أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء التاسع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة















المزيد.....

الجزء التاسع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 7487 - 2023 / 1 / 10 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


قادتك قدماك اخيرا - بعد عشرة أشهر – للوقوف عند الخامسة بعد مغادرتك حديقة الجيزة امام مستشفى المعادي للقوات المسلحة ، من الجهة المقابلة للمبنى – اطلت النظر اليه مخترقا سور المبنى متنقلا في ممراته من طابق لآخر . . وعبور الانتقال بين الطوابق من خلال السلالم والمصعد الكهربي . . تماما كما هو محفور في ذاكرتك التخيلية منذ طفولتك – رأيت نفسك محمولا بين ذراعي والدك بعد اخذكما من مهبط ارض الطائرة بسيارة الضيافة السياسية السوداء وأخريين مرافقتين . . حتى الوصول الى بوابة واسعة . . أذن بدخولنا – كانت الساحة بعد المدخل تحتوي مدرعة في الخلف وعربتين رشاش الي ، سرنا والمضيف لنا لتسليم توجيهات العناية لعلاجي المفتوح زمنيا على نفقة الدولة المصرية – كان مشفي لكبار قادة ضباط القوات المسلحة ، وكان مضيفنا وثلاثة مرافقين اقوياء البنية ببدلات سوداء مدنية عند سيرنا يقف ثابتا وبتحية عسكرية يؤديها كل من يصادف اقتراب عبورنا من مكانه ، تحول المكان لخلية نحل لإكمال اجراءات الرقود والعلاج – استاذ احمد . . حمد لله على السلامة ، تحية القائد الاعلى ، أي شيء تحتاجه هذا رقمي المباشر . . اتصل ولا تتردد – شكرا ، الفلوس . . الحمد لله ، كله بفضلكم بعد الله . سلامي واحترامي للرئيس - تراك منطرحا على سرير في غرفة من غرف المستشفى ووالدك جوارك يلاطف اطباء يتفحصون استجاباتك العصبية اللاإرادية للحركة . . في مناطق متعددة من اطرافك و . . اخرى من جذعك وجسدك – عنده شلل كلي . من الولادة او وراثة او بعد اصابته بحمى شوكية – لا شيء منها ، قفز الى ارض اسمنتية حافيا من اعلى برميل مرتفع من براميل الجازولين السائل و . . لم يقدر على الوقوف او الحركة بعدها – كنت غير حاضر وقتها . . ادرس ، رأته امه داعية له وهو يبكي ويصرخ . . مش قادر اقوم . . امشي ، خرجت وحملته الى البيت واتصلوا بي يبلغوني – كم له من الحادث . هل عرضته هناك على اطباء – بضعة شهور وعرضته على اكبر الاطباء عفارة ، الذي يشار له حتى في بريطانيا و . . عرضته على وفد طبي صيني من كبار الجراحين للمخ والاعصاب والعظام ، اجمعوا أن علاجه فقط في انجلترا . . إذا ممكن ألا يكون علاجه قد تأخر . وخلال التجهز للسفر . . جرى إبلاغي بإحضاره الى مصر مستشفى القوات المسلحة ، في حالة تشخيص الاطباء هنا بعدم القدرة على شفائه ، سنسافر مباشرة الى بريطانيا – كيف ترون سياداتكم . . يمكن علاجه وشفاءه هنا – لازم نعمل له كشافات وفحوص جديدة لازمة ثم سنقرر . . ستعرف ذلك سريعا ولا تقلق ، ابنك مرسل بأعلى توجيه في البلد . .فالأمر يمسنا مباشرة ، و . . حتى تطمئن . . مادام الشلل ناتج عن حادث كما قلت . . يمكن شفاءه ولكن بعد عمليات ونقاهة تدريب علاجي . . قد يطول الى سنة واكثر ، المهم أن حالته لا تكون قد وصلت متأخرة . . يصعب علينا اللحاق بها لشفائه ، إذا قدر الله ذلك . . سنقول لك مثل الاخرين أن تسرع مباشرة لنقله الى بريطانيا ، فهو اخر امل إن امكن علاجه واعادته طبيعيا كما كان قبل وقوع الحادث – اجريت الفحوص الكاملة وغدا يأتي طاقم كبار الجراحين لإبلاغ والدي بالقرار – ليلتها خبرك والدك . . انك في مستشفى لا يدخله سوى القادة الكبار ، كلمك عن الرئيس ، وانك ستزوره بمجرد تعافيك وسيرك على قدمك . . لنشكره – تعرف من احضرنا الى هنا من المطار . . زكريا محيي الدين . . الرجل الثاني بعد الرئيس ، لو تعرف من في الغرفة الثانية جوارك . . سأخليك تزوره في وقت اخر بعد ما نطمئن على نتائج فحوصك ، انه قائد ثورة يوليو العظيمة . . المشير عبدالحكيم عامر – اذكر أن غرفة رقودي كانت في الطرف الاخير من الممر من الطابق الاخير وتطل على الفناء الخلفي للمشفى ، الذي تترامى فيه قطع مختلفة من الدفاعات العسكرية والعسكر المتواجد حضورهم ليل نهار . . إن لم تخني الذاكرة ، وقبلها كانت غرفة المشير .

شيء يشدني لعدم مبارحة مكاني ، يدفعني لاستكمال شريط ذاكرتي بما يربطني في طفولتي بمصر – يبدو أن داخلي المدرك لما سيأتي دون وعي مني . . هو من فرض اطالة وقوفي ، كان يعرف ما لم اعرفه . . أنها الزيارة الاخيرة لرؤية مستشفى المعادي – كنت موجها لا إراديا لاستحضار بقية المشاهد الاساسية من مخزون تلك الذاكرة – لم يكن شيئا يحضرني من كل ما يجري حولي عند وقفتي تلك المليئة بالشجن لوالدي الذي غادرني بعمر لم اتعدى فيه العاشرة ، حتى اخي اخر العنقود لم يره أبي ، توفى وامي حاملة به في الشهر السادس – شعرت ذوبان نفسي وانفصالها عن جسدي الواقف في تسمر جانب جذع شجرة وارفة . . كما لو انه على موعد في انتظار من يأتي لملاقاته ، وجدتني صاعدا السلالم المؤدية الى غرفة رقودي بعد أن مررت على الغرفة التي تسبقها – كانتا خاليتين – لم يعد المبنى كما كان في حالته سابقا و . . لم يعد يحفل بذلك التوهج القديم – وجدت نفسك قد بعثت حيا في حالتك المرضية تلك من طفولتك – كانت العملية الثالثة والاخيرة اجريت على عمودك الفقري واستكملت فترة المتابعة والعلاج اللازم بعدها ، وقد قرر طبيا انتقالك لمستوصف طبي للعلاج الطبيعي في الاسكندرية – كان ابوك يعيش حالة جنون طفولي من الذهول الهستيري الفرح ، كان عقله غير قابل على تصديق شفائك ، أن يراك تعود سائرا على قدميك – لم تكن تحس بأي وخز يجري على كل مكان من جسدك – هو ما يعرفه ورآه من مختلف كبار الجراحين الذين عرضك عليهم ، واكدوا أن استحالة العلاج لتأخر الحالة ، إذا كانت هناك معجزة فلن تكون إلا في بريطانيا . . إن حدثت – ترى نفسك لأسابيع ممدا على بطنك ممنوع من التحرك او حتى الرقود على احد جنبيك – تجده جالسا الى جوارك يمسد شعرك الاسود الداكن ويمطرك بالقبلات والدموع لا يتوقف انهمارها من عينيه ، يصبرك على تحمل وضعك ولا يقبل أن يغير رقدتك التي كانت تعصفك بآلام غير محتملة ، تصرخ باكيا وهي يبكي ويقول تحمل . . لتبخر . . ويطلب الطبيب او الممرضة . . لعمل شيء يهدئ المك – كان الممرضات قد اخبرن بحقنك بإبرة مهدئ غير تلك المهدئات المحقونة في الشرنقة الوريدية الموصلة على ظهر كف يدك او ساعدك – كم من الحقن المهولة التي ظلت ترافق علاجك . . لما يقارب العامين من بدء العلاج – كان لا تسع فرحة الاستاذ احمد عبدالواحد حين تجاوز المه عند رؤيتك ممدا على ظهرك بعد اجراء العملية الاخيرة وسؤاله الجراحين الذين قدما الى الغرفة بعد بعض من الوقت – هل سيشفى ؟ - ادع الله على ذلك ، العملية الاخيرة كانت شديدة الصعوبة والتعقيد . . لكنها كانت ناجحة ، لكن النتيجة بعد فترة من التئام جروح العملية و . . عودة استلقائه على ظهره – واصل الدعاء ف . . انت انسان مؤمن والله مجيب للدعاء – استدرك الاخر بقوله . . فين كنا واين وصلنا ، لما جاء . . كان الاحساس مفقودا كليا عنده في جهازه العصبي الحركي ، نقول الحمد لله . . فبعد نجاح العمليتين السابقتين . . كان قد بدأ يشعر بالوخز على ذراعيه وجزئه الاعلى من جسده و . . إن كان ضعيفا ، الذي مع الوقت خلال اتباع ارشادات تناول الادوية والمساجات والتدليك اربعة مرات الى خمس في اليوم الواحد لمدة نصف ساعة على الاقل في كل مرة . . سيعود الى حالته الطبيعية . . بمساعدة هذه العملية الاخيرة ، المخصصة لإعادة الاحساس العصبي الحركي من النصف السفلي من الجسد . . هو ما سنراه لاحقا عبر الفحص السريري اليدوي و . . من ثم ما ستظهره الاشعة لاحقا – ظل والدك يعد الايام بالدقائق . . حتى اتى وقتا عليك . . تشعر بدغدغة خفيفة تسري في عروقك . . عند تمرير سن لقلم معدني رشيق عند تمريره على خفي قدميك – تشعر بشيء – ايوه . . لكن خفيف – اشرق وجه الاستاذ احمد عند سماعه ردك . . وانهال البكاء كعويل كام قروية صعقها ظهور ابنها الوحيد بعد غياب طويل ، بعد أن قطعت الامل في رؤيته مجددا ، خاصة بعد اختفاء ملامحه التي تحتفظ بها في ذاكرتها عند لحظة مغادرته . . ولم تعد يحضرها في صحوها ومنامها سوى اشجان لوعة قاتلة لشبح ضبابي لابنها الفاقد معالم وجهه لديها – نسى نفسه وهيبته . . وحاول تقبيل ايدي الطبيبين – استغفر الله استاذ . . انت على رأسنا من فوق ووجدي ابننا ، لم نفعل شيء ، كله بفضل الله ودعاءك المحروق عليه . . استجاب الله لك – اكتملت سعادته بعد مضي فترة من تغيير استلقائي على ظهري وعلى أي من الجانبين ، فوجئ بأمر الطبيب على توضيعي بهيئة الجلوس المسنود – بعد الحادثة لم تكن رؤيتي إلا ممددا كجثة مرتخية كليا فاقدة الاحساس أو محمولة على ساعد ومسنود الظهر وخلف العنق بالساعد الاخر وكفه والرأس متدليا على الكتف – يستخدم مطرقته على مفصل الركبة الاولى لرؤية إذا ما كان هناك رد فعل عصبي لا إرادي ، طرقة خفيفة . . لا شيء ، طرقة ثانية ثالثة اقوى قليلا . . يظهر رد الفعل خفيفا بوضوح ، الركبة اليسرى . . يظهر رد الفعل من اول مرة وبنفس الضعف – مبروك استاذ – هل سيسير على قدميه . . متى ، . . ممكن – مش معقول – أن يسير جنبي وانا ممسك بيده . . عند عودتنا الى اليمن و . . لما ننزل من الطائرة – الان نقول لك . . ليس ممكن ولكن اكيد و . . لكن يلزم استمرار العلاج هنا وتحت اشراف الاطباء . . حتى لو طالت الفترة لسنة او اكثر من الان . . اردت تحقق هذا الحلم – سأصبر ، حتى لو كان لسنوات ، يعني الشلل سينتهي و . . لن يعود – نعم . بعدها الغذاء مهم وحبب لديه ممارسة لعب الكرة وركوب الدراجة باستمرار لتتقوى عضلات جسده . لا تقلق ، ما دام الاحساس قد عاد الى اطرافه وانحاء جسده الان ، فإن اثر العلاجات المنشطة للأعصاب الحركية ستستعيد قدرتها الطبيعية تدريجيا الى تحفيز العضلات التي تعاني من خمول شبه كامل دامت خلال اصابته بالشلل الكلي ، الجزء القادم من العلاج سيستهدف ايقاظ العضلات وتنشيط عملها بالتدليك والتدريب على تحريك كامل الجسم خلال المسبح المائي وآليات الدفع والشد والحمل ثم تدريب التخطي خلال المسك على القضيبين . . كلها تبدأ بمساعدة الاطباء والمساعدين المشرفين على حالته . . على تحريك تلك الاجزاء من جسمه . . حتى يصل الى تحريكها بنفسه قليلا . . قليلا – حين يحس بعدم القدرة جسديا وليس نفسيا – مثلا ان يسير خطوة او خطوتين وعند الضغط عليه أن يزيد واحدة . . ويتم التقافه من الوقوع . . يجب التوقف عندها لفترة من الراحة . . يحددها المعالج . . .

انقضت فترة العلاج الطبيعي في الاسكندرية – لم تزد مدتها عن سبعة اشهر – عدنا الى مستشفى المعادي لاخذ الفحوصات النهائية وتقرير درجة العلاج لإمكانية العودة الى اليمن مع صرف الادوية والارشادات اللازم العمل بها لاجل التعافي النهائي – كانت الدهشة تعلو وجوههم ، أن يروني ماشيا جنب والدي ممسكا بيدي لتخفيف ضغط الوقوف على الاقدام والجذع . . بعد ثمانية اشهر من اجراء العملية الجراحية الاخيرة – جرى فحصا للفقرات والعظام والعضلات الطرفية للذراعين والساقين وعضلات الظهر والبطن والاكتاف – الحمد لله . . ربنا معه . . اراد له الشفاء عاجلا – لازم تشتري له دراجة واسبرنج الشد للذراعين مع المقابض الضغط المستخدمة للكفين و . . تعمل له عقله للتعلق وكرات لعب . . أول ما تصلوا الى اليمن بالسلامة – شكرا لكم وجزاكم الله على ما فعلتموه من خير . . وكل من في المستشفى – ترى نفسك وكل من كان حولك ، الممرضات وهن يقبلنك بفرح وتدليل الممرضين والاطباء لك – لم تتذكر كم يوم بقيت فيه - ما أن كنت وابيك في الغرفة فقط . . في انتظار تقرير الاخير لمغادرة العلاج في المستشفى بحضور مكلف من مكتب زكريا محيي الدين ، الذي اتصل به والدي من مكتب رئيس المشفى ليخبره بوجودنا الاخير لفترة ثلاثة ايام لإجراءات انتهاء العلاج وتحقق الشفاء لي مع الكثير من الامتنان والشكر له والرئيس و . . إن كان ممكنا أن يرى كل منهما ليشكرهما ، ابلغه سيرد عليه اذا كان الظرف ممكنا و . . إن لم يكن سيرسل من يرافقاننا حتى سلم الطائرة والشكر واصل ، بعد يومين استدعي والدي على اتصال عاجل من مكتب معالي الوزير زكريا محيي الدين شخصيا فيذهب مهرولا الى مكتب رئيس المستشفى – السلام عليكم . غدا سأرسل من يكمل كل اجراءاتك مع المشفى ومعه تذكرتي سفر العودة لكما الى اليمن وبعض الهدايا ، وسيصحبكما اذا ما اردت زيارة احد من بعد الرابعة عصرا ، ثم سيأخذكما لدعوة لقاء الريس عند السابعة . . سأكون موجودا ، الوقت لا يزيد عن النصف ساعة – الف شكر لكما . . تحياتي – كان اليوم الاخير قبل مغادرتنا الى اليمن ، اغلق الملف عند الواحدة ظهرا ، على أن يعود المكلف عند تمام الرابعة عصرا – أتذكر زيارتنا السريعة لمحل إقامة رفيق للوالد من القدامى . . لا أذكر هل هو الجفري أم الجائفي ، شرب الشاي على عجلة ثم غادرنا الى منزل السفير اليمني في القاهرة . . خالي مدحت باشا – لم يكن هو ذات المنزل الذي زرته مؤخرا - اتذكر انتظارنا على مقاعد راحة ذهبية موضوعة في صالة جانبية من بهو المنزل للطابق السفلي ، كان هناك كلبان ذئبيان بوليسيان كبيرا الحجم . . ارعدت اصواتهما نفسي . . ما أن صمتا بأمر العاملة بالمنزل . . ظلا يحومان حولنا و . . يلاحقان قدمي حين ادركا شدة خوفي ، صرخ خالي وهو نازلا من السلم والى جواره خالتي على جانبيهما ابنتين وولد يكبرهما بالسن قليلا . . امرا الكلبين بالخروج الى الحديقة بعد ما امر الشغالة بفتح الباب لهما ليخرجا – لم نطل القعود فالوقت قد ازف على السادسة مساء ، خرجوا الى توديعنا وحمل السلام الكثير للأهل القاطنين في عدن – كانت الساعة تقترب من السابعة مساء عند وصولنا عند بوابة الحراسة ، تم الاتصال بالداخل ليسمح لنا بالدخول ، استقبلنا زكريا محيي الدين وكان المكان يعج برجال الامن بردائهم المدني الانيق ، المتوزعين على انحاء مختلفة من البوابة الى المدخل الى باب الغرفة التي استقبلنا فيها – ما زال يعلق في مخيلتي قامته الفارعة وبنيته القوية وعنقه الذي كنت اراه متطاولا بما يشعر بثقة النفس والعزة بها – اعتقد أن هيئته قد اثرت على شخصيتي الى جانب الاخرين من كان لهم اثرا علي – لاطفني مرات ودخل عليه ابناه . . الكبير منهما يزيد عن عمري كثيرا ، فقد كان في سن متقدم من المراهقة مقارنة بعمري – جرت احاديث ودية مقتضبة بين الثلاثة . . اختتمت بملاطفات توديعيه والعرفان بالجميل وتمنيات الوصول الى اليمن بالسلامة ، اعدنا لقضاء الليلة الاخيرة في المشفى . . عند الثامنة والنصف ليلا . . على أن يأتي مرافقين لأخذنا الى المطار عند الخامسة فجرا – لم يمر وقتا طويلا من وصولنا وجلوسنا في غرفة علاجي في المشفى ، بادرني ابي بقوله . . تذكر لما قلت لك من في الغرفة المجاورة – ايوه . . المشير عبدالحكيم عامر – لم اكن افهم شيئا بعمري آنذاك إلا تكرير ما قيل لي – قلت لك ستزوره وتسلم عليه – كان قد عاد والدي بعد أن طلب انتظاري في غرفتي ، سمعت دقه على الغرفة الاخرى وصوته متحادثا مع شخص اخر ، عاد واخذني معه ممسكا بكف يدي اليسرى ، هذا قائد الثورة المصرية . . المشير عبدالحكيم عامر ، قدمت قريبا منه بعد توضيع نفسه جلوسا على سريره ، مددت يدي اليمنى كما قال لي والدي لأصافحه ، غرق كفي بكفه الواسع وسحبني إليه حاضنا ومقبلا جبهتي وخدي قائلا سلامتك يا بطل ، قبلته بدوري . . وكانت السعادة تغمرني واحساس غريب من الفخر – اعتقد انها عدوى انتقلت الي عفويا من تعظيم ابي لشخص المشير و . . دفء حفاوته الملاطفة لي . . اشعرتني بموضع حب واهتمام منه . . خاصة عندما وصفني بالبطل . . ذكرتني بحكايات والدي ووالدتي لنا عند الليل قبل النوم ، التي معظمها عن الابطال واخرى من النوادر المضحكة – وجدت نفسك قد سقطت من زمنك الطفولي لتعود الى جسدك المتصنم على الطرف المقابل لمستشفى المعادي . . ملاصقا جنبك الايمن على جذع الشجرة ، تلفت على يسراك ويمينك لامتداد الشارع ، تحركت متجها في طريقك في اتجاه توصيلك الى الدقي دون التواءات او عكس في المسار .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 47 - مدخل . . الى العقل المتصنم / مستقبل وطن مهدد بأجياله ا ...
- اعلان لمقايضة سلعية
- 46 - مدخل . . الى العقل المتصنم / اليمن نموذجا : تسليع الوطن ...
- الجزء الثامن من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 44 - مدخل . . الى العقل المتصنم / النظام الحاكم ، طبيعة الحك ...
- توهمات . . متحذلقين علينا
- وطني - أنا - والرقص البحري
- الربيع العربي . . من ثورات تغيير للبناء الى ثورات افول للقيم ...
- الجزء السابع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 43 – مدخل . . الى العقل المتصنم النظام الحاكم ، طبيع ...
- 42 – مدخل . . إلى العقل المتصنم متشوه الإرث البش ...
- الجزء السادس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- ملامسة صفرية . . لجانب من عطبنا
- الجزء الخامس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- الجزء الرابع رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ال ...
- الجزء الثالث رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الر ...
- نسخة معدلة ( اغنية ثانية - لبغدادية - مرتبكة )
- 41 – مدخل . . الى العقل المتصنم / نفوس متطبعة . . على متكرر ...
- وقفة اجلال على وجه من التاريخ
- نظرية العبقرية / المعجزة - إشكالية مبحث يقود الى نظرية جامعة ...


المزيد.....




- أكثر من 300 لوحة.. ليس معرضا بل شهادة على فنانين من غزة رحلو ...
- RT العربية توقع اتفاقات تعاون مع وكالتي -بترا- و-عمون- في ال ...
- جامع دجينغاربير.. تحفة تمبكتو ذات السبعة قرون
- حملة ترامب تطالب بوقف عرض فيلم -ذي أبرنتيس- وتتهم صانعيه بال ...
- ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي
- فنانو مسرح ماريوبول يتلقون دورات تدريبية في موسكو
- محاكمة ترامب.. -الجلسة سرية- في قضية شراء صمت الممثلة الإباح ...
- دائرة الثقافة والإعلام الحزبي تعقد ندوة سياسية في ذكرى النكب ...
- كراسنويارسك الروسية تستضيف مهرجان -البطل- الدولي لأفلام الأط ...
- كيت بلانشيت تدعو السينمائيين للاهتمام بقصص اللاجئين -المذهلة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الجزء التاسع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الروائية الاخيرة 2020م غير المنشورة