حمزة رستناوي
الحوار المتمدن-العدد: 1882 - 2007 / 4 / 11 - 01:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس العيب في الإسلام, و لكن العيب في المسلمين؟!
ليس العيب في القومية العربية , و لكن العيب في القوميين العرب؟!
ليس العيب في الماركسية و لكن العيب في الماركسيين؟!
كلام يتكرر دائما ً و نتغنى به دائما ًو نكاد نجمع على صحته ؟
نلقي عبء تخلفنا و عيوبنا و هزائمنا عن كاهل الإسلام و نلحقه بالمسلمين, و نحن نتجاهل بداهة : أنه لا وجود للإسلام من دون مسلمين, و لا وجود للعروبة من دون عرب, و لا وجود للماركسية من دون الماركسيين و هلم جرة, و أقصد بالوجود هنا الوجود الفاعل المؤثر و ليس وجودا ً كان و انقضى
فالديانة التوحيدية لأخناتون" عبادة الشمس" على سبيل المثال التي ازدهرت في مصر القديمة هي موجودة في الوثائق الفرعونية و مدونة على أوراق البردة و النقوش القديمة و لن يجادل عاقل في أن الديانة الأخناتونية موجودة في القرن الواحد و العشرين الميلادي و لها أتباع و مؤمنين ؟! و كذلك الأمر ينطبق على الديانة المانوية التي ازدهرت في العالم القديم و انقرضت مع انتشار المسيحية .
و قياسا ً على مقولة ليس العيب في الإسلام و لكن العيب في المسلمين
أقول : ليس العيب في الصهيونية و لكن العيب في الصهاينة ؟
بالتأكيد سينهال عليَّ مطر من الأسئلة الاستنكارية, كيف تجرؤ أن تقارن الإسلام بالصهيونية؟
أنا لا أقول أن الإسلام كدين و فكر يشابه الصهيونية و يماثلها, و لكنني أناقش فكرة وجود فكرة ما بشكل فاعل و مؤثر دون وجود حامل بشري لهذه الفكرة, و هذا ينطبق على كل مذهب و فكر
***
عندما أقول أن العيب في المسلمين هذا يعني أن المسلمين مقصرون و عليهم إصلاح أنفسهم و تعديل سلوكهم بحيث يتطابق مع الإسلام , و لكن ما هو الإسلام؟؟
سينهال علي سيل من الأسئلة الاستنكارية المخونة و هل هناك من لا يعرف الإسلام؟
إنه دين ما يزيد عن مليار و ثلاثمائة مليون نسمة, و هو الديانة الثانية بعد المسيحية من ناحية العدد في العالم,و قد أنتج الإسلام أعظم حضارة في القرون الوسطى, حضارة امتدت لقرون و قرون و هيمنت على معظم ما يسمى بالعالم القديم,فالإسلام دين سماوي نزل على " سيدنا محمد" الإسلام أن تنطق الشهادة و تقيم أركان الإسلام.
الإسلام هو السلوك المصدق للإيمان
هل من المعقول أنك لا تعرف الإسلام
يا لك من جاهل؟ ألا تعرف ما هو الإسلام ؟!!!!!!!!!!!!!
حقا ً ما هو الإسلام؟؟
و هل الأمر واضح و محدد إلى هذه الدرجة؟
سيجيب أحدهم بأن القرآن الكريم هو كتاب المسلمين و هو العمود الفقري للإسلام و هل هناك من مسلم على وجه البسيطة لا يؤمن بالقران الكريم ككتاب سماوي منزل من الله خالق العالمين ؟
أقول القرآن يتألف من سور و آيات و عبر و أحكام و أخبار, و طالما أن المسلمون و المفسرون اختلفوا في تفسيره من سنة و شيعة و أشاعرة و معتزلة و متصوفة و الخ فهذا يدعم وجهة النظر القائلة أن إسلام كل واحد من المسلمين هو فهم هذا المسلم للإسلام و تفسر القرآن و النصوص المقدسة الأخرى , فليس هناك فهم للإسلام بل هناك فهوم كما أن هناك عقول, و إلا لما كان السنة و الشيعة و الوهابية و العلوية و الإسماعيلية و الدروز و المتصوفة و التكفيريين و الخوارج و المعتزلة و غيرهم ....ممن يشتركون في تقديس القرآن الكريم و يعتبرونه مرجعيتهم العليا و دستورهم ويشتركون الإيمان بنفس الأركان
أعود إلى السؤال الأول هل الإسلام واضح و محدد إلى هذه الدرجة
سيجيب أحدهم أحاديث النبي و السنة المطهرة هي التي تحدد لنا و تفسر ما استشكل علينا من معاني القرآن و تفصّل لنا في أحكام القرآن و ما نحتاج إليه في حياتنا كمسلمين ؟
أقول : كم هو عدد الأحاديث المتواترة عند أهل السنة مثلا ً؟
و لقد أهملت عن قصد الأحاديث الآحاد كونها لا تفيد في العقائد , و ليست قطعية الثبوت
و كم هو عدد الأحاديث المُصاغة بلغة واضحة و هناك إجماع على روايتها من خلال صياغة واحدة مصطلحية قانونية " قطعية الدلالة "
و لماذا يحتفظ الشيعة مثلا ً بمجاميع للأحاديث تختلف عن مجاميع السنة ؟
و لماذا تختلف السنة و الشيعة ضمن المذهب الواحد في تصنيفهم للأحاديث بين حسنة و ضعيفة و صحيحة و موضوعة ؟
و هل صحيح البخاري مثلا ً هو صحيح بنسبة مئة بالمائة؟ أم أنه صحيح وفق شروط وضعها البخاري و تحرى قدر الإمكان مراعاتها
و كذلك الأمر بصحيح مسلم؟ و غيره
***
ليس العيب في الإسلام و لكن العيب في المسلمين؟
يمكن أخذ هذه المقولة من وجهة نظر إيجابية فعلى المسلمين الارتقاء بأنفسهم ليطابقوا و يتقمصوا الإسلام اعتقادا و سلوكا ً؟ و المقصود هنا الفهم السائد للإسلام
بالنسبة للسنة الإسلام المروي عن طريق الصحابة
و بالنسبة للشيعة الإسلام المروي عن طريق الأئمة
و لكن لماذا كلما تقدم الزمن انحرف المسلمين عن الإسلام؟
القضية ببساطة شديدة أننا نخلط كثيرا ً بين الصحابة و الأئمة و الملائكة
حتى أن رجل دين بلغت به الغيرة على الدين أن أنكر حدوث موقعة الجمل على شاشة فضائية عربية ؟؟!.
و هناك من يخلط بين الإسلام و الحضارة العربية الإسلامية, فالحضارة العربية الإسلامية هي نتاج أناس و بشر غالبيتهم مسلمين و ربما أقلهم عرب, فازدهار هذه الحضارة لا يعود لوجود النصوص المقدسة الإسلامية و الاعتكاف على فهمها و امتثال ما تقول , فاكتشاف الدورة الدموية الصغرى لابن النفيس- مثلا ً - هو اكتشاف في علم التشريح توصل إليه بجده و قراءاته و مقارناته للطب السابق له " خاصة الطب اليوناني " و لم يستقيه من أيه قرآنية أو حديث نبوي؟
و تنطبق نفس المحاكمة على" ابن سينا و ابن الهيثم و الخوارزمي و ابن رشد و الرازي و ابن خلدون و ابن عربي و عمر الخيام و جلال الدين الرومي و ابن البيطار و موسى بن ميمون و الجاحظ و ابن حيان التوحيدي و ابن إسحاق الكندي و ثابت بن قرة و عباس بن فرناس و أبو بكر الرازي و فخر الدين الرازي و أبو النصر الفارابي و المسعودي و البيروني و ابن الطفيل و الإدريسي و الحلاج و السهر وردي و ابن المقفع و غيرهم..... و بالمناسبة هؤلاء الذين ذكرتهم و معظم الرموز الإنسانية التي تفتخر بهم هذه الحضارة العربية الإسلامية هم متهمون في دينهم و قد كفرهم ابن تيمية مثلا ً- و ما زالوا يكفرون - و يتهمون بالزندقة من جماعة ليس العيب في الإسلام.
سيقولون الإسلام قيم و أخلاق ورقي روحي و فكري , هذا كلام جميل فنحن بحاجة إلى كل هذه الأمور و ببساطة أستطيع أن أسميها قيم و أخلاق و رقي روحي و فكري بدون إلحاقها بالإسلام أو المسيحية أو الماركسية أو أي دين آخر؟
و لا أخفيكم إعجابي بسيرة خليفة عادل مثل عمر بن عبد العزيز أو عبقري عادل مثل عمر بن الخطاب , و لكن لا يكاد يخلو تاريخ أمة من الأمم من أمثال هؤلاء .
و لو كان تاريخ المسلمين و كل خلفائهم على هذه السيرة المحمودة لما ترددت لحظة في تبني خيار ليس العيب في الإسلام و لكن العيب في المسلمين !
***
عندما أعارض مقولة ليس العيب في الإسلام بل العيب في المسلمين,
فأنا لا أدعو إلى نبذ الإسلام و التخلي عنه, ليقيني أن الإسلام هو تراث و هوية ثقافية تغور جذورها بعيدا ً في التاريخ , و لولا ذلك لما كتبت مقالي هذا باللغة العربية و لا كان اسمي حمزة تأسيا ً بعم النبي حمزة بن عبد المطلب.
و لكن كون الإسلام ثقافة و هوية حضارية يجب أن يحثنا على نقد التجربة التاريخية للإسلام " المسلمين " فالنقد الموضوعي هو عنوان كل حب, و التبجيل و التقديس الأعمى هو عنوان كل تخلف و انحطاط
ببساطة المسلمين هم الإسلام
و الإسلام هو المسلمين
فليس الإسلام مخطط هندسي لمدينة على الورق يحتاج إلينا لإسقاطه بيوتا ً و حدائق و متاجر و جسور؟
و لو كان الإسلام كذلك لأنزل الله المدينة الفاضلة على الأرض على جناح أحد الملائكة في طرفة عين.
الإسلام وليد التجربة, و ليد التفاعل الحيوي الديناميكي الإنساني المجتمعي ,مع النظر إلى القرآن الكريم و غيره من النصوص المروية كأضواء و منارات لا كمخططات و أبنية مسبقة الصنع
و النظر إلى محمد النبي كقدوة و مثل في الإطار العام و ليس المطلوب استنساخ النبي أو غير النبي فذلك عكس حركة التاريخ؟
***
للذين لا يجرؤن على تسمية الأشياء بمسمياتها, و الجرأة هنا متعلقة بالوعي.
للذين يقولون ليس العيب في الإسلام و لكن العيب في المسلمين
أقول أخيرا ً العيب هو العيب, و الظلم هو الظلم, و الرذيلة هي الرذيلة, و الجهل هو الجهل.
و يستوي في ذلك الظالم المسلم مع غيره, مادام يظلمني و يظلم الناس
و يستوي في ذلك الجاهل المسلم مع غيره, ما دام يفسد علي سعادتي و سعادة الناس
#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟