أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سربست مصطفى رشيد اميدي - الذكاء الاصطناعي بين تطوير العمليات الانتخابية وتزييف الحقائق لتشويه ارادة الناخبين.















المزيد.....


الذكاء الاصطناعي بين تطوير العمليات الانتخابية وتزييف الحقائق لتشويه ارادة الناخبين.


سربست مصطفى رشيد اميدي

الحوار المتمدن-العدد: 8400 - 2025 / 7 / 11 - 20:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على الرغم من تزايد دور وأهمية الذكاء الاصطناعي في العالم لكن لحد الآن لم يتم وضع ضوابط قانونية أو اخلاقية أو حقوقية لكيفية الاستعانة به في اغلب دول العالم، حيث لم يتم اصدار قوانين بهذا الخصوص ما عدا قانون الذكاء الاصطناعي رقم 1689 للاتحاد الاوروبي، والذي دخل المرحلة الأولى للتنفيذ اعتبارا من 1/8/2024 وسيدخل التنفيذ بشكل كامل في 2/8/2027. هذا القانون المهم يتضمن معايير التطبيق بشفافية، وقواعد السلامة وحماية الحقوق، وايضا العمل على تجنب المخاطر الناجمة، ووضع آليات للرقابة، والعقوبات المالية القاسية على العمليات الممنوعة تقديم المعلومات المزيفة. واستنادا لما سبق فإن هنالك دور متزايد ومهم للذكاء الاصطناعي (AI) في مختلف مراحل العملية الانتخابية، ويمكن أن يؤثر بشكل إيجابي، أو بشكل سلبي على نزاهة، وشفافية العملية الانتخابية. فمن الناحية الايجابية يمكن أن تساعد في المحاور التالية:
1-تحليل بيانات الناخبين، من حيث العمر والشروط المطلوبة والتوزيع الجغرافي لبناء سجل الناخبين، وتوزيع مراكز الاقتراع، هذا بالنسية للإدارات الانتخابية، وبالنسبة للمتنافسين ومراكز البحوث فمن الممكن تحليل البيانات الديموغرافية والاجتماعية لفهم سلوك التصويت، ومن ثم تحديد الفئات المستهدفة في الحملات الانتخابية.
2- الكشف عن التزوير والانتهاكات، عن طرق مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي لرصد حملات التضليل أو الأخبار الكاذبة، وتحليل أنماط التصويت واكتشاف اساليب عمليات التلاعب والتزوير.
3-المساعدة في عملية توعية وتثقيف الناخبين، وشرح آلية الاقتراع، كعمل روبوتات أو منصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي للإجابة على أسئلة الناخبين، ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة عبر أدوات صوتية أو مرئية ذكية.
4-تقديم المساعدة في تنظيم وإدارة الحملات الانتخابية، كتقديم المقترحات في صياغة رسائل مخصصة بناءً على تحليل التوجهات، ووضع الخطط اللوجستية لجدولة الإعلانات وتوزيع الموارد الدعائية بكفاءة.
5-المساعدة في تنظيم استطلاعات الرأي وتوقع نتائج الانتخابات، لتقدير فرص المرشحين، وتحليل الرأي العام من خلال رصد وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
6-الكشف عن الأخبار الكاذبة والمضللة، حيث يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحليل المحتوى المنشور على الإعلام والتواصل الاجتماعي للكشف عن الشائعات أو حملات التضليل، حيث يمكنها المقارنة بين آلاف المصادر وتكشف الأنماط الزائفة أو المفبركة.
7-الترجمة وتبسيط الاجراءات: حيث يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في ترجمة المواد الانتخابية إلى لغات الأقليات أو لغة الإشارة أو لغة بريل الرقمية، وأيضا يستطيع تبسيط النصوص القانونية أو البرامج الانتخابية للناخبين.
8-الاستفادة في الاعلام الانتخابي: عن طريق استخدام وكالات الأنباء والمنصات الإعلامية والرقمية لأدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل نتائج الانتخابات لحظة بلحظة، وتقديم توقعات سريعة، كما يمكن أن تُستخدم لترجمة الأخبار تلقائياً ونشرها بلغات متعددة.

-الدول التي بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي في مجال الانتخابات:
1-الولايات المتحدة: استخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوك الناخبين، حيث استخدم حملة باراك أوباما عام 2012 خوارزميات تعتمد على بيانات ضخمة لاستهداف الناخبين برسائل مخصصة. ولاحقًا، تطورت هذه الأدوات مع الذكاء الاصطناعي لتحديد (الناخبين المتأرجحين) بدقة. وفي استهداف الإعلانات الرقمية الذي يُستخدم عبر فيسبوك وغوغل لتحليل تفضيلات المستخدمين وتوجيه رسائل محددة إليهم. وحسب (مشروع Ask the Ballot) التي هي مؤسسة غير ربحية طورت روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي ويشرح مصطلحات بطاقات الاقتراع المعقدة بلغة بسيطة.
2-دول الاتحاد الأوروبي: حيث اصدر الاتحاد الأوروبي سنة 2024 قانون الذكاء الاصطناعي (AI Act)، الذي يفرض قيودًا على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مراقبة الناخبين، لأجل منع التلاعب السياسي وحماية الشفافية والديمقراطية الرقمية.
3-الهند: إن لجنة الانتخابات الهندية تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد الانتهاكات الانتخابية كتوزيع المال والهدايا، وموضوع خطاب الكراهية والمحتوى المسيء على الإنترنت. فقد اصبح بالإمكان رصد ملايين المنشورات خلال الانتخابات العامة الأخيرة وتحليل محتواها خلال ثوانٍ، نتيجة تطوير أنظمة خاصة بذلك. بالإضافة إلى استخدام لجنة الانتخابات الهندية روبوت دردشة بالذكاء الاصطناعي على تطبيق WhatsApp اسمه "C-VIGIL Bot". يقوم بالرد الفوري على استفسارات الناخبين حول أماكن التصويت، طريقة التحقق من القيد الانتخابي، وآلية التصويت. ويقوم بترجمة المواد الإعلامية الانتخابية إلى عدة لغات هندية لتوسيع نطاق الوصول للناخبين في المناطق الريفية.
4-تونس: بدأت بمبادرة منظمات مجتمع مدني استخدمت الذكاء الاصطناعي لتحليل محتوى فيسبوك خلال الانتخابات التونسية 2019، لأجل الكشف عن الإعلانات المموّلة المجهولة المصدر ومراقبة الخطاب السياسي.
5-نيجيريا: تستخدم الذكاء الاصطناعي لمكافحة المعلومات المضللة، حيث تعاونت المنظمات المدنية مع شركات تقنية لبناء أنظمة ذكاء اصطناعي لرصد الأخبار الكاذبة حول الانتخابات في وسائل التواصل، ليتم رصد المحتوى المضلل وتحذير الناخبين برسائل توعية مبنية على تقنيات التعلم الآلي.
6-البرازيل: حيث اطلقت المحكمة العليا الانتخابية وهي الإدارة الانتخابية فيها برنامجا مساعداً افتراضياً بمساعدة الذكاء الاصطناعي يزوّد الناخبين بالمعلومات الرسمية لحمايتهم من التضليل والتلاعب.

-المخاطر الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الانتخابات:
الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الجهود البشرية، لكنه أصبح أداة قوية في الوصول للناخبين بطريقة ذكية، سريعة وشخصية، خاصة في زمن تزاحم المعلومات والمحتوى المضلل، لذلك وانطلاقا من هذا المبدأ فإنه يمكن أن تنشأ مخاطر عن استخدام الذكاء الاصطناعي وتحديات تواجه المجتمعات. وحيث إننا نركز على تأثيرها الايجابي والسلبي في موضوع اجراء انتخابات تتصف بالنزاهة والشفافية، فهنا سنشير إلى المخاطر الناجمة عن استخدامه وخاصة في مجتمع مستوى الوعي الانتخابي والرقمي ليس بالمستوى المطلوب، كما في العراق لدى شرائح واسعة، والتي قد يكون سلاحا بيد الأحزاب السياسية المسيطرة من أجل التأثير على الناخبين للتصويت لهم، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات نيابية مهمة في الخريف. هذه المخاطر يمكن الإشارة إلى أهمها فيما يخص إجراء الانتخابات:
1-انتهاك الخصوصية: كتحليل بيانات الناخبين بشكل يؤدي الى انتهاك حقوق الخصوصية خاصة إذا لم تكن هنالك قيود وضوابط قانونية تحترم مباديء حقوق الانسان، كإرسال رسائل الكترونية لهم للتأثير على عملية التصويت لصالح حزب أو مرشح ما.
2تضليل الرأي العام: كاستخدام تقنيات (Deepfake) أو روبوتات لنشر معلومات كاذبة ومضللة للتأثير على الرأي العام.
3-اضعاف الثقة بالانتخابات: قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي دون شفافية وضوابط قانونية الى اضعاف الثقة بنزاهة الانتخابات، ومهنية وحيادية الادارة الانتخابية، مما قد تكون سببا في ضعف ثقة شرائح واسعة من المواطنين في العملية الانتخابية، وبالتالي ضعف المشاركة في عملية التصويت.
4-استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على سلوك الناخبين وتوجهاتهم: حيث توجد علاقة وثيقة ومتداخلة بين الذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في سياق التأثير على الرأي العام، وتشكيل السلوك الانتخابي، ونشر التوعية أو التضليل، في منصات مثل فيسبوك، تويتر (X)، يوتيوب، إنستغرام وغيرها تعتمد على خوارزميات AI لتحديد المحتوى الذي يظهر للمستخدمين. مما يعني تعرض الناخبين فقط لمعلومات تُعزز قناعاته دون أن يرى وجهات نظر أخرى، وهذا يعني عدم العدالة في فرص المتنافسين من الأحزاب والمرشحين.
5-التأثير السياسي والأمني: حيث إن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات التضليلية وفي نشر استبيانات غير واقعية تؤثر على نتائج الانتخابات قد تتمخض عنها نتائج وقلاقل سياسية وامنية، مثلما حدثت في الانتخابات الرئاسية في رومانيا سنة 2024، حيث اشارت التقارير إلى أن الانتخابات جرت في ظل تراجع ثقة المواطنين في النخبة السياسية، وتصاعد الخطاب الشعبوي، وتزايد الاعتماد على وسائل التواصل كمصدر رئيسي للمعلومات، خاصة بين الشباب. فكان سببا في تركيز القوى المتنافسة على هذا الجانب حيث أفادت السلطات الرومانية بوجود أكثر من 85,000 محاولة اختراق لأنظمة الانتخابات من قبل جهات يُعتقد أنها مدعومة من الخارج. وتم استهداف مواقع إلكترونية رسمية، بما في ذلك مواقع الانتخابات، بهدف التأثير على العملية الانتخابية. فقد تم إنشاء حوالي 25,000 حساب على تيك توك لدعم مرشح اليمين المتطرف كيلين جورجيشكو، مما أدى إلى زيادة غير طبيعية في شعبيته. تم توجيه هذه الحسابات لدعمه بشكل منسق، بما في ذلك الدفع للمؤثرين على المنصة. مما كانت سببا في الغاء المحكمة الدستورية لنتائج الانتخابات، واندلاع مظاهرات كبيرة استخدمت الحكومة الرومانية القوة تجاهها، حيث أعيدت الانتخابات الرئاسية في مايس 2025، وفاز نيكوشور دان، مرشح الوسط المؤيد للاتحاد الأوروبي، بنسبة 54.2% من الأصوات، متفوقًا على منافسه اليميني جورج سيميون.
- وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي والتضليل الانتخابي.
دور وسائل التواصل الاجتماعي في التضليل الانتخابي وتزوير الانتخابات أصبح محوريا وخطيرا خاصة في السنوات الأخيرة، ليس فقط في الدول النامية بل حتى في الديمقراطيات الراسخة، وذلك في المحاور التالية:
1- نشر الشائعات والمعلومات المضللة بسرعة وانتشار واسع: حيث إن أي فرد أو جهة يمكنها نشر معلومة كاذبة أو خبرًا مفبركًا ليصل إلى مئات الآلاف خلال دقائق. كنشر أخبار كاذبة عن تأجيل الانتخابات، أو أن بعض المرشحين انسحبوا، أو أن التصويت الإلكتروني مخترق.
2- استخدام الروبوتات والحسابات الوهمية: تستخدم بعض الجهات روبوتات تنشر نفس الرسائل آلاف المرات لخلق انطباع زائف بأن الرأي العام يدعم مرشحًا معيّنًا. كما تُستخدم لإسكات المعارضين ومهاجمة النشطاء.
3-الإعلانات المستهدفة والموجهة: تستخدم بعض الأحزاب أو شركات خاصة أدوات الذكاء الاصطناعي لتوجيه رسائل مخصصة لفئات معينة كالشباب أو المرأة. كما يمكن أن تُستخدم هذه التقنية لنشر محتوى متحيز أو غير دقيق يصعب اكتشافه من قبل الآخرين، او استخدام وسائل التزييف العميق بواسطة الذكاء الاصطناعي التي تقوم بفبركة فيديوهات لمرشحين وهم يقولون أو يفعلون شيئًا لم تحصل، مما يؤثر في قرار الناخب.
- وسائل الإعلام التقليدية ودورها في التأثير على إرادة الناخب.
1- التحيز في التغطية الإعلامية: بعض وسائل الإعلام قد تروج لمرشح معيّن أو تهمّش آخرين، مما يؤثر على وعي الناخبين، خاصة في العراق بسبب ملكية القنوات وارتباطها بالأحزاب السياسية.
2-نشر نتائج استطلاعات وهمية أو غير علمية: قد تقوم بعض وسائل الاعلام بإجراء استطلاعات مزيفة او غير علمية للتأثير على الرأي العام، وإظهار مرشح كفائز حتمي أو كخاسر لا أمل له، وهذا كان واضحا في نتائج استطلاعات الرأي التي كانت تنظمها وكالة أنباء اناضول الموالية لحزب العدالة والتنمية في تركيا، التي كانت تختلف نتائجها عن مثيلاتها التي تنظمها وكالة أنباء انكا القريبة من المعارضة، في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا.
3-التعتيم الاعلامي المتعمد أو التركيز الانتقائي: كتجاهل قضايا مهمة مثل الفساد والإقصاء وقمع المعارضة، والتركيز فقط على رسائل القوة أو الشعبية للأحزاب الحاكمة.
4-بث الخوف والكراهية والتعصب ونشر الطائفية: وذلك للتلاعب بوعي الناخب كي يصوّت ضد مصلحته الحقيقية، ولمصلحة الاحزاب الحاكمة او المعارضة. مثلا في دول مثل ميانمار أو البرازيل أو تونس، سُجلت حملات تشويه إلكتروني وتزييف رقمي استهدفت مرشحين أو بثت أخبارًا كاذبة حول آلية التصويت.

-الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق 2025.
من المقرر أن تجرى انتخابات اعضاء مجلس النواب في 11/11/2025، حيث إن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ماضية في تحضيراتها واستعداداتها وفق الجدول الزمني، وتعتبر هذه الانتخابات مهمة بالنسبة لجميع القوى والتوجهات السياسية في البلد، لأنها تجري في ظل وضع دولي واقليمي مضطرب، حيث هنالك الصراع والتحاور الأمريكي الإيراني بعد العمليات العسكرية المتبادلة بين اسرائيل وايران، وضرب اسرائيل للأجنحة المتقدمة لإيران في المنطقة وتغيير نظام الحكم في سوريا. وأن نتائج ذلك قد تؤثر على الوضع السياسي العراقي، خاصة في ظل مطالبات من السيد مقتدى الصدر بحصر السلاح بيد الدولة وخضوع جميع فصائل الحشد الشعبي الرسمية والولائية لسيطرة الحكومة ونزع سلاح من ترفض ذلك. هذه الانتخابات ستجرى في ظل وجود اتهامات علنية من قوى سنية وكوردية للاطار التنسيقي بتراجعها عن الكثير من تعهداتها لدى تشكيل الحكومة العراقية، بالإضافة الى استمرار الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم، وقطع رواتب موظفي الاقليم. واستمرار الخلافات والتنافس بين القوى السياسية داخل المكون نفسه من الشيعة والسنة والكورد، وتوقع صعود التحالف الذي يقوده رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، وعدم تشكيل الحكومة الجديدة في اقليم كوردستان على الرغم من مرور ما يقارب الثمانية اشهر من اجراء انتخابات برلمان كوردستان، وكذلك في ظل استمرار عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات القادمة. كل ذلك تشكل دلائل على ان المنافسة في الانتخابات القادمة ستكون شرسة بين القوى والأحزاب المشاركة حتى بين القوى السياسية داخل المكون نفسه، لا بل حتى بين مرشحي القائمة الواحدة كون القائمة الانتخابية هي شبه المفتوحة والتي تسمح بهذا التنافس، مما يعني أن هذه الانتخابات ربما تشكل منعطفا سياسيا مهما في العراق ولربما منعطفا تاريخيا أيضا إذا استطاع الناخب العراقي من استخدام صوته لإجراء التغيير.
واستنادا لما سبق فإنه من المتوقع أن يتم اللجوء إلى استخدام كافة السبل من قبل الأحزاب المتنافسة خاصة من الأحزاب الحكومية المسيطرة على مقاليد الأمور، حيث تشير التقارير إلى استعداد الأحزاب والمرشحين لصرف اموال طائلة على الحملات الدعائية الانتخابية، لذلك من المتوقع ان يتم اللجوء الى استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الكثيرين لحملات الاسقاط السياسي والتشويه المنظم، ونشر معلومات قانونية وانتخابية مضللة، او الدعوة للمقاطعة وهكذا، خاصة في ظل الحقائق التالية:
1-وسائل الإعلام في العراق اغلبها مسيسة ومملوكة لأطراف سياسية.
2-وجود جيوش الكترونية تابعة لأحزاب سياسية وزعامات ومرشحين، بالإضافة الى مئات المنصات والمواقع الالكترونية المزيفة التي تروج لتلك الأحزاب والقيادات، عن طريق ابرازها ونشر المعلومات المغلوطة.
3-عدم الثقة بالعملية السياسية في البلد ولا بالأدوات الديمقراطية، مما أدت الى العزوف والمقاطعة والاتهامات بالتزوير، وبالتالي تدني نسبة المشاركة في الانتخابات.
وفي ظل هذه الظروف السياسية الداخلية والاقليمية والدولية المحتدمة، وفي ظل منافسة انتخابية محتدمة يتوقع استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه الانتخابات بوجود عالم رقمي يزداد استعماله عموديا وافقيا في البلد، فإن الانتخابات القادمة قد تكون معرضة للمخاطر التالية من التضليل الإعلامي والرقمي للتأثير على إرادة الناخب:
1-الترويج والدعاية لمرشحين باستخدام حملات ممولة غير معلنة، حيث تُستخدم صفحات مجهولة الهوية لتلميع صور بعض المرشحين أو الترويج لبرامج شعبوية، بتمويل غير معلن.
2-تشويه سمعة الخصوم السياسيين عبر التسقيط الإلكتروني: وذلك من خلال نشر مقاطع مركبة أو اتهامات غير مثبتة عن مرشحين مستقلين أو نشطاء، بهدف إضعاف فرصهم في الانتخابات.
5-نشر الاخبار الكاذبة عن العملية الانتخابية، ونتائج التصويت: كالادعاء بتغيير مراكز التصويت أو إلغاء تصويت بعض الشرائح، او انسحاب مرشح، أو تعطل الأجهزة الإلكترونية، ما قد يُربك الناخبين أو يمنعهم من المشاركة، او الاعلان عن نتائج انتخابات غير دقيقة وغير رسمية.
6-الخطاب الطائفي او التحريضي: كاستغلال الخطاب الطائفي او العرقي في وسائل الإعلام أو السوشال ميديا للتحشيد أو التخويف من فوز طرف معين، بما يضعف المنافسة الحرة.
7-حملات التضليل لأجل استهداف شرائح او مناطق محددة: حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المستخدمين العراقيين على فيسبوك وتيليغرام وإنستغرام،وتيك توك، وتصميم رسائل انتخابية موجهة بدقة لكل شريحة بحسب الانتماء الطائفي أو العمر او الموقع الجغرافي، عن طريق رسائل او حملات تستغل الخوف والغضب، أو التوترات الاجتماعية والعشائرية، لزيادة الانقسامات أو تعزيز الولاءات الحزبية.
8-إنشاء حسابات وهمية وروبوتات تضليلية: فالذكاء الاصطناعي يمكنه إدارة آلاف الحسابات الوهمية التي تنشر أخباراً مضللة أو تشويه سمعة مرشحين مستقلين أو منافسين، ما يحد من فرصهم في الحصول على دعم واسع، هذه الحسابات تخلق انطباعاً زائفاً بوجود دعم شعبي كبير لأطراف معينة.
9-انتشار المعلومات المغلوطة والشائعات: حيث ان الذكاء الاصطناعي يمكن ان ينتج او يوزع معلومات مضللة بشكل أسرع وبكميات أكبر، مما يُربك الناخب ويُضعف ثقته في العملية الانتخابية.
10-مراقبة وتصفية المحتوى المناهض: تستخدم أنظمة ذكية لرصد المحتوى النقدي على منصات الإعلام الرسمية أو القنوات الرقمية التابعة للأحزاب، وذلك لمنع أو تقليل وصوله إلى الجمهور.

-النتائج التي من الممكن ان تترتب على استخدام الذكاء الاصطناعي للتضليل الدعائي الانتخابي في العراق:
1-تعزيز التفوق الإعلامي للأحزاب الحاكمة: من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي بحرفية في الحملات الرقمية والإعلامية، حتى تستطيع الأحزاب الحاكمة تجميل صورتها وتأثيرها على الناخبين.
2-إضعاف فرص المنافسة العادلة والنزيهة: بسبب التضليل والتشويه المنظم، فقد تقل فرص المرشحين المستقلين أو المعارضين او الاحزاب الفتية والصغيرة في الوصول إلى الجمهور
3- زيادة الاستقطاب والانقسام السياسي: الحملات الموجهة يمكن أن تزيد من الانقسامات الطائفية والعرقية، مما يؤثر على الاستقرار السياسي.
4-مخاطر انخفاض نسبة المشاركة: التضليل والشكوك قد تكون سببا تدفع الناخبين إلى الامتناع عن التصويت، مما يؤثر على شرعية الانتخابات.

-الخطوات والاجراءات المطلوبة للحد من التأثير السلبي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الانتخابات العراقية:
1-تعزيز الشفافية والمصداقية من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات: عن طريق نشر معلومات واضحة ومحدثة حول كل مراحل العملية الانتخابية مثل التسجيل، انتشار مراكز الاقتراع، آلية التصويت، نشر النتائج الأولية والنهائية بشكل مفصل. وتوفير منصة رسمية إلكترونية توضح الأخبار الرسمية والرد على الشائعات.
2-مراقبة الإعلام وحملات التواصل الاجتماعي من قبل المفوضية: وذلك بإنشاء وحدة متخصصة لرصد ومتابعة المحتوى الإعلامي والرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي، والتعاون مع شركات تقنية لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لرصد الأخبار المضللة والحسابات الوهمية.
3-تدريب الصحفيين والإعلاميين: وذلك بتنظيم المفوضية وبالتعاون مع شركائها لتنظيم ورش عمل لتدريب الإعلاميين على معايير التغطية المهنية والموضوعية للانتخابات.
4-تعاون المفوضية مع منصات التواصل الاجتماعي: وذلك بعقد شراكات مع فيسبوك، تويتر، تيليغرام وغيرها لمنع الحملات الممولة غير المعلنة وحذف المحتوى الكاذب.
5-امكانية قيام المفوضية وباستخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة التضليل عن طريق بناء نظام آلي لرصد المحتوى الزائف والشائعات، وتحليلها لتقديم تقارير دورية لمجلس المفوضين لاتخاذ القرار إزاءها.
6-حملات التوعية من قبل منظمات المجتمع المدني: وذلك بإطلاق حملات توعوية رقمية وميدانية تشرح أهمية المشاركة، كيفية التحقق من صحة المعلومات، وأضرار التضليل.
7-المراقبة والمساءلة من قبل منظمات المجتمع المدني: بتشكيل فرق مراقبة لفضح التضليل الإعلامي والتقارير الزائفة، ونشرها عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
8-العمل على تشريع قانون لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الرقمي، ووضع اسس لاستخدام الذكاء الاصطناعي، تعتمد على الشفافية ومصداقية المعلومات، ومكافحة التضليل، واحترام حقوق الانسان السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والشخصية.



#سربست_مصطفى_رشيد_اميدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمين يواصل زحفه في اوروبا ليصل الى بولندا
- ذوي الاحتياجات الخاصة وانتخابات مجلس النواب
- الشباب العراقي ومجلس النواب
- قرار حل حزب العمال الكردستاني واستتباب السلام في تركيا
- مفتي الجمهورية في سوريا من احمد حسون الى اسامة الرفاعي
- ضوء على مقترح التعديل الرابع للقانون الانتخابي في العراق
- وأد الديمقراطية في تركيا
- الانتخابات النيابية المبكرة 2025 في المانيا، صعود اليمين الم ...
- الغرفة الثانية للبرلمان ومشروع قانون مجلس الاتحاد في العراق
- دور الاحزاب السياسية في بناء الدولة المدنية
- قرار مجلس القضاء الاعلى بتمديد عمل مجلس المفوضين لسنتين هل ه ...
- سوريا هل ستبدل التبعية لولاية الفقيه الى السلطان العثماني
- إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسبة في رومانيا بعد دعوات تدخل رو ...
- سقوط نظام الشبيحة في سوريا
- ضمانات النزاهة والحد من التزوير في الانتخابات العراقية
- الانتخابات التشريعية في السنغال 2024
- تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها ...
- تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها ...
- تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها ...
- تقييم انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان 2024 ونتائجها ...


المزيد.....




- عشر سنوات على الاتفاق النووي الإيراني.. من أروقة الدبلوماسي ...
- بعد هروبه من السجن داخل كيس غسيل.. السلطات الفرنسية تلقي ا ...
- ترمب يدعو أنصاره إلى التوقف عن نبش ملفات إبستين
- في عيده الـ100... مهاتير يقود دراجته وسيارته ثم يدخل المستشف ...
- اتجاه المصالحة: تفاصيل لقاء سري بين مساعدي تشارلز وهاري
- انتشال 6 جثث بعد غرق قارب قبالة جمهورية الدومينيكان
- إغلاق مطار لندن ساوثيند وإلغاء جميع الرحلات بعد تحطم طائرة ص ...
- حصيلة اشتباكات السويداء ترتفع لـ89 قتيلا بينهم 14 من الأمن
- شركتان تعلنان انتهاء البحث عن باقي أفراد طاقم سفينة هاجمها ا ...
- زيلينسكي ناقش مع المبعوث الأميركي تعزيز الدفاعات الجوية


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سربست مصطفى رشيد اميدي - الذكاء الاصطناعي بين تطوير العمليات الانتخابية وتزييف الحقائق لتشويه ارادة الناخبين.