أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الصوت المبحوح














المزيد.....

الصوت المبحوح


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4718 - 2015 / 2 / 12 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


الصوت المبحوح
محمد الذهبي
كان مصرا على الادلاء بصوته في الانتخابات، قطع مئات الكيلومترات، مع صعوبة الانتقال من محافظة الى اخرى، لكنه كان مصمما، صوتي ربما يغير كثيرا من المعادلات، انا مهندس مدني واعلم ان العزوم مهمة جدا في تصميم البناء، ليكن صوتي عمودا مهما، او جسرا يعطي قوة مضافة للبناء، لم يرهقه الطريق، فقد حصل قبل شهرين على عقد باجر يومي في احدى الوزارات العاملة شركاتها في محافظة النجف، كان ينام في مخيم الشركة ، لم يتذمر في يوم ما، انه يحاول بناء حياته، وعليه الاجتهاد، يسهر الليل يقرأ المخططات، برز من بين اقرانه مهندسا جيدا، يحاول ان يعرف كل شيء، ربما يرافق جماعة الميكانيك، وربما يساعد في اعمال الكهرباء، شاب طموح، قرر ان لايتخلى عن صوته.
وضع بطاقته الانتخابية في الصندوق وعاد مسرعا الى النجف، لم يسرق ساعة ليرى بها اهله، غدا لدينا عمل مهم( صب) احدى المنشآت المهمة وعليّ ان اكون حاضرا، عاد مع طريق النجف يبني الاحلام ويقرأها كما يقرأ مخططات المنشآت، يضع هنا عمودا، وهنالك جسرا، ساستقتل من اجل ان احصل على فرصتي بالتعيين، الديناصورات المتعفنة تملأ الوزارات، حتى ذمم البعض منها مشبوهة، لقد تسلمت ذرعة المواد وعرفت حجم السرقات التي تحدث، اما الاحالات فحدث كيفما تشاء، الاحالات الوهمية، والمكاتب الاهلية، اعمال النجارة مثلا: متر (البلايوود) في اعمال القالب الخشبي، السعر الحقيقي 13 الفا، وسعر الاحالة 70 الفا، هذه الديناصورات التي افسدت البلاد.
آه لو كنت مهندسا في الوزارة على ملاكها، كنت وضعت كل شيء في محله، وحاربت هذه الديناصورات المتحجرة، ديناصور متحجر هو المهندس المشرف، اتذكر ماذا همش لزميلي المهندس الذي رفض التوقيع على ( ذرعة المواد الانشائية)، حيث طلب الديناصور من زميلي ان يذرع المواد وهي في سيارات الحمل، وليست في الحقل على شكل مكعبات، فما كان من الديناصور المتحجر الا ان يهمش على كتاب الرفض بهذه العبارة: ( الله ايطيح حظك).
تأمل قليلا الارض التي تفصل النجف عن بغداد، اراضٍ شاسعة وممتدة، جميعها تصلح ان تكون مجمعات سكنية، بشركات عراقية، لولا وجود الديناصورات التي جعلت من المشاريع التي تحال على شركات عراقية مكلفة للغاية، يسرقون مناصفة مع تكاليف المشروع، آهِ ياوطني من يأكل من؟ انت ، ام ابناؤك؟، ومن اوصلك الى هذا الحال، اتهمنا بك بكل تفاصيلنا، اصبحت عراقيتنا تهمة اللصوصية التي تلازم العراقيين اينما ذهبوا، لقد قسمتنا ايديولوجيا قبل تقسيمنا جغرافيا، اصبحنا فيك قتلة، ولصوصا، وانفصاليين، ولم نعرف اقاليمنا بعد.
كان نشطا ومتفائلا، حتى الاسبوع الماضي، بدت اسعار النفط المتدنية، تثير قلقه وقلق عقد اجوره اليومي، اخبار ودعايات، الوزارة الفلانية انهت عقود مجموعة من العاملين والمهندسين لديها امتثالا لاوامر التقشف، والديناصورات باقون في اماكنهم، من يبني الوطن يستبعد تحت مسميات عديدة، ومن يهدم ويسرق ويخرب، يحتفظ بكل مميزاته، بما فيها الايفادات، هل من المعقول ان تكون اجرتي هي سبب غرق العراق بفوضى اقتصادية عارمة؟ وهؤلاء اليسوا السبب في سرقتي انا والعراق، اليسوا هم سبب شقائنا انا والعراق؟.
استيقظ صباحا كعادته بعد ان امضى ليلا طويلا مع المخططات، فوجىء بداية الامر، الوجوه مكفهرة، العمل متوقف، لاحيوية في المشروع، مهندس مصطفى، تناهى اليه صوت يحمل حشرجة تشرح الكثير الكثير، اعاد الصوت ذبذباته من بعيد، مهندس مصطفى، لقد انهوا عقدك مع الوزارة، سقطت الخرائط من يده، انتهى كل شيء بالنسبة له، ماتت جميع الاحلام، استيقظت الجراح، وراحت تضغط على رأسه بالصداع، انطلق الى ( الكرفان) حزم امتعته ولعن صوته المبحوح الذي وضعه في صندوق الاقتراع.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارض للبيع
- المرأة الآلية
- قطار الثورة
- الزوج الثاني
- نفايات
- الشيوعي الاخير في محاكم التفتيش
- ضيعت قلبي في الديار
- من يوميات قوّادة بغدادية
- بائع الهوى
- السباق
- طائر الغرنوق
- لوحة لم تكتمل حتى الآن
- لم اكن اعلم ان لله لصوصا
- الاله في محنته
- ارضيتا
- العم المقدس
- الجدار
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب


المزيد.....




- قمصان بلمسة مغربية تنزيلا لاتفاق بين شركة المانية ووزارة الث ...
- “ألحقوا اجهزوا” جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 للشعبتين ...
- الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية.. كتاب -القضية ال ...
- مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم ...
- ركلها وأسقطها أرضًا وجرها.. شاهد مغني الراب شون كومز يعتدي ج ...
- مهرجان كان: الكشف عن قائمة الـ101 الأكثر تأثيرا في صناعة الس ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 70 مترجمة باللغة العربية بجودة HD ...
- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الصوت المبحوح