أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد الطيب - حين تمطر… يغرق الوطن في قطرة














المزيد.....

حين تمطر… يغرق الوطن في قطرة


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 02:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بلادٍ أخرى يُحتفى بالمطر، تتفتح الأزاهير، وتنتعش المدن، وتزداد الطرق لمعانًا. أمّا في العراق، فالمطر ليس نعمة… إنه إنذار. إنذار بانهيار شارع، أو سقوط سقف مدرسة، أو غرق مستشفى، أو تعطّل دائرة حكومية. هنا، قطرة المطر ليست ماءً سماويًا؛ إنها اختبارٌ فاضح لسنوات من الفساد وسوء الإدارة وتلف البُنى التحتية التي لم تُبنَ أصلًا.
نحن في بلدٍ تتوقف فيه الحياة لأن الغيوم قررت أن تقوم بعملها الطبيعي. تتعطل الدوائر “اضطراريًا”، وتُعلن المؤسسات “توقفًا احترازيًا”، وكأن المطر إعصار استوائي أو نهاية العالم. وكأن الموظف العراقي كائن ورقي يذوب بالماء، وكأن الدوائر الحكومية مجرد خيام لا تحتمل رذاذًا.
الطين ليس في الشوارع فقط… الطين الأكبر في العقول التي تدير هذه البلاد. كيف لبلدٍ يمتلك أموال نفطٍ تكفي لبناء مدن جديدة كاملة، أن يعجز عن بناء مجاري تتحمل ساعة مطر؟ كيف لبلدٍ علّم العالم أولى قوانين الهندسة والري قبل آلاف السنين، أن يقف اليوم عاجزًا أمام جدول صغير يتحول إلى فيضان؟
لا نحتاج إلى هيئة أبحاث، ولا إلى لجان طوارئ، ولا إلى تنبؤات جوية. نحتاج إلى أن نكون شعبًا يسأل: لماذا دائمًا نغرق؟ ولماذا دائمًا ننهار؟ ولماذا تشير أصابعنا إلى السماء، بينما الفشل تحت أقدامنا؟
المدارس تُغلق، والطلاب يعودون إلى منازلهم وكأننا في قصة خيالية اسمها “المطر قاتل الدوام”. الدوائر تُقفل أمام المراجعين الذين قطعوا ساعات في الشوارع الطينية. أما الشوارع فتصبح أنهارًا موسمية، تبتلع السيارات والمارة وتحوّل أبسط تنقل إلى مغامرة نجاة.
العراق لا ينهار بسبب المطر… العراق ينهار لأن من يفترض أن يعمره قد جعله هشًّا إلى درجة أن قطرة واحدة تكشف المستور. المطر ليس عدونا؛ العدو الحقيقي هو عقلية تُغرق الوطن ثم ترفع شعار: “هذا قضاء وقدر!”.
إنها ليست قصة مطر. إنها قصة بلدٍ لم يُصنع لينهار، لكنهم صنعوه كذلك. بلدٍ له تاريخ هندسي يفوق خيال العالم، لكنه اليوم يُهزم أمام سحابة عابرة.
في العراق… حين تمطر، لا نحتاج مظلات. نحتاج دولة.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لستُ بخير
- مسافات الآمان
- شيوخٌ تقتل النخوة
- حين يبلغ الرجل ستينه… يسقط القناع الأخير
- الحرية في جناح عصفور
- اعترافات القلب… وانسحابات الروح
- إعلانات ساذجة في زمن الفوضى الرقمية
- الكوكايين السلوكي: كيف نحمي جيلنا من الهاوية الرقمية؟-
- كل الغياب يعود الا انت
- دعينا نلتقي
- انتم الخراب الذي يمشي على قدمين
- رفض تاريخي آخر: لماذا تبتعد المرجعية عن لعبة الكراسي؟
- ماض لن يعود .. كوجه جميل غادره الضوء
- أحملك بقلبي وأدفنك بصمتي
- جمال الموت
- أجمل المحطات
- دروع الإبداع… حين صار الوهم أعلى من الحقيقة
- جريح الثقة لا يُشفى
- لا تمنح الحقيقة كاملة .. انهم لن يفهموك !!
- بين الثائر والطاغي شعرة


المزيد.....




- كلون الدم أو الشاي الأحمر.. إماراتي يستكشف ظاهرة مياه نادرة ...
- لقاء زيلينسكي وميلوني.. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه إيطاليا ...
- كارثة في فاس: 19 قتيلا و16 جريحا في انهيار مبنييْن سكنييْن و ...
- تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند وترامب يدخل على خط الوس ...
- من مطبخ البرلمان إلى كتاب ساركوزي... فرنسا تتصدّر الصحف
- إجلاء أكثر من 400 ألف تايلاندي من مناطق حدودية مع كمبوديا
- تجدد النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا وسط ضغوط دولية لخفض ...
- وزير الخارجية اللبناني يرفض دعوة لزيارة طهران ويقترح عقد لقا ...
- الأسر السودانية تواجه مأساة المفقودين شمال كردفان وسط أزمة إ ...
- صحف عالمية: أكثر من 40 ألف فلسطيني بغزة يعانون من إصابات بال ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد الطيب - حين تمطر… يغرق الوطن في قطرة