أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - رسالة إلى السيدة ناهد بدوية















المزيد.....

رسالة إلى السيدة ناهد بدوية


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 - 17:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ســيــدتـي الــكــريــمــة
لدى قراءتي لمقالك المنشور صباح البارحة على صفحات هذا الموقع بعنوان :
"شهادة عن الاعتقال السياسي في ســوريـة"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=438053
أردت البكاء, حتى أخفف ألمي وضيق تنفسي وذكرياتي... أردت إعادة القراءة.. فلم أستطع.. وقررت أن أكتب إليك هذه الكلمات.
أنا سوري مهجر مهاجر.. أعيش بفرنسا من 51 سنة. وأعرف ما حدثتينا عنه. لأنني عشته بمنتصف الخمسينات من القرن الماضي.. يعني قبل أن تلدي( مع اعتذاري لأنني لم أجد تاريخ ميلادك بأي مرجع على الــنــت).. وقبل حكم البعث. وقبل وصول الأسد الأب الذي عرفته عائليا.. لأن أهلي من مواليد القرداحة (التي لم تكن مشهورة بعد).. وقبل أن يصل الابن. حيث كنت من ناشطي الحزب السوري القومي الاجتماعي آنذاك.. وكنت اؤدي خدمتي الإلزامية (كما كانت تسمى آنذاك) وعشت قبل رحيلي النهائي إلى فرنسا بمدينة اللاذقية.. ما عدا السنوات التي قضيتها بسجن المزة (طبعا)... ومجموع السنين التي مضت من عمري (ولم أقل عشتها) في سوريا تساوي تسعة وعشرين.. وخمسة أشهر... ووصلت إلى مرسيليا قادما إليها من بيروت صباح 17 نيسان 1963.. وقد يستغرب البعض من أصدقائك المقيمين في مدينة ليون, صدق احترامي هذا.. ويستنكرونه. لأنني لم أنضم يوما لصفوف مظاهراتهم المحلية المحدودة ضد بشار الأسد.. وبقيت متفرجا على بعد أمتار عنهم.. أو جالسا بمقهى على أطرافهم.. مستمعا لشتائمهم وخطاباتهم ونرفزاتهم.. وفشات خلقهم.. وذلك لأنني لم أقبل العناوين الطائفية التي غلفت نرفزاتهم منذ بداية البدايات. لا لأنني ولدت من الأقليات المسيحية, المحايدة عادة.. وأنا الملحد العلماني الراديكالي.. وغير المحايد على الاطلاق.. إنما لمحاولاتهم حصر اعتراضاتهم باسم أكثرية إثنية مضطهدة.. بينما كنت على قناعة, وبحكم اطلاعي المستمر على ما يحدث في سوريا من تغيرات غير طبيعية وغير ديمقراطية.. لأن العتمة شملت الشعب السوري بكامله.. ما عدا الفئات العائلية (من جميع الطوائف) التي كانت تنتفخ ثراء بكاملها.. بحكم التفافها حول حزب البعث في البداية.. وحول حلقات حافظ الأسد وعائلته بعد سنوات قليلة, عندما هيمن كليا على السلطة في سوريا.. وخاصة يعد سقوط القنيطرة.. وتحويل الانكسار إلى انتصار شخصي ســـتـالـيـنـي!!!... مما أدى لالتزامي بحياد كامل وابتعادي كليا عن جميع الدعايات التي كانت تحاول السفارات السورية ربطها بالجاليات السورية في المهجر والتي كانت تتزايد بشكل مفتوح واسع في السبعينات من القرن الماضي... وانحصر نشاطي بمساعدة وصول هذه العائلات المهاجرة معيشيا.. وخلق ندوات أو روابط فرنسية ــ سورية ثقافية الواجهة, مع اشتراكي المتواصل بالنشاطات السياسية والفكرية والثقافية المحلية.. مع فشلي بــضــم السوريين لأي نشاط.. لأن السوريين كما تعلمين قد اعتادوا ــ جيناتيا ــ منذ ولادتهم مهما كانت أعمارهم.. تجنب كل نشاط فكري أو ثقافي, يعتبر نشاطا سياسيا.. مفضلين الابتعاد عنه.. حرصا من الوقوع بــفــخ (مخابراتي) مــا... علما أن كل النشاطات السياسية, مهما كان نوعها.. مسموحة بفرنسا.. دون أي حظر... ولكن...........
لم اؤيد أية سلطة في سوريا منذ غادرتها حتى هذه الساعة... ولكنني لم أفهم ولم أقبل ولم أتفق ولم أستطع أن اؤيد بأي يوم من الأيام جميع هذه المعارضات الهيتروكليتية التي تشكلت وتفككت, وتشكلت وتفككت, سنة بعد سنة. ومنها التي لم تــدم أكثر من أيام قليلة... واشتدت خلافاتها علنا وظاهرا خارج البلد.. وغالبا في صالونات الخمسة نجوم في استنبول وباريس ولندن وجنيف.. ولم تستطع أن تتفق أو تبني أي شـيء. وكانت نقاشاتها دوما على اقتسام مليارات دولارات عرابيها.. أكثر من اهتمامها بالبحث عن حلول إيجابية فعالة لمــآســي الشعب السوري.. مما فتح الأبواب والنوافذ والطاقات والمزاريب لهذه الجحافل الداعشية الرهيبة التي التفت حول شعبنا كالأفعى الخناقة.. أو كالسرطان المزمن الذي يقود سوريا إلى الفناء المحتم...
لهذا السبب إنـي أديــن هذه المعارضات الخارجية الهيتروكليتية, والتي اختفت ولم نعد نسمع لها أي صوت.. كما أدين السلطة السورية الحالية ومسؤوليها.. وأضعهما بنفس السلة الغبية التي فتحت الأبواب لداعش وخراب داعش ومصائب داعش وفظائع داعش.. والتي لا تليق على الإطلاق لا بالفكر السوري.. ولا بأي فكر إنساني.. ولا حاجة للتساؤل إن كان لداعش أي فكر... لأن داعش بلا أي شــك.. هو سلاح الدمار الشامل الذي ابتدعه وصاغه وجنده وبلوره و سلطه الفكر والمخطط الكيسنجري القديم علينا.. بعد فشل مخططاته السابقة.. وغباء سياسة هذه السلطة وهذه المعارضة.. مشتركة. لأنهما لم تريا الخطر.. ولم تخططا أبدا لسياسة واعية بعيدة النظر.. صالحة لدرء هذا الخطر.. وكان من واجبهما أن تتفقا رغم كل خلافاتهما, فــيــمــا بـــعـــد.. ولو مؤقتا لدرء هذا الخطر...
هناك إعلاميون.. ومحللون من الطرفين.. سوف يتهم كل منهما الآخر أنه محرض المؤامرة.. أو شريك بالمؤامرة... نعم هناك مؤامرة... وبكل الحروب والغايات والمطامع السياسية مؤامرة.. وخاصة بكل بـلـد فيه ثروات طبيعية غنية... ولكن أول مبادئ السياسة (الشريفة والحكيمة) أن يتجنب المسؤول السياسي الحكيم والشريف المؤامرات الآنية والبعيدة المدى ضد بلده.. وحتى النائمة والملغومة منها... ولكن المسؤولين السياسيين في بلدنا (سلطة أو معارضة) كان همهم الوحيد.. لا حماية البلد من أخطار أيــبــولا داعش.. ولكن دعم وتثبيت مصالحهم الشخصية والعائلية والطائفية.. والوصول إلى السلطة.. وتثبيت أقدامهم في الحكم.. وخاصة مصالح عرابيهم وأسيادهم وممولييهم العرب وغير العرب.. من اللوبيات العالمية الاستعمارية والرأسمالية... وها نحن نرى سوريا اليوم تتفتت وتتمزق.. بلا أمل أو مستقبل... وكل غبي من كل الأطراف يحدثنا عن انتصاراته أو عن توسيع خلافته... وضاع كل بصبوص أمل لعشرات السنين القادمة أو أكثر, لأية محاولة ديمقراطية بهذا البلد المفتت المنكوب المجزأ اليوم, والذي عادت به المعارضات الإسلامية المسلحة والتشكيلات الطائفية العجيبة الغريبة القادمة من غابات الأرض المعتمة كلها.. مئات السنين إلى الوراء.. إلى غياهب شــرائع لا إنسانية وحشية.. من أبسط تعاليمها ذبح الآخر.. كائن من يكون الآخر.. لأنه الآخر.. لأنه الكافر الذي يحلل عرضه وتسلب حياته..
هذه ليست ســوريـا التي ولدت بها.. وآمنت بخلودها وثقافتها وحضارتها, أيام شبابي. لم أكن أميز بين اسم واسم آخر من رفاقي أو أصدقائي.. ولم أميز أبدا بين دين ودين آخر... أما اليوم يقتل الإنسان في بلدي لأنه لا يحمل اسما مسلما شرعيا... وحتى يقتل المسلم مسلما.. إذا لا يبايع داعش.. تصوري عدنا لأيام الخلافة.. عدنا لعصور الظلام.. والعودة إلى شــريـعـة لا تتطابق ولا تتفق مع أي من مبادئ حقوق الإنسان, واختفى كل أمل بخلق دولة علمانية ديمقراطية حقيقية.. وضاعت إلى الأبد كل مشاعر المواطنة.. لتحتل مكانها الهوية الطائفية.. فقط لا غير... وهذه أشرس مصيبة.. وافظع مــرض قــاتــل يمكن أن يصيب دولة... ويهيمن على بلد وشعب!!!...
لم أر يا سيدتي الكريمة, وأنت المناضلة الحقيقية أي نقد لهذه القوات الداعشية, والتي ما زلت تسمينهم ثوارا.. ومذابحهم ثورة... أما كان من الأفضل أن تسمين مثلي القطة قطة.. وإدانتهم بشكل قاطع.. كما تدينين سلطة الأب والابن... وتحاولي مع من تبقى من هذه الأنتليجنسيا السورية المتعبة في الداخل والخارج.. عن توقيف هذه المذابح بأي شكل من الأشكال.. ولو أن الأنتليجنسيا لا تملك بندقية ولا زنارا متفجرا... أين هي المعارضة المعتدلة التي يبحث عنها الغرب, كذبا ودجلا.. مع معرفته الأكيدة أنها غير موجودة على الإطلاق.. ولم يتبق سوى الذباحين والقتلة المحترفين الذين يرفعون الأعلام السوداء.. بالإضافة أن غالب هذه الأنتليجنسيا وخاصة الماركسية والقومية منها, قد تنازلت عن معتقداها السياسية, خلال العشرين سنة الماضية.. وتراجعت إلى هويتها الطائفية والعشائرية.. ونــرى العديد منهم ضمن الجحافل الإسلامية المقاتلة على الأرض السورية... متخلين كليا عن هوياتهم الوطنية.. ناكرين حتى حق المواطنة.. لكل مواطن آخـــر.....
أنتظر منك إدانة لهم.. وحينها أستطيع أن أقدم لك كل تأييدي.. وإن تابعت صمتك.. هذا لن يغير أي شــيء ــ بكل فولتيرية ــ من احترامي لكتابتك وآرائك.. رغم اختلافي معك بالجوهر...
وحتى نلتقي... من يدري؟... من يدري؟...
بــــالانــــتــــظــــار....
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأطيب وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس سوريين... وأردوغان المنقذ؟!...
- عودة داعش إلى القمقم؟؟؟...
- تصريحات أوغلو وصرخات دي ميستورا
- عودة قصيرة للأسبوع الماضي... تفسير.
- عين العرب كوباني... فاجعة الفواجع...
- بايدن وأردوغان... والخراب...
- أردوغان... يبيع عضلاته...
- خواطر سياسية عن -قبول الآخر-... ولفت نظر.
- ديمومة الحرب الغبية...
- داعش... والبترول... والدس الكاذب.
- داعشيات سرطانية...
- حقيقة حقيقية.. مرعبة...
- الخريف العربي... والغربي؟!...
- داعش.. داعش و مؤتمر باريس.. ومقبرة...
- كلمات حزينة...
- العالم... العالم بانتظار قرار الأمبراطور...
- شرطة الشريعة!!!...
- جريمة ضد الإنسانية عاجل
- وعن اجتماع حلف الأطلسي.. وداعش...
- كفا...تعال نتفاهم يا صديقي...


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - رسالة إلى السيدة ناهد بدوية