أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - نداء قانوني إلى الادعاء العام بشأن تصريحات عنصرية صادرة من منصة برلمانية














المزيد.....

نداء قانوني إلى الادعاء العام بشأن تصريحات عنصرية صادرة من منصة برلمانية


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 15:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقوم الدولة الدستورية في ألمانيا على مبدأ غير قابل للمساومة: كرامة الإنسان مصونة، كما ورد صراحةً في المادة (1) من القانون الأساسي (Grundgesetz). هذا المبدأ لا يُعد شعارًا أخلاقيًا، بل قاعدة قانونية مُلزمة تتقدّم على جميع اعتبارات الخطاب السياسي. وفي حين تكفل المادة (5) من القانون الأساسي حرية التعبير، فإن هذه الحرية تتوقف قانونًا عندما تتحول إلى تحقير جماعي أو تحريض ضد فئات محددة من السكان.
في هذا الإطار، تثير التصريحات العلنية الصادرة عن النائبة إنجهي سيلي-زاخارياس (Enxhi Seli-Zacharias)، العضو في برلمان ولاية شمال الراين–وستفاليا عن حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، شبهة قانونية جدية تستوجب الفحص من قبل الادعاء العام. فمضمون هذه التصريحات، بحسب ما نُقل وتداولته وسائل إعلام ونقاشات عامة، لا يندرج ضمن نقد سياسات الهجرة أو النقاش المشروع حول الأمن العام، بل يقوم على تعميم مهين بحق “السوريين” بوصفهم جماعة وطنية محددة، وربطهم على نحو شامل بالإرهاب والإجرام، ونسب صفات أخلاقية جارحة إليهم.

من الزاوية القانونية، يخرج هذا الخطاب عن نطاق الحماية التي توفرها حرية الرأي، ويقترب من نطاق التجريم وفق:
*§130 من قانون العقوبات الألماني (Volksverhetzung)، الذي يجرّم التحريض ضد فئة من السكان أو إهانتها أو الحطّ من كرامتها على نحو من شأنه الإخلال بالسلم العام.
*§185 من قانون العقوبات (Beleidigung)، في حال اعتُبر الخطاب إهانة جماعية موجّهة إلى جماعة محددة على أساس الأصل القومي.
وتزداد خطورة هذه التصريحات بسبب صدورها من تحت قبة البرلمان، وهو ما يمنحها وزنًا مؤسسيًا وتأثيرًا مضاعفًا على الرأي العام. فالبرلمان، بوصفه مؤسسة دستورية، ليس منبرًا للتعميم العنصري، بل فضاءً يُفترض أن يُجسّد احترام الدستور وقيمه.
صحيح أن المادة (46) من القانون الأساسي توفّر حصانة برلمانية، إلا أن هذه الحصانة ليست مطلقة، ولا تمنع فتح تحقيق أولي، ولا تحمي خطابًا يخرج عن إطار العمل البرلماني الوظيفي ليدخل في نطاق القانون الجنائي العام.
ولا يمكن تجاهل السياق السياسي الأوسع، إذ تنسجم هذه التصريحات مع نمط خطابي معروف داخل حزب AfD، يعتمد في حالات متكررة على التعميم ضد المهاجرين واللاجئين، والانتقال من نقد السياسات إلى شيطنة الفئات المتأثرة بها. هذا السياق يُعد عنصرًا ذا أهمية في التقييم القانوني، لكونه يساعد في تقدير القصد الخطابي وتأثيره التراكمي على السلم الأهلي.
من منظور دستوري، تقوم العنصرية على إلغاء الفرد وتحويله إلى صورة نمطية جماعية. استخدام مصطلح “السوريين” بوصفهم كتلة واحدة متجانسة، وتحميلهم مسؤولية جماعية عن أفعال مزعومة، يُشكّل مساسًا مباشرًا بمبدأ الكرامة الإنسانية الذي لا يخضع لأي موازنة سياسية.

وبناءً عليه، فإن هذه القضية تستوجب:

1.فتح تحقيق أولي من قبل الادعاء العام لتقييم مدى انطباق §130 و§185 من قانون العقوبات.
2.فحص نطاق الحصانة البرلمانية وفق المادة (46) من القانون الأساسي، وتحديد ما إذا كانت التصريحات تخرج عن إطار العمل البرلماني المشروع.
3.توجيه رسالة قانونية واضحة بأن المنصب النيابي لا يشكّل مظلة للعنصرية أو نزع الإنسانية.
إن ملاحقة الدعوات العنصرية ليست تقييدًا لحرية الرأي، بل حماية لها من التحول إلى أداة هدم اجتماعي. كما أنها ليست دفاعًا عن فئة بعينها فقط، بل دفاع عن جوهر الدولة الدستورية الألمانية ذاتها. فالتغاضي عن نزع الإنسانية عن جماعة اليوم يفتح الباب لاستهداف جماعات أخرى غدًا عندما تقتضي الحسابات الشعبوية ذلك.
إن تطبيق القانون في هذه الحالة هو اختبار حقيقي، ورسالة مفادها أن كرامة الإنسان في ألمانيا ليست مبدأً انتقائيًا، بل التزامًا قانونيًا لا يسقط تحت أي ظرف.


* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاسيون واختبار العدالة المكانية في دمشق
- نشأة مشبوهة تختبئ خلف المظلوميّات: كيف تُصنّع قسد صدامها مع ...
- الجولان ليس بورصة لأسواق ترامب… والأمم المتحدة مطالَبة بحماي ...
- من المسؤول عن سرقة مركز الوثائق التاريخية في قصر العظم بدمشق ...
- عام على السقوط… ولا تزال الإعدامات الأسدية قائمة: من يعطّل ق ...
- الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية: تشريع الأمر الواقع ومخاطره ...
- إقصاء الأم وشرعنة الابتزاز: إشكالية قانونية غير إنسانية في ا ...
- وداعاً لقانون قيصر المشؤوم.. إلغاء غير مشروط وسوريا تطوي صفح ...
- الحقيقة المجتزأة في «ملفّ دمشق» فصل جديد من وثائق التعذيب وا ...
- مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة
- توم باراك بين بغداد ودمشق… هندسة صراع أم صفقة سلام؟
- إسرائيل تتوغل مرارًا في الأراضي السورية وتستهدف المدنيين
- يجب مقاضاة إيران أولاً… ثم نتحدث عن الديون المزعومة
- شيفرة السياسة الخارجية تجاه سوريا : تداخل الملفات، أدوار الل ...
- إقالة مُلتبسة... شخصنة القرار وسوء الإدارة في اتحاد الكتّاب
- جلسة مغلقة بين الشرع وترامب: انسحاب إسرائيلي، تنمية مشروطة، ...
- إعادة تعريف اتحاد الكتّاب في سوريا: بين المهام والاستقلالية
- لماذا لم يُجفّف تمويل داعش؟ تقاطع المصالح وتشابك التحالفات ف ...
- بصدد حزب السلطة والمجرم الهارب وحكاية الشعب الزائد: هل يُعاد ...
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون إنسانياً؟ … قراءة في أطروحا ...


المزيد.....




- رغم قتلها أزواجهنّ.. أرامل ضحايا النمور يساهمن في استعادة مو ...
- 7 نجمات اخترن المخمل على السجّادة الحمراء في 2025
- الشرطة الإسرائيلية تعلن مقتل شخصين في هجوم دهس وطعن شمال الب ...
- مقتل شخصين في هجوم شمال إسرائيل يُشتبه في أن منفذه فلسطيني، ...
- 60% يريدون ترك السلاح؟ رواية إسرائيلية غير مسبوقة عن التصدّع ...
- سوريا: ثمانية قتلى وعشرات المصابين جراء انفجار في مسجد وسط ح ...
- كيف سيعالج الركراكي دفاع المنتخب المغربي -المصاب- لحماية عري ...
- مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة 6 دهسا وطعنا في بيسان
- نيجيريا تؤكد توفير مساعدة استخباراتية للغارات الأميركية على ...
- اعتراف إسرائيلي بفشل الاستخبارات في اختراق حماس على مدى 20 ع ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - نداء قانوني إلى الادعاء العام بشأن تصريحات عنصرية صادرة من منصة برلمانية