سامر بن عبد السلام
الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 02:49
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الأممية هي الحل
من الغريب أن بعض القوى السياسية ترفع شعار "رفض التدخل الأجنبي و الحرية و الديمقراطية"، لكنها في الوقت نفسه تركض نحو المؤسسات الغربية لتشتكي خصومها وتطلب الدعم. فهل يعقل أن من يدّعي رفض الوصاية يذهب طوعًا ليستنجد بمن مارسها علينا لعقود؟ الحقيقة أن من يرفض الهيمنة فعلاً لا يستنجد بالهيئات التي تأسست أصلاً لحماية مصالح الدول الكبرى، ولا يطلب "النجدة" من مؤسسات تُخضع العالم لقواعد النظام الرأسمالي العالمي
اضف الى ذلك ان اللجوء لهذه الجهات، حتى باسم "الحقوق" و"الديمقراطية"، لا يؤدي إلا إلى نتيجة من اثنين:اما استيراد مفهوم الديمقراطية البرجوازية و فرضها على مجتمعاتنا كما حدث في العراق بعد الاحتلال او في بلدنا طوال العشرية لتعيد انتاج خضوعنا و الدفاع عن الحق في حرية اختيار السيد الي سيضطهدنا و اما فتح الباب لتدخل خارجي مباشر، يُكمل ما بدأه من هيمنة اقتصادية وثقافية وسياسية. وعلينا أن نكون واضحين: هذا النوع من التدخل لا يكون دائمًا عبر الحروب أو الجيوش، بل غالبًا ما يبدأ بتقارير ومنظمات وشعارات ناعمة، لكنها تُستخدم لاحقًا لتبرير التدخل الصريح
تاريخنا مليء بالأمثلة، لكن مثال غزو الولايات المتحدة لبنما عام 1989 يوضح الصورة جيدًا. آنذاك، قالت واشنطن إنها تتدخل لحماية الديمقراطية ومحاربة المخدرات، لكن الهدف الحقيقي كان ضمان استمرار نفوذها الاقتصادي والسياسي في المنطقة. النتيجة؟ آلاف القتلى، وتثبيت قبضة أمريكا على بلد مستقل، كل ذلك باسم "الحرية". هل هذا ما نريده حين نطالب بتدخل خارجي؟ هل هذا هو "الحل"؟
المطلوب اليوم ليس الارتماء في أحضان من يهيمن علينا، بل العكس تمامًا: أن نقطع مع هذا التبعية، ونبني علاقات حقيقية مع الحركات التقدمية حول العالم، مع الشعوب التي تقاوم الاستغلال في كل مكان. لا نريد وصاية، بل تضامن اممي. لا نريد أن يُصدّروا لنا ديمقراطية ضعيفة تخدم مصالحهم، بل نريد أن نصنع طريقنا بأنفسنا، بالتعاون مع من يشاركوننا نفس المعركة.
باختصار: من يفتح الباب للقوى الاستعمارية، حتى تحت غطاء "حقوق الإنسان"، إنما يعمّق التبعية ولا يخرج منها. والاستقلال الحقيقي لا يأتي من الخارج، بل من داخل الشعوب التي ترفض الخضوع وتبني مشروعها بكرامة وسيادة
#سامر_بن_عبد_السلام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟