|
الثورة السورية والثلاثيات الثلاثة
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 5854 - 2018 / 4 / 23 - 23:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1. الثلاثيات الثلاثة المعنية في عنوان هذه المقالة هي : 1. العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر ، كرد على تأميم الرئيس جمال عبد الناصر لقناة السويس عام 1956 . 2. الضربة الثلاثية الأمريكية البريطانية الفرنسية لبعض مواقع نظام ( بشار الأسد ) كرد على استخدامه السلاح الكيماوي المحرم دوليا في مدينة دوما في الغوطة الشرقية ( نيسان 2018 ) 3. التيارات الثلاثة المعارضة لنظام بشار الأسد في سورية والتي يقترح الكاتب دخولها في جبهة وطنية موحدة لقيادة الثورة ومواجهة النظام وحلفاؤه ، ألا وهي : التيار القومي ، التيار الإسلامي ، والتيار اليساري . أما الثلاثية الأولى والتي تتمثل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عندما قام الرئيسي جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس ، فأبرز ما يخطر على البال فيها هو أن جمال عبد الناصر بتأميمه قناة السويس كان يلبي مطلبا شعبياً مصرياً عادلا ، اقتضى التكاتف والتعاون والتحالف بينه ( جمال عبد الناصر ) وبين الشعب المصري أي بين القيادة والقاعدة ، وكانت نتيجة هذا التكاتف والتعاون بين الرئيس وشعبه طرد أقطاب مابات معروفا ب ( العدوان الثلاثي ) وتحرير قناة السويس وبالتاللي مصر منهم . وبالمقارنة بين الرئيس المصري ( 1956 ) والرئيس السوري ( 2011 ) فإن هذا الأخير ( بشار ) على العكس من عبد الناصر ، وبالرغم من عدالة القضية التي ثار من أجلها الشعب السوري ، الا وهي الحرية والكرامة ، أي تطبيقيا الديموقراطية ، فإنه قد استدعى دون خجل أو وجل ثلاثيا عدوا للشعب السوري ، الا و هو الثلاثي الإيراني ، الروسي ، اللبناني ، وأتبعهم لاحقا بداعش ليستعين بهم على الشعب السوري الذي صار اسمه عند هذا الرئيس وحلفائه الثلاثة المذكورين أعلاه والذين من بينهم حزب الله اللبناني الموضوع دوليا على قائمة الإرهاب ، أقول صار اسمه عندهم : (العصابات المسلحة) أو ( الإرهابيين !!) ، أما الضربة الثلاثية الأورو أمريكية ، لبعض مواقع نظام بشار الأسد ليلة الثالث عشر من آذار 2018 فقد كانت موجهة أساساً وكما بات معروفا للمواقع المتعلقة بالسلاح الكيماوي فقط ، وذلك مخافة أن يقع هذا السلاح مستقبلا - بنظر هذا الثلاثي الأورو أمريكي - على مايبدو بيد جهات معادية لإسرائيل ، فيما لو ظلت الثورة السورية مصرة على رحيل بشار الأسد من سوريا ، مما يشكل - برأي أصحاب هذه الضربة - خطرا وجوديا علي هذه الدجاجة التي تبيض لهذا الثلاثي ذهبا اسود وأصفر وأخضر ، كما هي الحال في سورية اليوم .أما البراميل المتفجرة وطائرات الميغ والسوخوي ، التي كانت تدمر البنيات متعددة الطوابق فوق رؤوس ساكنيها وتقتل كل من وما فيها وتحولها الى أثر بعد عين ، أما الآلاف الذين كانت تبتلعهم أسماك البحر الآبيض المتوسط وهم يحاولون إنقاذ أطفالهم من براثن الموت المحقق على يد بشار وحلفائه ، أما ملايين القتلى والمعاقين والمهجرين من المدنيين الذين معظمهم من النساء والأطفال ، أما تدمير مدن تاريخية مثل حلب تدميرا كاملاً من قبل سوخوي بوتن وبراميل بشار و صواريخ قاسم سليماني وحسن نصر الله ، فلا علاقة لالمجلس الأمن ( !!) ولا لدول الضربة الثلاثية ، ولا للمجتمع الدولي ، ولا لأنطونيو غوتيريس بهم من قريب أو بعيد ( فوا عجبي !!) .
و بوصولنا الى ثالثة الأثافي ( المعارضة السورية ) التي باتت في ظل فشلها في قيادة الثورة ، سماء ومياه وأرض سوريا مرتعا لكل من هب ودب من الدول والعصابات والمافيات والميليشيات والشبيحة ، ما كبر منها وما صغر ، وحيث اقتصر دور المعارضة السورية بعد دخول الكيماوي والبراميل المتفجرة وولي الفقيه وحزب الله و موسكو على خط الثورة المضادة لثورات الربيع العربي عامة والثورة السورية خاصة ، نقول بعد دخول كل هذه القوى والأسلحة على خط الثورة المضادة ، بدأ يقتصر دور المعارضة السورية ( وهذا مع شديد الأسف ) ) على توثيق عدد القتلى والمعاقين والمهجرين والمعتقلين ، وإعداد الخيم الملائمة لهم في إدلب وفي الشمال السوري المحاذي لتركيا ، على أمل أن يستفيق الضمير العالمي تحت وطأة هذه الملايين المشردة ذات يوم ، وتحل محكمة لاهاي والقضاء الدولي العادل محل مجلس وقاراراته الخلبية إن لم نقل الكاذبة .
لقد انطلق الحراك الشعبي في محافظة درعا انطلاقة عفوية كانت أقرب الى الهبة الشعبية ( انتفاضة ) منها الى الثورة ، بل إن نظام عائلة الأسد الذي كان يعبد ( بتشديد الباء ) له ( حافظ ) الطريق منذ عام 1963 ، هو من حولها الى ثورة شعبية بعد إصراره على استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين في درعا في 18.03.2011 ومن ثم في بقية مدن وقرى سورية التي أعلنت تأييدها لمحافظة درعا . إن إصرار بشار على الحل العسكري بدلا من السياسي في التعامل مع مطالب الشعب السوري العادلة والمحقة والمشروعة ( حتى باعترافه هو ) والتي تمثلت بمفردتي الحرية والكرامة ، أي تطبيقيا ب ( الديموقراطية ) ، هو المسؤول عن عسكرة الإنتفاضة وتحولها الى ثورة شعبية مكتملة الأركان .بغض النظر عن مآلاتها الراهنة المؤسفة . إن خوف كل من الغرب والشرق معا - من وجهة نظرنا - من البديل غير الواضح وغير المعروف لنظام عائلة الأسد المسؤولة عن احتلال اسرائيل لهضبة الجولان عام 1967 ، وعن صمت نظامها الحاكم وجيشها العقائدي على هذا الاحتلال منذئذ وحتى يومنا هذا ، هو ما يجعل الغرب بفروعه الثلاثة ( أوروبا ، روسيا، أمريكا ) يخشى على ضياع هذه الحالة المريحة التي تسود العلاقة الراهنة بين نظام عائلة الأسد والكيان الصهيوني ، ويحرص على ديمومتها وبالتالي فهو.( الغرب ) يقف ضد أي تغيير ديموقراطي في سوريا إن خشية الغرب من الديموقراطية في سورية ، إنما يجد تبريره ، في تلك العفوية الشعبية والشبابية التي طبعت الانتفاضة منذ أيامها الأولى ومن ثم دخول المساجد على خطها ( مظاهرات يوم الجمعة ) ، وتالياً دخول الشعارات والرايات المتعددة الشكل والمضمون ، الأمر الذي سمح بالتدخل الثلاثي ( الروسي الإيراني اللبناني ) من جهة ، وبالصمت الأور - أمريكي عليه من جهة أخرى . وجعل من آرض ومياه وسماء سوريا مرتعا وساحة تدريب وتجريب لكل من هب ودب من مغارب الأرض ومشارقها . إن عودة الثورة السورية الى مسارها العفوي والشبابي الصحيح يقتضي برأينا ( وهو مجرد اقتراح ) ، أن يتم تشكل أو تشكيل قيادة ميدانية عسكرية ومدنية لها من التيارات السياسية الثلاثة التي تغطي الساحة السورية الا وهي : التيار القومي ، والتيار الإسلامي ، والتيار اليساري ، وأن يتحول المنشقون عن جيش النظام ( الجيش السوري ) من كافة هذه التيارات ، الى جيش وطني جديد بقيادة عسكرية موحدة وكيان عسكري موحد ، بينما يقوم المدنيون من شباب الثورة ، بدعم هذا الجيش الوطني بالطرق التي يتم التوافق عليها بين القيادتين العسكرية والمدنية . والله أعلم .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغوطة الشرقية بين الموت والتهجير
-
الضربة الثلاثية -أما بعد
-
مؤتمر أنقرة الثلاثي والأيادي الستة
-
الدول الكبرى وأكذوبة داعش
-
عيونهم تسأل ودموعهم تجيب
-
الثورة العصية على السقوط والقنوط السبع العجاف
-
الثورة السورية بين السقوط والقنوط
-
مخواطر من وحي اليوم العالمي للمرأة
-
خواط من وحي اليوم العالمي للمرأة
-
الغوطة الشرقية بين مجرم وأربعة كذابين
-
في سوشي ابحث عن الدور الأمريكي
-
الثورة السورية بين الأمس واليوم
-
الإسلام السياسي ، محاولة في تحديد المفهوم
-
خاطرتان حول الثورة السورية
-
الهجرة الإضطرارية ، الأسباب والنتائج
-
مؤتمر الرياض وتعويم بشار
-
الأزمة اللبنانية المتجددة
-
لغز استقالة سعد الحريري من السعودية
-
دور داعش في دعم بشار
-
وجهة نظر حول مؤتمر ماسوتشي
المزيد.....
-
العلاقات التجارية والموقف من روسيا.. الرئيس الصيني في أوروبا
...
-
الحوثيون يعلنون إحباط أنشطة استخباراتية أمريكية وإسرائيلية ب
...
-
الجزائر تعدل قانون العقوبات.. المؤبد لمسربي معلومات أو وثائق
...
-
المغرب.. ارتفاع حصيلة ضحايا التسمم الغذائي في مراكش
-
المغرب.. -عكاشة- ينفي محاولة تصفية سجين
-
ضابط أمريكي: القوات الروسية دخلت أراضي خالية من هياكل دفاعية
...
-
قيادي كبير من حماس: النصر قاب قوسين أو أدنى وسننتصر ونهدي ال
...
-
مادورو: واشنطن تمهد لخلق صراع بين غويانا وفنزويلا كما فعلت م
...
-
مسعفون: مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين في قصف إسرائيلي على رفح
...
-
اعتداء رجال شرطة أميركيين على طالبة مؤيدة لفلسطين.. حقيقة ال
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|