أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جوتيار تمر - الانتخابات ولاوعي القطيع














المزيد.....

الانتخابات ولاوعي القطيع


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 20:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اقليم كوردستان 29/10/2025
يشكل الفعل الانتخابي في الأنظمة الديمقراطية لحظة يفترض فيها الوعي، حيث يختار المواطن ممثليه بعقلانية ومسؤولية؛ لكن الواقع كثيراً ما يكشف عن حضور قوي للاوعي الجمعي، أو ما يمكن تسميته بـ"لاوعي القطيع"، الذي يتحكم في خيارات الأفراد أكثر من إدراكهم الحر؛ اللاوعي القطيعي هو تلك الطاقة النفسية الجمعية التي تدفع الناس إلى اتخاذ قرارات متشابهة دون تفكير نقدي، مستفيداً من احتياجاتهم النفسية للأمان والانتماء؛ في سياق الانتخابات، يتجلى هذا السلوك في التصويت على أساس الولاء القبلي ( العشائري) أو الطائفي أو الحزبي، لا على برامج سياسية أو كفاءات واقعية؛ وهنا يتحول الانتخاب من ممارسة عقلانية إلى طقس رمزي يعبر فيه الفرد عن انصهاره داخل الجماعة بشكل اعمى.
تلعب الدعاية الانتخابية ووسائل الإعلام دوراً مركزياً في تأجيج هذه النزعة القطيعية، عبر تسطيح الخطاب وتحفيز العواطف الجماهيرية؛ فبدلاً من النقاش البرامجي، تقدم المواقف بهيئة معارك هوية، ما يجعل الناخب يرى خصومه لا كخيار سياسي آخر، بل كتهديد وجودي؛ وهكذا تتراجع روح النقد، ويهمش التفكير العقلاني أمام إملاءات الانفعال الجمعي.
في النموذج الشرق أوسطي، تتضاعف هذه الظاهرة بفعل تداخل البنى التقليدية مع أشكال الديمقراطية المستوردة؛ فالهياكل الاجتماعية ما زالت محكومة بالانتماء القبلي العشائري والديني المذهبي الطائفي والمناطقي، مما يجعل العملية الانتخابية أقرب إلى إعادة إنتاج موازين القوى التقليدية منها إلى ممارسة سياسية حرة؛ كما أن الخطاب السياسي في كثير من الأحيان يغذي هذا اللاوعي القطيعي، إذ تستثمر الرموز الدينية والذاكرة الجمعية لتوجيه السلوك الانتخابي؛ في ظل غياب وعي مدني راسخ، تتحول الانتخابات إلى ساحة لتصفية الهويات لا لاختيار البرامج، وتستبدل فكرة "المواطنة" بفكرة "الولاء"، فيغيب السؤال عن الكفاءة لصالح سؤال الانتماء.
ويبرز النموذج العراقي وإقليم كوردستان مثالاً دقيقاً لهذه الإشكالية، حيث تتقاطع الديمقراطية الشكلية مع الولاءات الموروثة؛ فالتصويت غالباً ما يتم وفق الانتماء المذهبي أو القومي أو الحزبي والحزبي ينقسم الى قبلي عشائري مناطقي (دوائر) ، والى معارضة مبنية على اللاوعي البرامجي واللاوعي الاصلاحي والخطاب المبني على اخطاء الاشخاص ومهاجمة العوائل الحاكمة، بينما يتراجع الدور النقدي للفرد أمام سطوة الخطاب العاطفي والرمزي؛ وتتحول الانتخابات في كثير من الأحيان إلى تجديد لخرائط النفوذ السياسي، لا إلى منافسة بين رؤى وبرامج إصلاحية؛ وفي غياب مؤسسات مدنية قوية قادرة على إنتاج وعي سياسي مستقل، يستمر اللاوعي الجمعي في توجيه خيارات الناخبين، فتتكرس النتيجة ذاتها: إعادة إنتاج النخبة السياسية نفسها تحت غطاء ديمقراطي شكلي؛ إن ما يفترض أن يكون أداة للتحرر والمساءلة يتحول – في ظل سطوة اللاوعي الجمعي – إلى آلية لإعادة إنتاج الزعامات القديمة وبقاء الأنظمة الفاشلة؛ لذلك، فإن كسر منطق القطيع لا يتم عبر التثقيف الانتخابي فحسب، بل عبر إعادة بناء الوعي الفردي والسياسي القادر على مقاومة الإيحاء الجمعي والرمزية العاطفية؛ فالديمقراطية الحقيقية لا تقوم على عد الأصوات فقط، بل على نوعية الوعي الذي يصوت.؛ما لم يتحرر الناخب من أسر اللاوعي القطيعي، ستبقى الانتخابات شكلاً من أشكال الطاعة الجماعية المتكررة، لا ممارسة للحرية السياسية.



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تبتلع الهويات الدولة
- الكورد في معرض الرياض الدولي للكتاب 2025: حضور فكري من دهوك
- صدري لي حديثا عن دار تموز - تموزي - بدمشق كتاب ( نبدذة عن ظه ...
- صوت الضمير: تبريراتي لدعم استفتاء كوردستان
- بين بغداد وأربيل: صراع النخب على حساب الإنسان
- فئران التجارب: المواطن الكوردي في مختبر السياسات المستوردة
- التنمية المقلوبة: من ناطحات السحاب إلى مواطن ينتظر الراتب
- الازمات الامنية والاجتماعية في ظل غياب العدالة وتفشي المحسوب ...
- لا..صلاة ( شعر)
- كوردستان وبغداد: تفاهمات مصلحية أم شراكة وطنية ؟
- جمرة لاتخون / شعر
- مشهد سياسي عبثي يتكرر بلا نهاية
- انكسارات على حافة العدم
- ازدواجية القومية العربية ذات الجذور القبلية بين تفكيك الخلاف ...
- التدخل الايراني في الشرق الاوسط: قراءة في الايديولوجيا والمم ...
- هوية تتشظى بين الاڤيستا وحلبچة
- اسم لايُقال إلا بكَ ( اليها..).
- القشرة المزيفة: تناقضات التنمية ورداءة الخدمات في العراق – إ ...
- للتاريخ حكومة بدون منطق
- -الانتخابات وفوضى العقول- أقليم كوردستان انموذجاً


المزيد.....




- فرنسا.. اعتراف مشتبه بهما في سرقة مجوهرات التاج من متحف اللو ...
- -أم سودانية تحمي أطفالها من الرصاص-.. هذا ما نعلمه عن الفيدي ...
- برلين تدعو إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في غزة
- ريو دي جانيرو: ارتفاع عدد القتلى بعد أعنف عملية للشرطة البرا ...
- المعالجة الأمنية لمواجهة مطلب الحقّ في الحياة والبيئة السليم ...
- هل استجاب قانون المالية 2026 فعلا لمطالب الشباب في الصحة وال ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت ترصد قطف الزيتون بجنوب لبنان بعد عامين ...
- -سماء غزة تمطر نارا-.. مغردون: إسرائيل تُسقط أقنعة العالم
- بعد أشهر من اعتزاله الإخراج.. محمد سامي يطل كممثل في رمضان 2 ...
- -لا تكن مهذبا مع الذكاء الاصطناعي-: دراسة تكشف سر الإجابات ا ...


المزيد.....

- رؤية ليسارٍ معاصر: في سُبل استنهاض اليسار العراقي / رشيد غويلب
- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جوتيار تمر - الانتخابات ولاوعي القطيع