أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - الحركة التصحيحية وسرايا الدفاع















المزيد.....

الحركة التصحيحية وسرايا الدفاع


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 18:14
المحور: الادب والفن
    


عيد الحركة التصحيحية وسرايا الدفاع
بعد ثورة التحرير التي تشهدها سوريا الآن، أتذكر بعض أفاعيل الأسد الذي اقتنص الحكم على ظهر دبابة. ففي 16 تشرين ثاني قام بطل التشرينين حافظ الأسد بانقلاب على رفاقه الذين لم يكونوا أفضل منه في الإجرام والطائفية، حيث دس بعضهم في السجن واغتال ما تبقى وشرد من شرد إلى العراق وإلى أوروبا (الاستعمارية). علاوة على ذلك، أصدر مرسوما بعطلة جميع السورين بهذا اليوم، الذي كان وبالاً على تاريخ سوريا، كي يتمتعوا بالراحة وينعمون بحكمة قائد المسيرة. لكن لم يعجب السوريون هذا الانقلاب الخاطف والحكم المطلق فقاموا عليه أحياناً بالمظاهرات وأخرى بالاغتيالات بواسطة الطليعة المقاتلة (الجناح المسلح لجماعة الإخوان المسلمين). وعندما حار الأسد في أمره من هؤلاء الذين لا يقدرون حكمته ولا يعطون وزنا لقيادته ولا يعتبرونه نصف إله أو إله، ندب أخيه الذي يماثله بالإجرام كي يربي هؤلاء الإرهابيين. وبناء على ذلك أمر قائد سرايا الدفاع وزعيم مجزرة تدمر وحماة اللواء التركتور (لأنه يحمل شهادة دكتوراه مزورة في التاريخ) رفعت الأسد كي يربي أهل حمص لأنهم كانوا غير طائعين للأوامر وغير خانعين للمراسيم وعلاوة على ذلك يتلكؤون بالمسيرات الداعمة له، ولا يعلقون صوره في واجهات الدكاكين وحمامات المنازل. بناء على ذلك، نزلت سرايا الدفاع على مدينة حمص في 16 تشرين حيث كان أهل حمص نائمون تكللهم السعادة بعطلة الحركة التصحيحية ويحلمون بأن لا يكون هناك طوابير وطوّش (جمع طوشة) على الخبز والسكر والزيت في اليوم الثاني. ولأن تاريخ الحركة التصحيحية عزيز على قلب آل الأسد، أراد الأخ الأصغر أن يذكر أهل حمص بالحركة ويهنئهم بالعطلة، حيث نزل الألاف من عناصر سرايا الدفاع عام 1980 بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة وكأنهم في حرب مع العدو. وهذا قبل أن يبزغ الضوء، أي في الظلام الدامس والليل الهامس، وأمسكوا المصلين العجائز وهم في طريقهم إلى المساجد لتأدية فريضة صلاة الصبح حاضراً وحشروهم في إحدى الزوايا، ثم استمروا في الخبط على أبواب البيوت بطريقة مفزعة وأخرجوا كل الرجال والأولاد والشباب وأبقوا على النساء في البيوت. صفوا الرجال، تقابل وجوههم الجدران كما يفعل أستاذ المدرسة الابتدائية بالطلاب الكسالى. استهدفت هذه العناصر جميع أحياء حمص الشعبية من باب الدريب والورشة وباب السباع والخالدية والعدوية وطريق الشام وباب تدمر والمدينة الصناعية وصليبة العصياتي أي باختصار الأحياء السنيّة. كنا نسكن في أطراف باب تدمر وكان وراءنا جبانة باب تدمر التي كانت تقع بجانب جبانة الكتيب القديمة. كان في شارعنا ثلاث عائلات علويّة، ولذلك لم تطلنا يد سرايا الدفاع. وفي المساء كان الجميع يروّن حكايات الإهانات من ضرب بالكابلات إلى تبويس بساطير العساكر من الرجال والشباب. إضافة لكل ذلك أخذوا حريتهم في سرقة كل ما وجدوه في جيوب الرجال ومن ذهب في أيدي النساء. أما في المدينة الصناعية، أخرجوا الحدادين والنجارين والخراطين وكل صغار الكسبة كما يسميهم حزب البعث إلى ساحة شلال ساقية الري وبدأوا يهنؤونهم بعيد الحركة التصحيحية المجيدة بالضرب بواسطة الكابلات والكرابيج. وردا على هذا الإذلال والإهانات أصبح الناس يتندرون على بعضهم فلان أكل ضرب على بوزه وعلتان دعكو به الأرض. ربما السبب هو تخفيف عبء كل هذه الإهانات الني تعرضوا لها من مليشيا طائفية يقودها الرفيق الدكتور رفعت الأسد.
شكلت حمص مخرزاً في عين النظام منذ أن قام بانقلابه المشؤوم ولذلك عمد كل سنين حكمه على تهميشها في كل المجالات حيث كان ينتدب عليها أفجر وأحقر بعثي في الدولة ويضعه محافظاً عليها وذلك بإحضاره من مدن أخرى.
في الورشة حدثني أصدقاء لي بأن عساكر السرايا أمسكوا رجلاً له شارب طويل يقف عليها الصقر كما يقول المثل ونزلوا به ضربا ورفسا حتى أدموه، ثم قالوا له: عامل مرجًلة بشواربك مثل ذيل الفأر يا ابن الكذا والمذا.. هات لنشوف رجولتك. ثم حلقوا له شاربيه الطويل، فغاب الرجل عن أنظار أهل الحي قرابة الشهرين لا يكلم أحداً شاعرا بالمذلة والإهانة التي لحقت به وبشاربه (وهذا الموقف يذكرني ببطل رواية الأرض للكاتب الرائع عبد الرحمن الشرقاوي في شخصية أبو سويلم). أما المدينة الصناعية، فقد حدثني رجل كان لدية محل للخراطة حيث قال: جمعونا كالأغنام قرب شلال ساقية الري وأخذوا يضربوننا. كان يبتسم وهو يقول وأمسكوا شابا كان قد تذمر من الضرب، فأخذوا يركلوه بأقدامهم على مؤخرته. واستغربت من ضحكته وابتسامته، لكن حللتها فيما بعد أنه عندما يتعرض البشر لمذلة وإهانة ومأساة، يعيدونها على شكل نكتة لتخفيف الألم الداخلي الذي يتعرضون له.
كل هذا جزءا يسيرا من الإهانات التي نزلت بالسوريين بشكل عام وأهل حمص بشكل خاص. سبب أخر هو أن نظام أو عصابة الأسد استعادت على تركيع الناس بواسطة الإهانات والتهديد بالقتل ولذلك ضمنوا لفترة طويلة حكمهم على سوريا إذ لم يتركوا للسوريين أي خيار، فهي إما ثورة عارمة لا تبقي ولا تذر أو صمت قاتل كما وصف الحالة السورية المرحوم رياض الترك بأنها مملكة الصمت. إضافة لذلك، كان عناصر السرايا في الغالب من صنف واحد، أي يتكلمون بالقاف الثقيلة للدلالة على المكان الذي أتوا منه وكانت الشتائم أول الرد على التحية عند الحواجز. هذا كله قبل أن تقع مجزرة حماة التاريخية الذي كان بطلها اللواء والرفيق كما قلنا رفعت الأسد. وتعقيباً على أن الرفيق رفعت كان مزوراً للدكتورة في التاريخ، فالدليل هو أنه مرة كان يخطب في رابطة الخريجين الجامعيين فقال مرتبكاً عن الجمجمة السورية إن الإنسان السوري أنسان قديم، وعمر الجمجمة السورية 50 مليون سنة. ولا أعرف إذا كان المقياس هنا هو سنة شمسية أم ضوئية. إضافة لذلك يقال بين الذين يعرفونه أنه لم يحصل في حياته إلا على الشهادة الابتدائية ثم تم تزوير الشهادة الإعدادية والثانوية. ويذكر الرفيق العماد المرحوم مصطفى طلاس، الذي كان رجلا يهتم بالثقافة في كل مجالاتها حتى أنه ألف كتبا في الطبخ والنفخ وساعد وغطى أيضاً على جرائم رفيقه الفريق حافظ الأسد وكان من جوقة التوريث مع الرفيق الخدام عبد الحليم خدام، إذ قال في مذكراته عن رفيقه رفعت عندما كان يقدم امتحان الجامعة في مكتب الإدارة وقد أعطاه الأستاذ ورقة الامتحان والكتاب معها كي يجد الأجوبة، ولما تعثر في إيجاد الجواب صرخ بالمدير: وين الجواب لهادا السؤال ولا.



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رياض الترك وحكاية الدكتاتور
- كتاب: الطوطم والتابو - كامل
- كتاب: الطوطم والتابو-3
- كتاب: الطوطم والتابو-2
- كتاب: الطوطم والتابو - 1
- كتاب: الجيش والسياسة - كامل
- كتاب الجيش والسياسة )2)
- كتاب: الجيش والسياسة (1)
- ماتفي كوجيمايكين
- حركات العامة الدمشقية كاملا
- حركة العامة الدمشقية (4)
- كتاب: حركات العامة الدمشقية (3)
- كتاب: حركة العامة الدمشقية (2)
- كتاب: حركة العامة الدمشقية (1)
- كتاب: جيل الهزيمة – الوحدة والانفصال كاملاً
- كتاب: جيل الهزيمة (3)
- كتاب: جيل الهزيمة (2)
- كتاب: جيل الهزيمة (1)
- الشكر للسعودية وأميرها
- كتاب: أصل العائلة والملكية والدولة


المزيد.....




- 2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام
- -سيتضح كل شيء في الوقت المناسب-.. هل تيموثي شالاميه هو مغني ...
- أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
- الأفلام الفائزة بجوائز الدورة الـ5 من مهرجان -البحر الأحمر ا ...
- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم أنتوني هوبكنز وإدريس إل ...
- الفيلم الكوري -مجنونة جدا-.. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق ا ...
- صورة لغوريلا مرحة تفوز بمسابقة التصوير الكوميدي للحياة البري ...
- حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي.. حضور عالمي وتصاميم ...
- -رسالة اللاغفران-.. جحيم المثقف العربي وتكسير أصنام الثقافة ...
- مصر: مبادرة حكومية لعلاج كبار الفنانين على نفقة الدولة


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - الحركة التصحيحية وسرايا الدفاع