أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - هل يمكن الامتناع عن الكتابة !؟














المزيد.....

هل يمكن الامتناع عن الكتابة !؟


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 11:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا ريب في صحة القول: إننا جميعا، على اختلاف أنواعنا الإبداعية، نتوجه بكتاباتنا الى الآخر، لا بقصد مبيت منا فحسب، بل لأن هذا الآخر نفسه، بوصفه مقابلا للذات المبدعة، يقيم في جوهر مفهوم "الكتابة" ويؤسس لمبدئها كله.
ما من كتابة للذات وحدها إذن، كل كتابة – أنىّ كان موضوعها - تتجه الى الآخر بالضرورة.
هذه هي الحقيقة الأولى التي لا مناص لنا من قبولها مكرهين او طائعين.
لكن، لماذا نكتب إلى الآخر وما هي حصة الذات من كتابتها له؟ ما فضله عليها؟ و لماذا كلّ هذه العناية به؟
شخصيا أرى أن فعل الكتابة الذي تتوجه به الذات الى الآخر بالضرورة، تصاحبه – دون انفصال عنه أبدا- ضرورة أخرى تخص الذات وحدها من حيث علاقتها بهذا الآخر الذي تتوجه بفعل الكتابة له.
ثمة إذن خصيصتان جوهريتان تؤسسان لمبدأ الكتابة كله، أحداهما تخص الذات وأخراهما تخص الآخر.
لكن دعونا نقلّب الأمر جيدا ونبحث برويّة عن نوع العلاقة بين هاتين الخصيصتين لنرى أي الخصيصتين تسبق الأخرى، وأيهما هي الاكثر اهمية بالنسبة لنا .
شخصيا أرى أن الخصيصتين، في جوهرهما، خصيصة واحدة، لا بسبب من عدم إمكان فصل إحداهما عن الأخرى فحسب، بل بسبب من ترابطهما منطقيا واستدعاء إحداهما الى الأخرى بالضرورة، كيف؟
بعبارة صريحة ومباشرة، أقول إن فعل التوجه الى الآخر في كتابتنا، هو تقنية تستخدمها الذات من أجل نفسها، إنه نوع من المكر الخفي، تستخدم الذاتُ فيه الاخرَ من أجل نفسها!
بعبارة شارحة : إن الذات تتوجه بفعل الكتابة الى الآخر، من أجل الاعتراف بها وتمجيدها وإضفاء نوع ما من الاحترام والهيبة عليها، بعد ان رأتْ هذه الذات، ان الآخر وحده هو المصدر الشرعي لتقليدها مثل هذه المأثرة، حتّى و إن جاحداً لهذا الفضل، متنكّراً له.
هل سمعتم من قبل، أن مبدعا ما، كتب شيئا لنفسه وحدها وامتنع مع سبق الإصرار عن عرضه على الآخر؟
لماذا كتب ما كتب إذن؟ أليس الامتناع الحر المطلق عن عرض كتابتنا على الآخر مساويا تماما لامتناعنا عن فعل الكتابة نفسه؟
الأمر كله إذن، يتعلق باحترام الذات ونوع ظهورها الى الآخر، غير ان المؤلم في هذه العلاقة بين الطرفين قدر تعلق الأمر بالكتابة هو : ان احترام الذات وتقييمها لفعل كتابتها لا يكتمل بالنسبة لها، مهما بلغت مرتبة تعظيمه، إلا بإشراك الآخر في منظومته.
إن السؤال: لماذا لا نكتفي باحترام أنفسنا لما نكتبه، مساويا بالضبط للسؤال : لماذا لا نكف عن الكتابة؟
وهما سؤالان يحيلان الى سؤال ثالث مفاده: ايمكن لمبدع ما ان يحقق احترامه لنفسه من دون فعل كتابة هو قادر عليها؟
أم هل يمكن للآخر أن يستمر في احترامه للمبدعين عندما يقررون بإرادة حرة منهم الكف عن الكتابة له؟
إنّها نوع أسئلة، تصعب الإجابة عنها حقاً، لكن مع ذلك، أقول: نعم، يمكن للمبدع حذف الآخر – الحاضر، الحالي، المعاصر له - من ذاته، من أجل أنْ يتوجّه بكتابته، الى آخر مؤجل، مفترض، بعيد، و هذا ما فعله بالضبط، هيراقليطس في شذراته، و النفّري في مواقفه.
خلاصة القول، إنّ هذا الآخر، على نحو عام، لا يمكن حذفه نهائيا، إنّما يمكن حذف الآخر الحالي المعاصر لزمن الكتابة فقط، أي حذف المعاناة التي يسببها هذا الآخر الحالي، جرّاء اهماله لكتابة المبدع، الأمر الذي يقابله المبدع بإهمال متبادل، مفاده، اهمال هذا الآخر الحالي، و التوجه بخطاب الكتابة، الى آخر مؤجل مفترض.
أحسب أنّ أجراء كهذا يعيد للمبدع الوحدة مع ذاته، يسترجع له هيبته و احترامه لذاته، تلك التي بخل الآخر الحالي بمنحها له.



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام نيوتن
- ما يُلقى من العِلم إلى النار
- أسطورة الشاعر رامبو بين مقالتي - ما لم يقله أحدٌ عن رامبو- و ...
- هل يمكن للإنسان معرفة ما -هو- الله؟
- لماذا لا نفهم ما قاله كارل ماركس؟
- هيجل و ماركس في مقال عنوانه : هل تعلم...؟
- - من أفيون السماء، إلى أفيون الأرض: القصّة الكاملة لصراع مار ...
- كارل ماركس، شاعرا
- كيف نفهم ماركس؟ كيف نفكر معه؟ او ضدّه؟
- الله و الإنسان: من -الجَدل- في فلسفة هيجل، إلى -الدَجَل- في ...
- هيجل و ماركس في أربع مقالات قصيرة
- عبء الاثبات في الحوار الفلسفي: الفصل الرابع: أنطوني فلو: افت ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - الفصل الثالث: الله و إبريق ش ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - على أيّ من الطرفين يقع عبءُ ...
- التصوّف، فيزياء الكم، و شيزوفرينيا العالَم
- الخاطفُ و الضحيّة ... قصّة فلسفية
- محاولة في التفسير العلمي لعبارة - كن فيكون-
- الوضعيةُ المنطقية : البداية و النهاية


المزيد.....




- السودان.. الجنائية الدولية تصدر حكما على القيادي بـ-الجنجاوي ...
- المقاتلات الأميركية تقترب من فنزويلا.. ومادورو يشتكي مازحًا ...
- برلين تعزز حماية الصحفيين من الدعاوى التعسفية العابرة للحدود ...
- وكالة المغرب العربي للأنباء: مقتل 19 شخصا جراء انهيار بنايتي ...
- مقتل 12 شخصا بحريق في مبنى سكني جنوبي الصين
- كندا تطلق خطة بمليار دولار لاستقطاب كبار الباحثين
- تايلند وكمبوديا تجليان نصف مليون مدني بسبب الاشتباكات الحدود ...
- الأيوبي.. قصة دبلوماسي سوري عائد إلى دمشق بعد انشقاقه عن الأ ...
- رمزي صالح يكشف للجزيرة مفاجآت عن مسيرته في النادي الأهلي
- المعارضة الفنزويلية ماتشادو تغيب عن حفل تسلم جائزة نوبل للسل ...


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - هل يمكن الامتناع عن الكتابة !؟