أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سامر بن عبد السلام - هل حزب العمّال والوطد أحزاب طبقية حقًا؟















المزيد.....

هل حزب العمّال والوطد أحزاب طبقية حقًا؟


سامر بن عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 8567 - 2025 / 12 / 25 - 16:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مقدّمة: السؤال الملح اليوم
إنّ طرح سؤال ما إذا كان حزب العمّال والوطد أحزابًا ماركسية ثورية أصبح ضرورة ملحّة لدى الشباب والطلبة في الجامعة التونسية، خاصّة وأنّ هذه التنظيمات تدّعي الماركسية والثورية. غير أنّ المسألة الجوهرية في المنظور الماركسي-اللينيني لا تكمن في ادّعاء الثورية، بل في مدى ماركسية هذه التنظيمات فعليًا. فلا يمكن الحكم على أي حزب انطلاقًا من خطابه المعلن أو مرجعياته النظرية المرفوعة، بل فقط من خلال وضعه ضمن الإطار الماركسي الصحيح، القائم على دراسة شكله التنظيمي ومشروعه السياسي، والبحث في العلاقة الجدلية التي تربط المسألة السياسية بالمسألة التنظيمية. فاللينينية لا تفصل بين الخط السياسي والتنظيم، ولا ترى الحزب كبرنامج نظري مجرّد أو كآلة تنظيمية محايدة، بل كوحدة جدلية بين خطّ ثوري يعكس المصالح التاريخية للطبقة العاملة وتنظيم حيّ منغرس في نضالاتها الفعلية. وكلّ فصل بين هذين البعدين يقود بالضرورة إلى أحد الانحرافين: إمّا دوغمائية بيروقراطية، أو انتهازية براغماتية.
أولًا: الحزب الماركسي ليس مجرّد تسمية بل سيرورة تاريخية
يؤكّد ماركس في البيان الشيوعي أنّ الشيوعيين لا يشكّلون حزبًا منفصلًا عن باقي أحزاب الطبقة العاملة، بل يتميّزون فقط بفهمهم لشروط ونتائج حركتها العامة وتطويرها. وهذا يعني أنّ الحزب الماركسي لا يوجد خارج الصراع الطبقي، ولا يعلو عليه، ولا يسبق وعي الطبقة بشكل ميكانيكي، بل تتمثّل مهمّته الأساسية في المساهمة في تحويل الطبقة العاملة من طبقة في حدّ ذاتها إلى طبقة لذاتها، واعية بمهامها التاريخية. من هذا المنظور، يصبح السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت هذه التنظيمات تعبّر فعليًا عن الحركة الملموسة للطبقة العاملة التونسية أم عن تمثّلات أيديولوجية منفصلة عنها. والإجابة واضحة: فهذه التنظيمات البيروقراطية الانتهازية لا تلتحم بالطبقة العاملة، ولا تعرف أوساطها ولا نضالاتها، ولا تمارس الصراع الطبقي لا عمليًا ولا أيديولوجيًا، ولذلك فهي لا تنتج نظرية ثورية، بل تكتفي بالمناورة داخل النقابات والمنظمات ومؤسسات الدولة بدل الانغراس في الصراع الاجتماعي الحقيقي
ثانيًا: الخط السياسي لا يُقاس بالنوايا بل بالوظيفة الطبقية
رغم إعلان هذه التنظيمات تبنّيها للماركسية أو للتراث اليساري، فإنّ لينين يحذّر من وهم الاكتفاء بالشعارات، مؤكّدًا أنّ صحّة النظرية تُختبر بالممارسة لا بالاقتباسات. فالخط السياسي الثوري لا يُقاس بعدد البيانات، ولا بحدّة اللغة، ولا بكثافة المفردات الماركسية، بل بموقع الحزب في الصراع الطبقي، وبطبيعة تحالفاته الفعلية، وبالدور الذي يلعبه في الصراعات الاجتماعية، وبعلاقته الحقيقية بالكادحين، وبقدرته على تجديد الماركسية وإنتاج نظرية منطلقة من واقعه الملموس. وهنا يتجلّى التناقض الجوهري: تنظيمات ترفع شعارات ثورية، لكنها تمارس في الواقع إمّا سياسة اندماجية داخل مؤسسات الدولة، أو سياسة انتهازية قائمة على التحالف مع الإسلاميين أو مع منظمات حقوقية ليبرالية مرتبطة بدوائر رأسمالية غربية
ثالثًا: التنظيم ليس شكلًا محايدًا بل تجسيدًا للسياسة
يشدّد لينين على أنّ المسألة السياسية والمسألة التنظيمية في علاقة جدلية، فالتنظيم ليس أداة تقنية محايدة، بل تعبير مباشر عن مضمون العلاقة بين الحزب والطبقة، وعن مدى التزامه بالخط الثوري. وعندما يتحوّل التنظيم إلى هيكل هرمي جامد، مغلق على نخبة قيادية ثابتة، ومعزول عن النضالات القاعدية، فإنّ هذا الشكل يعيد إنتاج سياسة محافظة مهما كانت الشعارات المرفوعة. ولهذا كتب لينين أنّه كلّما كان هيكل الحزب أكثر جمودًا، كان أبطأ في التفاعل مع المهام الجديدة للصراع الطبقي. فإذا كان هذا التوصيف يخصّ أحزابًا تعترف بالصراع الطبقي وتدرسه وتتفاعل معه ببطء، فما بالك بتنظيمات لا تمارس الصراع الطبقي أصلًا ولا تتفاعل معه؟ إنّ هذه الأحزاب ليست أدوات تغيير ثوري، بل أجهزة إدارة سياسية، وهو ما يؤدّي إلى إعادة إنتاج شكل تنظيمي أحادي البعد، لا يعرف التناقض لا داخليًا عبر صراع الأفكار، ولا خارجيًا عبر إقامة علاقة جدلية مع الجماهير الكادحة
رابعًا: عندما تنفصل القيادة عن القاعدة
تُظهر التجربة اللينينية، خاصّة بعد 1905، أنّ القيادة قد تتأخّر عن القواعد، وأنّ القواعد العمالية قد تكون أكثر راديكالية ووضوحًا من القيادات التاريخية، وهو ما عبّر عنه لينين بقوله إنّ الطبقة العاملة اشتراكية ديمقراطية بالغريزة. غير أنّ الوضع في حالتنا معكوس تمامًا، إذ نلاحظ غيابًا شبه تام للقاعدة الاجتماعية، وغياب العمال وشباب الطبقة العاملة عن هذه الأحزاب، وهيمنة مثقّفين يحملون تصوّرات البرجوازية الصغيرة على قيادتها. إنّ هذا الواقع لا ينتج حزبًا ماركسيًا ثوريًا، بل تنظيمًا سياسيًا بلا قاعدة طبقية حيّة، لا على مستوى الممارسة ولا على مستوى المشروع السياسي
خامسًا: هل نحن أمام أحزاب ماركسية ثورية أم أجهزة سياسية؟
وفق التعريف الماركسي-اللينيني، الحزب الثوري هو طليعة منظّمة منغرسة في الطبقة العاملة، تتعلّم من نضالاتها وتقودها جدليًا لا وصائيًا. أمّا التنظيم الذي يعيد إنتاج نفسه عبر المناورة داخل السلطة والانصهار فيها، أو عبر التحالف مع الإسلاميين والمنظمات المشبوهة، فهو أقرب إلى جهاز سياسي بيروقراطي انتهازي منه إلى حزب طبقي ماركسي. وقد كان لينين واضحًا حين أكّد أنّ الحزب الذي ينفصل عن الحركة الجماهيرية يتحوّل إلى كاريكاتور ثوري، فما بالك بتنظيم لم يرتبط أصلًا بالطبقة العاملة
خاتمة: المسألة ليست في الإدانة بل في التفكيك
إنّ السؤال المطروح ليس ما إذا كانت هذه التنظيمات خائنة أو غير مخلصة، بل ما إذا كانت بنيتها السياسية والتنظيمية تعبّر فعلًا عن حزب ماركسي يستخدم الماركسية كأداة تحليل وممارسة. ومن خلال التحليل الجدلي للعلاقة بين السياسي والتنظيمي، يتبيّن أنّ الأزمة بنيوية لا عرضية: خطّ سياسي منفصل عن الصراع الطبقي، وتنظيم يعكس هذا الانفصال ويعيد إنتاجه، والنتيجة أحزاب تحمل اسم الطبقة العاملة دون أن تكون أداتها التاريخية. إنّ نقد هذه الأشكال التنظيمية ليس غاية في ذاته، بل شرط سياسي لتجاوز أوهام الماركسية الخطابية، ودعوة للشباب الماركسي إلى القطيعة مع أحزاب تبرّر اندماجها في السلطة—كما هو حال الوطد—أو مع تنظيمات كحزب العمال تلعب دور "الشاوش" تقدم خدمتها لمختلف القوى السياسية من التنظيمات المشبوهة الى الاسلاميين دون أي ارتباط عضوي بالطبقة العاملة أو دور فعلي في الصراع الطبقي. إنّ المهمة المطروحة اليوم أمام الشباب الثوري هي الشروع في بناء حركة ماركسية ثورية حقيقية، منغرسة في الجماهير، تتعلّم من نضالاتها وتعبّر عنها، وتعمل على تحويل الطبقة العاملة إلى ذات تاريخية واعية بمهامها



#سامر_بن_عبد_السلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الرد على اطروحات الوطد
- في الرد على ما قاله الامين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين ...
- إضراب 21 ديسمبر: مناورة فوقية أم تعبير عن إرادة العمال التون ...
- -الهيمنة الثقافية في العالم العربي: مقاربة ماركسية-
- في نقد موقف حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد من نظام قيس سعي ...
- في فهم الصراع بين نظام 25 جويلية والاتحاد العام التونسي للشغ ...
- يران أم إسرائيل: أيّهما الخطر الحقيقي على العرب؟ قراءة ماركس ...
- قيس سعيّد بين بونابارتية الدولة التابعة والشعبوية اللقاحية: ...
- لا للتدخل الاجنبي
- حزب العمال والديمقراطية: أسطورة القندس
- ضد الشاشة المستعمِرة: في راهنية مشروع الطاهر شريعة وتجاوز حد ...
- اسطورة العداء بين البرجوازية الوطنية والامبريالية : النظام ا ...
- الاسد ووهم الممانعة كيف حوَّل اليسار الستاليني الطغاةإلى أبط ...
- حركة النهضة والطبقات الاجتماعية في تونس: قراءة ماركسية في مس ...
- البيروقراطية في تونس بين الجذور الاستعمارية والفشل الإصلاحي: ...
- الثورة الدائمة و يوغسلافيا - ميشال بابلو


المزيد.....




- المنتصف المريح: كيف اختارت الطبقة الوسطى الهروب من الصراع فد ...
- حقوقيون ونقابيون: الحكومة تلتف على قانون العمل بـ«قرارات وزا ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل: أزمة تخفي أخرى (الجزئين الأول و ...
- الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يعزي الرفيق العزيز الطي ...
- Late Review of “SNCC: The New Abolitionists” by Howard Zinn ...
- دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية تحيي اتساع حملات التضام ...
- مهندسو المياه والغابات والتقنيون الغابويون يراسلون رئيس الحك ...
- فيديو - ترامب يمازح طفلًا بحديث عن -سانتا كلوز السيئ-.. ويها ...
- تهاني ترامب بمناسبة عيد الميلاد تشمل -حثالة اليسار-
- حكم بسجن طفلين 10 سنوات بتهمة الإرهاب على خلفية نشاط رقمي


المزيد.....

- بين قيم اليسار ومنهجية الرأسمالية، مقترحات لتجديد وتوحيد الي ... / رزكار عقراوي
- الاشتراكية بين الأمس واليوم: مشروع حضاري لإعادة إنتاج الإنسا ... / رياض الشرايطي
- التبادل مظهر إقتصادي يربط الإنتاج بالإستهلاك – الفصل التاسع ... / شادي الشماوي
- الإقتصاد في النفقات مبدأ هام في الإقتصاد الإشتراكيّ – الفصل ... / شادي الشماوي
- الاقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط – الفصل السادس من كتاب - الإ ... / شادي الشماوي
- في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و ا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (المادية التاريخية والفنون) [Manual no: 64] جو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية(ماركس، كينز، هايك وأزمة الرأسمالية) [Manual no ... / عبدالرؤوف بطيخ
- تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توف ... / شادي الشماوي
- الإنتاجية ل -العمل الرقمي- من منظور ماركسية! / كاوە کریم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سامر بن عبد السلام - هل حزب العمّال والوطد أحزاب طبقية حقًا؟