رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 23:56
المحور:
الادب والفن
"حينَ أُحِبُّ شاعرًا
تتحوَّلُ الحرائقُ
إلى أغصانٍ مخضَّرةٍ
تتمدّدُ إلى عنانِ السماء
وتئنُّ عواطفي كقصائدهِ البابليةِ،
كفراشةٍ تحطُّ
على جدائلِ الماءِ ألوانُها.
حينَ أُحِبُّ شاعِرًا
أُسافرُ إلى أقاصي بوحهِ،
إلى زهوِ أحزانِه،
إلى منافي الصقيِع بين أصابعه،
إلى ضجيجِ الربيع في جسده،
وإلى الأنين الذي أكفكفُ به روحي
كاحتراقِ الوهج"
.
الجميل في الشعر قدرته على إخراجنا مما نحن فيه من ألم، فعندما نقرأه الشعر نشعر براحة/ بمتعة، تحررينا مما فينا من بؤس/ كآبة/ قهر، هذا ما فعله هذا المقطع الشعري، فالعنوان لوحده كافيا لجذبنا إلى عالم الأسطورة، إلى أمجادنا: "في العلا عندما، عشتار ومأساة تموز، جلجامش، وإلى عدالة حمورابي، في زمن كثر فيه الظلم والقهر.
اللافت في القصيدة فاتحها البيضاء، التي نجدها في المضمون، وفي معاني الألفاظ: "أحب، شاعر، أغصان، مخضرة، عواطفي، كقصيدة، بابلية، كفراشة، جدائل، الماء، ألوانها، فنجد فيها ثلاثة عناصر من عناصر الفرح، الطبيعة: "غصتان، مخضرة، كفراشة، الماء" والكتابة في: "كقصائد" والرجل/ المرأة في: "شاعرا، كقصائد" وهذا يكفي لإمتاع المتلقي، الذي يخرج من واقعه وما فيه من "حرائق" إلى هذا الفضاء الرحب.
أما العنصر الرابع للفرح فهو التمرد/ الثورة التي نجدها في المقطع الثاني، فالأنثى/ المرأة تتمرد على المجتمع الذكوري من خلال أفعال صريحة: "أسافر، إلى منافي" وثورة تكمن في ألفاظ: "أحب/ بوحه، جسده/ الأنين، الصقيع/ كاحتراق، الأنين/ الوهج" فهذه الألفاظ تحمل بين ثناياها رغبة الشاعرة العاطفية والجسدية، بمعنى أنها تجاوزت الحديث عن المحظور والممنوع: الحب/ العاطفة الحاجة الجسدية، في مجتمع ذكوري.
وهناك تأكيد من الشاعرة على تمردها، من خلال: تكرارها "حين أحب شاعرا" ومن خلال لفظي: "ضجيج، أكفكف" فنجد في تكرار الفقرة: "حين أحب شاعرا" وفي: "ضجيج، كفكف" لفظين اثنين ما يماثل لقاء/ ما يماثل حالة "الشاعرة والحبيب" كما أن الحروف: "الجميم والكاف والفاء" التي تكون "ضجيج وكفكف" ثلاثة حروف مكررة، يقودنا إلى العقل الباطن للشاعرة ـ فهي ترغب بلقاء الحبيب، لقاءّ دائما ومستمرا، لقاء نقي/ صافي/ مقدس.
وبهذا يكون تمرد الشاعرة كاملا ومطلقا، فقد تمردت بصورة (مباشرة)، ومن خلال الألفاظ، وما وراء الألفاظ.
القصيدة منشورة على صفحة الخالدون بفكرهم
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟