|
في إنشاده لموته
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4052 - 2013 / 4 / 4 - 22:19
المحور:
الادب والفن
في إنشاده لموته ...
الى صديقي محمد مظلوم ..
نرسي مراكب محظوطة ونوثقها بمحبّتنا للغرقى ، والتملص من شعورهم بالمرارة ، ينسف ورعنا ويحبط ايماننا الشعري بالمعجزة . يعترضون في تعييننا للباب الذي غرقوا فيه ، وعهدنا بهم انهم ما زالوا يصارعون في سقطتهم الرنّانة على أرض الندى ، والغرق إطار لحياة كاملة الخصائص . ترابط عميق بين البيت والماهية ، والمتواني في إنشاده لموته ، وإعلاء شأنه ، يخسر الكثير في انذهاله من مفارقته للأشياء الجميلة . المحمول على أكتافنا منذ خرابات الولادة ، متخلص في سقمه من تزمّتنا وأكواخنا التي تشيخ فيها الأيّام . نباتات . حرّية . كينونة . أحلام . خيلاء . رغبة ، معرفة فقيرة تتهشَّم من تلقاء ذاتها في كراهيتنا لحياتنا المخزية ، والفرد في تنكبّه لروعة موته ، يحني رأسه ويلحق بالبراري الدهماء .
تقديمنا للأضحية ...
تُكلّفنا محبّتهم السعي الى نفيهم من قرطبة أيّامنا ، لا هم على خطأ ولا نحنُ ، لكن إنزالنا لهم من الآفاق التي تدهمنا بتوق شديد الى ما ما يكدّر ربيع آبارنا ، شيء عظيم أجْمعت عليه الطيور والأشجار والشؤوم المُصفَّى لحدائق الملح . يتذمّرون من تجاوزنا لهم في المرايا وهم في تفانيهم للعيش في الحظائر ، يحيلون ما كان محبوباً الى ينبوع هذيان . الحبّ مجازفة تطوّقنا الى نهاية العهد ، ومن يضل طريق الملوك ، يتحرّك ويتسلّى في برّية إثمه الخسيسة . عاداتهم تتناقض مع ما نلغيه في تقديمنا للأضحية الى آلهتنا في الشواطىء ، وزمنهم يزج بهم في أمراض مستعصية . لا ضياء في تعاقب ثمارهم المعضوضة ولا تعزيمة تشفيهم من عبء خطاياهم .
أمثولة فزعنا الشامل ...
كلمة منتظمة تصدح في سطوع الميزان على الفجر ، نشفعها بأخرى فتحنو ظلمة العالم المُبطئة على " السابق واللاحق " ، والمُحيّا العفيف للطبيعة ، تتريّث وتتضوّع فيه أفياء التوت والقرنفل . إشاعتنا لشذرات العدالة في بستان الظهيرة ، مهابة نجابه بنقائها الإلهي في جسارته المتناحرة ضدّنا ، والتداعي المتكرّر لاحساسنا بالرضا من قرابتنا للفن ، يحطّم البراهين الكاملة لذهابنا الى الفناء . شعور نحظى في دفئه بكذبة تليق بأمثولة فزعنا الشامل من الهنيهة الفارغة اللاتخفى . إشارة عاطفية لا نميز فيها شعورنا بالأشياء التي تؤرقنا في ترنّحنا على الهاوية . تغلغل النوم في ما نسميّه حبّنا في البقاء الدائم ، يضاعف الحركة المتنابذة للمجرّات ، ويعسّر الولادة المؤذنة لمصابيح الأبدية .
مناحاتنا على القتلى ...
كشْمش كثير ادخرناه للطيور التي تهاجر الينا في الصيف ، تضوّع في الأفق واشتهته الآلهة ، وآلهتنا لا تهب المهجورين والغائبين راحة البال . نُقتل بين الآبار العذبة لحلفائنا ، وكهنتنا يقدمون القرابين ، وشعائرهم تهلكنا في انتظارنا لما يقوّض مناحاتنا على القتلى . الأضاحي التي نظنّها تخلّصنا من التهديدات ، تشفق علينا وعلى طقوسنا ومحاصيلنا الهزيلة ، والبذرة لا تنمو في السنة المجوَّفة للخوف . التشابه الزائف لأيّامنا التي نخسرها في تلطيفنا لثقل الشمس ، يجرّدنا من الرغبات ويوثق القهر الى الفؤاد . جحود دائم ، وأذى غير مطواع نتلقّاه من الشفعاء في صلاتنا التي نشذّبها ونصفَّي فيها الفراشات من الورد . الفلاّحون منّا يرجون الغفران لحياكتهم الأكفان المفضضة للعشّاق ، وحرّاس المعبد تعجزهم إرادتهم عن اندساسهم بين العقاقير التي لا تشفينا من مرض البهاق ، ولنيل ما يخفّف عنّا الضرائب ، صعدنا في كشْمش جديد وتقشّفنا في تهديد الآلهة لنا .
2013 / 4 / 4
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما يجاوز يأسنا
-
ما كُنّا نخفيه عن الموتى
-
مطالبهم في البرّية
-
المنحدرون من هاوية الحرب
-
دفن القتلى
-
الرسو في آبار اليوم
-
ما يتجلَّى في المفازات
-
شُعل الديمومة
-
الممالك المتعادلة للطبيعة
-
فزعنا من الشيخوحة
-
الأفنان المهجورة لليوم
-
أجمل ضاحية في الشجرة
-
حُلي فتياتنا المنداة بعبير الحبّ
-
بيان اعتذار الى الشعب العراقي والى الشعراء العراقيين
-
سهرنا بين الوخزات الطويلة للبرد
-
أكثرنا استعجالاً للموت
-
كراديس مَن ماتوا بحميمية
-
السير تحت ندى السنبلة
-
الفوران الصامت لإثمار السنبلة
-
الحجارة المتعزّية في الزمن
المزيد.....
-
بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
-
-الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع
...
-
الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
-
-موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
-
-جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
-
السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين
...
-
الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا
...
-
تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر
...
-
كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
-
المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|