أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - أوهام نيوتن














المزيد.....

أوهام نيوتن


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 12:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


خلاصات مترجمة عن كتاب " الوعي و آلية الكم – Thomas J. McFarland

-1- "وداعاً، أيّها العالم المادي"


في عام 1498 شرع "كولومبس" في رحلة نحو أرض مجهولة، كانت نهايتها، إيذاناً ببداية عصر النهضة، العصر الذي مكّن قوانين نيوتن، من تجاوز الأرض إلى السماء.
في فجر القرن العشرين، حيث تغيّرت الحضارة تحت رؤيا نيوتن للعالم، كان ثمة بعض الأرواح المغامرة، مقادة برؤيا أخرى، ستأخذهم إلى تخوم عالم مجهول، ربّما وراء حدود عالم نيوتن، و وراء المكان و الزمان أيضا.
إنّهم روّاد المستقبل لبلوغ عالم جديد، و أرض مدهشة تتحدى الفهم السائد.
لكن لا أحد بوسعه أن يتصوّر، بمن فيهم الروّاد أنفسهم، ما الذي يمكن أن تتضمنه هذه الرحلة من عمق و غموض.
في عام 1925 شرع " وارنر هيزنبيرغ" أوّل فيزيائي ثوري، بمغادرة الكون النيوتني، مدشّناً أوّل تجربة في "عالم الكم".
و مثلما فعل كولومبس، اكتشف هيزنبيرغ، عالماً جديداً، غير أنه لم يفعل ذلك لوحده، إذْ بعد عدة أشهر، ظهر في الأفق صديقٌ له، أكبر سناً منه، حيث عثر هذا الصديق على نفس التخوم، لكن من خلال طريق آخر، أنه "شرودنجر، العالم الذي شقّ طريقه في عالم الكم، من خلال نظرية "آلية الموجة".
قبل عدة أشهر من شروعه في رحلته التاريخية، كتب شرودنجر: " من بين عددٍ كثير من قوى المعرفة المتقدمة، أضع الميتافيزيقا في طليعتها، متخذاً إيّاها، المخفر الأمامي للمناطق المعادية، غير المعروفة... واقع الحال، إننا لا نستطيع العمل من دون هذا المخفر"
لم يكن أيٌّ من الصديقين، هيزنبيرغ و شرودنجر، يتوقع على نحو كامل، الى أيّ مدى يمكن لاكتشافهما، أن يعيد عالم نيوتن الى البيت، محيلاً أيّاه على التقاعد، مع كلّ الأفكار الإلحادية التي تأسست على قواعده.
خلاصة القول: إنّ العجائب التي كشف عنها "عالم الكم" ستتمكن قريباً من تحدي المادية التي تأسس عليها الكون النيوتني، فما أنْ يعبر أحدٌ الى حدود عالم الكم، حتى يرى أن المادية قد تبخّرتْ.
و هكذا، كما عاد الرحالة كولومبس من رحلته الى وطنه بكلمة واحده، هي :" إنّ الأرض لم تكن مسطحة" ، عاد رائدا عالم الكم، بكلمة واحدة مفادها: " إنّ العالم لا يمكنه فهمه على الإطلاق، من خلال أشيائه المادية"، كتب شرودنجر، بهذا الصدد: " أنّ أيّ واحد يريد أن يفعل ذلك – أي يفسّر العالم بطريقة مادية – فإنّ بوسعه القيام بذلك، غير أنّ فعله ملائم لطريقة عمل السذّج، و إنه ليفقد الكثير من الحقيقة، بفعله ذاك"
أمّا هيزنبرغ، فكتب في السياق نفسه: " إنّ المادية تستقرّ على وهمٍ مفاده، أنّ نوع الوجود، واقعية العالم المباشر الذي يحيط بنا، يمكن ردّها الى المجال الذري" ثم أضاف محذّراً : " إنّ طريق المادية الساذج في التفكير، هو عقبة في طريق فهمنا، لمعنى الواقع في عالم الكم"

-2-

" أوهام نيوتن"


في عام 1680 صاغ نيوتن قوانينه المادية لحركة الكون، دافعاً الثورة العلمية الى تغيّر كامل، موحّدا بها حركة الاشياء السماوية و الأرضية، حيث أنّ كلّاً من القمر و التفاحة، يتحركان وفقاً للمبادئ المكتشفة ذاتها.
و باستخدام الدقة الرياضية، بدا أن لا شيء بوسعه أن يصبح عصيّاً على الوصف، استنادا الى هذه القوانين الكونية.
و هكذا، نما الفهمُ، أنّ الكون المصنوع من أشياء مادية، تتحرك في الفراغ، يشبه ساعة كونية ضخمة.
و لذا، وفقاً لهذه النظرة الممنوحة للكون، يمكن لكل شيء أن يُختزل الى حركة أجسام مادية، تمت السيطرة على قوانين حركتها.
و بما أنّ هذه القوانين، جعلت التنبؤات، عن طريق الرياضيات، يقينية، فإن الكون بأكمله، قد أصبح محدداً و حتميّاً، لا حرية لشيء فيه، فضلاً عن الاعتقاد، بأنّ هذا العالم، يوجد على نحو موضوعي، مستقلاً عن مراقبتنا له.
إنّ هذا الوصف التقليدي، لآلية الكون، هو ما تخلّى عنه، هيزنبيرغ و شرودنجر، لكن ما الذي حثّهما على التخلّي عنه؟
يبدو أنّ القوانين القوية لنيوتن، تلك التي فسّرت كلّ شيء: من حركة الكواكب، إلى حركة كرة التنس، القوانين التي أعطتْ الناس، مكائن لا تصدّق، و اعطتهم المحركات و الأدوات، و الاجهزة الرائعة، لم تعد صالحة للعمل في عالم الكم الجديد.
و هكذا بدأت الطبيعة تتحدى تفسيرات نيوتن، من حيث أنّ النتائج التجريبية، لم تعد متفقة مع تنبؤات نظرية نيوتن.
و مثلما كان الطواف حول الأرض وحده، كفيلاً بكشف حقيقة أنّ الأرض التي تختفي وراء وهم كونها مسطحة، كان اكتشاف آلية الكم، قد رفع الحجاب عن واقع غريب جديد يختفي وراء مادية الأشياء.
لقد تم اكتشاف، أنّ ما وراء فيزياء نيوتن، ثمة واقع لا يمثّل ماكنة كبيرة أبدا، حتى و ان بدا كذلك ظاهرياً.
ما الذي كشفت عنه واقعية الكم، تحت وهم الكون النيوتني؟
إنه القول: بأنّ المادية الذرية، أو ما يسمى الجوهر الأقصى الذي لا يتغير، فرضية لا وجود لها، إذْ أنّ ما يوجد بالفعل، هو، أمواجٌ من وجود كامن.
و معنى هذا:
-1 إن الجبرية التي تحكم بقوة كونَ نيوتن، كماكنة كونية، تداعت أركانها، معطيةً أيّانا عالماً من العفوية و التلقائية.
- 2 إنّ العالم الموضوعي الموجود هناك، خارجنا، مستقلاً عن مراقبتنا له، قد زال تماماً، مخلّفاً لنا عالماً ما، تكون الظواهر المراقبة فيه، معتمدة في نوع وجودها، عل كيفية اختيارنا لمراقبتها.
- 3 إنّ العالم المتعدد، المتنوّع، المكوّن من أشياء، مستقل بعضها عن بعض، تتفاعل في الزمان و المكان، إنّما هو عالم، مكوّن في أساسه، من عالم آخر، متعال، مفارق له، عالم يكشف عن مجال، تكون الاشياء فيه كلّها، غير محلّية، و لا متموضعة، إنّما هي متحدة في كلّ غير مرئي، و مثل هذا العالم الجديد، لا يوجد في مكان أو أرض بعيدة، أنه موجود هنا و الآن، مختفياً تحت حجاب المادية، إنه موجود هنا سلفا، إنه الواقع الحقيقي لهذا العالم المسطح الظاهر.



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يُلقى من العِلم إلى النار
- أسطورة الشاعر رامبو بين مقالتي - ما لم يقله أحدٌ عن رامبو- و ...
- هل يمكن للإنسان معرفة ما -هو- الله؟
- لماذا لا نفهم ما قاله كارل ماركس؟
- هيجل و ماركس في مقال عنوانه : هل تعلم...؟
- - من أفيون السماء، إلى أفيون الأرض: القصّة الكاملة لصراع مار ...
- كارل ماركس، شاعرا
- كيف نفهم ماركس؟ كيف نفكر معه؟ او ضدّه؟
- الله و الإنسان: من -الجَدل- في فلسفة هيجل، إلى -الدَجَل- في ...
- هيجل و ماركس في أربع مقالات قصيرة
- عبء الاثبات في الحوار الفلسفي: الفصل الرابع: أنطوني فلو: افت ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - الفصل الثالث: الله و إبريق ش ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - على أيّ من الطرفين يقع عبءُ ...
- التصوّف، فيزياء الكم، و شيزوفرينيا العالَم
- الخاطفُ و الضحيّة ... قصّة فلسفية
- محاولة في التفسير العلمي لعبارة - كن فيكون-
- الوضعيةُ المنطقية : البداية و النهاية
- القرود تفشل في امتحان شكسبير


المزيد.....




- نتنياهو يتحدث عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. ويرد على سؤا ...
- أوروبا تواجه تحديات في جعل صوتها مسموعاً للصين - لوموند
- برّاك في جلسة حوارية بمنتدى الدوحة: جميع سياسات الغرب في الش ...
- ميرتس يدعو للسلام عبر حل الدولتين.. ونتنياهو: لن نسمح بقيام ...
- ميرتس: لا اعتراف بدولة فلسطينية قريبا ويجب تنفيذ خطة السلام ...
- مفاوضات ميامي… هل تدفع واشنطن كييف للقبول بشروط موسكو؟
- أوكرانيا: القوات الروسية تشن غارات جوية على مدينة كريمنشوك و ...
- خطرها أكبر من -هواوي-.. لماذا يطالب مجلس الشيوخ بمراقبة وحظر ...
- مرشح المعارضة الأوغندية يتهم الأمن بالاعتداء عليه
- بين سيول وضباب.. طقس غير مستقر يواجه 12 دولة عربية


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - أوهام نيوتن