سربست مصطفى رشيد اميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8558 - 2025 / 12 / 16 - 20:50
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
- قرارات الهيئة القضائية للانتخابات:
تشكل (الهيئة القضائية للانتخابات) من قبل مجلس القضاء الاعلى من ثلاث قضاة لا يقل صنف اي منهم عن الصنف الاول وفق الفقرة اولا من المادة 19 من قانون المفوضية لسنة 2019، وذلك للنظر في الطعون المقدمة اليها من قبل مجلس المفوضين او المقدمة من المتضررين من قرارات مجلس المفوضين مباشرة للهيئة القضائية، وحسب الفقرة ثانيا من هذه المادة لا يجوز الطعن الا في قرارات مجلس المفوضين امام الهيئة القضائية المتعلقة بالعملية الانتخابية حصرا، اما الفقرة ثالثا من نفس المادة فتقرر اعتبار قراراتها باتة، اي قطعية.
وقد قدمت 853 طعنا من قبل المعترضين على نتائج انتخابات اعضاء الدورة السادسة لمجلس النواب التي جرت في 11/11/2025، خلال مدة ثلاثة ايام بعد اعلان النتائج النهائية غير المصادق عليها بتاريخ 17/11/2025. ولم تعلن المفوضية طبيعة هذه الطعون ولا تصنيفها حسب المحافظات، خاصة بعد انتهائها من اعداد الاجوبة اللازمة لها وارسالها للهيئة القضائية للانتخابات.
ان الطعون على نتائج الانتخابات قد تركزت في عدد من الامور اهمها، ان المرشحين ادعوا حصولهم على اصوات اعلى من الذي اعلنتها المفوضية دون ان التمكن من اثبات ذلك بالدليل، علما ان مكاتب المفوضية تسلم القوائم الانتخابية والمرشحين صور من تقارير النتائج التي تصدرها اجهزة العد والفرز الالكتروني في المحطات، بالاضافة الى صور اوراق الاقتراع لجميع المحطات في الدائرة الانتخابية المعنية، مما يسهل من عمل الطاعنين. مما يتبين ان هذه الطعون تبنى على اساس الوعود التي تعطى للمرشحين من قبل انصارهم، او التقارير غير الدقيقة من وكلائهم في المحطات الانتخابية. اما الصنف الاخر في هذه الانتخابات فقد تكون اعتراضا على تصويت ناخبي التصويت الخاص لاحد مرشحي كوتا المكونات، ولكن نظرا لاعتبار العراق دائرة انتخابية بالنسبة لعملية التصويت، وتخصيص المقاعد التسعة لكوتا المكونات لمحافظات محددة، فتنتج عنها هذه الحالة، واذا كان البعض يعتبرها ضمن حالات عدم العدالة، لكن القانون وقرارات المحكمة الاتحاداية العليا تقر ذلك، وعلى الرغم من ان ذلك يؤدي الى تمكن الاحزاب الكبيرة من الفوز بهذه المقاعد، وتفرغ فلسفة تخصيص مقاعد للمكونات من معناها، لكن ذلك لا يعتبر مخالفة للقانون والاجراءات. واستنادا الى ذلك تم رد اغلب الطعون على نتائج انتخابات مجلس النواب 2025، لكن الهيئة القضائية للانتخابات اصدرت قرارين تضمنت ابعاد السيد نجم الجبوري من قائمة (نينوى لاهلها) في محافظة نينوى، والسيد طه المجمعي من قائمة (السيادة) في محافظة ديالى. حيث هنا لا بد من ابداء بعض الملاحظات ازاء قرارات الهيئة القضائية للانتخابات، بخصوص مراحل اجراء انتخابات مجلس النواب 2025، واهمها:
1-ان الهيئة القضائية تُمارس رقابة واسعة تشمل غالب مراحل العملية الانتخابية، وتملك صلاحيات حاسمة في الطعون على قرارات مجلس المفوضين من خلال دورها في توفير اطر العدالة والنزاهة في الانتخابات العراقية، وحرية التقاضي امام جهة قضائية، ويتوضح ذلك من خلال:
أ-مراقبة مراحل العملية الانتخابية الحملات الانتخابية، يوم الاقتراع، النتائج؛ أي أن القضاء ليس فقط تدخلي بعد وقوع مشاكل، بل وقائي يمنع التجاوزات ويضبط العملية.
ب-تعزيز ثقة شركاء العملية في الانتخابات، لأن وجود سلطة قضائية مستقلة قادرة على محاسبة المفوضية أو الأطراف المخالفة يرسخ الشعور بأن الانتخابات حقيقية الى حد ما.
ت-توفير الحماية قانونية ضد التزوير أو التلاعب أو استخدام المال العام، او النفوذ الحكومي بشكل غير قانوني مما يساعد في ردع التجاوزات.
2-لكن بعض قرارات الهيئة القضائية تشوبها حسب اعتقادنا بعض نقاط الضعف حيث نلاحظ انه بخصوص شرط حسن السيرة والسلوك بالنسبة للمرشح، يجب ان يكون ذلك بموجب حكم قضائي مكتسب درجة القطعية، لكن الهيئة القضائية اصدرت احيانا قرارات بابعاد بعض المرشحين بالاستناد على الطعن فقط دون وجود قرار قضائي كما في قرارها المرقم (11/الهيئة القضائية للانتخابات/ 2025) الصادر في 12/8/2025 حيث انها لم تبت فقط في صحة الطعن وأهلية المرشح حسب القانون الانتخابي، فالهيئة مارست اختصاصاً جزائياً ليس من صلاحياتها، إذ حكمت بالإدانة من دون الرجوع إلى محكمة الموضوع المختصة متجاوزة بذلك المبدأ الدستوري (المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي) وفق الفقرة خامسا من المادة 19 من الدستور. بل فقط ايدت قرار مجلس المفوضين رقم (3) للمحضر الاستثنائي رقم 37 المؤرخ في 24/7/2025 بابعاد المرشحة (لوديا ريمون) عن مقعد المكون المسيحي في بغداد، والذي جاء بتوصية من اللجنة المشكلة بالامر الوزاري رقم (79) للتدقيق في اهلية المرشحين، فقط لانها وحسب قرار الهيئة القضائية للانتخابات اعلاه قد نشرت تصريحات ومنشورات على صفحتها في وسائل التواصل الاجتماعي تدعو الى (التحريض الطائفي والترويج للعنف)، والاهم من كل ذلك حسب اعتقادي وحسب ما جاء في قرار الهيئة القضائية هو(استخدام عبارات فيها اساءة للسلطة القضائية)، مما نعتقد انه قرار يجانب العدالة والانصاف، ويثير التساؤلات العديدة امام صدور عشرات التصريحات الطائفية من مرشحين ورؤساء كتل، والتي تثير العنف والكراهية دون ان يتعرضوا للابعاد، خاصة كونها كانت مرشحة فرد مستقلة.
3-بخصوص قراري الهيئة القضائية للانتخابات (455/ الهيئة القضائية للانتخابات/2025) و(980/الهيئة القضائية للانتخابات/2025) في 3/12/2025، حول ابعاد كل من المرشح السيد طه ياسين المجمعي عن تحالف السيادة في محافظة ديالى، الذي حصل على 14116 صوتا، والمرشح السيد نجم عبد الله الجبوري عن قائمة نينوى لاهلها في محافظة نينوى الذي حصل على 39434 صوتا، حيث انه سبق وان ابعدت المفوضية هذين المرشحين، ثم طعنا بقرارات مجلس المفوضبن بالابعاد لدى الهيئة القضائية للانتخابات، فقررت الهيئة القضائية بارجاعهما الى حلبة المنافسة، ثم بعد اجراء الانتخابات وفوزهما وحصولهما على المرتبة الاولى في قائمتيهما تم ابعادهما. حيث ان هذا يثير التساؤل حول مصير اصوات الناخبين اللذبن ادلوا بالتصويت لهذين المرشحين وايضا الاربعة مرشحين اللذين ابعدتهم المفوضية في يوم اعلان النتائج النهائية، وهل يحق لهيئة ادارة الانتخابات او هيئة قضائية الغاء اصواتهم، واين ذلك من حرية التصويت والانتخاب التي وردت في المادة 20 والفقرة أ من المادة 38 من الدستور.
4-ان الهيئة القضائية للانتخابات تقوم بمهامها في البت في قرارات مجلس المفوضين وفي نتائج الانتخابات دون الاهتداء بنظام داخلي، تبين الية تشكيلها وانعقادها واختصاصاتها، واتخاذ القرارات، لاعتبارها بمثابة محكمة موضوع مختصة بالشان الانتخابي في العراق.
- ملاحظات على نتائج الانتخابات:
1- الاستفادة القصوى للقوائم الحزبية الكبيرة من الصيغة الحسابية لتقسيم اصوات كل حزب في الدائرة الانتخابية عليه وهو(1.7) مما جعل الحصول على المقعد الاول للاحزاب الصغيرة وحتى المتوسطة صعب المنال، وهذا ادى عمليا الى (تاويل، تحويل) اصواتهم الى احزاب اخرى من الناحية العملية، وهذا باعتقادنا يخالف احكام المادة 20 و38/أ من الدستور. ويخالف المعايير الدولية للانتخابات من حيث عدالة المنافسة الانتخابية، والقيمة الواحدة لكل صوت انتخابي.
2- ان تطبيق الصيغة الحسابية (1.7) في انتخابات مجلس النواب، ادت الى التضييق على مبدأ التعددية لمصلحة الاحزاب الكبيرة، ولو كان قد تم تطبيق الصيغة الاصلية (1،2،3،5،7،9، الخ) لكانت قد ادت وصول ممثلي عدد اكبرالاحزاب العراقية الى مجلس النواب، وتوسيع القاعدة الشعبية والتمثيلية للسلطة التشريعية في البلد.
3-عدم فهم اغلب الاحزاب السياسية والقوائم الانتخابية للعوامل المؤثرة في النظام الانتخابي لانتاج اثره، والاعتقاد فقط بان الصيغة الحسابية هي العامل الوحيد الذي يؤثر في النظم الانتخابية لانتاج اثره المتوقع وخلق تعددية تمثيلية، وهذا غير صحيح دون معرفة العوامل الاخرى التي تؤثر في انتاج النظام الانتخابي لنتائجه المتوقعة، وهي:-
ا- الصيغة الحسابية، كصيغة هاري او دروب او سانت لاغ او هوند، او غيرها.
ب-حجم الدائرة الانتخابية، (عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية).
ت-نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات.
ث-عدد القوائم الانتخابية المتنافسة في الدائرة الانتخابية.
ج-الفرق في الاصوات بين القوائم الانتخابية المتنافسة فيما اذا كان كبيرا ام لا.
وهذا هو سبب عدم تناسب عدد الاصوات لكل حزب مع عدد المقاعد التي يحصل، خاصة العوامل الاربعة الاولى اعلاه، وهذا هو السبب في دعوتنا منذ اكثر من عشر سنوات بان مجلس النواب لا يشرع القوانين الانتخابية، الا التي هي في مصلحة النخبة السياسية الحاكمة، وضمان استمرارهم في الحكم.
4-اصبح واضحا في هذه الانتخابات ان من يضمن الفوز فيها هو من يملك ولاء عشيرة كبيرة، وقد لا يكفي ذلك اذا لم يكن يملك الاموال الوفيرة ليصرفها في شراء الولاء والتاييد وبطرق واساليب شتى، وتحولت المنافسة في هذه الانتخابات بين مرشحي القائمة الواحدة اكثر ما تكون بينهم وبين مرشحي القوائم الاخرى المتنافسة.
5-اصبح واضحا انه بفضل الانفاق المالي الهائل في الحملات الدعائية من قبل بعض المرشحين، وايضا نتيجة الصيغة الحسابية الظالمة في تحويل الاصوات الى مقاعد (صيغة سانت لاغ وفق البدعة العراقية 1,7) اصبح من شبه المستحيل في الوقت الحاضر على اي مرشح فرد ان يفوز في اية دائرة انتخابية، وهذا ما اسفرت عنه نتائج انتخابات مجلس النواب 2025.
-الطعون على نتائج الانتخابات:
- تشكل (الهيئة القضائية للانتخابات) من قبل مجلس القضاء الاعلى من ثلاث قضاة لا يقل صنف اي منهم عن الصنف الاول وفق الفقرة اولا من المادة 19 من قانون المفوضية لسنة 2019، للنظر في الطعون المقدمة اليها من قبل مجلس المفوضين او المقدمة من المتضررين من قرارات مجلس المفوضين مباشرة للهيئة القضائية، وحسب الفقرة ثانيا من هذه المادة فلا يجوز الطعن الا في قرارات مجلس المفوضين امام الهيئة القضائية المتعلقة بالعملية الانتخابية حصرا، اما الفقرة ثالثا من نفس المادة فتقرر اعتبار قراراتها باتة، اي قطعية.
ان الهيئة القضائية للانتخابات قد ردت جميع الطعون المقدمة على نتائج الانتخابات التي كانت عددها 853 طعنا، عدا طعنين احداهما في محافظة نينوى والثانية في محافظة ديالى، اشرنا اليها، حيث تم ابعاد مرشحين كانا في المرتبة الاولى في قائمتيهما من حيث عدد الاصوات التي حصلا عليها، وقد اثرت ذلك بشكل واضح في نتائج الانتخابات.
#سربست_مصطفى_رشيد_اميدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟