محمود حمد
الحوار المتمدن-العدد: 1893 - 2007 / 4 / 22 - 12:01
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
عن التغيير الوزاري لحكومة المالكي
مالذي يريده العراقيون؟
حكومة طوائف واعراق؟
ام حكومة تنمية وسلام؟
محمود حمد
منذ اكثر من شهرين والحديث عن التغيير الوزراي بحكومة السيد نوري المالكي يخضع لتقلبات المد والجزر، ولنوايا التفائل والتشاؤم، ولتحليلات الحريصين وادعاءات المغرضين.
لكن الامر الحيوي الذي لايمكن اغفاله هو:
الحاجة الضرورية والملحة لإجراء تغيير وزاري جذري وفق متطلبات المرحلة الدقيقة والمصيرية التي تمر بها بلادنا.
وكي لايكون التغيير مجرد (ترقيع مهلهل لاجدوى منه لخرق متزايد الاتساع في جسد الوطن وحياة المواطن ) لابد من التساؤل :
أي حكومة يريدها العراقيون؟
حكومة طوائف واعراق ؟
ام حكومة تنمية وسلام؟
وقبل ان اطرح وجهة نظري لابد من ان الفت نظر القارئ الى ان القوى التي تتحرك خارج فضاء العمل الديمقراطي لتغير الحكومة او الضغط عليها بقصد افشال برنامجها الحكومي وتعجيزها تمهيدا لاسقاطها، لايمكن ان تكون قوى مدركة لخطورة التداعيات التي تترتب على مثل هذه المغامرة، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا.
كما ان أي جهد للاستقواء بالخارج (مهما كان عنوانه) على الاطراف الوطنية المشاركة بالعملية السياسية سوف لن يزيد الازمة الوطنية الا تعقيدا ، ويؤدي الى سفك المزيد من دماء وثروات العراقيين.
فالمطالبة بالتغيير الوزاري ينبغي ان تنطلق من هدف تنموي يحترم ارادة الشعب في اختيار ممثليه،وحقه في اختيار حكومة قادرة على الخروج به من الازمات القاتلة التي يعاني منها، ويضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الحزبية والطائفية والعرقية.
كما اننا يجب ان لانتطير من فكرة التغيير الوزاري او الحكومي،لانها جزء اساسي من ثقافة الديمقراطية وادواتها.
ففي الديمقراطية لاخلود للفرد او الحزب او المجموعة في الحكم ، وكل شئ قابل للتغيير ومادة للتداول..وهذا سر اعتصام الشعوب بها، لانها نظام الحركة المتصاعدة والتغيير الدائم والارتقاء المستمر،فلاثابت في الديمقراطية الا الديمقراطية.
ولكي لا نبتعد عن المتطلبات التي تحددها الاحتياجات الوطنية من اية حكومة تتولى ادارة شؤون الدولة في بلد كالعراق في هذه المرحلة العقدة لابد ان نبدأ بعدد من التساؤلات..المتعلقة بقدرة الحكومة او عجزها ..
فعندما تكون الحكومة:
1. عاجزة عن فرض القانون على اقليمها الجغرافي .
2. عاجزة عن حماية حدودها الاقليمية من الاختراق الامني والاقتصادي والصحي .
3. عاجزة عن حماية مواطنيها من الارهاب المنظم الذي يستهدفهم في الشوارع والمنازل ودور العبادة والاسواق والمدارس، المحلي والمستورد او المصدر.
4. عاجزة عن حماية مؤسساتها الاقتصادية من التخريب الامني او الاقتصادي او الاداري المالي..
5. عاجزة عن حماية مراكزها الامنية والعسكرية من المفخخات التي تقتحمها من الخارج او التي تتفجر فيها من الداخل..
6. عاجزة عن حماية المال العام من النهب المنظم والعشوائي.
7. عاجزة عن حماية ( مجلس النواب) ومكاتب الحكومة المركزية، من الاغتيال الفردي او القتل العشوائي.
8. عاجزة عن حماية البنية التحتية للدولة،وخاصة تلك المرتبطة بحياة الناس اليومية.
9. عاجزة عن تلبية الخدمات الاساسية للمواطنين(المدارس والمراكز الصحية والوقود والكهرباء والطرق والمياه الصالحة للشرب والسكن وغيرها)
10. عاجزة عن الخروج من الخانق الاقليمي الذي يضيق حولها، بغض النظر عن اسباب ذلك الخانق هل هي مشروعة ام نغرضة وعدوانية.
11. عاجزة عن رعاية خمسة ملايين طفل عراقي يتيم، خلفتهم الكوارث السياسية التي حلت بالعراق،منذ عقود والى يومنا هذا.
12. عاجزة عن ايجاد حل للعاطلين عن العمل الذين يشكلون اكثر من 60% من الايدي القادرة عن العمل، ومعظمهم من الشباب.
13. عاجزة عن الالتفات لاكثر من اربعة ملايين عراقي مشردين خارج الوطن في كل بقاع الارض المعمورة وغير المعمورة ،وتطحنهم الغربة والحاجة الى التعليم والصحة والسكن والتماسك الاجتماعي.
14. عاجزة عن حماية الثروة المائية التي تمنع عن فم الوطن الضامئ، من قبل دول الجوار.
15. عاجزة عن حماية الثروة النفطية التي يختطفها اللصوص الكبار والصغار ، المحليون والاقليميون والدوليون.
16. عاجزة عن عقد اجتماع واحد لمجلس النواب بكامل اعضاءه.
17. عاجزة عن وضع حد لاستباحة المحتلين لدماء العراقيين وكرامتهم وبيوتهم ووطنهم، وتدخلهم بشؤون الوطن(حتى وان كان ذلك بغطاء دولي).
18. عاجزة عن كبح التردي الثقافي والمعرفي الذي ادى الى تراجع ثقافة التمدن والتنمية وشيوع الانكفاء للماضي وتغييب العقل المتساءل.
ان الحكومة العراقية الديمقراطية التي جاءت في اعقاب انتخابات نزيهة وفق تقييم دولي ، وضمت في صفوفها اشخاص وطنيين رغم تباين رؤاهم واختلاف توجهات القوى التي اوصلتهم الى ادارة السلطة، عليها:
• ان تضع هذه التساؤلات في اجتماع شجاع وشفاف ومسؤول، امام الشعب، وتحلل اسباب اخفاقها في معالجة هذه المشكلات الجوهرية التي اوصلت العراق الى ماهو عليه الان.
• تحدد اسباب الفشل الى جانب كل فقرة من هذه الفقرات،ومن المسؤول عن ذلك الفشل؟، دون مواربة لاحد.
• تعود بملفاتها وفق التقاليد الديمقراطية الى مجلس النواب، وتكون اول حكومة في تاريخ العراق ، تعود الى المجلس وقد وضعت حلولا تنفيذية لكل واحدة من هذه المشكلات وتطلب دعم المجلس لها لتحقيقها ،او تكشف عن اسباب الفشل في معالجة تلك المشكلات،او تضع المجلس امام مسؤولياته التشريعية لدعم البرنامج الحكومي للتنمية الشاملة بما فيها التنمية الامنية.
• وان تكون معاييرها ومعالجاتها:
1) ( وطنية ) لامحاصصة طائفية او عرقية او حزبية فيها .
2) و (قانونية) لاجهة او فرد مستثنى منها.
3) و(تنموية) لامكان فيها للفساد الاداري والمالي.
4) و(شعبية) لاوصاية لحزب او طائفة او قومية او مفدى من اهل الارض او من جن السماء.
• وعندما تجد هذه الحكومة بان عجزها جاء نتيجة تعجيزها من قبل القوى التي تمثلها ، عليها ان تقدم استقالتها وتضع تلك الكتل الممثلة في البرلمان امام مسؤولياتها الوطنية .
• وتطلب من البرلمان تشكيل حكومة اخرى وفق التقاليد البرلمانية الديمقراطية.
• وفي حالة فشل البرلمان في الاتفاق على (حكومة بناء تتشكل من المتخصصين في كل قطاع من قطاعات التنمية) .
• على المجلس ان يدعو الى انتخابات برلمانية مبكرة.
• على ان تجري وفق برامج انتخابية تنموية لادينية ولاطائفية ولاقومية ولاعقائدية، ويكون ذلك شرط دستوري لضمان تشكيل حكومة متجانسة ومتماسكة وذات رؤية واضحة ضمن برنامج محدد بجدول زمني واليات مساءلة واهداف تنفيذية قابلة للقياس والتقييم.
• بحيث يقدم كل مرشح او مجموعة من المرشحين برنامجا محددا لمعالجة مشكلات تنموية محددة ، ليصار في حالة فوزهم الى مساءلتهم عن دورهم في اصدار التشريعات التي تحول تلك المعالجات الى واقع تنفيذي.
ان العراق بحاجة الى حكومة تنمية من المتخصصين بالبناء ، لا المتميزين بالشعارات الكبيرة، والمواعظ الاثيرة.
وفي الحكومة الحالية شخصيات مشهود لها بالنزاهة والوطنية والكفاءة المهنية، التي اثبتت جدارتها رغم المعوقات التي يضعها امامها الخصام الطائفي والعرقي داخل البرلمان وخارجه، ورغم الالغام التي يزرعها المحتل في اجراءاته الامنية او الادارية.كما انها حققت انجازات هامة على اكثر من صعيد ( وليس هذا هو موضوع بحثنا).
ان الفريق الحكومي الذي نحتاجه هو ( فريق وطني، ينفذ برنامجا تنمويا وطنيا ) وليس ( مجموعة مندوبين يمثلون القوى المتناحرة والمتشاتمة داخل البرلمان وخارجه).
ان الولاء الوطني يشترط من عضو الحكومة العراقية ان يخلع _ جلباب القبيلة، او عمامة الطائفة، اوعباءة القومية، او ستار الدين، او رشاش الميليشيا،او حزام المنظمة الارهابية الناسف- التي اوصلته الى كرسي الوزارة.
فالعراق وطن في طور التاسيس المتحضر، وشعب في طور الخروج من القبور القمعية، وثقافة في مرحلة اخلاء السبيل من السجون الازلية، واقتصاد يقتات على جسده الواهن رغم روحه المفعمة بالعافية،وجيرة تشوبها الريبة والشكوك، وحضارة رادعة بوجه الارهاب الملثم والمفخخ ،وارض عصية على المحتل رغم تمزقها بمجنزرات الغزاة.
#محمود_حمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟