غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 12:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كــلــمــات صريحة لأصدقائي.. وغيرهم
إثـر نشر مقالي البارحة بالحوار المتمدن بعنوان " التعايش المشترك"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=441018
والذي كالعادة جلب لي عديدا من الملاحظات السلبية والإيجابية, على الــنــت وغيره من الوسائل المباشرة.. بالإضافة إلى النصائح الباتولوجية, كأن تشاؤمي ويأسي مرضا عضالا يحتاج إلى علاج أو استشفاء عاجل.. كما وردتني تشجيعات لترفع من معنوياتي المتعبة بسبب ما يحدث ببلد مولدي سـوريا من نكبات ومــآس يصعب علاجها.. إذ كتب لي صديق أن الفرج آت.. وأن التعايش موجود.. وكل شــيء ســائر إلى حالة الفرج والاستقرار التام... وأن الاجتماع الذي يدعو له صديقنا المحايد لنخبة الجالية السورية ومفكريها من جميع الأطراف.. في مدينة ليون الفرنسية..علامة إيجابية مطمئنة لهذا الفرج وعودة الأمان والاستقرار ونهاية الأزمات والنكبات.. ولم يتبق أي مجال ليأسي وتشاؤمي.. وكتاباتي السوداء.
فأجبته بالكلمات التالية:
"كنت أنتظر تعليقك بفارغ الصبر.. واستغربت أنني انتظرته عدة ساعات. إذ أن تعليقك كان يصل آنيا فور نشر مقالي بعد دقائق معدودة... إني أنتظر هذا الاجتماع, رغم أنني تعودت بعد سنين طويلة مريرة مع الأنتليجنسيا السورية أو العربية المختلفة الآراء, ألا نتيجة من أي نقاش فولتيري. حيث تسود غالبا لغة الباطن و الظاهر. ومن الصعب غالبا التمييز بينهما.. وتبقى لوحدها المهيمنة. حيث تنتفخ وتعلو الخطابات الخشبية وتبويس الشوارب... ما عدا بعض الراديكاليين المعارضين أو الموالين للنظام في البلد... ولكن مع مزيد المرارة والأسف, لا يتغير أي شــيء بجوهر الخلاف... وخاصة أن عمر هذا الخلاف خمسة عشر قرنا.. متغلغلا في العتمة والجذور من خمسة عشر قرن. لأننا نحن لم نتغير. وقواعد تفكيرنا لم تــتـغـيـر.. نحن نتعايش مع بعضنا.. ولا نحيا مع بعضنا. لا نحيا الحقيقة وحب الوطن .. لأن غالبنا لا يعيش الوطن إلا من خلال مذهبه. وخلافه مع الآخر آت من حقيقته وما يفسر وما يفهم من مذهبه. وليس من ارتباط له بهذا الوطن.. سوى من ارتباطه بالعقيدة والمذهب... فقط لا غير...
ولهذا وصلنا إلى داعش يا صديقي... ووصلنا إلى الغباء المزروع بجيناتنا التي لا نريد علاجها...ولا نريد تغييرها... وانظر إلى التفاف الحاضنات الشعبية حول داعش... ومبايعتها لخليفة داعش... ولا بد لك أن تتحقق يوما من صدق و حقيقة كلماتي........ تحية....."
مما لا شك فيه أن هذا الصديق الذي يحبني ويحترمني, مثل الصديق الطبيب المحايد الذي يحاول جمع الشمل.. أفكارهما طيبة سليمة مسالمة.. يــحــلــم (وأشدد على كلمة يحلم) كل منهما بعودة الحياة الطبيعية إلى سوريا... بيوم قريب أو بعيد, رغم استقرار حياتهما بهذا البلد.. لأسباب شخصية وعائلية عدة.. ولكن حنينهما للمدينة أو البلدة أو القرية التي ولدا بها, تجعلهما رغم كل التفجيرات والتقسيمات والموات والنكبات التي وقعت بأرض الوطن.. تشدهما باستمرار.. أن العودة تبقى دوما الــمــرفــأ الضروري الحياتي الأخير... لذلك من خلال صداقتهما ومحبتهما لي.. يريدان إعادة هذا الحنين, الذي سميته بإحدى كتاباتي العتيقة "مرض الـنـوسـتـالـجـيـا".. يريدان إعادتي إليه مثلهما... ولكنني تلقحت ضده من سنوات بعيدة طويلة... منذ غادرت اللاذقية نهائيا... وبدأت حياة جديدة... ولكن ســـوريـا وأحداثها وتغيراتها السياسية والإنسانية كانت تأتي إلي.. ما بين الطلاب والجامعيين الموفدين.. أو الباحثين عن معيشة جديدة.. أو مهجرين لأسباب مختلفة عديدة.. تحتاج لصفحات لذكر دوافعها وأسبابها....
********
نشر اليوم صديقي الدكتور جبرائيل شــحــادة على صفحته الفيسبوكية, تسجيلا صوتيا للشاعر السوري الكبير وهو يقرأ مرددا قصيدته المشهورة
" هل تسمحون لي أن أعلم ابنتي "
انصح بها جميع أصدقائي السوريين بهذا البلد, وخاصة من الأنتليجنسيا المنتقاة التي سـوف تحضر اجتماعنا المقبل.. إن اجتمعنا.. واكتمل نصاب قانوني معقول.. أن يدخلوا على غوغل Google ويسألوا عن هذا العنوان بقصائد الرائع الراحل نــزار قــبــانــي, ويقرأوا هذه القصيدة مرتين أو ثلاثة... وبصوت عال ــ إذا أمكن ــ حتى يفهموها قبل اجتماعنا... ففيها لهم رســالة خاصة... إن فهموها وتفهموها وتحكموا بها وقبلوها... فنصف اختلافي معهم محلول قبل الاجتماع... وإن لم يقبلوها ولم يتعظوا بها.. فلا حاجة أن نتناقش بأي شــيء.. وسوف نكتفي بالأكل وشرب القهوة.. وبعض الكلمات اللطيفة البعيدة عن أية جدية.. فقط... والسلامات... وبعدها كل منا يحافظ بالالتفاف حول حلقته القديمة... وما من شــيء جديد يتغير...
علما أنني لست موافقا مع كلمات نزار التيولوجية الصوفية التي يعطيها مثالية للدين...بقصيدته هذه.. وأترك لـه جمال الوجه الإنساني لكلماته التي يوجهها ــ بصعوبة ــ إلى أبناء جلدته.. حتى يخففوا بعضا من تعصبهم وحقدهم وتكفيرهم لـــلآخـــر...
أما أنا فأبقى على علمانيتي الراديكالية الكاملة... تجاه جميع الأديان.. وخاصة التي تريد الهيمنة على السياسة وفكر الإنسان وحرياته...والتي تبقى السبب الأول ضمن الأسباب العديدة التي دفعتني إلى الهجرة... ولست بنادم على ما فعلت...
وهذا موضوع آخر... وقصة طويلة أخــرى..................
*************
على الهامش :
قــرأت هذا الصباح كلمة الصديق الرائع السيد رزكار عقراوي, المسؤول بإدارة موقع الحوار المتمدن, والتي ألقيت في لقاء برلين لجمعيات حقوق الإنسان العراقي في الداخل والخارج بتاريخ 8 و 9 نوفمبر 2014 وقدمت كمقترح لإلغاء تدريجي لعقوبة الإعدام في العراق... تحت عنوان
" إلغاء عقوبة الإعدام في العراق والعالم العربي "
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=441261
كلمة رائعة, جريئة, جيدة وشجاعة... ولكن...
ولكنني أتساءل لماذا نسي الزميل السيد عقراوي بكلمته هذه, المملكة العربية السعودية التي تجاوزت إعداماتها وأساليبها المخالفة لجميع حقوق الإنسان, كل آفاق الاحتمال والتصور... ومخلوقتها القديمة ومخلوقة أمــريــكــا داعش التي تسحل وتذبح وتقتل وتعدم يوميا أينما تــعـــبــر في العراق وسوريا عشرات ومئات الأسرى...
أتــســاءل... وللتذكير فقط لا غير.
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي وولائي ووفائي.. وأطيب وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟