أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية
(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)
الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 01:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يعد ملف وجود ضباط وجنود من بقايا النظام السوري السابق داخل الأراضي اللبنانية مسألة أمنية تقنية، ولا شأنًا سياسيًا يمكن تأجيله أو إدارته بالصمت. نحن أمام قضية تمسّ السلم الأهلي في كلٍّ من سوريا ولبنان، وتفرض مقاربة حقوقية وسيادية مسؤولة، بعيدًا عن منطق المحاور أو تبرير الانتهاكات تحت أي ذريعة.
فهؤلاء ليسوا لاجئين مدنيين فارّين من الحرب، ولا أفرادًا بلا تاريخ. هم عناصر عسكرية وأمنية كانوا جزءًا من منظومة حكم قمعية، وتورّط عدد منهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وجودهم غير المنظَّم، وتحركاتهم عبر الحدود بطرق غير شرعية، يثير مخاوف مشروعة من إعادة تدوير العنف، ومن استخدامهم في صراعات تهدّد المجتمعات المحلية قبل أن تهدّد الدول.
وتزداد خطورة هذا الملف مع ما يُتداول، وتدعمه مؤشرات ميدانية، عن تسهيلات ودعم يقدّمها حزب الله، وبدعم إيراني، لبعض هذه العناصر، سواء عبر تأمين العبور، أو الإيواء، أو توفير مظلّة حماية غير رسمية. من زاوية حقوقية بحتة، فإن هذا السلوك لا يعني سوى أمر واحد: تعطيل مسارات المحاسبة، وإطالة أمد عدم الاستقرار، وتعريض المدنيين في سوريا ولبنان لمخاطر جديدة.
إن دعم أو حماية عناصر عسكرية فارّة، متورّطة أو مشتبه بتورّطها في انتهاكات، لا يخدم أي قضية مقاومة ولا أي مصلحة وطنية. بل يعيد إنتاج أدوات القمع، ويقوّض فرص العدالة الانتقالية، ويضع لبنان في موقع شديد الحساسية، كبلد هشّ اجتماعيًا لا يحتمل أن يكون ساحة خلفية لتصفية حسابات إقليمية.
من هذا المنطلق، لا يمكن حصر المسؤولية بلبنان وحده، كما لا يجوز تحويل الملف إلى مادة ابتزاز سياسي. المسؤولية سورية ولبنانية وعربية مشتركة، لأن السلم الأهلي لا يتجزأ، ولأن حماية المدنيين تسبق أي حسابات نفوذ.
المطلوب اليوم مقاربة واضحة تقوم على:
1.التمييز الصارم بين اللاجئ المدني الذي يجب حمايته، والعنصر العسكري أو الأمني الذي يجب إخضاعه للمساءلة القانونية.
2. منع استخدام أراضي أي دولة، وخصوصًا لبنان، كملاذ أو منصة تحرّك لعناصر عسكرية خارجة عن إطار القانون.
3. وقف أي دعم أو تغطية سياسية أو عسكرية لهذه العناصر، أياً تكن الجهة التي تقدّمها.
4. التعامل مع الملف من زاوية حقوق الإنسان والسلم الأهلي، لا من منطق المحاور والصراعات المفتوحة.
إن العبث بهذا الملف لا يهدد كيان دولة بقدر ما يهدد استقرار المجتمعات نفسها. وتجارب المنطقة القريبة تؤكد أن الإفلات من المحاسبة، وتدوير العنف، واستخدام الفارّين كأدوات في صراعات مفتوحة، لا ينتج استقرارًا، بل يؤسس لجولات جديدة من الدم وانعدام الثقة.
والدعوة هنا تنطلق من مصلحة السوريين واللبنانيين معًا:
حماية السلم الأهلي، منع أي انزلاق جديد نحو الفوضى، ورفض تحويل البشر إلى وقود دائم لصراعات لا تنتهي.
* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟