|
كتاب: الطوطم والتابو-2
خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 17:43
المحور:
الادب والفن
التابو والطوطم- سيغوموند فرويد - تابو الحكام: الحكام والزعماء عند المتوحشين مقدسين، فعلى الناس أن تتقيهم لأنهم يحملون القوة السحرية باللمس الذي يحمل الموت للأفراد (64). هناك من قبائل النوبا في افريقيا من يجعل الملك يلمسه على كتفه العارية كي يشفى من علته، وحتى ملك بريطانيا شارل الأول إبرا مريض عام 1633 من البرص بعد لمسه (65). يذكر أن زعيم قبيلة ترك بقية من طعامه، فأتى غلام قوي وشجاع من القبيلة وكان جائعاً فأكل ما تبقى من الطعام، وبعد أن أخبروه بأن الطعام كان للزعيم انتابته تشنجات في جسمه ثم مات عند المغيب، كما حدث ذات الشيء لإمرأة (65). ملوك وزعماء المتوحشين مجهزون بسلطة كبيرة لا يحوزها إلا الآلهة، هذه القدرة فقدت في مرحلة التمدن (66). في غينيا الشرقية في افريقية يعيش الملك الكاهن كركرلو لوحده في الغابة ولا يجوز له أن يلمس امرأة ولا يغادر كرسيه الذي ينام عليه وهو جالساً مهما حدث (68). إذا مات الملك في سيرلونه في افريقيا يبحث بعض الناس عن بديل، فيقترعون بالسر وينصبون الشخص المنتخب بالقوة، لأن المنصب غير محبب بالنسبة للناس. ويرى فريزر هذه الظروف هي التي أدت إلى فصل السلطة الروحية عن السلطة الزمانية (70). ثم يقول فريزر في مكان آخر أن شعب سيرلونة كانوا يضربون ملكهم الذي نصبوه وقد لا يعيش طويلاً بعد اعتلائه العرش وهذا يذكرنا بالعصابي الذي يرى في شخص قوة عظيمة وبالوقت نفسه يكن له كراهية شديدة (73). كان الملوك الأوائل غرباء، فهم مخصصين للتضحية بعد فترة قصيرة من الحكم في الأعياد والاحتفالات باعتبارهم ممثلين للإلهة (74). - تابو الأموات: الشعوب البدائية تعتبر الأموات أقوياء، لكنهم أعداء. هناك عواقب تتبع لمس الميت، فعشيرة الماواري تعد كل من يلمس الجثة أو يشارك في دفنها نجساً. لذلك عندما يضعون الطعام أمامه، لا يلمسه بيده، بل بشفتيه وأسنانه ويديه خلف ظهره. بعد ذلك يجري تحطيم جميع الأواني التي استخدمها في تلك الفترة أو حتى الثياب التي يلبسها. كما أنه في بولينيويا تسود هذه العادات (75). هذه العادة قد تمتد بالزعيم ما بين خمسة أشهر إلى عشرة أشهر، ففي الشاسواب في كولومبيا البريطانية يتوجب على الأرامل أن يعيشوا منعزلين طيلة فترة الحداد ولا يحق لهم لمس جسمهم أو رأسهم بأيديهم (76). في منطقة غينيا الجديدة البريطانية يفقد الأرامل جميع الحقوق المدينة ويعيشون لمدة معينة مثل الصعاليك. وهناك تحذير من ذكر اسم المتوفي وهذه العادة منتشرة في مناطق متفرقة جغرافياً وهي تنتشر حتى في جنوب الهند وبلاد التتار والطوارق في صحراء المغرب ومناطق في اليابان وفي افريقيا الوسطى حتى أن ذكر اسم المتوفي عند الهنود الحمر يعتبر إهانة عقوبتها تماثل عقوبة الموت (77). ولذلك تجنباً لذكر اسم المتوفي عن طريق الخطأ، حاول البعض تغيير اسم المتوفي مباشرة بعد موته (78). وهناك مريضة نفسية في العيادة، كانت تتجنب كتابة اسمها خوفاً من أن يقع بيد أحد ويأثر على شخصيتها بشكل سلبي (80). يعتقدون أن المتوفين يتحولون إلى أرواح شريرة بعد الموت لأنهم غير راضين على موتهم. فقد ينشأ عند البدائيين حالة من الحزن والألم بعد فقدانهم للشخص المحبوب، نوع من العدوانية المستترة في شعورهم، وقد يعتقد الشخص أن الرغبات الشريرة عند المتوفي هي التي قتلته حيث تظل العدوانية اللاشعورية ضد الميت (82). الضمير هو الإدراك الداخلي لخلجات رغبوية مستنكرة متوحدة فنا (91). كان العقاب دائماً من أسس النظام الجزائي البشري والحس النبيل عند العصابي هو في الأساس الخوف من العقاب كما عند المتوحشين (94). تبدي الحالات العصابية تطابقات ملفتة وعميقة مع النتاجات الاجتماعية العظيمة في مجالات الفن والدين والفلسفة (95). إن الهستيريا هي صورة مشوهة عن الإبداع الفني والعصاب القسري هو صورية مشوهة عن الدين والهوس الهذائي هو صورة مشوهة عن النظام الفلسفي. هنا تأتي الطبيعة اللإجتماعية للعصاب عن نزعتها البدائية في أن تهرب من الواقع غير المشبع إلى الم خيالي أكثر لذة (96). - الأرواحية والسحر وطغيان الأفكار: الأرواحية هي علم التصورات الروحية أو علم الكائنات الروحية عامة. أما الأحيائية هي علم حياة الطبيعة التي تبدو لنا غير حية، ويدخل في ذلك تقديس الحيوانات وعبادة الأجداد (97). يعتقد الإنسان البدائي أن هذا العالم مليء بالكائنات الروحية التي تضمر له الخير والشر معاً وهي تؤثر في حوادث الطبيعة (98). مازال الموت خالي المضمون وصعب الاستيعاب سواء بالنسبة لنا أو للبدائي. وقد قدم هيوم مؤلفه "التاريخ الطبيعي للدين" بمثابة تبرير لإحياء الجمادات، فهو يقول: هناك نزعة للجنس البشري لأن يتصور جميع الكائنات على شاكلته. فالأرواحية هي نمط تفكير، فقد قدمت البشرية ثلاث أنواع من التفكير وهي الأرواحية ثم الدين ثم النمط العلمي (99). هناك فرق بين الشعوذة والسحر، فالشعوذة هي فن التأثير على الأرواح من خلال معاملتها كالبشر، بينما السحر أكثر أصالة من الشعوذة وهو اخضاع الحوادث الطبيعة للإرادة البشرية وحماية الفرد من الأعداء والأخطار (100). أكثر الطرق السحرية هي أن يضع المرء صورة عن العدو ثم يوجه له الأذى في أعضاء جسمه (101). كان الإله رع في مصر القديمة يقاتل ضد زمرة الشياطين بقيادة عدوه أبيس أو أبيب ثم يستمر القتال طوال الليل وهذه القوة ترسلها غيوماً تحجب نوره ولذلك تجري مساعدته في معبد طيبة بشكل شعيرة تضع صورة العدو أبيب من الشمع بهيئة تمساح أو حية ويكتب عليها بالحبر الأحمر أسم الشيطان ويلف بورق البردي والشعر الأسود ثم يقوم الكاهن بضربه والبصق عليه ورميه على الأرض ثم رفسه بقدمه اليسرى ويحرقه (جيمس فريزر- الفن السحري- ص 67) (102). اثنان من أساطير وعبادات لعبت بمراحل حضارية إلى يومنا هذا هما طريقنا بسحر المطر وسحر الخصوبة بشكل يسعى إلى استنزال المطر سحرياً عن طريق محاكاة أو تقليد الغيوم أو العاصفة المطرية. يقول فريزر إن الحظر التوراتي لتصوير أي شيء حي ليس صادرا بالتأكيد عن رفض للفنون التشكيلية، بل يقصد به انتزاع أداة السحر الذي يرفضه الدين العبري (102). كان اليابانيون القدماء يصنعون المطر بصب الماء في مصافي كبيرة ثم يقوم آخر بجر شراع ومجداف كأنها سفينة ثم يطوف بها حول القرية، أما الخصوبة، فكان أهل جاوا من الفلاحين أن يذهبوا إلى مزارع الرز ليلاً كل مع زوجته ويمارسون الجنس تشجيعا لنبات الرز كي يثمر مثلهم، وعلى العكس، فإن العلاقات السفاحية تؤدي إلى الجفاف (103). بمعنى آخر، إذا أردتها أن تمطر فعليك فعل شيء مشابه. في مرحلة متطورة يقيم المرء بدلاً من السحر حجاً إلى مكان الإله ثم يتضرع إلى القديس القاطن هناك من أجل المطر، فإذا نزل المطر قال إن الإله أستجاب له وإن لم ينزل قال إنه لم يتضرع كفاية. ومن أجل الإضرار بالعدو يمكن أن تملك شعرة منه أو أظافره واسما له ثم يجري الاعتداء نظرياً عليه. ولذلك عندما يأكل جزء من العدو، فإنه يتملك الخصائص التي كانت للشخص. والمرأة عليها ألا تتناول الحيوان في الحمل كي لا يكون الجنين مثل الحيوان (104). إذا جرح الميلانيزي بقوس واستولى على ذلك القوس، حفظه بمكان رطب كي لا يلتهب الجرح وإذا ظل القوس مع العدو فيضعون الشخص قرب النار كي لا يلتهب الجرح. وحتى يومنا هذا، فإذا جرح فلاح بريطاني بالمنجل ينظف المنجل كي لا يلتهب الجرح، وحدث ذات يوم مع سيدة جُرحت ببسمار حيث دخل في أخمص قدمها، فطلبت من ابنها أن ينظف المسمار ويرميه دون أي تنظيف للجرح حيث ماتت بعد أيام بمرض الكزاز (105). يسلم البشر بأن هذه الأعمال السحرية لا تقدم شيئاً ما لم يتم الإيمان بها ومرافقة ذلك بالصلاة والدعاء والتقوى (107). هنا نلتقي بطغيان الأفكار بأوضح صورة في حال عصاب الإكراه. ليس الواقع المعاش هو الباعث، بل واقع الفكر هو المقياس لتكوّين الظواهر الطبيعية (109). يقول شوبنهاور، أن مشكلة الموت تقف على مدخل أية فلسفة (110). في حضارتنا اليوم، لم يدم طغيان الأفكار سوى على صعيد الفن وهو في الغالب يخدم نزعات لا وجود لها (112). إن الأرواح والجان هي إسقاطات لانفعالات باطنية، فالبدائي يجعل التخيلات الباطنية أشخاصا يسكن العالم بهم، فهي اسقاطات الأحداث النفسية على الخارج (114). والاروح الشريرة هي أول الأرواح عند البدائي بسبب ما يتركه الموت في أثره عنده (115). فالأرواحية هي نظام فكري عن العالم الخارجي (116). الخرافة في هذا النظام مثل الخوف أو مثل الحلم أو الروح الشريرة. بعض هؤلاء المتوحشون يغتسلون جيداً قبل بدء الحرب كي لا يستغل العدو رائحتهم ويوقع الضرر بهم (120). يبقى نساء المتوحشين في المنزل ضمن تقيدات بشكل أنهم يؤمنون أن نساءهم إذا خانوا، فسوف يفشلون في الصيد (121). كثير من الشعوب المتوحشة لا تحتفظ بالأسلحة في المنزل. فهناك خرافة ألمانية قديمة تقول إن المرء لا يجب أن يضع السكين إلى الأعلى لأنه من الممكن أن تتأذى الملائكة والله منها (122). - العودة الطفولية الطوطمية: نظام الطوطمية هو نظام للشعوب البدائية في استراليا وامريكا وافريقيا وهو بديل عن الدين ويقدم شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي (123). قال الباحث الاسكتلندي ماكلينان في عام 1869 أن الطوطمية مازالت موجودة في عادات وتقاليد الشعوب المتحضرة وهناك كتاب للباحث ف- فونت 1912 بعنوان (مكونات سيكولوجية الشعوب) حيث يقول إن المرحلة الطوطمية تكونت في كل مكان بالجنس البشري (123). لخص س. رايتاج في كتابه (الشريعة الطوطمية) عام 1900 في 12 مادة: 1. لا يجوز قتل أو أكل حيوانات معينة.. 2. إذا مات الحيوان يدفن مثل أبناء القبيلة.. 3. قد يسري الحظر على جزء معين من الحيوان.. 4. إذا تحتم على البدائي قتل ذلك الحيوان فعليه أن يستعين بتعاويذ معروفة
#خليل_الشيخة (هاشتاغ)
Kalil_Chikha#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتاب: الطوطم والتابو - 1
-
كتاب: الجيش والسياسة - كامل
-
كتاب الجيش والسياسة )2)
-
كتاب: الجيش والسياسة (1)
-
ماتفي كوجيمايكين
-
حركات العامة الدمشقية كاملا
-
حركة العامة الدمشقية (4)
-
كتاب: حركات العامة الدمشقية (3)
-
كتاب: حركة العامة الدمشقية (2)
-
كتاب: حركة العامة الدمشقية (1)
-
كتاب: جيل الهزيمة – الوحدة والانفصال كاملاً
-
كتاب: جيل الهزيمة (3)
-
كتاب: جيل الهزيمة (2)
-
كتاب: جيل الهزيمة (1)
-
الشكر للسعودية وأميرها
-
كتاب: أصل العائلة والملكية والدولة
-
أصل العائلة (5)
-
أصل العائلة (4)
-
أصل العائلة (3)
-
أصل العائلة (2)
المزيد.....
-
مصر.. وفاة الفنان بهاء الخطيب خلال مباراة والعثور على -تيك ت
...
-
فيلم -درويش-.. سينما مصرية تغازل الماضي بصريا وتتعثّر دراميا
...
-
شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز
...
-
ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
-
جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
-
مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه
...
-
بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا
...
-
الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
-
تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان
...
-
مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات
...
المزيد.....
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
المزيد.....
|