أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1















المزيد.....

وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4534 - 2014 / 8 / 5 - 11:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1

تعرضت ُ في المقال الأول لخطر السلفية التكفيرية على المجتمعات البشرية من حيث زرعها لمنهج التكفير، و محاربتها للفكر الحر، و تجفيفها للنضارة و التنوع و التدفق الإنساني في شريان الحياة، و قتلها للتنوع، و تجنيدها الطاقات الشبابية للتدمير و التخريب، و خلقها لمجموعات لها صبغة واحدة غير قادرة على التعامل مع الآخر أو قبوله إلا بإخضاعه و صبغه بشموليتها البدائية، مما سيؤدي في النهاية إلى موت أي بذرة حضارية أو تطورية في المجتمع البشري، و انتكاس مُستدام نحو بوهيمية بدائية عرفتها القطعان البشرية قبل أن تظهر الدول. و أودُّ اليوم أن أسلـّـِط الضوء على أتباع هذا المذهب الإجرامي حتى نتبصّـَـر فيما يُتيح لهم هذا الإجرام و ما يجعله ممكنا ً و مُتحقـّـِـقا ً و ناجحا ً في الوصول لأهدافِه.

تتميز شخصية المقاتل السلفي التكفيري بعدَّة خصائص، أعرض بعضها و أناقشها فيما يلي من عناوين:

الاندفاع العاطفي
-----------------
إن جُلَّ مقاتلي المذهب التكفيري هم من فئة الشباب القادر على حمل السلاح و المشحون بالإرادة اللازمة لاستخدامِه و قبول ِ تبعات هذا الاستخدام من حياة زاخرة بالإثارة طافحة بالأدرينالين، يشكّـِل ُ الخطر سمتها الرئيسية و احتمالات الأذى الشخصي تحديها الأول. و بالتالي فالمقاتل التكفيري يعاني من معضلة ٍ يفرضها عليه تعارض ُ طبيعته الإنسانية التي تطلب منه الحفاظ على حياته مع دافعين رئيسين هما: اندفاعه النفسي المشحون بالعدوانية و أيدولوجيته الدينية المُستمدة من النص المقدَّس.

لا بدَّ أن تخلق هذه المعضلة ُ مظاهر َ علنية لها آثار ٌ لا تخطئها العين و المراقبة و الدراسة، و يكفي الاضطلاع على بعض فيديوهات اليوتيوب التي يسجلها المنتحرون منهم بتفجير أنفسهم في "أعدائهم" لكي نرى حجم الضغط النفسي الهائل و التوتر و القلق الواضحين على المُنتحر، و الذين يحاول محررو الفيديوهات إخفاءها بواسطة الأناشيد التحريضية أو الصياغة اللفظية العقيدية التي تتخذ ُ سمات الورع و التقوى و الإخلاص للدين و الفروسية و الشجاعة و الإقدام، بينما تتحدث ُ لغة ُ الجسد و نبرات الصوت و مخارج الألفاظ و الفواصل الزمنية بين الكلمات و تهدجات ُ الصدر عما يُخالف القول.


الغضب و السُّخط على المجتمع
----------------------------------
المقاتل التكفيري شخص ٌ غاضب من المجتمع ساخط ٌ عليه، لا يعجبه ما يراه، فهو يعتقد ُ أن هذا المجتمع على خطأ و أن الصواب غائب يجب استدعاؤه و تحقيقه و تفعيله، و لا يكون هذا الاستدعاء إلا بإنهاء الوضع القائم ِ الموجود و تغيره، و لا يتم ُّ هذا التغير إلا بالعنف و القتل و الدمار و الدماء و الأشلاء، لأن هذا الحل سريع و فعال و ناجح و يضمن الاستجابة و القبول من الأفراد بقوة ِ الأمر المفروض الذي سيصبح ُ "واقعا ً" عليهم بقوَّة السلاح و الإجبار، بعكس الحل الدعوي الذي يستلزم ُ الحوار و الاستمرار َ في الحوار و إعمال َ العقل ِ في حُجج ِ الآخر، و الردِّ عليها و تفنيدها، مع احتمالات الفشل ِ في الإقناع و الاضطرار لقبول واقع الآخر أثناء الحوار و بعده، و هذه كلها لا يطيقها الغاضب و لا يقدر ُ عليها و لا يريدها.

الإحساس بالمظلومية و إسقاطها على الأيدولوجية
-------------------------------------------------
يرى التكفيري أنه "مظلوم" و أن "حقّـَه" ضائع، مهضوم، و أنه يتعرض لاضطهاد من الدولة و المجتمع، فهو مُهمـّـَش، فقير، غير مسموع الرأي، يئن ُّ من وطأة ظروف الحياة لا يكاد ُ يستطيع ُ تأمين َ قوت َ يومه و احتياجات ِ عائلته، بينما ينعم غيرُه بالأموال و الممتلكات و يرفل ُ في نعيم ٍ مقيم و حياة ٍ عامرة، ثم ما يلبث ُ أن يرى هذا الوضع "الظالم" نائلا ً من كل أبناء "السُّنة و الجماعة" فتتحول ُ عنده المشكلة من اقتصادية اجتماعية إلى دينية مذهبية، و يستدعي في سبيل ذلك النص الذي يأذن للمؤمنين – و هو من فئتهم الناجية – أنهم ظلموا و ان الله على نصرهم لقدير، و بذلك يُزوِّد ُ نفسه بالدافع و التبرير و الإذن بالقتال و التخريب، بل و يبني على ذلك أوهاما ً مُستمدة ً من نرجسية ٍ فائقة سأتعرض لها في الصفة التالية.

النرجسية الفائقة
---------------
تتميز ُ شخصية السلفي بالنرجسية كسمة ٍ أساسية، فهو يرى نفسه كمحور ٍ للكون و الأمة الإسلامية و المجتمع الذي يعيش فيه، فيعطي نفسه دورا ً لا يتناسب مع حقيقتِه المتواضعة، لذلك فإنك تجد ُ في جميع أدبيات السلفين تصويرا ً لأنفسهم على أنهم أبطال ُ الأمَّة ِ و أسودها و المحققون لآمالها و القادة ُ لها و الهادون لمجاميعها، و صفوتها، و نُخبتها، و الفئة الناجية منها، و العالمون بخبايا نصوصها، و المحقِّقون الحقيقيون لدينها، و الناصرون لإلهها و المتحدثون باسمه و العارفين بأمره و إرادته و مشيئته.

تفسِّر ُ هذه النرجسية تشددهم تجاه خصومهم، فالنرجسي لا يحتمل ُ النقد و لا يُحسن التعامل معه، و يعتبره طعنا ً شخصيا ً فيه و في قيمته و فيما يمثِّله، و بما أنهم يمثلون الله، فالنقد طعن ٌ في الله، و بما أنهم المتحدثون باسم رسوله، فالطعن ُ ليس فيهم لكن في رسوله، و جزاء هذا الموت و التعذيب و القتل والإفناء. و هم يقومون بكل هذا و هم مقتنعون بأنهم على حق، و هذه أيضا ً من أخصِّ خصائص النرجسي الذي لا يمكن أن يقبل أن يكون مُخطئا ً بأي حال ٍ من الأحوال.

إن سمة النرجسية المرضية عند السلفي التكفيري من شأنها لو تضخمت لوحدها أن تجعل منه كائنا ً مُعاديا ً للحياة ِ و المُجتمع، ما دام أنه يستطيع استدعاء نص ِّ مقدس يؤكد له المجتمع و الإجماع الديني أنه مرجعه الوحيد، و هذه المفارقة جديرة ٌ بالتوقف عندها، فالسلفي التكفيري النرجسي بحاجة إلى المجتمع لكي يؤكد له قدسية النص الديني و تفوقه و تجاوزه لأي مرجع آخر بل إن َّ هذا التأكيد المجتمعي هو الذي طبع َ في السلفي قبول النص كمرجع، لكنه و إن كان مدينا ً للمجتمع ِ بهذا إلا أنه ينقلب عليه و يستعديه و يحاربه و يؤذيه و يصير هذا المجتمع ُ مثالا ً للشر ِّ و الضلال.

يتبع في الجزء القادم



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح ٌ في جدليات – 5 – جارنا و الأفعى.
- في الموت – قراءة ثالثة، من العبثية حتى الحتمية.
- من وحي قصة حقيقية - يا سادن الحبِّ.
- في الموت – قراءة ثانية من حيث الموقف الإنساني الواعي.
- غزة - 4 - بقلم الملكة رانيا
- وباء السلفية التكفيرية و ضرورة الاستئصال.
- غزة - 3 – أربعة أطفال و قذيفة.
- في الموت – قراءة أولى كأحد وجهي الوجود.
- غزة – 2 – إستمرار جرائم الحرب الإسرائيلية و ردود الفعل الشعب ...
- غزة – وضاعة استباحة الحياة و ازدواجية الاعتراف بالحق الإنسان ...
- قراءة في اللادينية – الإلحاد كحركة دينية مُجدِّدة.
- من سفر الدين الجديد – الفصل الأول - آمر لي مارهو
- قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع– المعجزات و ...
- في نفي دونية المرأة – 4 – الانسجام الجيني الأنثوي مع حاجة حف ...
- من سفر الله – 3 – في جدلية تنافر الطبيعة البشرية مع التكليف ...
- قراءة في مشهد– من وحي محاضرة في علم الفلك و الفضاء – الممارس ...
- من سفر الله – 2 – في الدين و الإلحاد – تمظهرات العداء و الاج ...
- بوح ٌ في جدليات – 4 – امتداد الوعي الكوني، فرضية.
- قراءة في الوحشية – 2 – منهج الذبح عند السلفية الجهادية نموذج ...
- بوحٌ في جدليات – 3 – حين أنطلق


المزيد.....




- أمين عام حزب الله اللبناني يبرق إلى المرشد الأعلى الإيراني م ...
- فرحة الأولاد كلها مع قناة طيور الجنة! استقبل التردد الجديد ع ...
- القوى الوطنية والإسلامية تدعو إلى تضافر الجهود لوقف جرائم ال ...
- -فرنسا، تحبها ولكنك ترحل عنها-... لماذا يختار مسلمون ذوو كفا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة لإيران بعد تغريده بالفارسية
- “ثبت وناسة وطيور الجنة”.. أهم ترددات قنوات الأطفال الجديدة 2 ...
- صالحي: الشهيد الرئيس رئيسي خسارة عظيمة للأمة الإسلامية +فيدي ...
- قائد الثورة الاسلامية يعزي باستشهاد رئيس الجمهورية
- بوتين يعزي المرشد الأعلى بوفاة الرئيس الإيراني
- مركز -تكوين- والتنوير الانتقائي المستأجر عبر السلطة وفلكها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - وباء السلفية التكفيرية – 2- التركيب الإجرامي للتكفيري ج 1