أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - نشأة مشبوهة تختبئ خلف المظلوميّات: كيف تُصنّع قسد صدامها مع السوريين














المزيد.....

نشأة مشبوهة تختبئ خلف المظلوميّات: كيف تُصنّع قسد صدامها مع السوريين


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 11:44
المحور: حقوق الانسان
    


ليست كل المظلوميّات بريئة، وليست كل الخطابات الحقوقية صادقة. ففي الحالة السورية، برزت مليشيا «قسد» كنموذج صارخ لكيان نشأ في الظل، وتغذّى على الفوضى، ثم حاول لاحقاً الاحتماء بشعارات المظلومية و«حماية المكوّنات» لتبرير وجوده ودوره الوظيفي خارج الدولة، وعلى حساب المجتمع السوري بكل مكوّناته.
من خلال التدقيق في تسلسل الوقائع، يتبيّن بوضوح أن مليشيا «قسد» تعتمد سياسة افتعالٍ متعمّد للتوتر، وتسعى بوعي كامل إلى جرّ الجيش السوري والمجتمع السوري بكل مكوّناته إلى ردّ فعل قسري، بهدف تصنيع حالة صدام يمكن توظيفها لاحقاً بوصفها «مظلومية سياسية وأمنية» تبرّر استمرار وجودها ودورها الوظيفي.
ما تمارسه قسد ليس سوء تقدير، بل مقامرة محسوبة تقوم على خلق استفزازات أمنية وإعلامية في مناطق حسّاسة، وتوسيع رقعة الاحتكاك وصولاً إلى مواجهة مفتوحة. هذه المليشيا تراهن على الحماية الخارجية وعلى الغموض الدولي، وتتصرف ككيانٍ فوق الدولة، غير معنيّ بالكلفة الوطنية أو الاجتماعية التي تترتب على سلوكها.
الأخطر أن قسد تتوهّم قدرتها على الاحتماء بتناقضات الإقليم، وتبالغ في تقدير هامش الدعم الذي قد تحصل عليه، متجاهلة أن هذا النهج يقود حتماً إلى تفجير فوضى أمنية لن تكون قادرة على التحكم بمساراتها، حتى لو جرى احتواؤها لاحقاً. الفوضى ليست ورقة ضغط ذكية، بل مسار انتحاري سياسياً وأمنياً.
كما في منتصف عام 2011، حين أعلن نظام الأسد حربه المفتوحة على الثورة السورية، ظهرت في الجزيرة مليشيات حملت زوراً اسم «لجان الحماية الكردية». هذه التشكيلات لم تكن يوماً معنية بالحماية، بل استخدمت الشعار غطاءً لبطشها بكل من وقف إلى جانب الثورة، من سوريين وأكراد على حدّ سواء.
وفيما بعد، أعادت هذه اللجان إنتاج نفسها تحت مسمّى «قوات سوريا الديمقراطية»، متدثّرة بشعارات «الأمة الديمقراطية»، لتستمر منذ ذلك التاريخ كأداة وظيفية بيد الولايات المتحدة، وتبني سردية مستقلة عنوانها الدائم «الحرب على داعش».
والواقع أن تنظيم داعش لم يكن ظاهرة عصيّة على التفكيك، بل كان بالإمكان تجفيف مصادر دعمه ومنع تمدده، لا تحويله إلى ذريعة دائمة لتكريس كيان ميليشياوي خارج الدولة، وتمديد أمد السيطرة المسلحة تحت غطاء دولي.
اليوم، ومع حدوث تقاطعات أمنية محدودة وانتقائية بين الحكومة السورية والولايات المتحدة في عدد من الملفات، بدأت مليشيا قسد تتحسّس اقتراب نهاية دورها الوظيفي، فاندفعت إلى إعادة تقديم نفسها كقوة مستقلة.
مرة تحت شعار ما تسميه «أمة ديمقراطية»، في محاولة لادّعاء تمثيل وإدارة منطقة الجزيرة وشمال شرق الفرات ذات الغالبية العربية، ومرة أخرى بذريعة «حماية المكتسبات»، وهي مكتسبات تحققت خلال سنوات كانت فيها هذه المليشيا شريكاً موضوعياً في ترسيخ وقائع فرضها نظام بشار الأسد بالقوة.
وفي هذا السياق، لم تكتفِ مليشيا قسد بمحاولات إعادة تسويق نفسها داخل مناطق سيطرتها، بل اندفعت إلى استثمار ملف المكوّنات السورية الأخرى خارج هذه المناطق، ولا سيما في الساحل والسويداء، عبر خطاب انتقائي يهدف إلى تقديمها كمرجعية سياسية وأمنية عابرة للجغرافيا.
وتُظهر معطيات ميدانية متقاطعة وجود عناصر مرتبطة ببقايا نظام بشار الأسد داخل مناطق خاضعة لسيطرة هذه المليشيا، في مشهد يكشف طبيعة التحالفات البراغماتية التي لا تتردد قسد في نسجها كلما اقتضت مصلحتها ذلك، ويؤكد أن خطاب «المظلومية» و«حماية المكوّنات» ليس سوى غطاء سياسي لتكريس واقع ميليشياوي منفلت.
اليوم تغيّرت المعادلة. ويؤكد السوريون، مرة أخرى، أنهم ليسوا دعاة حرب، ولم يختاروا المواجهة خياراً أولياً. غير أن التجربة القريبة تثبت أن فرض الصدام بالقوة لا يؤدي إلى حياد المجتمع، بل يدفعه إلى الاصطفاف دفاعاً عن النفس وعن وحدة البلاد، مهما بلغت درجة الخلافات السياسية.
في هذا المشهد، لا يمكن تجاهل ازدواجية الموقف الأمريكي، حيث تدير واشنطن سياسة توازن هش: تتعامل مع حكومة دمشق وتثني على التحولات الايجابية، فيما تواصل في الوقت ذاته دعم مليشيا انفصالية بالسلاح والغطاء السياسي. هذا السلوك لا يعكس حرصاً على الاستقرار، بل استخداماً انتهازياً للأزمة السورية كورقة ضغط مفتوحة.
أما الموقف التركي، فيتسم بصمتٍ محسوب ومراوغة سياسية، إذ لم تُعلن أنقرة التزاماً واضحاً بضبط المسار الأمني ضمن الإطار الصريح لاتفاقية أضنة، واكتفت بترك الباب موارباً أمام تدخلات متدرجة، ما يُبقي بؤر التوتر قابلة للاشتعال بدل معالجتها جذرياً.
إن ما تقوم به مليشيا قسد اليوم لا يمتّ بصلة إلى الدفاع عن حقوق الأكراد، ولا إلى ما تسميه «الأمة الديمقراطية». هذه ليست سوى شعارات دعائية تُستخدم لتجميل واقع مليشيا منفلتة تحتل أرضاً سورية، وتلعب بالنار على حساب السوريين جميعاً، بكل مكوّناتهم.
والرهان على الفوضى أو الحماية الخارجية لن يغيّر حقيقة واحدة:
أي مسار يُفرض بالقوة، خارج الدولة، سينتهي بالتصادم معها، وبخسارة من أشعل الشرارة أولاً.


* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجولان ليس بورصة لأسواق ترامب… والأمم المتحدة مطالَبة بحماي ...
- من المسؤول عن سرقة مركز الوثائق التاريخية في قصر العظم بدمشق ...
- عام على السقوط… ولا تزال الإعدامات الأسدية قائمة: من يعطّل ق ...
- الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية: تشريع الأمر الواقع ومخاطره ...
- إقصاء الأم وشرعنة الابتزاز: إشكالية قانونية غير إنسانية في ا ...
- وداعاً لقانون قيصر المشؤوم.. إلغاء غير مشروط وسوريا تطوي صفح ...
- الحقيقة المجتزأة في «ملفّ دمشق» فصل جديد من وثائق التعذيب وا ...
- مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة
- توم باراك بين بغداد ودمشق… هندسة صراع أم صفقة سلام؟
- إسرائيل تتوغل مرارًا في الأراضي السورية وتستهدف المدنيين
- يجب مقاضاة إيران أولاً… ثم نتحدث عن الديون المزعومة
- شيفرة السياسة الخارجية تجاه سوريا : تداخل الملفات، أدوار الل ...
- إقالة مُلتبسة... شخصنة القرار وسوء الإدارة في اتحاد الكتّاب
- جلسة مغلقة بين الشرع وترامب: انسحاب إسرائيلي، تنمية مشروطة، ...
- إعادة تعريف اتحاد الكتّاب في سوريا: بين المهام والاستقلالية
- لماذا لم يُجفّف تمويل داعش؟ تقاطع المصالح وتشابك التحالفات ف ...
- بصدد حزب السلطة والمجرم الهارب وحكاية الشعب الزائد: هل يُعاد ...
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون إنسانياً؟ … قراءة في أطروحا ...
- حين يتحوّل الغناء إلى مرآةٍ للخراب
- الفساد لا يُكافَح بالفضائح، بل بالمحاكم


المزيد.....




- آلاف الأسرى يواجهون التعذيب والتجويع بسجون إسرائيل.. ماذا يح ...
- نيويورك في عهد جديد: ممداني يتعهّد بمكافحة الإسلاموفوبيا وال ...
- اعتقال إسرائيلي بتهمة تصوير محيط منزل بينيت بتوجيه من الاستخ ...
- اعتقال إسرائيلي بتهمة تصوير منزل بينيت -بتوجيه إيراني-
- الأمم المتحدة تدعو لانتخابات سلمية وشفافة في أفريقيا الوسطى ...
- مقتل والي حوران في داعش بعد ساعات من اعتقال والي دمشق
- اعتقال نائب في بنين بسبب رسالة واتساب
- قتل وافدًا مصريًا ببشاعة.. السعودية تنفذ الإعدام بمواطن وتكش ...
- اليونيسيف: معاناة أطفال غزة مستمرة رغم وقف إطلاق النار
- اعتقال أسترالي أيّد هجوم بوندي عبر الإنترنت


المزيد.....

- اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة وانعكاسا ... / محسن العربي
- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - نشأة مشبوهة تختبئ خلف المظلوميّات: كيف تُصنّع قسد صدامها مع السوريين