أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جوتيار تمر - إقليم بلا زمن مالي: كيف ضاع حلم الدولة بين الأحزاب؟














المزيد.....

إقليم بلا زمن مالي: كيف ضاع حلم الدولة بين الأحزاب؟


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 14:59
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اقليم كوردستان 24-12-2025
لم يعد تأخير رواتب موظفي إقليم كوردستان منذ عام 2014 حدثا طارئا أو نتيجة ظرف اقتصادي عابر، بل تحول إلى بنية ثابتة في نظام الحكم، وإلى ممارسة سياسية مطبعة، يراد للمجتمع أن يتعايش معها بوصفها قدرا لا يناقش؛ أحد عشر عاما من الرواتب الناقصة، وأشهر تمحى سنويا من التقويم المالي، في إقليم يمتلك النفط والحدود والمؤسسات، ليس أزمة نفط ولا خلافا مع بغداد، بل فشلا عميقا في فهم معنى الادارة – الدولة- .
الدولة – الاقليم - لا تقاس بعدد الوزارات ولا بحجم الخطابات القومية، بل بقدرتها على تنظيم الزمن الاجتماعي لمواطنيها؛ الراتب الشهري ليس امتيازا، بل هو العقد الصامت بين السلطة والمجتمع؛ وحين تعجز سلطة ما عن الوفاء بهذا العقد، فإنها تفقد تدريجيا شرعيتها الأخلاقية، مهما كثرت أعلامها وشعاراتها.
المفارقة الصادمة أن هذا العجز يحدث بعد أكثر من 2725 عام على قيام الدولة الميدية، التي أسسها أسلاف الكورد على وحدة القرار والتنظيم، واعتمدت تقويما منتظما لإدارة المال والتجارة والحركة، في زمن لم يعرف النفط ولا البنوك ولا الموازنات الحديثة؛ أولئك فهموا أن السيطرة على الزمن تعني السيطرة على الاقتصاد، وأن الدولة التي تضبط الشهور تضبط المجتمع؛ أما نحن اليوم، وفي ظل برلمان -مؤجل – وحكومة تصريف اعمال وموارد، فلا نستطيع ضمان اثني عشر شهرا من الرواتب.
هذه ليست مقارنة رومانسية مع الماضي، بل إدانة للحاضر؛ فالتاريخ هنا لا يستدعى للتفاخر، بل ليكشف حجم الانحدار؛ كيف لمجتمع بنى كيانا سياسيا في القرن السابع قبل الميلاد أن يعجز في القرن الحادي والعشرين عن إدارة سنة مالية كاملة؟ الجواب ليس في الخارج، بل في الداخل، في تفتت القرار، وفي تحويل السلطة إلى حصص حزبية، والمال العام إلى أداة ابتزاز سياسي.
ما يجري في إقليم كوردستان ليس أزمة موارد، بل أزمة وعي؛ وعي الدولة، وعي التخطيط، وعي المسؤولية؛ اقتصاد ريعي أحادي، بلا زراعة حقيقية ولا صناعة ولا سياسة تنويع، ترك عمدا هشا ليبقى المجتمع رهينة الرواتب، وتبقى الرواتب رهينة القرار الحزبي؛ هكذا لا تبنى الدول، بل تدار الأزمات إلى ما لا نهاية.
الاحتجاجات التي تتكرر، وفقدان الثقة، ليست أعراضا جانبية، بل نتائج طبيعية لسلطة فقدت الإحساس بالزمن الاجتماعي؛ فالموظف الذي لا يعرف متى يدفع راتبه، لا يمكن أن يؤمن بالحكومة – الدولة -، ولا أن يشعر بالانتماء، ولا أن يصدق خطابات -الاستقرار والامان -و-ا لخصوصية الكوردستانية-.
إن أخطر ما في هذا المسار ليس الفقر، بل اعتياد الفشل؛ اعتياد أن تسقط الأشهر من السنة بلا محاسبة؛ اعتياد أن يطلب من المجتمع الصبر، بينما تدار الثروة خارج أي شفافية. اعتياد أن تختزل القضية الكوردية في رواتب منقوصة، بعد أن كانت مشروع شعب وكرامة وهوية.
لا خلاص من هذا الانحدار دون مواجهة صريحة؛ لا وحدة سياسية، لا تنمية، لا مؤسسات مالية مستقلة، لا دولة؛ وما لم يكسر منطق الغنيمة الحزبية، ويعاد تعريف الحكم بوصفه خدمة لا سيطرة، فإن الحديث عن التاريخ الميدي، أو عن الهوية، سيبقى مجرد زينة خطابية فوق واقع ينهار ببطء؛ فالدولة التي لا تحترم تقويمها المالي، لا تحترم شعبها؛ والتاريخ لا يرحم من يملك كل شروط النهوض ويصر على البقاء في دائرة التراجع.



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمهورية العشيرة
- ضرب مصادر الطاقة في كوردستان: حين يتحول الظلام إلى أداة صراع ...
- جدوى الانتخابات في الشرق الأوسط: بين هندسة النظام وتكريس الا ...
- الانتخابات ولاوعي القطيع
- حين تبتلع الهويات الدولة
- الكورد في معرض الرياض الدولي للكتاب 2025: حضور فكري من دهوك
- صدري لي حديثا عن دار تموز - تموزي - بدمشق كتاب ( نبدذة عن ظه ...
- صوت الضمير: تبريراتي لدعم استفتاء كوردستان
- بين بغداد وأربيل: صراع النخب على حساب الإنسان
- فئران التجارب: المواطن الكوردي في مختبر السياسات المستوردة
- التنمية المقلوبة: من ناطحات السحاب إلى مواطن ينتظر الراتب
- الازمات الامنية والاجتماعية في ظل غياب العدالة وتفشي المحسوب ...
- لا..صلاة ( شعر)
- كوردستان وبغداد: تفاهمات مصلحية أم شراكة وطنية ؟
- جمرة لاتخون / شعر
- مشهد سياسي عبثي يتكرر بلا نهاية
- انكسارات على حافة العدم
- ازدواجية القومية العربية ذات الجذور القبلية بين تفكيك الخلاف ...
- التدخل الايراني في الشرق الاوسط: قراءة في الايديولوجيا والمم ...
- هوية تتشظى بين الاڤيستا وحلبچة


المزيد.....




- نهاية عصر بطاقة المترو الصفراء -الأيقونية-.. نيويورك تغيِّر ...
- ليبيا في ذكرى استقلالها الـ74: واقع مثقل بالجراح وفاجعة جوية ...
- عيد الميلاد في لبنان.. كيف تحوّلت مناسبة احتفالية إلى مرآة ل ...
- -إسرائيل وطننا الثاني-.. محام مغربي: إذا تظاهر بضعة آلاف ضده ...
- كيف صمدت ملاعب المغرب أمام غزارة الأمطار؟ وما قصة التقنية ال ...
- فرنسا والجزائر.. علاقة يحكمها التوتر والأزمات المتلاحقة
- -ريد كاربت-.. جدل في مصر حول ملاحقة المصورين جنازات المشاهير ...
- البرلمان الجزائري يقر قانونا -يجرّم- الاستعمار الفرنسي ويطال ...
- زيلينسكي يكشف بنود أحدث خطة تم الاتفاق عليها مع واشنطن لإنها ...
- دمشق القديمة تحيي عيد الميلاد وسط إجراءات أمنية مشددة


المزيد.....

- رؤية ليسارٍ معاصر: في سُبل استنهاض اليسار العراقي / رشيد غويلب
- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جوتيار تمر - إقليم بلا زمن مالي: كيف ضاع حلم الدولة بين الأحزاب؟