أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - حتى لا يحتقركم شعبكم !














المزيد.....

حتى لا يحتقركم شعبكم !


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 07:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الأمور التي يتعيّن على أيّ مُعارضة تفاديها، لكي تستعيد ثقة شعب مُتعلّم وعنيد وبليد.

شوفو، الرئيس الفرنسي ماكرون في أوت 2017 بعث مؤسسة حكومية جديدة إسمها "المجلس الرئاسي من أجل أفريقيا" CPA.

المجلس هذا ما تأسّسش في سياق مراجعة نقدية للإرث الاستعماري، الذي خلّفته فرنسا في أفريقيا، ومنها تونس. وإنما تأسس كردّ فعل الدولة الفرنسية على تصدّع منظومة هيمنتها التقليدية، وعلى نهوض إفريقي متسارع بدأ يخرج من دائرة الصمت والخضوع، ويضع الاستعمار القديم والجديد في قفص الاتهام التاريخي والأخلاقي. وفي لحظة بدأت فيها فرنسا تفقد مواقعها واحدًا تلو الآخر في غرب ووسط أفريقيا، ما كرّس تراجع نفوذها العسكري، وانكشاف شبكات نهب اقتصادي سرّية، وارتفاع منسوب الوعي الشعبي عند الأفارقة، خاصة الأجيال الشابة التي لم تعد ترى في الخطاب الفرنكفوني سوى قناع ثقافي لنهب منظّم ولإذلال تاريخي متواصل.

باختصار المجلس هذا ارتبط مباشرة بتغيّر البيئة الدولية والدخول المكثف لقوى جديدة مثل الصين وروسيا، الأمر الذي هدّد بكسر احتكار فرنسا للنفوذ في إفريقيا، وفتح أمام دولها وشعوبها هوامش مناورة للتخلص من الفرنسيين. يعني المجلس وُلِد كمحاولة فرنسية لإعادة ترتيب أدوات السيطرة بعد أن تهاوت الأساليب القديمة. فهو، بهذا المعنى، جهاز إنذار استباقي متقدّم جدّا داخل الإدارة الفرنسية، يهدف إلى احتواء الغضب الإفريقي المتراكم، والمتفاقم في السنوات الأخيرة، وإعادة تسويق النفوذ بواجهات ناعمة، وتحسين صورة فرنسا المهترئة، وفتح قنوات اتصال انتقائية مع نخب مدنية وشبابية، وضخّ الأموال عن طريق جمعيات معينة، لِتحويل مطلب التحرر والسيادة إلى نقاشات تقنية حول "الابتكار" و"ريادة الأعمال" و"التنمية المستدامة"،،، إلى غير ذلك من ضروب التضليل والتعويم، وكأن المشكلة الإفريقية مشكلة إدارة وحوكمة فقط، وليست مأساة ناجمة عن قرون من السلب والتدمير والقتل والاستعباد واستنزاف الموارد الطبيعية.

الحاصيلو، الفريق الذي يقود المجلس، هو جزء من جهاز الدولة، هدفه الأول والأخير حماية منظومة النّهب التقليدية، عبر إعادة تكييفها حسب المعطيات وموازين القوى الجديدة، وتثبيتها بما يسمح بالتصدي لمسألة مطالبة شعوب إفريقيا بالاعتراف بالجرائم الاستعمارية والتعويض عنها، فهذا، كما هو معلوم، خط أحمر ثابت في العقيدة الاستعمارية.
باختصار، المجلس في النهاية عبارة عن جدار واقي للاستعمار، خصوصًا في تهرّبه من أي اعتراف قانوني يمكن أن يفتح باب المساءلة والمطالبات بالتعويض من سائر الدول التي عانت من نير الاستعمار مدة قرون. وبالفعل فلقد استبق المجلس صعود أنظمة سيادية في مالي وبوركينا-فاسو والنيجر وغيرها، أنظمة عبّرت، بدرجات متفاوتة، عن إرادة شعبية رافضة للوصاية الفرنسية، ومطالبة باستعادة القرار الوطني، ومصمّمة على طرد القوات الفرنسية وإعادة التفاوض حول الثروات المنهوبة.

المهم من أجل هذه المهام التي أشرت إليها أعلاه، وُجِد هذا المجلس أصلًا، باعتباره أداة لإبعاد هذا الملف عن مركز الصراع، وتحويله إلى هوامش ثقافية غايتها طمس ذاكرة استعمارية دامية، وكسر إرادة شعوب إفريقيا التي سئمت النهب والإذلال.

لماذا عرّفت بهذا المجلس الآن بالذات؟

لأُن السيدة "سارّة التّومي" (فرنسية من أصل تونسي)، نشرت اليوم 26 ديسمبر 2026 مقالا في جريدة "لوفيڨارو" بعنوان "الاتفاق الأمني الموقع مع الجزائر يضعف الموقف الوطني لقيس سعيّد". وافتتحت المقال بالفقرة التالية: "وفقًا لوثائق تم الكشف عنها في الجزائر، فإن قيس سعيّد، الذي يتهم معارضيه بأنهم تابعون للأجانب، يكون قد وضع بلاده في موقف ضعف مقارنة بجارتها القوية."
وطبعا في إطار حقّها في البكاء على الديمقراطية في تونس، تعيد سرد خرافة "حق الجيش الجزائري في التدخل في التراب التونسي بمسافة خمسين كيلومترًا "... الخ

طيّب، وما علاقة الشعب العنيد والمعارضة الذكية، بهذه السيدة وقضية النفوذ الفرنسي في إفريقيا؟

الجواب ببساطة، السيدة "سارة التومي" صاحبة المقال، هي عضو أساسي في مجلس الرئاسة الفرنسي الخاص بإفريقيا CPA

ومنذ قليل رأيتُ مقالها منشورا على صفحة أحد الرفاق اليساريين الرّاديكاليين، فأردت أن أنبّهه، وأنبّه بقية الأصدقاء في المعارضة حتى لا يكرههم الشّعب.

وما العبد الفقير إلا فاعل خير على هُدى ما قال الإمام علي:
"اِفعلِ الخيرَ، وَلْيَقَعْ حيث يَقَعْ. فإن وقع عند أهلهِ، فَهُمْ أَهْلُهُ. وإنْ وقع عند غيْرِ أَهلِهِ، فأنتَ أَهْلُهُ".

والسلام



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى العقلاء في السلطة وفي الاتّحاد الاتحاد العام التون ...
- الاختلاف، التسامح، وحدود المشترك في الدولة الحديثة
- قراءة نقدية في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي (2025–2030): ...
- وثيقة -الوصاية الجزائرية المزعومة- كيف نفهمها؟
- مأزق الرّمز في ذاكرة الشعوب، إضاءة على رسالة السيد منذ الزنا ...
- الانقسام داخل الفضاء العام في تونس: هل هو انعكاس لاختلاف سيا ...
- التوانسة فرّوا من حركة النهضة، وليس من الديمقراطية
- ملاحظات حول مسيرة 17 ديسمبر 2025
- لن يُهزم الاستبداد من داخل الوصاية والتحالفات السامّة
- خرافة الأيام الأخيرة: أو صناعة الوهم
- حول أزمة الاتحاد العام التونسي للشغل
- قصة من تاريخ تونس، أو درس في هندسة السلطة
- توازن الرهانات الخاطئة: بين السلطة والاتحاد والمعارضة، لعبة ...
- المشترك الوطني ودوامة الفشل الديمقراطي: الجزء (الثالث)
- من المحاصصة إلى الشعبوية: مسار تآكل الشرعية الديمقراطية في ت ...
- من المحاصصة إلى الشعبوية: مسار تآكل الشرعية الديمقراطية في ت ...
- العقلانية كشرط للسيادة: تونس بين صخب الشعارات ومتطلبات الدبل ...
- تصنيع -الحقيقة- واستراتيجية إعادة تشكيل الوعي
- بين السلطة والاتحاد: هشاشة الداخل ومساحات النفاذ الأجنبي
- السيادة الوطنية


المزيد.....




- أمريكا تقصف داعش في نيجيريا وسط خلاف حول دوافع الهجوم بين وا ...
- مستحضرات لبشرة الكلاب وابتكارات جريئة.. -فوضى عارمة- في صيحا ...
- ما قد لا تعلمه عن -صومالي لاند- والدروس المستفادة من إثيوبيا ...
- مباشر - أوكرانيا: سماع دوي انفجارات قوية في كييف قبل لقاء مر ...
- عقوبات صينية على شركات أميركية بسبب مبيعات أسلحة لتايوان
- عاجل| المتحدث الرسمي باسم التحالف: نؤكد موقف قيادة القوات ال ...
- ما هو سلاح الوهم وكيف يغيّر معادلة الحرب الحديثة؟
- ماذا تريد الحكومة السودانية من نقل وزاراتها إلى العاصمة الخر ...
- بن غفير يحث الإسرائيليين على التسلح
- -سابقة تاريخية- في البيت الأبيض.. هدية عيد الميلاد


المزيد.....

- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - حتى لا يحتقركم شعبكم !