أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - أطفال بلا معيل… ووصاية بلا إحصاء: فجوة قانونية تهدد مستقبل سوريا














المزيد.....

أطفال بلا معيل… ووصاية بلا إحصاء: فجوة قانونية تهدد مستقبل سوريا


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 00:11
المحور: حقوق الانسان
    


لم تعد مسألة غياب الإحصاءات المتعلقة بالعائلات التي فقدت معيلها، أو الأطفال الذين باتوا بلا رعاية أبوية فعلية، خللًا تقنيًا أو تقصيرًا إداريًا عابرًا، بل تحوّلت إلى ثغرة قانونية خطيرة تهدد بنية المجتمع السوري ومستقبل أجياله، وتنعكس مباشرة على التشريعات والسياسات العامة المرتبطة بالأسرة والطفولة.
إن إعداد إحصائية وطنية حديثة وعلنية بات ضرورة ملحّة لتوثيق حجم الكارثة الاجتماعية التي خلّفتها سنوات الحرب، ولا سيما في ما يتعلق بعدد الأسر التي فقدت معيلها، وعدد الأطفال الذين يحتاجون إلى وصاية قانونية أو رعاية بديلة. فالتعامل مع هذه القضايا دون أرقام موثوقة لا يعني الحياد، بل يعني اتخاذ قرارات قانونية في فراغ معرفي يُنتج ظلمًا منظمًا.
المؤشرات المتوفرة، حتى وفق أكثر التقديرات تحفظًا، تشير بوضوح إلى أرقام كارثية، نتيجة القتل، والاختفاء القسري، والاعتقال طويل الأمد، والهجرة القسرية، إضافة إلى التفكك الأسري والتخلّي المتعمّد عن تحمّل المسؤولية. وهي عوامل لم تترك أثرها الاجتماعي فقط، بل أعادت تشكيل واقع الأسرة السورية جذريًا، وغيّرت أدوار الإعالة والرعاية بشكل واسع.
إن الاستمرار في تجاهل هذا الملف يعني عمليًا ترك مئات آلاف الأطفال خارج أي إطار قانوني أو اجتماعي منظم، وتكريس فراغ خطير في منظومة الوصاية والحماية والمسؤولية المدنية. لذلك، فإن توفير هذه البيانات يجب أن يُعد أولوية عاجلة لا تقبل التأجيل أو الترحيل أو الطمس، لأن غيابها لا يؤخر الحل فحسب، بل يفتح الباب أمام تشريعات منفصلة عن الواقع.
وفي هذا السياق، لا يمكن فصل هذا الفراغ الإحصائي عن التوجه التشريعي الذي كرّسه تعميم وزارة العدل رقم (17) لعام 2025. فالتعميم لم يُبنَ على قراءة واقعية موثّقة لما آلت إليه الأسرة السورية بعد أكثر من عقد من الحرب، بل افترض ضمنيًا وجود أب أو عصبة ذكورية حاضرة وقادرة على الولاية والرعاية، في حين تؤكد الوقائع أن عشرات آلاف الأطفال يعيشون اليوم في ظل غياب الأب بالوفاة أو الاعتقال أو الاختفاء أو الهجرة، وأن الأمهات هنّ المعيل والمسؤول الفعلي الوحيد في عدد هائل من الحالات.
إن امتناع وزارة العدل عن إعداد أو نشر إحصاءات وطنية حديثة حول الأسر التي فقدت معيلها، والأطفال الذين يعيشون خارج إطار الرعاية الأبوية، لا يمكن اعتباره تقصيرًا إداريًا محايدًا، بل يشكّل شرطًا بنيويًا لتمرير نصوص قانونية منفصلة عن الواقع الاجتماعي. فلو كانت هذه الأرقام متاحة وموثّقة، لما أمكن تبرير نقل الولاية تلقائيًا إلى أقارب ذكور قد لا تربطهم بالطفل أي علاقة رعاية فعلية، ولا فتح الباب أمام علاقات قوة غير متكافئة تُستخدم عمليًا للضغط والابتزاز تحت غطاء قانوني.
بهذا المعنى، لا يكرّس التعميم رقم (17) حماية للطفل، بل يعمّق هشاشته القانونية، ويحوّل غياب الإحصاء من خلل تقني إلى أداة تشريعية تُعيد إنتاج الإقصاء داخل الأسرة السورية. وهو ما يضع وزارة العدل في موقع المسؤولية المباشرة، ليس فقط عن مضمون التعميم، بل عن البيئة القانونية التي سمحت بصدوره واستمراره رغم تعارضه الواضح مع الواقع الاجتماعي ومع مبدأ المصلحة الفضلى للطفل.
ملحق الأرقام والمؤشرات – سوريا
تنبيه منهجي:
لا توجد حتى نهاية عام 2025 إحصاءات رسمية سورية حديثة شاملة ومعتمدة دوليًا تغطي كامل الأراضي السورية. الأرقام التالية مستندة إلى تقديرات من منظمات أممية وحقوقية، وتُستخدم كمؤشرات مرجعية في التقارير الدولية.
(1) الأطفال الذين فقدوا أحد الوالدين أو كليهما
يُقدَّر عدد الأطفال السوريين الذين فقدوا أحد الوالدين أو كليهما منذ عام 2011 بنحو مليون طفل.
لا يوجد تحديث رسمي منشور لهذا الرقم، ولا توجد مؤشرات على انخفاضه.
(2) الأسر التي فقدت معيلها
تشير تقديرات حقوقية، من بينها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى أن عشرات آلاف الأسر فقدت المعيل الذكر بسبب القتل أو الاعتقال أو الاختفاء القسري.
كما فقدت آلاف الأسر المعيلة الأنثى في سياق القصف أو النزوح أو تدهور الرعاية الصحية.
هذه الأرقام لا تشمل حالات الهروب من المسؤولية أو التفكك الأسري غير الموثق رسميًا.
(3) الأطفال المحتاجون إلى وصاية قانونية أو رعاية بديلة
لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الأطفال المحتاجين إلى وصاية قانونية.
التقديرات تشير إلى وجود مئات آلاف الأيتام أو شبه الأيتام، إضافة إلى آلاف الأطفال المنفصلين عن أسرهم بسبب النزوح أو الفقدان أو الاعتقال.
نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال خارج أي نظام وصاية منظم أو خاضع للمساءلة.
(4) الأطفال المحتاجون إلى المساعدة الإنسانية
وفق تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يحتاج نحو سبعة ملايين ونصف المليون طفل داخل سوريا إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
هذا الرقم لا يعبّر عن اليُتم فقط، بل يعكس هشاشة بنيوية عميقة في قدرة الأسرة السورية على الإعالة والحماية.
خلاصة
غياب الإحصاء ليس صدفة، بل نتيجة تفكك مؤسساتي وسياسي.
الكارثة الاجتماعية مثبتة بالمؤشرات، حتى في ظل غياب الأرقام النهائية.
وأي حديث عن عدالة، أو إصلاح قانوني، أو حماية للطفولة في سوريا، يفقد مصداقيته بالكامل ما لم يبدأ بإحصاء وطني شفاف، وبمراجعة تشريعية تعترف بالواقع بدل إنكاره.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان وزارة الإعلام وتصنيف الضحايا: هل تنزلق الدولة نحو فرزٍ ...
- نداء قانوني إلى الادعاء العام بشأن تصريحات عنصرية صادرة من م ...
- قاسيون واختبار العدالة المكانية في دمشق
- نشأة مشبوهة تختبئ خلف المظلوميّات: كيف تُصنّع قسد صدامها مع ...
- الجولان ليس بورصة لأسواق ترامب… والأمم المتحدة مطالَبة بحماي ...
- من المسؤول عن سرقة مركز الوثائق التاريخية في قصر العظم بدمشق ...
- عام على السقوط… ولا تزال الإعدامات الأسدية قائمة: من يعطّل ق ...
- الاحتلال الأجنبي للجزيرة السورية: تشريع الأمر الواقع ومخاطره ...
- إقصاء الأم وشرعنة الابتزاز: إشكالية قانونية غير إنسانية في ا ...
- وداعاً لقانون قيصر المشؤوم.. إلغاء غير مشروط وسوريا تطوي صفح ...
- الحقيقة المجتزأة في «ملفّ دمشق» فصل جديد من وثائق التعذيب وا ...
- مكابس الموت… قراءة متأمّلة ودعوة للتهدئة
- توم باراك بين بغداد ودمشق… هندسة صراع أم صفقة سلام؟
- إسرائيل تتوغل مرارًا في الأراضي السورية وتستهدف المدنيين
- يجب مقاضاة إيران أولاً… ثم نتحدث عن الديون المزعومة
- شيفرة السياسة الخارجية تجاه سوريا : تداخل الملفات، أدوار الل ...
- إقالة مُلتبسة... شخصنة القرار وسوء الإدارة في اتحاد الكتّاب
- جلسة مغلقة بين الشرع وترامب: انسحاب إسرائيلي، تنمية مشروطة، ...
- إعادة تعريف اتحاد الكتّاب في سوريا: بين المهام والاستقلالية
- لماذا لم يُجفّف تمويل داعش؟ تقاطع المصالح وتشابك التحالفات ف ...


المزيد.....




- الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو: الحملة ضدي هي بسبب آرائي في ...
- الأردن يدين قرارا إسرائيليا بقطع الكهرباء والمياه عن مكاتب ا ...
- خريجون وعاطلون يتظاهرون في واسط للمطالبة بالتعيين في حقل الظ ...
- الأمم المتحدة: وفاة 3 نساء في اليمن يوميا بسبب مضاعفات صحية ...
- الكنيست يصادق نهائيا على قطع الكهرباء والمياه عن -الأونروا- ...
- قوات الاحتلال تنزع علم الأمم المتحدة وترفع علمها فوق مقر الأ ...
- هكذا أثرت الحرب في السودان على الأطفال من ذوي الاحتياجات الخ ...
- الحرب في السودان تضاعف معاناة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ...
- الكنيست يصادق نهائيا على قطع الكهرباء والمياه عن الأونروا
- الأمم المتحدة: المدنيون في الفاشر يعيشون أوضاعًا مهينة وغير ...


المزيد.....

- اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة وانعكاسا ... / محسن العربي
- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - أطفال بلا معيل… ووصاية بلا إحصاء: فجوة قانونية تهدد مستقبل سوريا