للبورجوازيه الكمبرادوريه والطفيليه ومدافع عن رؤيتها ومصالحها وخاضع لهيمنه ادواتها الاداريه ومؤسسات سلطتها القمعيه التي امعنت تخريبا واضعافا للحزب واستخفت
به واذلته في توجيه نشاطاته وخطابه و كوادره القياديه منذ مطلع العقد الاول لهذا القرن الجديد



رابع هذه الاخطاء كان في التحالف المتسرع والغير مدروس مع حزب الاخوان المسلمين (التجمع اليمني للاصلاح ) وقبول عضويه هذا الحزب في تكتل اللقاء المشترك
هذا التكتل السياسي الذي كنا ننظر اليه في فتره سابقه على انه بمثابه كتله تاريخيه للتغيير الوطني الديموقراطي في استعاره ربما غير موفقه و استخدام مغلوط لمصطلح جرامشي الشهير (الكتله التاريخيه
كان الهاجس انذاك في تلك السنوات الاولى من تاسيس اللقاء المشترك هو البحث في وسيله التحالف لتقويه مسار النضال السياسي
البعض كان لديهم افكار عن تحالف انتخابي مؤقت لكن اخرين كانوا يبحثون عن تحالف تاريخي يستمر لفتره اطول ويشمل الالتقاء على استراتيجيه مرحليه مشتركه للنضال

كان الانطلاق من حاجات تحالفيه جبهويه شعبيه مرحليه لكنها للاسف لا تنطبق على هذا الكيان السياسي
الفاشي الديني المسمى بالتجمع اليمني للاصلاح والمشارك في الحكم العسقبلي المستبد والذي تم التاسيس له تاريخيا ليلعب دورا وظيفيا محددا وهو الاطاحه بالحكم الوطني وقواه السياسيه الوطنيه واسقاط الدوله الوطنيه الاجتماعيه العادله ابان فتره مكافحه ما سمي بالمد الشيوعي
هذا الحزب الديني الفاشي المرتبط باستخبارات النظام واستخبارات المستعمر كان هو الذي لعب الدور الابرز في تحطيم وتدمير الحزب الاشتراكي اليمني وشطب تاريخه ومسحه من خارطه العمل السياسي الوطني

نحن لانتجنى ولكن وقائع تلك الفتره وما قبلها من موجه الاغتيالات شاهده على ذلك طوال
سنوات التسعينيات
وما حرب اربعه وتسعين وما قبلها الا خير شاهد على ذلك

وحتى الممارسات اللاحقه ابان فتره اللقاء المشترك وابان فتره الثوره الشعبيه كلها عامره وطافحه بالسلوكيات الفاشيه والقرارات والمواقف التهميشيه الاقصائيه والاحتوائيه والانفراديه

كان السؤال الذي يتمتع بقدر من المصداقيه والذي بدا في حينه مغرضا تفتيتيا شاقا للصف هو كيف تتحالف مع عدوك التاريخي والسياسي والطبقي الذي كان يسعى الى تدميرك ولا يزال يسعى الى تهميشك واحتواءك واستغلالك لاغراضه السلطويه النفعيه الضيقه

لم يكن ابدا الحزب الاسلامي المسمى بحزب الاصلاح حزبا يخدم مصالح الشعب بل كان حزبا للبورجوازيه الكمبرادوريه والطفيليه والبيروقراطيه ولبقايا الاقطاع والارستقراطيه المشيخيه القبليه
كان واحدا من حزبي السلطه العسقبليه الحاكمه العميله للرجعيه الخليجيه و الامبرياليه الاطلسيه
ولم يكن في جذور نشأته الاولى حتى مقتنعا باهداف ومبادئ الثوره السبتمبريه الاكتوبريه الستينيه
بل لم يكن مقتنعا حتى بفكره الثوره من اساسها بل كان ينادي بالاصلاح وليس الثوره وليس التغيير الجذري للمجتمع
دليلي على هذا ما قاله ذات مره احد القاده الاسلاميين الاصلاحيين مطلع التسعينيات في اعتراف صريح ( كنا نقول لهم اصلاح وليس ثوره اصلاح وليس ثوره )
بل ان مفهوم الثوره نفسه لم يكن مفهوما بالنسبه للغالبيه من كوادر واعضاء هذا التيار الاسلامي ذا النزعه الفاشيه الدينيه الصريحه
وكان للثوره معنى اخر لديهم معنى قديم قروسطي لا علاقه له بالمفهوم الحديث !

كما انه لم يكن في حقيقه الامر حزبا من احزاب المعارضه وانما حزبا حاكما التصق بالمعارضه
ذات نهار اسود لاغراض نفعيه سلطويه وامنيه واحتوائيه !

ثم كان انضمامه وركوبه لموجه الثوره الشعبيه ثوره فبراير ٢٠١١ اكبر عمليه خداع تاريخي سياسي مارسها حزب سياسي يمني في التاريخ اليمني المعاصر !!

اذا هذا هو الاستنتاج الذي وصلنا اليه وهو ان قرار التحالف مع حزب الاخوان في اطار اللقاء المشترك كان قرارا غير مدروسا بما فيه الكفايه
كان القرار المتسرع الاهوج الذي نتجت عنه لاحقا اثارا سياسيه كارثيه مدمره على المسار السياسي النضالي للحزب اولا و للقوى السياسيه الشعبيه التي كانت منضويه في اطار اللقاء المشترك
يتبع