أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - الشاعر طالب هماش في أيقونة المراثي














المزيد.....

الشاعر طالب هماش في أيقونة المراثي


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 1531 - 2006 / 4 / 25 - 10:55
المحور: الادب والفن
    


الشاعر طالب همَّاش في أيقونة المراثي
يقدم الشاعر طالب همَّاش في مجموعته الشعرية السادسة " عم مساءً أيها الرجل الغريب " ثلاث أيقونات كبيرة, و هي على التتالي " أيقونة الوحشة – أيقونة الأجراس – أيقونة الخسران “، و هو في اعتماده الأيقونة يحيلنا إلى نقطتين
أولاً: تحويل القصيدة إلى صورة بصرية, عبر إسقاط اللغة بمضمونها الخاص, أي بصفتها نصاً كتابياً و منطوقاً.
ثانياً: إسباغ صفة القداسة على قصائده، فطالما اقترنت الأيقونة بالمقدّس المسيحي، و اتخذت من المسيح و العذراء و
القديسين موضوعاً لها.
و سأكتفي في هذه العجالة بالحديث عن قصيدته " مرثية القرية الضائعة " إحدى أطول و أجمل قصائد المجموعة، ولما للقرية من أهمية الطرح الشعري عند طالب هماش.
ليس ثمة مفاجأة في عنوان القصيدة " مرثية القرية الضائعة " و لكن حين ندرك أن هذا الأفق الطبيعي موجود بكليته داخل النفس، فإن تصعيد الطبيعة المستسلمة يبدوا كاملاً في القصيدة و خصوصاً مع الكم المعادل من الصور الشعرية الجميلة, و لكن الهاربة أيضاً لأناس يقتسمون فطرة الكون، لأناس يسكنون في المشهد البدائي للحياة, قبل أن يلوثها هباب المدينة, فثمة غدٍ موعود يستطيع الشاعر استبداله بنفسه، و لكن من الواضح غياب الحاضر المكرس لذاته، أي غياب اللحظة الراهنة و مشكلاتها, رغم تكراره لكلمة " الآن " في مطلع القصيدة، لأن الشاعر حسم أمره و شد رحال روحه و جسده إلى تفاصيل قارته الضائعة في أقيانوس الطفولة, و كأنها القارة المفقودة " أطلنطيد " التي ذكرها أفلاطون.
إذاً سرعان ما تغادر القصيدة الحاضر " الآن " إلى الزمن الماضي, و في مقابل هذه المغادرة الزمنية، نجد القدوم المكاني في مطلع القصيدة " و أتيك يا قرية الآن " هذا القادم من جهة الريح الذي أرهقته السنون, فأضحى نسراً عجوزاً بنثر الريش في مهب العذاب.
و لكن لماذا ظل الماضي صامداً ومسيطراً على امتداد القصيدة ؟!
ألأنَّه نقي و طاهر و أبيض, أم لأننا نسبغ أمالنا و طموحاتنا المستقبلية على هذا الماضي ؟!
على كل حال ليس للإنسان عموماً, و للشاعر خصوصاً الاستغناء عن تفاصيل الماضي
" أما أن لي أن أعود صغيراً
على درج الدار
كي أتسلق أشجار جدي القديمة
و أبني لروحي عشاً عليها فأخلد للنوم "
و لكن لماذا الإلحاح على العودة, و استعجال شريط الذكريات ؟!
هل هو الاستقرار بعد التوتر المرافق لعملية الاستعادة ؟
أم أنه المصير المتحوم إلى النوم قرين الموت و الخلود ؟!
"و أيا قرية الضائعين
حننت إليهم لمحراث أحزانهم من الخريف
و هم يبذرون دموع العتابان في الأرض "
فالقرية التي يشتهيها الشاعر هي قرية مشاع, لا تخصه وحده, إنها قرية تمتد في المكان لتصبح أندلساً, وتنكأ الحاضر ليقطر الجرح حزناً شجياً, فالشاعر ينكر ذاته, و يستبيح الغناء للآخرين, ولكن من هولاء الآخرين
" أغنّي لهم
و لمن هجروا وقتهم
و استحالوا تماثيل,
كيف استحالوا تماثيل؟
يا قرية الضائعين و أندلس الحزن "
إنهم الذين استحالوا إلى تماثيل , فهل التماثيل هي المقابل المادي لغيابهم في القرية الضائعة !
أم أنها استمرار للوجود الصنمي المهاجر في ذواتنا؟!
ينتقل الشاعر بعد ذلك ليخبرنا عن تفاصيل قريته الضائعة, و أشيائها, و أناسها الطيبين, من مازن سارق البطيخ, إلى أبو طالب المستحيل الذي يرفع أذان العشاء في مغرب الفقراء, إلى خالد الصياد و بندقيته التي تطلق العشق في جسد الليل, إلى سعاد التي تنهد رف اليمام, إلى أوزة, الثلج, و غزاله الحب, و قبرات الحواكير و الحساسين و زهرة القطن و الفراشات, و حمامة الحزن التي وجدت في الطريق دونما عش, إلى العصافير و الفراشات
" رأيت عصافير من لذة
تتراكض في روحها
و الفراشات تجمع من صدرها عسل الياسمين "
و تتوالى المشاهد البسيطة و المركبة قي القصيدة, حيث تظهر من خلالها خصوصيات القرية, فهناك مشهد التسابق, و مشهد السرقة, و مشهد الأذان, و مشهد الفرس
" أواه لقد أقفل العرس أبوابه
يذهب الناس للبيت
و العاشقون إلى كوخ أيلول
كل البنات ذهبن إلى الحب كل البنات
ولم يبق إلا شرائط عرس
و عازف زمرٍ و طالب"
وأخيراً يسدل الشاعر ستار الذكريات على مشهد الحزن, ليصوغ قانون الرثاء الذي ارتضاه عنواناً للقصيدة
"ضاعت سعاد
و ضاعت بنات الطفولة كل البنات
و ظل " أبو سعيد " خلف البصيرة
مثل إله من الدمع
يغفو على قدمٍِ واحدة
و يردد ماذا أصاب الحياة
أيا قرية الضائعين وأندلس الذكريات .
____________________________________________________________
عم مساءً أيها الرجل الغريب - شعر
طالب هماش – اتحاد الكتاب العرب
دمشق – عدد الصفحات 235



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات عشتار في مجموعة الدائرة للشاعر عايد سعيد سراج
- من أجل جوكندا عربية إسلامية
- ملكوت الزبالة الوطنية
- عندما يضرب المثقفون الطبول - دبكة حماة
- الديمقراطية و الإحتلال الوطني
- من هنا طريق غير المسلمين
- قصائد وطنية
- شهداء البسوس : من الزير سالم إلى جبران تويني
- الحوار المتمدن فضاء تنويري
- هولاكو...سيدة الرمال
- مشاغل سيدة الرمال
- عتبات سيدة الرمال
- مجتمعات بني إسرائيل
- تابوت لماري
- الحيوية الإسلامية و البحث عن إمام
- لماذا أنا مواطن على مذهب السلوكيين
- المستوطنون
- نحو لاهوت اسلامي جديد-الخروج من القوقعه-
- .سوريا:بين الديمقراطية و نظرية الفصوص
- بين ثقافة الوعظ و صدمة الواقع


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة رستناوي - الشاعر طالب هماش في أيقونة المراثي