أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جوتيار تمر - جمهورية العشيرة














المزيد.....

جمهورية العشيرة


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 12:32
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اقليم كوردستان 1-12-2025
حين تتخلى الدولة عن منطق المؤسسات وتسمح للعشيرة بأن تكون إطارا ناظما للسلطة، فإنها تفقد تعريفها الأول بوصفها كيانا يقوم على القانون والشرعية الوطنية؛ إذ يتحول الحكم حين يمارس باسم الأسرة الحاكمة أو التحالفات العشائرية إلى نموذج بدائي لا يستند إلى الكفاءة أو المشاركة، بل إلى روابط الدم والولاء، مما يجعل القرار السياسي حكرا على مجموعة ضيقة ترى السلطة إرثا لا مسؤولية.
يصبح الانتماء الوطني ثانويا مقارنة بالانتماء العشائري، ويتراجع مفهوم الدولة لصالح ما يشبه "العشيرة الكبرى" التي تتصرف في المجال العام بمنطق الامتياز لا الواجب، فينعكس ذلك على سلوك السلطة التي تستبدل الحوار بالتعنت والانغلاق؛ فتقصى القوى السياسية الأخرى لا لاختلافها، بل لأنها لا تنتمي إلى "الدم الصحيح"، فتتحول الملفات الوطنية إلى ساحات صراع لا إلى ميادين صناعة قرار، ويسود الانسداد السياسي وتغيب المقاربات المؤسسية.
يمتد الخلل إلى العملية التشريعية، إذ يتحول البرلمان إلى مجلس تمثيل قبلي حين يبنى الترشح على الانتماء العشائري، فيفقد وظيفته الرقابية والتشريعية، ويصبح المقعد امتيازا عشائريا تمنحه الولاءات لا الكفاء؛ . تشتد المنافسة داخل العشيرة نفسها، ويترسخ منطق القوة على حساب القانون، وتغيب القدرة على إنتاج تشريعات عادلة ما دام النائب خاضعا لشبكة ولاءات تمنعه من الاستقلالية.
تتجلى هذه الظاهرة بوضوح في العراق، حيث تحول التنافس الانتخابي في العديد من الدوائر إلى صراع داخل البنية العشائرية نفسها؛ ففي بعض المحافظات العراقية واقليم كوردستان، تحسم نتائج المقاعد قبل يوم الاقتراع عبر اتفاقات عشائرية مسبقة تحدد -مرشح العشيرة-، فيمنح المقعد تلقائيا لمن يحظى بدعم الشيخ أو النخبة العائلية بغض النظر عن كفاءته أو برنامجه السياسي؛ وتظهر الصورة ذاتها في بعض مناطق إقليم كوردستان، حيث تتحول الدائرة الانتخابية إلى امتداد طبيعي لنفوذ العائلة أو العشيرة، وينظر إلى المقعد البرلماني بوصفه -حصة اجتماعية- لا مسؤولية تشريعية.
في حالات أخرى، تندلع صراعات داخل العشيرة الواحدة عند تعدد المرشحين، فتضغط كل فئة من العائلة لكسب المقعد بوصفه رمزا للهيبة والنفوذ، لا بوصفه موقعا للخدمة العامة. وقد شهدت عدة دوائر انتخابية في العراق تنافسا عشائريا محضا، حيث يتبادل أفراد العشيرة الاتهامات والتهديدات ويستخدمون السلاح أحيانا لحسم (التمثيل)، مما يفقد العملية الانتخابية جوهرها الديمقراطي ويحيل البرلمان إلى مساحة تعكس موازين القوة العشائرية بدل الإرادة الشعبية.
يشرعن الانفلات العشائري كجزء من -سنة الحكم-، ويتمدد نفوذ الجماعات المرتبطة بالعشيرة، وتتراجع هيبة الدولة، ويتطبع الفساد، وتغيب المساءلة في ظل العصبية، فتتصدع فكرة الدولة وتبرز وحدات عشائرية ككيانات داخل الكيان العام؛ وقد كشفت الأحداث الأخيرة في العراق وإقليم كوردستان هشاشة بنية الدولة أمام ضغط العشائر المسلحة؛ إذ استطاعت بعض العشائر فرض إرادتها بالقوة وتعطيل قرارات قضائية وحكومية، مما يدل على أن السلاح لم يعد أداة دفاع اجتماعي، بل تحول إلى وسيلة سياسية تستخدم لانتزاع الامتيازات؛ وتفقد الدولة قدرتها على السيطرة حين تكون مراكز القوة موزعة بين العشائر نفسها وبين القوى الحاكمة ذات الامتدادات القبلية، فيصبح القانون خيارا ثانويا، وتتحول الدولة إلى وسيط ضعيف بين قوى ما قبل الدولة.
الدولة التي تحكم بالعشيرة لا تنتج دولة، والسياسة القائمة على التعنت لا تنتج حلولا، والبرلمان القائم على الولاءات لا يصنع تشريعات وطنية؛ يتطلب الإصلاح إعادة الاعتبار للقانون بوصفه الرابط الأعلى، وضمان استقلالية المؤسسات، وتعديل قوانين الانتخابات لمنع الاحتكار العائلي للمقاعد، وتعزيز الهوية الوطنية المدنية على حساب الهويات الضيقة؛ فالدولة الحديثة لا تبنى بالدم، بل بالعقل؛ ولا تقاد بالعشيرة، بل بالمؤسسات؛ ولا تستند شرعيتها إلى الولاء الضيق، بل إلى العدالة التي تشمل الجميع بلا تمييز.



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرب مصادر الطاقة في كوردستان: حين يتحول الظلام إلى أداة صراع ...
- جدوى الانتخابات في الشرق الأوسط: بين هندسة النظام وتكريس الا ...
- الانتخابات ولاوعي القطيع
- حين تبتلع الهويات الدولة
- الكورد في معرض الرياض الدولي للكتاب 2025: حضور فكري من دهوك
- صدري لي حديثا عن دار تموز - تموزي - بدمشق كتاب ( نبدذة عن ظه ...
- صوت الضمير: تبريراتي لدعم استفتاء كوردستان
- بين بغداد وأربيل: صراع النخب على حساب الإنسان
- فئران التجارب: المواطن الكوردي في مختبر السياسات المستوردة
- التنمية المقلوبة: من ناطحات السحاب إلى مواطن ينتظر الراتب
- الازمات الامنية والاجتماعية في ظل غياب العدالة وتفشي المحسوب ...
- لا..صلاة ( شعر)
- كوردستان وبغداد: تفاهمات مصلحية أم شراكة وطنية ؟
- جمرة لاتخون / شعر
- مشهد سياسي عبثي يتكرر بلا نهاية
- انكسارات على حافة العدم
- ازدواجية القومية العربية ذات الجذور القبلية بين تفكيك الخلاف ...
- التدخل الايراني في الشرق الاوسط: قراءة في الايديولوجيا والمم ...
- هوية تتشظى بين الاڤيستا وحلبچة
- اسم لايُقال إلا بكَ ( اليها..).


المزيد.....




- من هوليوود إلى العالم العربي.. الجلد الأسود يتربّع على عرش ص ...
- هل يثق الأوكرانيون بمبعوث ترامب للتفاوض بشأن السلام مع روسيا ...
- رغم سمعتها الخطيرة.. ما سرّ تزايد أعداد السيّاح في الصومال؟ ...
- قصف متجدد على غزة.. إعلام إسرائيلي: مقتل منفذ عملية إطلاق ال ...
- هل يمكن أن يحصل نتنياهو على عفو عام من تهم الفساد؟
- الطريق العابر لسيبيريا مشلول بسبب ازدحام مروري بطول 85 كيلوم ...
- لقاء متوقع بين ترامب ونتنياهو.. إسرائيل تواصل توغلها في ريف ...
- سريلانكا: لقطات جوية تكشف حجم الفيضانات مع أكثر من 365 قتيلا ...
- احتجاج في بلغاريا يتحول إلى عنف في صوفيا مع معارضة الحشود لم ...
- بداية مفاجئة: فلسطين تتغلب على قطر في افتتاح كأس العرب 2025 ...


المزيد.....

- رؤية ليسارٍ معاصر: في سُبل استنهاض اليسار العراقي / رشيد غويلب
- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جوتيار تمر - جمهورية العشيرة