نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 23:20
المحور:
المجتمع المدني
يا سادن الحب الذي أنياطُه
في ذا الحشا غدت ِ الدُّجى تتقطـَّع ُ
حاشاك أن ترمي لنا بتحية ٍ
فالعبد لا يرجوك أو يتطلــَّعُ
عش سيدي غض الإهاب كريمَه
و دع الشريد بارضكم يتقلـَّعُ
من هاهنا إلى ذاك َ حين زجرتَه
و من ها هناك لذي هنا يتصرَّع ُ
(للشاعر ذي الأنياط ِ اليعرُبي، من ديوانه: كافي المزن، باب: استكبار الهوى)
خرجَتْ من باب العمارة ِ ترتدي فستانا ً أبيض َ جزئِه العلوي بينما كشف الجزء السفلي الاسود عن سيقان َ رشيقة قامت قدماها فوق كندرة ٍ بكعبين يرفعانها عن اديم الارض، و اتجهت نحو سيارة الخطيب الذي كان ينتظرها بشوق.
لم تكن تُكن ُّ له أي حبٍّ أو تعلق لكنها بدا خيارا ً صائبا ً، فوالده صاحب مصانع َ و شركات، و عائلتهم ذات نفوذ ٍ قوي، و هم معروفون بكونهم "أوادم" و محترمين. "لا شي يعيبه" هكذا قالت لنفسها ثم أردفت "حبيبي سينساني مع الوقت و لا أستطيع ان انتظره اكثر من ست سنوات".
بدا منطقها طاغيا ً قويا ً يحمل من الأعذار ما لا يمكن ردُّ حجته أو التغلب عليها، و كان قرارها فاصلا ً حين أبلغته لحبيبها، فنظر إليها و قد اتسعت حدقتا عينيه، و لم ينبس بكلمة.
اعتذرت منه و قالت كلاما ً كثيرا ً لم يسمع منه شيئا ً و تركها تمضي حيت استأذنت و بقي لوحده يقلِّب ُ ما سمع في فكره و يدفع به نحو قلبه ثم يسألهما: ماذا حدث؟ ماذا يعني هذا؟ كيف حدث؟ لكنه لم يجد جوابا ً.
بعد أيام، دخل إلى غرفة ِ أبيه و فتح الجارور و تناول منه المسدس الفضي ِّ المقبض ثم خرج من البيت متجاهلا ً سؤال والدته: وين رايح؟
وصل إلى عمارتها بينما كانت خارجة ً نحو السيارة، لم يكلمها، لكنه وقف بينها و بين السيارة، ثم استل المسدس.
شاهدته و رأت المسدس في يده فأصيبت بالرعب و توقفت و قد جحظت عيناها و تعطل مخها عن التفكير.
أعدَّ المسدس للإطلاق ثم وجهه نحو رأسها، لكنه حوله إلى دماغه و حينما استقرت الفوهة ُ عند أذنه اليمنى ابتسم لها و أطلق.
تناثر دماغه على الأرض و جدران المدخل و على فستانها بينما أطلقت صرخة ً مدوية و وقعت فوقه تبكي و تقبله كالمجنونة.
خرج خطيبها ليحملها بعيدا ً عنه، و بحدسه فهم ما حدث، حملها إلى الأعلى، و خلع الخاتم أمام أهلها و خرج إلى غير عودة.
كتبت الجرائد في اليوم التالي: انتحار ُ شاب ٍ لأسباب مجهولة، و الأمن يقول: لا دوافع جنائية.
بقيت هي تحدق في جدران غرفتها كلما تذكرت صوت الطلقة و هي تخترق جمجمته و شفتيها و هما تتذوقان ِ غصبا ً قطرة الدم التي انتفضت إلى شفتيها من رأسه و هو يموت.
لم تذق شفتيه حيا ً فذاقت دمه ميتا ً.
لماذا الحب حرام؟ بينما الموت حلال؟ و لماذا ننال ُ بالموت ِ ما نُمنع عنه و نحن أحياء؟
هل هناك َ مرض ٌ أكثر من هذا؟
----------------------------------------------
من وحي قصة حقيقية حدثت في الأردن هذا الشهر مع تصرف ِفي التفاصيل.
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟