أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - بيان وزارة الإعلام وتصنيف الضحايا: هل تنزلق الدولة نحو فرزٍ عقدي؟














المزيد.....

بيان وزارة الإعلام وتصنيف الضحايا: هل تنزلق الدولة نحو فرزٍ عقدي؟


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 04:47
المحور: حقوق الانسان
    


كالعادة، تصدر بعض البيانات الرسمية بصياغات لا تُغلق النقاش بل تفتحه على مسارات جانبية متشعبة، تُبعد المجتمع عن قضاياه الجوهرية، وتدفعه إلى سجالات هوياتية غير منتجة. بيان وزارة الإعلام الأخير حول توصيف ضحايا التفجير في حمص مثال واضح على هذا الخلل، إذ جاء غير حيادي، ومحمّلًا بدلالات تتجاوز التوضيح الإداري إلى إعادة تعريف دور الدولة نفسها.
البيان لا يحمي العقيدة بقدر ما يزجّ بها في المجال السياسي والإعلامي، ويحوّل اللغة الرسمية من أداة جامعة إلى وسيلة فرز بين المواطنين. الإصرار على استخدام توصيفات دينية في الخطاب الرسمي لا يعزز السلم الأهلي، بل يرسّخ تمايزًا خطيرًا بين الضحايا، ويفتح الباب — ولو لغويًا — لاختلافٍ لاحق في التعاطف والإنصاف والعدالة.
المسألة هنا لا تتعلق بالمفهوم الديني للشهادة، فهذا شأن إيماني خاص ومحترم، بل بنقله من المجال العقدي الخاص إلى المجال الرسمي للدولة، واستخدامه كأداة تصنيف للضحايا. حين تقول وزارة رسمية: «لا نساوي في مكاتباتنا الرسمية بين دماء المسلمين ودماء غيرهم»، فهي لا تصف واقعًا لغويًا فحسب، بل تؤسس هرميّة رمزية وقيمية للدم، بما يتعارض مع مبدأ حياد الدولة ووظيفتها الحديثة.
الدولة، بطبيعتها، لا تمنح مقامات أخروية ولا تصادرها، بل تضمن حقوقًا متساوية في الحياة والكرامة والحماية، وبعد الموت في التعزية والإنصاف والذاكرة العامة. الخلل الجوهري في البيان أنه يخلط بين ثلاثة مستويات يجب فصلها بوضوح: العقيدة الدينية بوصفها خيارًا حرًا، واللغة الإعلامية الرسمية، ومفهوم الضحية في القانون والعدالة. هذا الخلط ينتج خطابًا إقصائيًا، مهما حاول الاحتماء بمفردات مثل “السيادة” أو “العقيدة”.
في هذا السياق، فإن اعتماد تسمية عامة ومحايدة مثل «الضحية» أو «الضحايا» هو الخيار الأدق قانونيًا والأكثر اتزانًا وطنيًا. هذه التسمية لا تمنح خلاصًا دينيًا ولا تسلبه، لكنها تعترف بإنسان قُتل ظلمًا، وتضع المسؤولية في مكانها الصحيح: على الفعل الإجرامي، لا على هوية المقتول.
اللغة الرسمية ليست تفصيلًا شكليًا؛ إنها مرآة لوظيفة الدولة وحدودها. وأي دولة تختلف فيها قيمة الضحايا رمزيًا بحسب الدين، تخاطر بالانتقال من دولة مواطنة إلى دولة تعريف عقدي، وهو مسار لا يحمي المجتمع، بل يراكم انقساماته على حساب السلم الأهلي والعدالة.




● ادناه بيان وزارة الإعلام :
بيان توضيحي صادر عن وزارة الإعلام بناءً على المراجعات الإعلامية الأخيرة، وما أُثير حول استخدام منصاتنا الرسمية لوصف (القتلى) بحق ضحايا التفجير الأخير في حمص، وبحق ضحايا المكونات الأخرى من غير المسلمين بشكل عام؛ تود الوزارة توضيح القواعد الإدارية والشرعية التي تحكم هذه التسميات:
تؤكد الوزارة أن كافة قنواتنا ومنصاتنا الرسمية ملتزمة بمعايير عقدية ثابتة في تصنيف الضحايا؛ فلقب (الشهيد) هو رتبة سيادية وحصر شرعي يقتصر على المسلمين فقط، ولا يمكن استخدامه خارج هذا النطاق تحت أي ذريعة سياسية أو عاطفية.
إذ إن الشهادة كرامة إيمانية لا نمنحها لمن هو خارج ملة الإسلام، مهما كانت ظروف وفاته أو مكانها. وبناءً عليه، فإن استخدام وصف (القتلى) لضحايا الطوائف والأديان الأخرى في خطابنا الإعلامي هو تعبير عن حقيقة التمايز التي تتبناها الدولة؛ فنحن لا نساوي في مكاتباتنا الرسمية بين دماء المسلمين ودماء غيرهم، ولن نسمح بتمييع هذه الفوارق الجوهرية التي نعتز بها.
إننا في وزارة الإعلام نرسخ هذه القواعد كجزء من سيادة الدولة الجديدة وعقيدتها؛ فالموت واقعة بيولوجية يشترك فيها الجميع، أما الشهادة فهي مقام اصطفائي يختص به المسلمون دون سواهم، ولن تحيد منصاتنا عن هذا النهج الذي يضع الحدود الفاصلة والواضحة بين المسلم وبين غيره من أتباع الأديان الأخرى. المكتب الصحفي الرسمي

-----------------

* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء قانوني إلى الادعاء العام بشأن تصريحات عنصرية صادرة من م ...
- قاسيون واختبار العدالة المكانية في دمشق
- نشأة مشبوهة تختبئ خلف المظلوميّات: كيف تُصنّع قسد صدامها مع ...
- الجولان ليس بورصة لأسواق ترامب… والأمم المتحدة مطالَبة بحماي ...
- من المسؤول عن سرقة مركز الوثائق التاريخية في قصر العظم بدمشق ...
- عام على السقوط… ولا تزال الإعدامات الأسدية قائمة: من يعطّل ق ...
- الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية: تشريع الأمر الواقع ومخاطره ...
- إقصاء الأم وشرعنة الابتزاز: إشكالية قانونية غير إنسانية في ا ...
- وداعاً لقانون قيصر المشؤوم.. إلغاء غير مشروط وسوريا تطوي صفح ...
- الحقيقة المجتزأة في «ملفّ دمشق» فصل جديد من وثائق التعذيب وا ...
- مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة
- توم باراك بين بغداد ودمشق… هندسة صراع أم صفقة سلام؟
- إسرائيل تتوغل مرارًا في الأراضي السورية وتستهدف المدنيين
- يجب مقاضاة إيران أولاً… ثم نتحدث عن الديون المزعومة
- شيفرة السياسة الخارجية تجاه سوريا : تداخل الملفات، أدوار الل ...
- إقالة مُلتبسة... شخصنة القرار وسوء الإدارة في اتحاد الكتّاب
- جلسة مغلقة بين الشرع وترامب: انسحاب إسرائيلي، تنمية مشروطة، ...
- إعادة تعريف اتحاد الكتّاب في سوريا: بين المهام والاستقلالية
- لماذا لم يُجفّف تمويل داعش؟ تقاطع المصالح وتشابك التحالفات ف ...
- بصدد حزب السلطة والمجرم الهارب وحكاية الشعب الزائد: هل يُعاد ...


المزيد.....




- أنغولا وناميبيا توافقان على قبول عودة المهاجرين غير النظاميي ...
- رياح وأمطار غزيرة تقتلع وتغرق خيام النازحين في غزة
- فيديو: أمطار غزيرة تغرق خيام النازحين في مناطق بقطاع غزة
- تصعيد خطير في سجن رامون الإسرائيلي وتنكيل جماعي بالأسرى الفل ...
- إعلام الأسرى: تنكيل جماعي بالفلسطينيين في سجن رامون الإسرائي ...
- اتفاقية تعاون إنمائي، مرحلة جديدة في الشراكة بين الأمم المتح ...
- رياح وأمطار تزيد معاناة النازحين في غزة وتغرق خيامهم
- مدير مجمع الشفاء الطبي يكشف تفاصيل اعتقال مدير مستشفى كمال ع ...
- مدير مجمع الشفاء: هذا ما دار بيني وبين حسام أبو صفية قبل اعت ...
- -المعلمون زائد- يهيئ المعلمين المهاجرين للعمل في المانيا


المزيد.....

- اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة وانعكاسا ... / محسن العربي
- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - بيان وزارة الإعلام وتصنيف الضحايا: هل تنزلق الدولة نحو فرزٍ عقدي؟