أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - المواجهات الكبرى لفلسفة فويرباخ - كارل بارث، ماكس شتيرنر، وليم جيمس















المزيد.....



المواجهات الكبرى لفلسفة فويرباخ - كارل بارث، ماكس شتيرنر، وليم جيمس


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 10:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المواجهات الكبرى لفلسفة فويرباخ
كارل بارث، المواجهة اللاهوتية / ماكس شتيرنر، المواجهة الفلسفية / وليم جيمس، المواجهة السيكولوجية
" " إن الإيمان الذي يحرقُ كتبَ غير المؤمنين، سواء أ كان إيمانًا بالعقيدة الأرثوذكسية أو الديمقراطية أو الشيوعية أو أي من "الأقانيم" الأخرى إنّما يعترف بعدم إيمانه. "
- كارل بارث-

تقديم:
ثمة الكثير من المواجهات المباشرة لفكر فويرباخ، غير أنّ المؤثر الفاعل منهنّ، لدى كلَي طرفي المواجهة معا - أو لدى أحدهما فقط، بوصفها مطلباً فكريا و قضيةٍ بالغة الأهمية ينبغي عليه انجازها - قليل، نادر، و مثير للحماس و الفضول و التأمل في مضمونه.
ما أعنيه بمفردة "المواجهة " هنا، هو اتخاذ مضمون فلسفة فويرباخ موضوعاً للنقد و التفنيد و الرفض على نحو مباشر، في أكثر من مناسبة نقدّية، يتم الإعلان عنها بوصفها هدفاً لمضمون كتابٍ أو دراسةٍ تُثبت بأدلةٍ مقنعة خطأ المقدمات و التصورات و الأفكار و النتائج التي توصّل اليها فويرباخ في نقده للدين وفي نوع الاعتقاد بوجود الله.
في هذا الفصل سنعرض لثلاثة مواجهات مع فلسفة فويرباخ، أحسب أنها الأكثر أهمية و تاثيرا، هنّ: المواجهة اللاهوتية، مواجهة عالم اللاهوت الكبير " كارل بارث" و المواجهة الفلسفية، مواجهة الفيلسوف الفوضوي المتمرد المعاصر لفويرباخ " ماكس شتيرنر" و أخيراً، مواجهة الفيلسوف الأميركي الشهير " وليم جيمس"، و هي ما يمكن تسميتها " المواجهة النفسية.

أولاً: كارل بارث، المواجهة اللاهوتية
إذا كان فويرباخ قد شنّ أعظم هجومٍ على المسيحية في تاريخها، كما يقول البابا بيوس الثاني،
و كان " كارل بارث " كما قال هذا البابا نفسه، أعظم لاهوتي مدافع عن العقائد المسيحية من بَعدِ "توما الأكويني" فسيكون من المتوقّع أْنْ تحدث المواجهة بين المدافع و المهاجم، بين فويرباخ – المفكر، و كارل بارث اللاهوتي، و هذا هو الأمر الذي حدث بالفعل.
غير أنّها مواجهةٌ من نوعٍ آخر، أعني أنّها مواجهة نبيلة، لا ينبغي النظر لها بوصفها تحدثُ من طرفٍ واحد، أيْ بين لاهوتي حيّ، و مفكر غادر هذا العالم قبل خوضها. ذلك لأنّ كارل بارث عملَ على إحياء خصمه خلال المواجهة معه، مجيبا بالنيابة عنه عن جميع تلك الأسئلة التي طرحها بنفسه عليه، إجابة مفترضة، ربّما تكون هي الإجابة الأفضل، من أجل أنْ تكون المواجهة عادلة و منصفة، يستوفي خلالها كلٌّ ذي حقٍ من الطرفين حقّه، ذلك لأنّ أقصى غايات كارل بارث لم تكن هزيمة خصمه في هذه المواجهة أبداً، إنّما كانت على وجه التحديد، اتخاذ نوعه الفكري مثالاً و تجربة عملية نافعة لكيفية استخدام الفلسفة للاهوت المسيحي بطريقة خاطئة، تؤدي الى نتائج خطيرة و مضللة، كما هو الحال مع طريقة تعامل فويرباخ مع اللاهوت.
دعونا نكشف الآن عن العمق الحقيقي لطبيعة هذه المواجهة – مواجهة بارث لفويرباخ - من خلال عدد من الدراسات المخصصة لهذه الغاية نفسها، لكن، بعد تعريف موجزٍ بشخصيّة و مكانة اللاهوتي السويسري كارل بارث.
إذا كان فويرباخ معروفا لدى القرّاء – العرب على الأخص - بأنه ذائعَ الصيت في الأدبيات المادية و الماركسية، ملهماً لكثير من الملحدين، فإنّ "كارل بارث " لا يحظى بمثل هذا الوضع المعرفي في أوساط الثقافة العربية. و ربّما يكون مردّ ذلك بسبب اختلاف نوع الدين و القضية التي جعلتْ بارث علماً من أعلام الثقافة الغربية، و هي: دفاعه الكبير عن اللاهوت و العقائد المسيحية حصرا. و لأنّ هذه المواجهة تخصّ طرفين محددين بدقة من جهة، و لأننا قد أسهبنا التعريف بحياة فويرباخ و أحداث عصره و فكره، يوجب الإنصاف أنْ نعرّف الآن بحياة الطرف الآخر من المواجهة، بمكانته الفكرية و اللاهوتية، لكن بإيجاز شديد فحسب.
من هو كارل بارث؟
"بالحديث عن الإنسان بصوتٍ عالٍ، فإننا لا نتحدث عن الله. "
- كارل بارث-
وفقاً لأحدى الموسوعات المعنية بالعقائد المسيحية يرد ما يلي:
بارث، كارل (1886-1968) عالم لاهوت سويسري مُصلح، وصفه البابا بيوس الثاني عشر بأنه أعظم عالم لاهوتي منذ توماس الأكويني، وهو بالتأكيد الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين.
يقف بارث كصوتٍ نبوي في تقليد أثناسيوس وأوغسطين وكالفن، داعياً الكنيسة المسيحية إلى العودة إلى الكتاب المقدس وإلى تأسيسها في يسوع المسيح. ظهرت هذه الرسالة بقوة في كتابه الأول، رومية 1921) ، والتي لفتت انتباهًا واسع النطاق. تم استدعاؤه إلى كراسي الجامعات في غوتنغن (1921) ، في مونستر (1925) ، وفي بون (1930). من هذا المنصب الأخير تم فصله في عام 1935 بسبب رفضه أداء قسم الولاء لهتلر وبسبب دوره الرائد في Kirchenkamp ، أي النضال ضد محاولة النازية للسيطرة على الكنيسة الإنجيلية الألمانية. عاد إلى موطنه سويسرا ليحصل على درجة الأستاذية في بازل، حيث درس بقية حياته الطويلة حتى وفاته في عام 1968، وجذب الطلاب من جميع أنحاء العالم إلى فصوله الدراسية ونشر محاضراته في كتابه الضخم "العقائد الكنسية".
بدأ دراسته الجامعية في برن، حيث درس الفلسفة النظرية والعملية لـ Kant ، حيث أيقظت بارث "ثورتُه الكوبرنيكية" في نظرية المعرفة والأخلاق، و قادته إلى وعي حاد في مسألة معرفتنا وخدمتنا لله. في الوقت نفسه، طوّر اهتمامه المبكر الذي ظلّ مرافقاً له مدى الحياة بالعالم اللاهوتي فريدريش شلايرماخر، الذي سيطر تحليله للتجربة الدينية ورغبته في الإشادة بالدين على "المحتشدين المثقفين" وعلى اللاهوت الألماني منذ وفاته في عام 1834.
أعرب بارث عن رغبته في الدراسة في ماربورغ مع فيلهلم هيرمان (1846-1922) ، عالم اللاهوت الكانطي الرائد في أوروبا، ولكن تحت تأثير والده ذهب أولاً إلى برلين لقضاء فصل دراسي تحت قيادة أدولف فون هارناك ، أبرز مؤرخ الكنيسة والليبرالية.
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، كان منزعجًا بشدة من "بيان المثقفين"، "اليوم الأسود" كما سمّاه، عندما قرر ثلاثة وتسعون باحثًا وفنانًا، بمن فيهم معلمَّيه هارناك وهيرمان، دعمَ سياسة الحرب التي اتبعها القيصر فيلهلم الثاني، والتي بدت له أنها تشكك في فهم زملائه للكتاب المقدس والتاريخ والعقائد.
أصبح مدركًا تمامًا لقضايا العدالة الاجتماعية، والأجور الضعيفة، وتشريعات المصانع، والشؤون النقابية. في عام 1915 أصبح عضوًا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ولكن على عكس أصدقائه الاشتراكيين المسيحيين، رفض ربط الاشتراكية بملكوت الله.
سعى بارث طوال حياته إلى تفسير الإنجيل وفحص رسالة الكنيسة في سياق المجتمع، والدولة، والحرب، والثورة، والشمولية، والديمقراطية، مقابل ادعاءات الإنسان لحل مشاكل مصيره، دون إصدار حكم. يكتب في رسالة له "قررت اللاهوت، لأنني شعرت بالحاجة إلى إيجاد أساس أفضل لعملي الاجتماعي."
كان السؤال الأساسي لديه هو: كيفية ربط ما تقوله كلمة الله في الكتاب المقدس عن سيادة الله وتجاوزه، والنعمة، ومجيء الملكوت، وغفران الخطايا، وقيامة الأموات من جهة، بمشاكل بشرية من جهة أخرى.
أعرب بارث عن قلقه بشأن إفلاس الكثير من الدين المعاصر واللاهوت في تعليقه على الرومان، حيث كان تأثير Kierkegaard و Dostoevskii و Franz Overbeck و Johann Christian Blumhardt و Christoph Blumhardt في هجماتهم على المسيحية المؤسسية واضحا.
وصف عالم اللاهوت الكاثوليكي الروماني أحدَ مؤلفاته بأنه "قنبلة في ملعب اللاهوتيين" حيث يسعى بارث إلى استدعاء الكنيسة مرة أخرى إلى الإله الحي للكتاب المقدس، الذي تعرض أمامه ادعاءات الدين البشري أو التقوى.
هذا يعني أننا يجب أن نؤسس العقائد المسيحية في كلمة الله ونسعى إلى تفسير الله من الله، لأنه يكشف عن نفسه في المسيح و في الكتب المقدسة، ولا نضعه تحت مفاهيمنا العامة السابقة، وفئاتنا، وأيديولوجياتنا. مهمة اللاهوت هي السماح للوحي أن يضيء في نوره.
افترض الفكر الليبرالي في القرن التاسع عشر بسهولة وجود استمرارية داخلية بين الإلهي و "الأعلى" و "الأفضل" في الثقافة البشرية، مفترضًا أن معرفة الله تعطى في أعماق الروح البشرية في فهم الذات البشري والخبرة الدينية الداخلية .
رفض بارث هذا الرأي في وقت مبكر، قائلاً إننا لا نتحدث عن الله "بالحديث عن الإنسان بصوت عالٍ".
خلال فترة ما يسمى باللاهوت الديالكتيكي أو لاهوت الأزمة، الناشئ عن الطبعة الثانية لـكتابه "رومان"، وتحت تأثير نقد كيركجارد لهيجل، شدد بارث على "الاختلاف النوعي اللامتناهي بين الله والإنسان". يلتقي الله بنا في لحظة الأزمة والقرار، ويخلق نقطة اتصال خاصة به ويدعونا إلى الطاعة الجذرية.
كان بارث مهتمًا بكشف الآثار المترتبة على هذا المنظور المتمحور حول المسيح في كل مجال من مجالات الحياة. لقد أثبت أهمية كبيرة في معارضته الصريحة لهتلر ، واضطهاد اليهود، وما يسمى بالمسيحيين الألمان الذين سعوا إلى تبرير الاشتراكية القومية وسياساتها العنصرية من خلال مناشدة أوامر الخلق الطبيعية.
الدراسة الأولى: و قائع مواجهة بارث – فويرباخ، في وصفٍ لريتشارد نيبور

" إنّ فويرباخ كان أداة من أدوات الله، أُرسلَ ليعلمنا أنّ اللاهوت من الأسفل يعادل عدم الإيمان" – كارل بارث-
في دراسة تعرّفنا بطبيعة المواجهة و موضوعاتها، و منهج كارل بارث و طريقته في الحوار مع خصمه، نقرأ:
" كانت النسخة الإنكليزية لكتاب "جوهر المسيحية" التي صدرتْ عام 1957 تضمّ عددا من نجوم الفكر و الأدب: ففضلا عن فويرباخ مؤلّف الكتاب، تضمّ النسخة أيضا، مقدمة بقلم هـ. ريتشارد نيبور، ومقدمة طويلة أخرى لكارل بارث، فضلا عن جورج إليوت ( وهو اسم مستعار لماري آن إيفانز الذي ترجم الكتاب، فضلا عن ترجمته أيضًا كتاب دي إف شتراوس الشهير "حياة يسوع ، فحص نقدي").
" مقدمة كارل بارث لكتاب جوهر المسيحية، تم أخذها من مقال نُشر عام 1928 ، وساعد ابنه الدكتور ماركوس بارث في ترجمتها. أخيرًا، توفّر لنا مقدمة هـ. ريتشارد نيبور تعليقًا رائعًا على تراث فويرباخ، وعلى استخدام كارل بارث لعلم اللاهوت المناهض لفويرباخ.
هذا المقال، مراجعة لتعليقات "نيبور" على اتفاقات بارث وخلافاته مع فويرباخ.
" ريتشارد نيبور (1894-1962) و هو عالم لاهوت أمريكي اشتهر بكتابه "المسيح والثقافة" كتب في مقدمته عن كارل بارث واستخدامه لفويرباخ، أكثر مما كتب عن فويرباخ نفسه.
يبدأ نيبور بالإشادة بكارل بارث و وصف " لاهوت بارث" بأنه النقيض القطبي لطروحات فويرباخ اللاهوتية المناهضة. the polar opposite to Feuerbach s anti-theology
ما يقرّق بين فويرباخ و بارث هو: أنّ علم اللاهوت لبارث يبدأ من أعلى، بحيث أنّ الله يكون غير معروف للبشرية، بصرف النظر عن إعلان الله الذاتي للبشرية. أمّا علم اللاهوت المناهض الذي يمثّله فويرباخ فهو لاهوت يبدأ من أسفل، أيْ يبدأ بالإنسانية، ليطور اللاهوت القائم على الأنثروبولوجيا.
يمثّل كارل بارث - اللاهوتي البروتستانتي الأكثر نفوذاً في القرن العشرين - التناقضَ التام في الفكر الديني مع لودفيج فويرباخ. موضوعاته الراديكالية في اللاهوت مصفوفة ضد الذاتية الراديكالية للقرن التاسع عشر والتي يرى أنّ فويرباخ طوّرها باستمرار.
إنّ اهتمامه بأولوية الله وسيادته كنقطة انطلاق لكل تأملات مسيحية يتعارض بشكل مباشر مع الإنسانية التي يجد انّ كتاب جوهر المسيحية قد خصصها لتمجيد الإنسان بترجمة كل التصريحات عن الله إلى تصريحات عن الإنسان ".
يلاحظ نيبور عاطفةَ بارث الغريبة تجاه فويرباخ. فحيث أدان معظمُ اللاهوتيين اطروحةَ فويرباخ، نرى أنّ بارث ينصحه!
بهذا الصدد يسأل نيبور، لماذا يحدث الأمر على هذا النحو؟ لماذا يوصي بارث بفويرباخ، في حين أنّ معظم اللاهوتيين لن يفكروا بجدية في فويرباخ على الإطلاق؟
لماذا، في ضوء هذه المعارضة، يبدو أن بارث يوصي بدراسة فويرباخ بدلاً من القيام بما فعله معاصروه الأرثوذكس، أي إدانته أو نفيه باعتباره مهرطقًا ينبغي رفض سماعه، وتحذير جميع المؤمنين من خطر تعريض أنفسهم لتخريب تفسير المسيحية؟
لماذا يبدو منجذبًا لخصمه، ويثني على روحه، وجزئيًا، على نيّته؟
يجيب نيبور: إن بارث يعتقد أنّ فويرباخ كان أداة من أدوات الله، أُرسلَ ليعلمنا أنّ اللاهوت من الأسفل يعادل عدم الإيمان.
معنى هذا: انّ فويرباخ يبيّن لنا، أنّ اللاهوت القائم على الأنثروبولوجيا لا يكشف عن الله، وأنّ تأسيس لاهوتنا بناءً على دراستنا للأنثروبولوجيا هو صنم صنعناه على صورتنا الخاصة.
من الناحية الدينية، لا يستطيع بارث أنْ يحذو حذو أسلافه الأرثوذكس، لأنّ رفضه سماع الخصم يعتبر إنكارًا لأسبقية تفوّق الله وسيادته.
إن نموذج الإيمانً بالله غير المتأكد من نفسه، أو بالأحرى غير المتأكد من الله، هو ذلك النموذج الذي لا يسمح للناس بالاستماع إلى النقد، و هو أمر مهزوز للغاية بالفعل.
و لأنّ بارث يبدأ بالله، ليس فقط كعالم لاهوت، ولكن كإيمانِ "رجل من لحم ودم" ، كإنسانٍ مؤمن في القرن العشرين، يمكنه أنْ يرى في خصم الأرثوذكسية نوعًا من أدوات الله.
إن الإيمان الذي يحرق كتب غير المؤمنين، سواء كان إيمانًا بالعقيدة الأرثوذكسية أو الديمقراطية أو الشيوعية أو أي من "الأقانيم" الأخرى، كما يسميها بارث، إنّما يعترف بعدم إيمانه.
لقد وُصف عمل فويرباخ بأنه "ضد اللاهوت anti-theology" لأنّ فويرباخ لاهوتي، وهذا يوضح أنّ اللاهوت من الأسفل ينتج عنه عدم الإيمان، وبالتالي فإن إلحاد فويرباخ مبرر، لأننا قد لا نؤمن بأي إله معبود يتخيله اللاهوت من الأسفل.
يجب أنْ نكفر بأي إله يُخلق على صورة البشرية. قال كارل بارث ذات مرة: "لا يمكن للمرء أن يتحدث عن الله بمجرد التحدث عن الإنسان بصوت عالٍ".
اتفقَ بارث مع فويرباخ على أن اللاهوت الذي يأخذ مكانه في الأنثروبولوجيا، يؤدي إلى عدم الإيمان والإلحاد.
"يعتقد فويرباخ أنّ الخير قد يأتي من لاهوتٍ من أسفل، وأن هناك فائدة جيدة في الإنسانية، وهذا يستحق الثناء (على الرغم من إلحاده). ومع ذلك، يرفض بارث اتّباع فويرباخ في لاهوت من الأسفل، ويصر على أننا نعرف الله فقط من خلال إعلان الله عن ذاته. لذا يوصي بارث بقراءة فويرباخ، حتى نتمكن من معرفة إلى أين يقودنا اللاهوت الذي يبدأ من الأسفل. يجب ألا نتجنب فويرباخ، بل يجب علينا أنْ ندرس مناهضته للاهوت، حتى لا ننخدع به. "
"مثل هذه الاعتبارات تقرّبنا من مغزى اللاهوتية. يوصي بارث طلاب علم اللاهوت بفويرباخ حتى يتمكنوا من رؤية النتيجة التي يجب أن تكون لكل لاهوت يبدأ بالحالات الذاتية للإنسان، سواء كانت وعي الإنسان بالله، أو إحساسه بالقدس، أو حاجته إلى روحانية. البيانات اللاهوتية الناتجة عن مثل هذا التحقيق لا بد أن تكون بيانات أنثروبولوجية، وإن كان بمعنى مختلف عن فويرباخ.
في نهاية المقدمة، يحدد نيبور الاتفاقيات الأساسية والخلاف بين كارل بارث ولودفيج فويرباخ، و هي على النحو التالي:
يتفق بارث وفويرباخ على أننا قد لا نعرف الله من خلال لاهوت من الأسفل، ولا يمكننا الحصول على معرفة الله من خلال دراسة الأنثروبولوجيا.
لا يستبعد بارث البشرية من اللاهوت، لكنه يؤمن أننا نعرف فقط الإنسانية الحقيقية والله في يسوع وحده، على عكس فويرباخ الذي بحث عن الله في البشرية بشكل عام.
"يختلف بارث وفويرباخ أيضًا، في ان بارث لا يعتقد أخيرًا في أن اللاهوت من الأسفل ممكن، وبدلاً من ذلك، يتابع بارث علم اللاهوت في إعلان الله عن ذاته ، أي يسوع وحده.
يتفق بارث وفويرباخ على هذه النقطة الأساسية - وهي أن الإيمان بالدين هو الإيمان بالإنسان، وإن الأمل في أن ينقذ الدينُ الإنسان هو الأمل في أن ينقذ الإنسان نفسه، وأن يكون الإيمان بالمسيحية نفسها هو الثقة في شيء بشري أو شخصي أو اجتماعي.
الخلاف الكبير هو: أن فويرباخ يستطيع أن يؤمن بالإنسان وحده ولا يستطيع بارث ذلك؛ هذا هو الفرق إلى حد كبير بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين. على حد تعبير بارث، لم يعرف فويرباخ ومعاصروه الموت وأساءوا فهم الشر.
يختتم نيبور مقدمته بالدفاع عن بارث ضد منتقديه. لا يعارض بارث الأنثروبولوجيا، فهو ليس كارهًا للبشر أو مناهضًا للإنسانية. ليس بارث ذا تفكير سماوي لدرجة أنه ليس صالحًا على الأرض."
"المعنى الضمني هو أن بارث وعصرنا بشكل عام، يواجهان حقيقة الموت - شخصيًا وثقافيًا وعرقيًا - بوصفهم "رجال من لحم ودم" لا يستطيعون الهروب منه بالهروب إلى الوجود الروحي أو بالانضمام إلى "جوقة جورج إليوت غير المرئية choir invisible" أننا لم نعد قادرين على إغماض أعيننا عن وحشية الإنسان الهائلة تجاه الإنسان. ومع ذلك ، فإن الخلاف مذكور بشكل خاطئ تمامًا عندما يُنظر إلى بارث وأولئك الذين يفكرون على هذا النحو على أنهم مناهضون للإنسانية. هم، أيضًا، إنسانيون على الرغم من أن تأكيد الإنسان ليس شيئًا يصنعونه ولكنهم يقبلونه فقط كما هو مصنوع في يسوع المسيح. "
في خاتمة المقال يضع المؤلّف هذا الاستنتاج:
وصف نيبور "كارل بارث" بأنه أكثر اتساقًا مع لاهوت فويرباخ من فويرباخ نفسه. في النهاية، استمر فويرباخ في اتباع معاداة اللاهوت، لأنه على الرغم من إلحاد فويرباخ ، استمر في محبته الدينية للإنسانية، واستمر في تطوير مناهضته للاهوت من خلال دراسة الأنثروبولوجيا.
رأى كارل بارث نوعاً من عبادة الأصنام في اللاهوت من الأسفل، واستخدمها في جميع أنحاء كتابه عقائد الكنيسة، وهنا بعض الأمثلة البارزة: رفض بارث نموذج "الدين" لدى فويرباخ، من خلال إثبات أن دينًا من صنع الإنسان هو في نهاية المطاف عدم إيمان وقد لا يكون منسجمًا مع الإيمان بإعلان الله عن نفسه ليسوع .
رفض بارث الوحي الطبيعي، لأننا قد لا نعرف الله من العالم الطبيعي، وانما نعرفه فقط في إعلان الله عن ذاته ؛
في عقائد الكنيسة 1/1 ، يستهل بارث وصفه الشهير للتشابه entis – تشابه الجوهر او الاصل - على أنه اختراع ضد المسيح لأنه لا يوجد تشابه بين الإنسان والله، حتى نتمكن من تأسيس معرفة الله بناءً على معرفة أنفسنا. .

الدراسة الثانية لمواجهة بارث - فويرباخ:

" إما أن تبدأ بالإنسان وتنتهي مع فويرباخ، أو تتحول إلى بارث وتبقى مع الله، لأنه من الواضح، في التحليل الأخير، أن بديلا واحدا فقط يمكن الدفاع عنه: إما بارث أو فويرباخ"
- MANFRED H. VOGEL -

في فصلٍ مكرّس لعرض تفاصيل مواجهة كارل بارث لفويرباخ، يكتب البرفسور MANFRED H. VOGEL في كتاب له " مواجهة بارث – فويرباخ" أقدم هنا عرضا للصفحات من 36- 52:
" يرتبط اسم فويرباخ عادة بالنقد الفلسفي للدين. و يتم النظر إليه، وهو أمرٌ محق تمامًا، باعتباره المتحدث بامتياز باسم الهجوم الفلسفي على الدين - هجوم شُنّ من وجهة نظر مركزية بشرية، وجهة نظر الوعي الثقافي الحديث ضد الدين المتسامي.
ليس هناك من شك في أنّ فويرباخ قد أعطى تعبيرًا حيويًا وقويًا وثابتًا عن هذا النقد الفلسفي. ولكن يجب أنْ يكون واضحًا أيضًا أنّ مساهمته هي هذه بالضبط، و لا شيء آخر غيرها .
جدير بالذكر، أنّ المادة الرئيس والمخطط الأساسي للنقد ليستا المساهمة الفريدة الخاصة أو المميزة لفويرباخ، فقد تمت صياغتها قبل فترة طويلة من فويرباخ وتم التعبير عنها مرارًا وتكرارًا عبر تاريخ الفلسفة الغربية قبل وبعد فويرباخ.
وهكذا، بينما لا يزال فويرباخ ممثلًا ممتازًا ومتحدثًا عن هذا النقد، فهو ليس الوحيد بأي حال من الأحوال.
إذا كان لدى فويرباخ شيئًا مميزًا وفريدًا خاصًا به للمساهمة في مجال الدين، فيجب أن يكون له دور آخر غير دور الناقد الفلسفي للدين.
هذا هو الحال بالفعل. والغريب الذي قد يبدو للوهلة الأولى هو أن هذا الدور الآخر الذي يقدم فيه فويرباخ نفسه والذي يقدم فيه مساهمته المميزة والفريدة من نوعها، ليس سوى دور عالم اللاهوت .
لا يقف فويرباخ في الخارج فقط، ينتقد، ويقيّم، بل وينفي الدين المتعالي فحسب؛ إنّما يقف أيضًا داخل التقاليد الدينية، وتحديداً التقليد المسيحي البروتستانتي، وإن كان بطريقة خفية ومشوّهة. نقول إنّ هذا قد يبدو غريباً للوهلة الأولى، لأنّ فويرباخ يبدو أكثر من أي شيء آخر الخصم الأكبر لعلم اللاهوت. يبدو أن اللاهوت هو عدوه الأكبر الذي يحارب ضده بلا كلل وبلا هوادة. هذا بطريقة ما صحيح، ومع ذلك يمكن أن يكون مضللاً للغاية.
يعود الفضل الكبير لكارل بارث في الاعتراف بوضوح بالدور اللاهوتي لفويرباخ من خلال العمل في القرن التاسع عشر على مسح الأرضية اللاهوتية استعدادًا لتطوير لاهوته، و من هنا يواجه بارث اللاهوتي، فويرباخ.
بالنسبة لبارث، هذه المواجهة ليست عرضية ولكنها ذات أهمية أساسية. إنه يدرك، أنّ تفسير فويرباخ اللاهوتي لا يقدم بأي حال من الأحوال عرضًا سطحيًا من شخص خارجي جاهل، بل موقف شخص لديه معرفة واسعة ومدركة بالتقاليد المسيحية.
يرى فويرباخ نفسه على أنه ذروة التقليد اللاهوتي، كعالم لاهوت. لذلك، لا يمكن الاستهزاء به مسبقًا من خارج المحكمة، ولكن يجب النظر إليه بجديّة. في الواقع، يتمتع تفسير فويرباخ اللاهوتي من نواحٍ عديدة بقوة كبيرة، وبالتحديد، في صياغة فويرباخ اللاهوتية، يتم تحقيق العدالة لجوانب مهمة من التقليد المسيحي الأصيل، على سبيل المثال، معاداة الروحانية والواقعية الأنثروبولوجية، الواقع الملموس (القلب والبطن) للإنسان، وإيمانه الراديكالي بعيد الفصح، وإحساسه بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية.
في هذه النقاط، لدى لاهوت فويرباخ الكثير للتوصية به، لا سيما عندما نقارنه بالعديد من اللاهوتيات الأخرى التي يُفترض أنها أكثر "احتراما" أو "أرثوذكسية" .
لكن الأهم من ذلك كله، أن المواجهة مع لاهوت فويرباخ لها أهمية قصوى لأن أطروحتها الرئيسية - تلك المتعلقة باختزال الكائن الميتافيزيقي المستقل لله إلى صفات بشرية، أي اختزال اسم الله إلى صفة تفسر بوضوح التتويج الضروري لـما كان يُلمح إليه حقًا طوال الوقت، وإن كان بشكل خفي نوعًا ما، في مجمل الجهد اللاهوتي للعصر الحديث.
في لاهوت فويرباخ تتجلى النتيجة الضرورية للتوجه اللاهوتي للعصر الحديث. فويرباخ هو الشخص الذي يترك القطة خارج الحقيبة لكي نراها.
وهكذا، فإن المواجهة مع فويرباخ لم تعد مجرد مواجهة مع صياغة لاهوتية، مهما كانت أهميتها، بل مع الاتجاه العام للاهوت في العصر الحديث. وبالفعل ، فإن أهمية المواجهة تتعمق أكثر، لأنّ اللاهوت الحديث اتّبع أحد البديلين الأساسيين المنفتحين على اللاهوت، أي تأسيس الدين في وعي الإنسان، في حين يقدم بارث البديل الآخر، أي تأسيس الدين على نعمة الوحي الإلهي.
وهكذا، فإن المواجهة بين بارث وفويرباخ هي في جوهرها المواجهة بين الخيارين الأساسيين المنفتحين على اللاهوت.
إما أن تبدأ بالإنسان وتنتهي مع فويرباخ أو تتحول إلى بارث وتبقى مع الله. لذلك، يعتمد قدر كبير على نتيجة هذه المواجهة، لأنه من الواضح، في التحليل الأخير، أن بديلا واحدا فقط يمكن الدفاع عنه: إما بارث أو فويرباخ.
وهكذا، قبل أنْ يتّجه المرء إلى بارث، يجب تجاوز فويرباخ ؛ وإذا لم يتم التغلب على فويرباخ ، فهذا يعادل سد الطريق إلى بارث.
من الواضح تمامًا، أنه من الأهمية بمكان أن يواجه بارث اللاهوتي فويرباخ ويتحداه ويتغلب عليه.
لكن دعونا نلاحظ جيدًا أنّ فويرباخ الذي يواجهه بارث هنا والذي يتعهد بالتغلب عليه هو على وجه الحصر فويرباخ اللاهوتي.
يوضّح بارث نفسه هذا الأمر: ربما لا يوجد بين فلاسفة العصر الحديث شخص آخر يشغل نفسه بشكل مكثف وحصري بمشكلة اللاهوت كما فعل فويرباخ. . . لقد أظهر فويرباخ لنفسه امتلاك معرفة لاهوتية تجعله أعلى بكثير من غالبية الفلاسفة المعاصرين.
لم يتوغل أيٌّ من الفلاسفة الآخرين في عصره حتى الآن في الموقف اللاهوتي. . . . كان موقف فويرباخ اللا لاهوتي – اللاهوتي، أكثر لاهوتية من موقف العديد من اللاهوتيين وهو نقيض لا يمكن أن يقوم على أسس لاهوتية فقط.
يجب أن نفقد شيئًا حاسمًا بالنسبة لنا لاهوتيًا، إذا رفضنا السماح له بالتحدث إلينا. . . من يدري ما إذا كان يجب ألا يقال إنه ينتمي داخليًا وصدقًا إلى نقابة اللاهوت البروتستانتي الجديد بشكل شرعي مثل أي شخص آخر؟
ولكن حتى فيما وراء هذه التوصيفات المحددة لفويرباخ كعالم لاهوت، والتي يبينها بارث بوضوح من سياق المواجهة، أنها حصرية، فإنّ فويرباخ هو عالم لاهوت يختار بارث أنْ يواجهه هنا.
فموضوع المواجهة، المسألة التي يتكفل بارث بالإجابة عليها والتخلي عنها، هي قضية تخص مجال اللاهوت حصريًا.
و هذه المسألة هي ما يسميه بارث تأليه فويرباخ للإنسان أو، كما نفضل أنْ نسميها، إضفاء الطابع الإنساني على إله فويرباخ .
يتم اختزال كائن الله المستقل الميتافيزيقي إلى صفات تعتمد على البشر. إن اسم الله الذي يدل على كائن سامٍ يتحوّل إلى الصفة الإلهية التي تعني مجرد اكتمال وكمال الصفات البشرية.
"الله كموضوع محدد؛ المحمولات (أي المحمولات البشرية) تحدده ، ... لذلك" الإنسان هو بداية الدين، والإنسان هو نقطة الوسط في الدين، والإنسان هو نهاية الدين " كما يقول فويرباخ.
من الواضح أن هذه المسألة تنتمي إلى علم اللاهوت، لأن موضوعها - أي الله الذي يجب اختزاله إلى صفات بشرية، لكي يكون قابلاً للاختزال - يجب أن يحتوي في المقام الأول على بعض المحتوى والدلالة المحددة التي لا يمكن اشتقاقها إلا من بعض التقاليد الدينية. و من الواضح أن هذا المحتوى والدلالة بالنسبة لفويرباخ مستمدان من التقليد المسيحي.
أي أنّ الله الذي يقترح فويرباخ اختزاله في صفات الإنسان هو الإله المسيحي، أي الإله كما هو مفسّر ومفهوم في التقليد المسيحي.
وهكذا، فإن مسألة إضفاء الطابع الإنساني على الله تكمن بشكل لا ينفصم في هذا المحور وتعتمد بشكل لا مفرّ منه على ما يقوله التقليد المسيحي عن الله. بعبارة أخرى، إن القضية في جوهرها هي مسألة لاهوتية.
بالرجوع إلى أطروحة فويرباخ على أنها تأليه للإنسان، يبدو لنا أنّ وصف الأمر كذلك، لا يعدّ وصفا دقيقا لما يفعله فويرباخ في الواقع. ففويرباخ لا يفعل ذلك، لا يؤله الإنسان لطبيعة الله ، ولكن بالأحرى يختزل الله إلى صفات بشرية.
وبالتالي، يجب أنّ يكون الوصف الدقيق هو أنسنة الله بدلاً من تأليه الإنسان. في حين أنه من الواضح أنّ الاثنين قد يفيدان في الإشارة إلى نفس الظاهرة، أي إلغاء جميع الاختلافات بين الإنسان والله، وإلى الحد الذي تكون فيه هذه هي القضية قيد البحث، يمكن استخدام الصيغتين بالتبادل، إلا أنهما يشيران أيضًا إلى أهمية الاختلافات في العملية التي يتم من خلالها الإلغاء.
على الرغم من أن بارث يشير إلى تأليه فويرباخ للإنسان، إلا أنه يتعامل مع، يردّ على أنسنة فويرباخ لله.
لذلك، فإن اختيار بارث في العشرينات من القرن الماضي لمواجهة عالم اللاهوت فويرباخ له أساس جيد.
إنه لا يختار مواجهة فويرباخ الخيالي. من الواضح أن فويرباخ يلعب دورًا لاهوتيًا في تطوير أطروحته عن أنسنة الله - وهي أطروحة، فضلا عن ذلك، في محتواها ذاته لاهوتية.
وهذه القضية، أي أنسنة الله، هي القضية التي يريد بارث في العشرينات من القرن الماضي مواجهتها والتغلب عليها. في الواقع، لأنه باختيار مواجهة هذه القضية بالتحديد، فإنه يواجه فويرباخ اللاهوتي.
بدأ بارث المواجهة في العشرينات من القرن الماضي من خلال تولّي دور المجادل والناقد، أي، دور المهاجم في مواجهة لاهوت فويرباخ.
افتراض دور المجادل والناقد، من ناحية، لا يسمح لبارث فقط، ببدء المواجهة فحسب، ولكن أيضًا - وهذا أكثر أهمية، لمتابعتها بطريقة حقيقية.
فالناقد الحقيقي والمجادل يجب أنْ يسمح لخصمه أنْ يقرر أرضية المواجهة وقواعدها. يجب أنْ يترك لخصمه انْ يتكلم ويكون هو الشخص المناسب لتقديم وصياغة القضية في المواجهة.
أخيرًا، إذا أراد حقًا التغلب على الخصم، يجب أن يجيب نيابة عن الخصم بشروط الأخير.
بارث في مواجهة العشرينات من القرن الماضي يفعل ذلك بالضبط، أي أنه صادق في دوره كناقد ومُحاكم. و قد كان أكثر دقة وسخاء إذ يتيح لفويرباخ أنْ يتكلم .
فضلا عن ذلك، فهو يستمع بعناية وفي كثير من الأحيان، بل أنه يتعاطف مع ما يقوله فويرباخ.
لكن الأهم من ذلك، أنه يترك فويرباخ تقديم المشكلة وتحديد أرض المواجهة: أي أن القضية هي أطروحة فويرباخ عن أنسنة الله والأساس الذي يجب أن يُنظر إليه على وجه الحصر هو الواقعية الأنثروبولوجية لفويرباخ.
يتغلب بارث على أطروحة فويرباخ اللاهوتية بدقة من خلال: دفع الواقعية الأنثروبولوجية لفويرباخ الى ما وراء فويرباخ والتي تظهر أن الموقف الواقعي الأنثروبولوجي، عندما يتم دفعه باستمرار على طول الطريق، لا يثبت الاختزال الكامل والشامل لإله المسيحية للإنسان.
يجب على الواقعية الأنثروبولوجية المتسقة أنْ تعترف بأنّ الإنسان كائن محدود، أي كائن يجب أن يموت، وأنه كائن خاطئ.
لكن الله كما تمّ تصوره وفهمه في المسيحية، هو بالتأكيد لا هذا ولا ذاك. ومن ثم، فإن إله المسيحية الذي هو في جوهره ليس محدودًا ولا خاطئًا لا يمكن اختزاله تمامًا، أي ترجمته بلغة الإنسان.
يجادل بارث أنّ فويرباخ يمكنه الحفاظ على أطروحته عن إضفاء الطابع الإنساني الكامل والشامل على الله فقط لأنه "إنسان" لم يكن يعرف الموت "و" أساء فهمه للشر .
غير أنّ سوء معرفةٍ وسوء فهم كهذا، لا يمكن إثباته أو تبريره بواقعية أنثروبولوجية شاملة ومتسقة.
لذلك، فإن إضفاء الطابع الإنساني الكامل على إله المسيحية لا يمكن الدفاع عنه على أساس الواقعية الأنثروبولوجية.
وهكذا، إذا بدأ بارث مواجهة العشرينات من القرن الماضي، كما حاولنا أنْ نبين، من أجل توضيح الأرضية اللاهوتية، أي التغلب على عالم اللاهوت فويرباخ، فيبدو أنّ بارث قد نجح في تنفيذ نواياه.
لكن هذه ليست المناسبة الوحيدة التي يتعامل فيها بارث مع فويرباخ.
بعد فترة طويلة من الصمت، عاد بارث في الخمسينيات من القرن الماضي في كتابه عقائد الكنيسة، لا سيما في المجلدين 4/2 و 4/3 ، ليتعامل مرة أخرى مع فويرباخ. كيف لنا أن نفهم ونقيم موقف بارث تجاه فويرباخ في الخمسينيات من القرن لماضي؟
يشير البروفيسور جلاس عن حق إلى ثلاثة ابتكارات مهمة في مكانة بارث في الخمسينيات من القرن الماضي مقارنة بمنصبه في العشرينات من القرن الماضي. الابتكار الأول، والأقل أهمية في الواقع، هو التغيير في "التشخيص" لماذا كان علم اللاهوت الحديث عرضة لخطر فويرباخ.
في العشرينات من القرن الماضي كان بارث يعزو الأمر إلى أسباب خارجية عن اللاهوت، أي إلى الاعتماد البشري على الذات في الوعي الثقافي الحديث، في الخمسينيات من القرن الماضي، وجد السبب داخل اللاهوت نفسه، أي في تطور اللاهوت اللوثري بدون التصحيحي الكالفيني .
يظهر الابتكار الثاني، والأكثر جوهرية، في "مواجهة بارث لفويرباخ مع الأنثروبولوجيا الإيجابية القائمة على كريستولوجيا".
حين كان ردّ بارث على فويرباخ في العشرينات من القرن الماضي، متخذاً موقف الذي ينوي تدمير موقع فويرباخ المتمركز حول الإنسان، منقادًا إلى "نوع من الكلام حول الانسان، بل في الانسان، نجده في الخمسينيات من القرن الماضي " يؤكِّد المسندات الإيجابية للإنسان بشكل أكثر صراحةً، بل ويرفع من مكانة الإنسان".
إن الابتكار الثالث الذي استشهد به البروفيسور جلاس هو الأكثر جوهرية وأساسيًا. "إنه ينطوي على تحول في الأرضية التي يعتمد عليها (أي بارث) أخيرًا جداله ضد الجدال السلبي الرئيسي في فويرباخ، اختزال اللاهوت إلى إسقاط وهمي.
في العشرينات من القرن الماضي، اعتمدت حجته ضد هذا الاختزال بشكل حاسم على حالة الإنسان. . . . الآن ، من ناحية أخرى، فقد انحسر هذا الاستدعاء للحالة البشرية إلى الأطراف، حيث يوجه نداءه المركزي إلى شخصية الله نفسه.
ملاحظة: يرد في هامش الصفحة 40 توضيح ذلك: من المهم أن نلاحظ في هذا الصدد أن التوافق مع فويرباخ، حتى عندما يكون إلى حد كبير، لا يستلزم الانتهاء معه. والتشطيب هو الشيء الحاسم. فضلا عن ذلك، من المهم أيضًا أن نلاحظ أنّ اتفاق بارث مع فويرباخ لم يكن مدفوعًا بمجرد استراتيجية ذكية، بل كان ايضا بمعنى الاستسلام لخصمك قدر الإمكان من أجل تعزيزه قبل الشروع في القتل، مما يجعل سقوطه كليا. مع ذلك، طالما أنه يمكن للمرء أن يتجنب السير مع فويرباخ ، طالما أنه يمكن للمرء أن يقول في المرة الأخيرة "لا" ، فقد تم القضاء على تهديده، ويمكن للمرء أن "يضحك" في وجهه ".
في ضوء هذا الكشف، نعلم أن ادعاء فويرباخ لا أساس له من الصحة.
وهكذا، بينما في العشرينات من القرن الماضي، صاغ بارث إجابته من منظور الإنسان، أي الرجل الخاطئ والمحدود، في الخمسينيات من القرن الماضي، قام بتغيير موقفه وصياغة إجابته حصريًا من الموقف المركزي.
تشير الاختلافات بوضوح إلى أن معاملة بارث لفويرباخ في الخمسينيات من القرن الماضي لا يمكن اعتبارها مجرد تكرار لما أكده بارث بالفعل في العشرينات من القرن الماضي.
ولكن بما أن Feuerbach المتورط في مواجهة القرن العشرين، كما أوضحنا، هو Feuerbach نفسه، أيها اللاهوتي، أ ينبغي علينا أن نفهم أن فويرباخ المتورط في مواجهة الخمسينيات هو أيضًا فويرباخ اللاهوتي؟
باختصار، هل علينا أن نفهم أن المواجهة في الخمسينيات من القرن الماضي هي نفسها التي حدثت في القرن العشرين، أي أنْ نضع في مخطط فهمنا، ان المواجهة بين بارث باعتباره مجادلًا وفورباخ كلاهوتي، وأن التغيير كان فقط في الاستراتيجية التي استخدمها بارث في الرد على تغييرات فويرباخ؟
يجب أن تكون إجابتنا بالتأكيد ، لا.
في الواقع، في الخمسينيات من القرن الماضي، لدينا نوع مختلف تمامًا من المواجهة بين بارث وفويرباخ عن المواجهة التي دارت في العشرينات من القرن الماضي ، سواء من حيث أدوار المشاركين أو القضايا المطروحة.
لا يمكن الحصول على فهم وتقييم صحيحين لعلاقة بارث- فويرباخ الكلية، إلّا عندما يتم تأمين الفهم الصحيح للمواجهة التي دارت في الخمسينيات من القرن الماضي. ولا يمكن فهم مواجهة الخمسينيات بشكل صحيح إلا إذا حدّدنا بوضوح أدوار المشاركين وطبيعة القضية المعنية.
من وجهة نظرنا، لم يعد بارث في الخمسينيات من القرن الماضي يتولّى دور المجادل والناقد لفويرباخ، أي دور المهاجم والمدمّر والمعارض. لم يعد هو الشخص الذي تتمثل مهمته في تنظيف الأرض.
إنه يفترض الآن دور اللاهوتي العقائدي، أي الدور الإيجابي للتعبير عن موقفه اللاهوتي والاعتراف به وتفسيره.
إنه الآن الباني الذي يمتلك أسسه الخاصة، وبالتالي، يجب أنْ يتحدث من أرضيته ومن وجهة نظره الخاصة. وهو الآن عالم لاهوت بارثي.
بصفته مجادلًا وناقدًا، يجب على بارث أن يخوض معركته على أرض خصمه. وبالتالي، فإن محاربة فويرباخ تستلزم تبنّيه لوجهة النظر البشرية. لكن بارث بصفته اللاهوتي المتشدد لا يخضع لمثل هذا الالتزام. على العكس من ذلك، فإن واجبه قائم الآن على أرضيته الخاصة، أي لاهوته الخاص. وهذا اللاهوت الذي يصرح به بارث بصفته اللاهوتي العقائدي هو لاهوتي بلا هوادة.
لذلك ، من الواضح أن تحول الأرض هو تحول في الدور.
وينطبق الشيء نفسه على الابتكار الثاني الذي استشهد به الأستاذ جلاس. إن تعامل بارث مع مسألة الإنسان باعتباره مجادلًا وكلاهوتي عقائدي لا ينبغي أن يكون مناسبة للمفاجأة.
لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد فرق، بل هناك فرق كبير وأساسي بينهما. يكمن الاختلاف في وجهة النظر التي ينطلق منها كل منهما في التعامل مع مسألة الإنسان. يتعامل فويرباخ مع مسألة الإنسان من وجهة نظر الإنسان، بينما يتعامل لاهوت الكلمة مع السؤال من وجهة نظر الله، أي الوحي. هذا الاختلاف في وجهة النظر مهم للغاية وهو مسؤول بالكامل عن التغيير المفترض في تقييم بارث للإنسان.
عندما يُقاد بارث "إلى نوع من القول اللاذع عن الإنسان" ، فهو المجادل الذي يقول "لا" لذلك الرجل الذي يُرى في سياق وجهة نظر فويرباخية ، أي وجهة نظر الإنسان نفسه. وعندما يكون بارث "يرفع مكانة الإنسان" ، فهو عالم اللاهوت العقائدي الذي يقول "نعم" لذلك الرجل الذي يُرى في سياق وجهة نظر لاهوت الكلمة، أي وجهة نظر وحي الله.
ليس الأمر أن بارث يقول في وقت ما "لا" وفي وقت آخر يقول "نعم" لنفس الرجل.
هذا، في الواقع، كان سيشكل تغييرًا في تقييم بارث للإنسان. لكن بارث يقول "نعم" و "لا" ليس لنفس الرجل بل لرجلين مختلفين، أحدهما كما يُرى في ضوء إعلان الله ، والآخر كما يُرى في اختزال فويرباخ الأنثروبولوجي.
وهكذا، هنا مرة أخرى، التغيير ليس تغييرًا في إستراتيجية بارث الجدلية ضد فويرباخ، ولكنه تغيير في الدور الذي يفترضه بارث. بصفته مجادلًا، يتعامل بارث مع الإنسان كما يراه فويرباخ، وتقييم هذا الرجل كان وسيظل دائمًا "لا".
كما يتعامل بارث اللاهوتي العقائدي مع الإنسان كما رأينا في لاهوت الكلمة، وتقييم هذا الرجل كان دائمًا (على الأقل من المحتمل) "نعم".
لذلك، فإن أكثر ما يمكن قوله هو أن فهم بارث للخلفية التاريخية لفويرباخ قد تغير. فضلا عن ذلك، فإن التغيير هنا ليس تحولًا إلى بديل معاكس كما هو الحال في الابتكارات المذكورة أعلاه، أي التحول من الموقف البشري إلى الموقف المتمركز أو من الموقف السلبي إلى الموقف الإيجابي تجاه الإنسان. إنه في الواقع امتداد، توسيع لتفسير بارث التاريخي. يتألف التغيير، إذن، من إضافة إلى موقف بارث السابق، وليس بديلاً عنه، لأن فهم فورباخ باعتباره تتويجًا لتطور داخلي داخل اللاهوت لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع فهمه أو يزيله على أنه نتيجة ضرورية لعلم اللاهوت.
هذا الاختلاف الأساسي الشامل في النهج بين الجدال واللاهوتي العقائدي (أي أن الأول سلبي بشكل عام، بينما الأخير إيجابي بشكل عام) ينعكس هنا تحديدًا فيما يتعلق بمسألة الإنسان.
إنه يضع مجالين، أي اللاهوت والوعي الثقافي العلماني الحديث، ضد بعضهما البعض ، وبالتالي إدخال الأخذ والعطاء الديالكتيكي.
نريد أن يكون لدينا اعترافنا الديني ونريد أن يكون في سياق وعينا الثقافي العام.
هذا، بالطبع، مثالي ومرغوب فيه. لكن هل من الممكن حقًا الحصول على هذا اليوم دون تغيير جذري في الإيمان المسيحي التقليدي أو الوعي الثقافي المعاصر؟ كان رد بارث في مواجهته مع فويرباخ بالنفي. لم يتم إعطاء الجواب باستخفاف.
في الختام يمكننا الآن تلخيص فهمنا وتقييمنا لمواجهة بارث فويرباخ بإيجاز كما حاولنا تقديمه في هذه الورقة.
هناك مسألتان متداخلتان في مواجهة بارث- فويرباخ ، رغم أنهما ترتكزان على نفس التوجه الأساسي، أي التوجه البشري، إلا أنهما متمايزتان ومختلفتان، و هما:
أ) قضية أنسنة الله.
ب) قضية الإسقاط الوهمي.
تتم صياغة قضية أنسنة الله في المجال اللاهوتي، بينما تتم صياغة قضية الإسقاط الوهمي في المجال النفسي الفلسفي. تورّط هذه القضايا فويرباخ وبارث في أدوار مختلفة. بمعنى: تورّط قضيةُ أنسنة الله فويرباخ في دور اللاهوتي وبارث في دور المجادل، في حين أنّ قضية الإسقاط الوهمي تورط فويرباخ في دور الناقد الفلسفي للدين و بارث في دور اللاهوتي العقائدي.
فضلا عن ذلك، فإن قضية أنسنة الله هي القضية المركزية في مواجهة القرن العشرين، في حين أن قضية الإسقاط الوهمي هي القضية المركزية للمواجهة في الخمسينيات من القرن الماضي.
وهكذا، لدينا مواجهتان منفصلتان بين بارث وفويرباخ، ويجب أن نحتفظ بهذا التمييز بوضوح في أذهاننا عندما نأتي لتقييم إجابة بارث على فويرباخ.
لدينا في الواقع إجابتان للتقييم، لأننا لا نستطيع أن نتوقع بحق إجابة بارث عندما قدّمها بصفته اللاهوتي العقائدي في الدفاع ضد نقد فويرباخ الفلسفي لتلبية نفس معايير الإجابة التي قدمها بوصفه المجادل الذي يهاجم التفسير اللاهوتي لفويرباخ. وبتطبيق المعايير المناسبة على كل إجابة، يمكننا القول إن كلا إجابتي بارث شرعيان ، على الرغم من اختلافهما في إستراتيجيتهما وفي ما ينجحان في تحقيقه.
في العشرينات من القرن الماضي، كان على بارث أن يجيب، وبالفعل، يجيب على فويرباخ على أساس فويرباخ، ونجح في التغلب على أطروحة فويرباخ اللاهوتية.
في الخمسينيات من القرن الماضي، لا يتعيّن على بارث بصفته اللاهوتي العقائدي أن يجيب، وفي الواقع، لا يجيب على فويرباخ بناءً على أرضية فويرباخ. في الواقع ، لا يمكنه ذلك.
ونتيجة لذلك، لم ينجح في إجابته في التغلب على فويرباخ، بل نجح فقط في فك ارتباطه بنقد فويرباخ تاركًا القرار النهائي في الوقت الحالي بالتعادل.
نظرًا لأن نقد فويرباخ متأصل في التوجه السائد للوعي الثقافي الحديث، فمن المفهوم فقط أن الكثير منا لن يكون سعيدًا تمامًا بإجابة بارث عن فك الارتباط.
إن محاولة صياغة إجابة أفضل، أي إجابة على أرضية فويرباخ، وبالتالي على أساس الوعي الثقافي الحديث، أمر يستحق الثناء. حتى الآن. على حد علمنا، لم يتم تقديم إجابة مقنعة تمت صياغتها على هذا الأساس.


الدراسة الثالثة:
" أن موقف فويرباخ كان لاهوتيًا أكثر من موقف العديد من اللاهوتيين"
- كارل بارث –

في دراسة أخرى تجري في سياق المواجهة نفسها، يكتب W. Travis McMaken :
" كتب بارث بصراحة، ان لودفيج فويرباخ، مارس "مناهضة اللاهوت" و هذا الوصف مناسب بشكل خاص، لأن فويرباخ من نواح كثيرة هو "الرقاقة المفاهيمية" - أي المانعة لشيء ما من النجاح لكونه خطأ او أسيء فهمه-
في حين أن بارث فهم اللاهوت على أنه مستحضر من كلمة الله ومتأصل فيها ومنشغل بها فقط، شرع فويرباخ في "تحويل اللاهوت ... كليًا و على نحو نهائي إلى أنثروبولوجيا"
تكمن طريقته الأساسية في تحقيق هذا الهدف – اي النظر الى اللاهوت بوصفه انثربولوجيا - في تأكيده على أن "الله" ليس أكثر من مجرد إسقاط لمُثُل الإنسانية الأساسية كما هي مستخلصة من الوجود المتجسد. أّمّا الله، في إعادة صياغة بارث، فهو "انعكاس الذات للشعور الديني “religious feeling’s mirrored self”
يضع فويرباخ نفسه بحزم ضد أي نظام فكري يقدم تجريدًا غير ضروري من مجمل التجربة الحسية التي يكون فيها التمييز الحقيقي الوحيد هو اللقاء بين الانا الموضوعية وآخرية الانت the objective I and the otherness of the Thou..
إنّ "الحقيقة، الواقع، عالم الحواس، والإنسانية هي مفاهيم متطابقة" حسب فويرباخ، وفي التحليل الأخير، "الألوهية" هي مجرد عنصر آخر في سلسلة التكافؤ. وهكذا، فإن "بداية الدين ووسطه ونهايته هو الإنسان" إنّه قضية خاصته من أليف الله الى يائه . his god’s alpha and omega
من وجهة نظر فلسفية، يرى بارث أنّ عمل فويرباخ مُحبِط للغاية، فاشل في إدراك غايته. على هذا المستوى، لا يرى بارث أيّ فرق بين نوع "التجريد" الذي يرفضه فويرباخ في مفاهيم العقل أو الأنا كما استخدمها كانط أو هيجل و بين تفاؤله بأنّ "جوهر" الإنسانية يمكن استخلاصه من مدخلاته الحسية التراكمية.
من أجل أنْ تكون مخلصًا حقًا للمثال الوجودي، لا يمكن للأحكام الأنطولوجية أن تتخطى الكائن البشري الفردي، لأن الحركة التفسيرية تتضمن بالضرورة مستوى معينًا من التجريد. في يومنا هذا، من المحتمل أنّ المواقف المادية التطورية الأكثر تطرفًا فقط، مثل تلك التي اتخذها بيتر سينغر، تلبّي هذا المثل الأعلى.
وفقًا لذلك، يجادل بارث بأنّ استيعاب أهمية فويرباخ الدائمة هو مسألة قراءة مشروعه، لكن على نحو لاهوتيً، وليس فلسفيًا.
في الواقع، كتب بارث في مقالته التمهيدية لعام 1957 عن جوهر المسيحية لفويرباخ أن موقف الرجل كان "لاهوتيًا أكثر من موقف العديد من اللاهوتيين “more theological than that of many theologians" نظرًا لقدرته على التركيز على موضوع واحد في معظم أعماله ( كما يجب أن يفعل اللاهوتيون بكلمة الله).
إنّ مفتاح تفسير فويرباخ هو تتبع قربه من ثلاثة تيارات من اللاهوت المسيحي: التقليد البروتستانتي الحديث كما يمثله Schleiermacher ، التقليد الصوفي القديم الذي هو على قيد الحياة وبصحة جيدة في الكنائس الأرثوذكسية، والتقليد الإصلاحي وخاصة رأسه المحبوب، لوثر.
إن قرب فويرباخ من التقليدين الأوّلَين متشابه، على الأخص في موقفه القائل بأن الإثارة التقية توفر نقطة البداية التي يمكن من خلالها معرفة الله، حيث يتشارك التقليد الشلرماخي Schleiermacherian و المعيارية الفويرباخية للتجربة البشرية والتحرك الفكري للعودة إلى "الله" من التجربة المذكورة.
هذا التوازي، يقود بارث إلى التساؤل عما إذا كان فويرباخ يأخذ بالفعل بعض معاصريه اللاهوتيين إلى استنتاجهم المنطقي الصحيح، أي: الله في الحقيقة مجرد إسقاط بشري (وهمي).
وبالمثل، فإن التقليد الصوفي في الأرثوذكسية يعطي الأولوية أيضًا للروحانية البشرية. ومع ذلك، فإن تحديد أولويات الأرثوذكسية يحدث في عالم الأنطولوجيا بدلاً من نظرية المعرفة كما هو الحال مع التقليد الشليرماخي Schleiermacherian. يحدث هذا بشكل أساسي في عقيدة التألّيه، التي تعلّم: أنه من خلال المسيح يُسمح للبشرية بالمشاركة في ألوهية الله. كما يقول الاقتباس المعروف من أثناسيوس: "افترضت (كلمة الله) البشرية أننا قد نصبح الله".
حسنا، دعونا نقبل ذلك مؤقتا، ، حيث تتحدث الأرثوذكسية عن المشاركة في الله، يفترض فويرباخ ببساطة التكافؤ: جوهر الألوهية والإنسانية واحد. ومع ذلك، فإن فويرباخ نفسه يدرك قربه من العقيدة الأرثوذكسية للتأليه، قائلاً: "بينما اختصر اللاهوت في الأنثروبولوجيا ، [أنا] أعظّم الأنثروبولوجيا في اللاهوت، تمامًا مثل المسيحية بينما أنزل الله إلى الإنسان، وجعل الإنسان إلهًا." كما يرد في مقدمته للطبعة الثانية من جوهر المسيحية.
القصد إذن، هو التأكيد على أنّ ما وراء الإلهي قريب، في الواقع داخل البشرية نفسها. يرى بارث أنه بالنسبة لهذين التقليدين، يقف إرث فويرباخ كتذكير بأنه عندما ينقلب الخط الفاصل بين الألوهية والإنسانية أو يختلط، فإن ألوهية الإيمان الحقيقي تضيع على طول الطريق.
لكن في النهاية، يوضّح بارث أنّ شهادة فويرباخ يجب أنْ يشعر بها اللاهوتيون المصلحون بشدة. ربما كان من المدهش أنْ يلاحظ بارث حقيقة أنّ فويرباخ نفسه يستشهد بلوثر كنقطة انطلاق في تحول اللاهوت إلى الأنثروبولوجيا، وهو تحوّل يرى نفسه أنه يكمله.
بالنسبة للطالب المعاصر في علم اللاهوت المُصلح، يمثل توظيف فويرباخ للوثر تحريفًا لواحدة من أكثر العبارات المحبوبة في التقليد، و هي: pro nobis أي: يصلي من أجلنا. تصف العبارة اللاتينية التزام الله البديهي بخير مخلوقاته وخلاصها، وهو التزام ظهر في يسوع المسيح. إنه بالنسبة لنا وجودي وبلا رجوع عنه، وهو مرتبط بنا في حب العهد. ووفقًا لذلك، فإن "الله" بصرف النظر عن حقيقة أنه "من أجلنا" هو، في كلمات بارث الكلاسيكية ، "إله آخر، إله غريب" و "وفقًا للمعيار المسيحي [ليس] الله على الإطلاق". كما يرد في ) - Karl Barth, Church Dogmatics II/2, ed. G.W. Bromiley and T.F. Torrance, trans. G.W. Bromiley, et. al (Edinburgh: T&T Clark, 1957), 509-510.
ومع ذلك ، يذكّر فويرباخ اللاهوتيين بأنّ الاتحاد بين الله والإنسان يجب أنّ يتم وصفه بعناية. الدرس الذي يجب تعلّمه وإعادة تعلّمه هو أن الحقيقة الغامضة للعهد، ولا سيما تحقيقه وذروته في التجسد، لا يمكن اعتبارها أي شيء سوى اتحاد غير متكافئ: فالله، بكل قوته، يحب الإنسانية في الحرية ( وفقا لكلمات بارث ) ، وليس في عوز خلقي. إن إنكار الطبيعة غير المتكافئة المتأصلة لهذه العلاقة، سواء أكان معرفيًا أو وجوديًا أو اقتصاديًا (كما يمكن للمرء أن يقول في قراءة فويرباخ للوثر) ، يساوي بين الطرفين وينفي التعالي، وفي النهاية، ينفي وجود الله كليًا.



الدراسة الرابعة:

" لم يعطنا فويرباخ أيّ شيء يدعو للقلق"
- بارث-

في دراسة أخرى تجري في السياق نفسه، نقرأ:
" شكك كارل بارث فيما إذا كان شلايرماخر لديه أي دفاع ضد اختزال فويرباخ لعلم اللاهوت إلى الأنثروبولوجيا فحسب: لقد كان يعتقد أن فويرباخ أظهر للعالم ما فعله شلايرماخر بالفعل بملكة العلوم. كان بارث يحب فويرباخ بطريقته الخاصة.
لكن بارث أبرز أنياب فويرباخ او لفت الانتباه لها من خلال التعامل مع جوهر المسيحية ببساطة على أنه نقد للدين السيئ.
لا يهتم اللاهوتي المسيحي بالدين بل بالوحي - كلمة الله. إذن، من وجهة نظر بارث، لم يعطنا فويرباخ أي شيء يدعو للقلق.
ان نظريات فويرباخ تعمل بشكل أفضل مع بعض أنواع التجارب الدينية أكثر من غيرها. هناك أديان adjustment اي تتكيف او تنشد التسوية، كما يمكن أن نسميها، لا تبدأ بمبدأ السعادة بل بمبدأ الواقع وتحثنا على تكييف حياتنا مع الحقيقة الغاشمة المتمثلة في أن الأمور ليست كما نرغب أن تكون.
كان فويرباخ مفسرًا جيدًا للدين لدرجة أنه لا يمكنه التغاضي عن ظاهرة زهد الذات، التي قرأها على أنها شكل خفي من حب الذات. لا شك في أنه في التكيف مع الواقع، قد يجد الشخص السلام، ولكن من المؤكد أن فئة حب الذات هنا تبدو بشكل مثير للريبة وكأنها سرير بروكر procrustean bed -
131 – سرير بروكستين، هو، على نحو عام يعني المصطلح المنسوب لبروكر ستيزي اللص، بتجاهل تعسفي لا يعير أهمية في كثير من الأحيان للفروق الفردية أو الظروف الخاصة – وبستر- و أصل المصطلح وفقا لموسوعة الأساطير: في الأسطورة اليونانية ، كان لصًا يسكن في مكان ما في أتيكا. قيل أن والده هو بوسيدون. كان لدى Procrustes سرير حديدي (أو ، وفقًا لبعض الروايات ، سريرين) أجبر ضحاياه على الاستلقاء. المهم ، إذا كان الضحية أقصر من السرير ، فإنه يمدها عن طريق ضرب الجسد بالطرق ليناسب طول السرير. بدلاً من ذلك ، إذا كان الضحية أطول من السرير، يقوم بقطع الساقين لجعل الجسم يتناسب مع طول السرير. في كلتا الحالتين الضحية تموت.


الدراسة الخامسة
" نيّة فويرباخ إيجابية " لأنّ رغبته هي " جعل الله حقيقيًا وإنسانيًا"
- كارل بارث -
في سياق المواجهة بين فويرباخ و كارل بارث، يكتب باحث من جامعة ستانفورد مقالا عنوانه: الوحي و الدين و الثقافة، يرد فيه ما يلي :
يصر فويرباخ على أنّ البشر يجب أنْ ينظروا إلى الداخل بحثًا عن الله، نظراً لأنّ فهم المرء لله هو نتاج الإسقاط البشري والرغبة.
أمّا بارث، فيصرّ من ناحية أخرى، على أن البشر يجب أن ينظروا إلى الخارج – خارج ذواتهم - بحثًا عن الله، نظراً لأنّ فهم المرء لله يمكن أنْ يأتي فقط من إعلان الله عن نفسه بيسوع المسيح.
في وقت مبكر من كتاباته عن فويرباخ، كجزء من محاضرة القاها عام 1926 حول تاريخ اللاهوت الحديث، صوّر بارث فويرباخ "على أنه عدو للاهوت، صديق الدين". من ناحية اخرى، يعتقد بارث أن فويرباخ "محق تمامًا في تفسيره للدين ... ، " بل أن " نيّة فويرباخ إيجابية " لأنّ رغبته هي " جعل الله حقيقيًا وإنسانيًا" من خلال التأكيد على أن موضوع الدين ليس سوى الدين "الذي لا يؤدي استفساره إلا إلى تحديد موقع كعب أخيل في العصر الحديث"
باختصار، يشعر بارث بامتنان عميق لتحليل فويرباخ المخترق لـ "الظل العميق" الذي سقطت فيه المسيحية. ومع ذلك فهو يرى في فويرباخ أيضًا، العلامة النهائية في "القصة الحزينة" لللاهوت البروتستانتي في القرن التاسع عشر، قرن لم يعد اللاهوت "يأخذ نفسه على محمل الجد باعتباره لاهوتًا"
الدراسة السادسة
"السمات الوثنية في الدين السماوي"
يرى كارل بارث، أنّ فرضية فويرباخ عن علاقة الانسان به، تحمل بعض صفات وثنية، و لكي نفهم ذلك، أرى من المفيد أن نفهم أولاً معنى الوثنة:
في قاموس webster يرد معنى الوثنية " IDOLATRY " بوصفه:
1- عبادة موضوع أوشيء مادي كإله.
2- التعلق المفرط أو التفاني و الاخلاص لشيء ما.
أمّا في قاموس cambridge فيرد معنى المصطلح بوصفه:
إعجاب أو احترام كبير جدًا لشيء ما ، غالبًا ما يكون كبيرًا جدًا.
أو هو: فعل الصلاة صورة أو شيء كجزء من الدين:
هذا هو معنى الوثنية أو عبادة الأوثان كما نعرفه، و هو معنى يتعارض على نحو كلّي مع مفهوم العبادة في أيّ من الأديان السماوية، الذي يقتضي أن تكون العبادة لكائن متعالٍ على الطبيعة و على أيّ من الأشياء المادية الموجودة فيها.
في هذا الجزء المنتخب من هذه الدراسة، سنتعرّف على تصوّر آخر لمفهوم الوثنية، مفاده: الاحتفاظ بالخصائص الوثنية و أدخالها بطريقة ما في صلب العبادة السماوية، متمثلة هنا في الديانة المسيحية، كما نظر كارل بارث الى نظرية الإسقاط في فكر فويرباخ، و على النحو التالي:
يقول William J. Brennan في دراسته " مفهوم الوثنية في لاهوت كارل بارث:
يمكن ملاحظة طريقة التفكير هذه في نقد بارث للوثنية داخل عقيدة عبادة الله على وجه الخصوص. يمكن فصل الأخير إلى جزأين: (1) نقده لعبادة الأصنام الذاتية والتي أطلق عليها في كثير من الأحيان اسم "التكهنات و (2) عبادة الأصنام الموضوعية، التي وصفها في كثير من الأحيان بعبارات تذكرنا بفرضية إسقاط فويرباخ، على سبيل المثال، التمسك بإله كان مجرد "انعكاس لأقنوم الإنسان".
عبادة الأصنام الذاتية (التكهنات) كانت دائمًا تستلزم، وكانت بالفعل أصلًا لعبادة الأصنام الموضوعية أي (الإسقاط). أي أنها مجرد تكتل من صفات أقنوم الإنسان.
كان بارث على دراية بفويرباخ في مرحلة ما، في وقت مبكر جدًا من حياته المهنية. في مقالته التي صدرت عام 1913 بعنوان "Der Glaube an den persönlichen Gott" ، على سبيل المثال، أظهر إلمامه بأساسيات فكر فويرباخ ، بل واستخدمها، كما كان يفعل طوال حياته المهنية، من أجل انتقاد خصومه اللاهوتيين.
على الرغم من أن إلحاد فويرباخ بالنسبة لبارث كان بمعنى ما "تافهًا هجوميًا تقريبًا، من حيث كونه مجرد تكتل من صفات أقنوم الإنسان، كان يعتقد أن نقده لعبادة أقنوم الذات قدّم إلى اللاهوت "تذكيرًا حقيقيًا، وأكثر ضرورة أيضًا لمعرفة الله الحقيقي".
كان فورباخ هو الذي زوّد بارث في المقام الأول بالفئات التي فكّر من خلالها في المكون الموضوعي لعبادة الأصنام ضمن عقيدة الله، و من الواضح أنّ بارث كان يفكر في فورباخ عندما أدلى بعبارات مثل هذه: "نقطة انطلاقنا في الجزء الأول من عقيدة الله لم تكن بديهية للعقل ولا مرجعًا للتجربة.
هذا البيان، في الواقع، يوضّح ليس فقط اعتماد بارث على فويرباخ في وصف المكوّن الموضوعي لعبادة الأصنام ضمن عقيدة الله، ولكن أيضًا العلاقة الضرورية التي كانت موجودة في تفكيره بينها وبين التكهنات، اي المكون الذاتي لعبادة الأصنام.
المشكلة التي أثارها فويرباخ، وفقًا لفهم بارث في عام 1926 ، "يمكن اعتبارها هجومًا عامًا على منهجية لاهوت شلايرماخر واللاهوت ما بعد شلايرماخر."
إنّ الحُكم بأنّ جميع مذاهب الله هي في جوهرها عبادة وثنية يتوافق مع أحد وجهي ردّ بارث على فويرباخ.
فقد وافق بارث، من ناحية، على حكم فويرباخ بأن كل عقيدة عن الله هي بلا استثناء تتألف من إسقاطات بشرية وثنية.
يكمن الخطأ في حساب فويرباخ، بالنسبة لبارث، في استبعاد حقيقة النعمة الإلهية.
وفقًا لبارث، كان الدين بالنسبة إلى فويرباخ نفس نوع الواقع الذي كان عليه شلايرماخر: تعهّد بشريّ، فعل خاصّ من الإجهاد النفسيّ البشريّ، ممارسة قدرة بشريّة معيّنة. وافق فويرباخ مع شلايرماخر وآخرون على أن مهمة اللاهوتي كانت "جعل الدين والوحي والعلاقة مع الله محمولا ضروريًا للإنسان، أو على أي حال لإثبات أنّ الإنسان لديه الامكانية أو القدرة على هذه الأشياء".
بعد قبول هذا الفهم لمهمة اللاهوتي، فإن فويرباخ، وفقًا لبارث ، "أراد أن يكون هو نفسه لاهوتًا".
مع إنكار وجود إله موضوعي أو وحي، كان الإنسان المتدين فقط هو الذي يمكنه شغل هذه الأدوار.
مرة أخرى، قِبلَ بارث تعريف فويرباخ الأساسي لجوهر الدين وحتى ادعائه - ضد شلايرماخر - بأنه لا يوجد قطب موضوعي حقيقي في الدين.
إن القطب الموضوعي للدين على ما يبدو، إلهه، كان مجرد "إله" تجمّع من الإسقاطات و من رغبات الذات البشرية – إنّه صنم مفاهيمي.
ومع ذلك، بالنسبة لبارث، لم يكن نقد فويرباخ للدين راديكاليًا بما فيه الكفاية، حيث يمكن التغلب على عبادة الأصنام، ليس من خلال الجهد البشري الذاتي، حتى من النوع السلبي، ولكن فقط من خلال الوحي.
وفقًا لبارث، كان "دين" ريتشل، مثل ديانة شلايرماخر و فويرباخ ، حقيقة أنثروبولوجية؛ على وجه الخصوص، "نظرة الإنسان إلى الحياة وأخلاقها" ، والتي كانت في حد ذاتها محاولة للإجابة على السؤال الكلّي: حول كيف يمكن للبشر أن يؤسسوا سيادة روحية على العالم ... ضد القيود المفروضة عليهم من قبل العالم .
وقد اتخذت هذه النظرة شكل "الأحكام القيمية" الصادرة عن المجتمع الديني، والتي كانت بدورها مصدر معرفة الله ومصدر علم اللاهوت وقاعدته: الوصول إلى " المثل الأعلى للحياة البشرية الذي تم افتراضه بشكل مستقل عن الوحي ".
الهوامش:
- https://www.encyclopedia.com/people/philosophy-and-religion/protestant-christianity-biographies/karl-barth. May 23 2018

- https://www.encyclopedia.com/people/philosophy-and-religion/protestant-christianity-biographies/karl-barth. May 23 2018

- انظر:
https://www.encyclopedia.com/people/philosophy-and-religion/protestant-christianity-biographies/karl-barth. May 23 2018

- مثل هذا التصور اللاهوتي، يعدّ بمنزلة الحجر الاساس لآلية نقد فويرباخ
- PostsSubjectsAboutSubscribeContactCopyrightPrivacy PolicyTwitterFacebookReddit
H. Richard Niebuhr on the agreement between Karl Barth and Ludwig Feuerbach

- ملاحظة: المقال بقلم: وايت هوتز. من موقع PostBarthian و هو موقع مكرس لعلم اللاهوت المسكوني الإصلاحي. يعنى بأعمال علماء اللاهوت المصلحين مثل كارل بارث ويورغن مولتمان والمعاصرين، ولكنه يشمل أيضًا التقليد الإصلاحي بأكمله الذي يعود إلى جون كالفين وهولدريش زوينجلي ومارتن لوثر. الغرض من PostBarthian هو توحيد الكنيسة والعالم .

- ينبغي علينا ملاحظة انّ: كتاب فويرباخ " جوهر المسيحية" كتاب يهاجم العقائد المسيحية حصراً، و معنى هذا أن كارل بارث بوصفه عالم لاهوت مسيحي يدافع عن تلك العقائد التي هاجمها فويرباخ حصرا، بعبارات أُخر، إنّ المواجهة بين الطرفين تحدث داخل المنظومة العقائدية للديانة المسيحية وحدها. يقول فوجل في فقرة ستمر بنا: أي أنّ الله الذي يقترح فويرباخ اختزاله في صفات الإنسان هو الإله المسيحي، أي الإله كما هو مفسّر ومفهوم في التقليد المسيحي.

- https://cupdf.com/document/the-barth-feuerbach-confrontation.html?page=2 THE BARTH-FEUERBACH CONFRONTATION . MANFRED H. VOGEL . NORTHWESTERN UNIVERSITY EVANSTON, ILL.pp 36-52

- ibid: p 36
- ibid: p 36.
- ibid: p 37.
- ibid: p 41
- ibid: p 44.
- ibid: p 52.
- DET Karl Barth Blog Conference (2007) – Feuerbach. By W. Travis McMaken - June 20, 2007
http://derevth.blogspot.com/2007/06/karl-barth-blog-conference-2007_20.html
- https://www.religion-online.org/article/feuerbachs-religious-illusion/ RELIGION ONLINE: Feuerbach’s Religious Illusion
by B. A. Gerrish . B.A. Gerrish is John Nuveen Professor Emeritus at the University of Chicago Divinity School and Distinguished Service Professor of Theology at -union- Theological Seminary in Virginia.


- Revelation, Religion, and Culture in Kwame Bediako and Karl Barth Timothy M. Hartman- Charlottesville, Virginia Bachelor’s of Arts, Stanford University, 1995 Master’s of Divinity, Princeton Theological Seminary, 2000 Master’s of Arts, University of Virginia, 2012
-
- في حقيقة الأمر أن على المرء ان ينظر الى داخل نفسه و خارجها بحثا عن الله لا لأن قدرة الله و آثاره موجودة في كل مكان من الكون فحسب، بل لأن الله و الوحي يدعوان الى اتباع هذه الطريقة، يقول تعالى : " سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"

- https://www.merriam-webster.com/dictionary/idolatry
- https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/idolatry
- IDOLATRY IN THE THEOLOGY OF KARL BARTH. William J. Brennan . A Thesis Submitted for the Degree of PhD at the University of St Andrews.2016. This thesis is submitted in partial fulfillment for the degree of PhD at the University of St Andrews



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان فويرباخ ملحداً؟
- النقد الفلسفي لفكرة فويرباخ عن “ الإنسان هو الذي خلقَ الله، ...
- هل يمكن الامتناع عن الكتابة !؟
- أوهام نيوتن
- ما يُلقى من العِلم إلى النار
- أسطورة الشاعر رامبو بين مقالتي - ما لم يقله أحدٌ عن رامبو- و ...
- هل يمكن للإنسان معرفة ما -هو- الله؟
- لماذا لا نفهم ما قاله كارل ماركس؟
- هيجل و ماركس في مقال عنوانه : هل تعلم...؟
- - من أفيون السماء، إلى أفيون الأرض: القصّة الكاملة لصراع مار ...
- كارل ماركس، شاعرا
- كيف نفهم ماركس؟ كيف نفكر معه؟ او ضدّه؟
- الله و الإنسان: من -الجَدل- في فلسفة هيجل، إلى -الدَجَل- في ...
- هيجل و ماركس في أربع مقالات قصيرة
- عبء الاثبات في الحوار الفلسفي: الفصل الرابع: أنطوني فلو: افت ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - الفصل الثالث: الله و إبريق ش ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - على أيّ من الطرفين يقع عبءُ ...
- التصوّف، فيزياء الكم، و شيزوفرينيا العالَم


المزيد.....




- لماذا لا تمتلك أمريكا المزيد من الساحات العامة على الطراز ال ...
- أستراليا تُجري مراجعة شاملة لأجهزة الأمن والاستخبارات بعد هج ...
- أسمنت بورتلاند (تيتان) تسدد مليون جنيه تعويضًا لأحد سكان واد ...
- في عيد ميلاده.. مبابي يعادل الرقم القياسي لرونالدو
- البابا لاوون ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية ...
- موسكو تحكم على بريطاني بالسجن 13 عاما بتهمة العمل كـ-مرتزق- ...
- أميركا تفرض عقوبات على سفن مرتبطة بطهران
- دمشق و-قسد- تسارعان إلى إنقاذ اتفاق الدمج
- الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل الملف البحري -السري- لـ -حزب ال ...
- توجيه اتهامات في إسرائيل لمواطن روسي بالتجسس لمصلحة إيران


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - المواجهات الكبرى لفلسفة فويرباخ - كارل بارث، ماكس شتيرنر، وليم جيمس