أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي غريب - لماذا هاجم تنظيم داعش القوات الأميركية في تدمر في هذا التوقيت ؟














المزيد.....

لماذا هاجم تنظيم داعش القوات الأميركية في تدمر في هذا التوقيت ؟


قصي غريب

الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 19:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قد لا تكون ميليشيا قسد ذات المنشأ الأميركي هي المحرك الرئيسي والمؤثر في تحركات تنظيم داعش لتنفيذ عمليات إرهابية تخدم مصالحها، وإنما يظل المحرك الفاعل هو الحرس الثوري الإيراني نتيجة العلاقة بين الطرفين، ولا سيما أن طهران تقدم دعماً للتنظيم لاستخدامه ذراعاً وأداة ضغط على كافة الأطراف في المنطقة، تحقيقاً لمكاسب تؤكد مكانتها الإقليمية. ولا يستبعد أن يكون هجوم التنظيم في تدمر على القوات الأميركية قد كان خدمة مقدمة لميليشيا قسد لإطالة أمد بقائها بوصفها ذراعاً للولايات المتحدة في محاربة التنظيم، وإظهار سورية دولة فاشلة لا تستطيع السيطرة على كامل إقليمها، في انتقام يرضي طهران التي هزمت وطردت من قبل قوات الحكومة في دمشق.
إن كل المعطيات تشير إلى أن المستفيد الأول من هجوم تنظيم داعش في تدمر، وقتل جنود أميركيين وجرح جنود سوريين بواسطة جندي حكومي سوري موال لتنظيم داعش في هذا الوقت بالذات، هي ميليشيا قسد، لأنه قد اقترب الموعد النهائي لتنفيذ اتفاق 10 آذار مع الحكومة السورية، فضلاً عن أن اقتراب انتهاء المهلة المحددة قد رافقه تصاعد في لغة تهديدات المسؤولين الأتراك ضدها، إلى جانب ضغوط تمارسها الحكومة في دمشق لإجبارها على الالتزام بالاتفاق.
وكانت الحكومة السورية قد وقعت إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لتنضم بذلك فعلياً إلى الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. وتمثل هذه الخطوة تحولاً جيوسياسياً فارقاً في مكانة سورية، إذ انتقلت في تحالفاتها من محور روسيا - إيران نحو محور التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة، ويتيح هذا التحول لدمشق تنسيقاً مباشراً مع التحالف الدولي، وتأمين تجهيزات عسكرية نوعية، وتبادل معلومات استخباراتية، كبديل عن الاعتماد على قسد التي تنظر إليها واشنطن كميليشيا خدمية مأجورة لمحاربة تنظيم داعش، وهو ما كان قد أكده الرئيس دونالد ترامب حين أشار إلى أن الأكراد قاتلوا مع الأميركيين، لكنهم حصلوا في مقابل ذلك على مبالغ طائلة وعتاد هائل.
ولذلك يبدو أن الهدف من هجوم تنظيم داعش في تدمر هو زعزعة الثقة بالحكومة السورية وتقويض جهودها في نشر الأمن وسيادة الاستقرار في البلاد، ومحاولة التأثير على الإدارة الأميركية بأن الحكومة السورية مخترقة أمنياً وغير قادرة على أن تكون شريكاً فعلياً مضموناً في ملف مكافحة الإرهاب، وكذلك التأكيد على عدم قدرتها على المشاركة الفاعلة في العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش بسبب هشاشة بنيتها العسكرية وضعف قدراتها الاستخباراتية، التي سمحت لعناصر من تنظيم داعش باختراق صفوف الجيش والشرطة والمخابرات، مما سيؤدي مستقبلاً إلى تسريب معلومات حول العمليات المشتركة التي تشن ضده.
لكن هجوم تنظيم داعش في تدمر لن يجعل من ميليشيا قسد بديلاً استراتيجياً عن الحكومة السورية في مكافحة الإرهاب ومحاربته، لأن الولايات المتحدة تستخدمها تكتيكياً، فالدول استراتيجياً، ولا سيما في القضايا المهددة لأمنها القومي، قد تتعاون وتتحالف في حالات استثنائية مع ميليشيات، لكن القاعدة السائدة هي أنها تتعامل مع دول. ولذلك يبدو أن هجوم تنظيم داعش في تدمر قد جاء نتيجة سرعة التوافق بين الحكومة السورية والولايات المتحدة ودخولها في التحالف الدولي، وهو ما يشكل تهديداً وجودياً لميليشيا قسد وقرب انتهاء استخدامها.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أكد أن الهجوم الذي استهدف القوات الأميركية في تدمر من قبل تنظيم داعش قد وقع في منطقة بالغة الخطورة وتقع خارج سيطرة الحكومة السورية. وبدورها أكدت الخارجية السورية التزام سورية بمكافحة تنظيم داعش ومواصلة تكثيف العمليات العسكرية ضده، ودعت الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف الدولي إلى الانضمام إلى جهودها. وعلى إثره، أكد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة نفذت 10 عمليات عسكرية مشتركة مع الحكومة السورية، فضلاً عن قيام الجيش الأميركي بهجمات استهدفت مواقع للتنظيم ولذلك فرض الهجوم على القوات الأميركية على الجانبين توحيد الجهد العسكري.
ومع ذلك تقع مسؤولية الهجوم على القوات الأميركية في تدمر ومقتل جنودها وإصابة جنود سوريين تتحملها الإدارة الأميركية، لأنها ما تزال تعتمد في سياستها تجاه دمشق على أسلوب دبلوماسية المماطلة والتخدير عبر الإسراف في كثرة المجاملات السياسية والتطمينات الشكلية، دون اتخاذ التدابير والإجراءات الفاعلة أو القرارات الحاسمة. فخطابها السياسي متناقض جداً، ففي الوقت الذي تؤكد فيه وحدة الأراضي السورية ودولة سورية واحدة بسيطة في تركيبها الدستوري، فإنها في المقابل تقدم دعماً عسكرياً ومالياً لميليشيا قسد، ورعت خارطة طريق رفضتها عصابة الهجري الخارجة عن القانون، كما التزمت الصمت حيال الغارات الإسرائيلية وتوغل قواتها المستمر والتدخل في الشؤون الداخلية السورية. وقد أسهم هذا النهج الأميركي في تعزيز شعور تلك الأطراف بالرعاية الأميركية، مما أدى إلى زيادة وتيرة عصيانهم. وكان بالإمكان تلافي ذلك لو اتسمت سياسة واشنطن بوضوح وحزم أكثر.
لذلك يتعين على صانعي ومنفذي السياسة الخارجية السورية أن يكونوا أكثر صراحة مع الإدارة الأميركية فيما يخص تناقض خطابها السياسي والدبلوماسي المهدد للأمن الوطني السوري، مستحضرين أمامهم تجربة السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد مع معارضة الغفلة التي تصدرت تمثيل الثورة السورية، إذ كان ينخرط في سجال فكري معها حول ماهية الهوية الوطنية السورية في ظل تنوع بنية المجتمع السوري، في حين كان النظام الأسدي المجرم يقصف المدن والقرى السورية بالبراميل المتفجرة.



#قصي_غريب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة بين الدين والدولة
- مراحل التحولات السياسية في الجمهورية العربية السورية 1946 - ...
- الدولة المدنية بين المبدأ والتوظيف الطائفي: قراءة في الحالة ...
- فرق جوهري بين حق الشعوب في تقرير المصير وحقوق الأقليات
- الثورة المضادة في سورية
- شرعية السلطة الثورية المؤقتة في تمثيل الدولة
- تداعيات الإفراط في المرونة السياسية مع حركات التمرد
- عقل وسلوك استعماري
- البحث عن المكانة والشهرة
- التضليل !
- الايديولوجيا ركن من أركان الدولة
- سوريا ليست دولة أقليات وفسيفساء أو موزاييك!
- الهَذَّاء
- هوية الأغلبية في الدستور لا تعني انتهاك حقوق الأقليات
- شعوبية تتغلف باليسار !
- الدساتير لا تكتب بالرغبات
- الحسكة ودير الزور والرقة أهمية اقتصادية وقيمة بشرية !
- صاحب الهوى
- مشروع اعلان دستوري
- ثقافة انعزالية جديدة متجددة


المزيد.....




- شاهد إسراع أم لحماية طفلها وسط زلزال بقوة 7 درجات في تايوان ...
- مكالمة -إيجابية- بين ترامب وبوتين بعد محادثات زيلينسكي في فل ...
- روسيا تتهم أوكرانيا باستهداف مقر إقامة بوتين بطائرة مسيّرة
- جون سيمبسون: -غطيتُ 40 حرباً، لكنني لم أرَ عاماً مثل عام 202 ...
- تحضيرات لتسلم منصب عمدة نيويورك.. هل يوحد زهران ممداني المجت ...
- تركيا: اشتباكات بين الشرطة وتنظيم داعش تُسفر عن سقوط قتلى من ...
- -مسرح للجريمة-.. بعثة أممية تكشف عن ظروف إنسانية مروعة في ال ...
- شهداء على طريق النصر والتحرير
- سوريا: قتلى وجرحى في احتجاجات باللاذقية تندد بتفجير مسجد في ...
- البرلمان العراقي الجديد يعقد أولى جلساته ويختار هيبت الحلبوس ...


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي غريب - لماذا هاجم تنظيم داعش القوات الأميركية في تدمر في هذا التوقيت ؟