عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 00:17
المحور:
القضية الفلسطينية
بقلم : عليان عليان
بعد مرور شهرين على قرار وقف إطلاق النار ، تتكشف الأمور رويداً رويداً بأن قرار مجلس الأمن رقم ( 2803) المستند إلى خطة ترامب بنقاطها العشرين ، لا يعد كونه إعادة لإنتاج أكثر من مشروع، منذ قرار وقف إطلاق النار وأبرزها : مخطط تهجير أبناء قطاع غزة الذي طرحه ترامب ليجعل منه ريفيرا لالشرق الأوسط ، وتراجعه عنه ثم عودته إليه مراراً وتكراراً / ومخطط الاستيطان في أجزاء من القطاع الذي نادى به كل من الإرهابيين سيموريتش وبن غفير / وخطة نتنياهو لتنفيذ سيطرة أمنية إسرائيليية على قطاع غزة ..
خطة ترامب مدخل لكل مشاريع الهيمنة
والأهم من كل ما تقدم أن مشروع ترامب المقنن بقرار من مجلس الأمن ، كفيل بتضمن كل المشاريع سالفة الذكر ، بل وأكثر من ذلك فتح الباب عريضاً أمام ضم الضفة الغربية والشروع بإنجاز إسرائيل الكبرى، في إطار مشروع الشرق الأسوسط الصهيو أمريكي الذي شرح نتنياهو تفاصيله بشكل علني لا لبس فيه، بمؤشر وخارطة تشمل فلسطيني والأردن وأجزاء من مصر وسورية ولبنان والعراق ، وفتح الباب أمام توسعة دائرة التطبيع الإبراهيمي لتشمل دولاً عربية وإسلامية أخرى.
والسؤال الأول الذي يطرح نفسه هنا : هل هنالك خلاف جدي بين خطة ترامب وسلوك حكومة اليمين المتطرفة حيال مراحل تنفيذ قرار مجلس الأمن ؟ والسؤال الثاني ماذا حقق الجانب الفلسطيني من القرار وماذا حقق الجانب الإسرائيلي من القرار ؟ ...الإجابة على السؤالين السابقين، تجيب بالضرورة على بقية الأهداف المتوخاة إسرائيلياً وأمريكياً من القرار والخطة معاً؟
التزامات من جانب واحد
فالقرار ( 2803) نص على وقف إطلاق النار ابتداءً من العاشر من أكتوبر الماضي ، وعلى انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة الصفراء ،التي تتجاوز مساحتها 53 في المائة من قطاع غزة حال انجاز المقاومة ما هو مطلوب منها ، من حيث الالتزام بوقف إطلاق النار وتسليم الأسرى الأحياء والجثامين ، فالمقاومة أفرجت عن جميع الأٍسرى الإسرائيليين الأحياء ، وعن 27 جثة من أصل 28 جثة ، ولم تبق سوى جثة واحدة ، يبدو أنها تبخرت أو تقطعت إرباً جراء القصف الصاروخي الذي طال كل شبر في القطاع، في عمليات العدو الأخيرة التي أطلق عليها " عربات جدعون 2".
وبالمقابل لم يلتزم العدو بما هو مطلوب منه فيي المرحلة الأولى فهو حتى اللحظة :
1- -لم يلتزم بإدخال عدد الشاحنات ( 600) الواردة في الخطة للقطاع التي تحمل المواد الغذائية والطبية / ولم يلتزم بإدخال الآلاف الخيام والكرافانات اللازمة لإيواء مئات الآلاف من ألأسر الفلسطينية لاتقاء برد الشتاء.
2-لم يلتزم بإدخال المعدات والآليات المطلوبة لرفع الأنقاض لانتشال جثامين الشهداء الفلسطيننين الذي يتجاوز عددهم عشرة آلاف شهيد.
3-لم يلتزم العدو بفتح المعابر للخروج والعودة ، ووصلت الأمور بمجرم الحرب نتنياهو أن يعلن أنه سيفتح معبر رفح قريبا للخروج فقط بالتنسيق مع مصر، الأمر الذي نفته مصر بالمطلق.
4- والأهم من ذلك أنه لم يلتزم بوقف إطلاق النار ، واستمر في عمليات القصف لمختلف أرجاء غزة التي راح ضحيتها منذ قرار وقف إطلاق النار في (10) أكتوبر 2025 حتى اللحظة ارتقاء 375 شهيداً وإصابة ( 970 ) مواطن فلسطيني ، ناهيك عن تدميره اليومي لما تبقى من مربعات سكنية في المنطقة الصفراء (رفح ، بيت حانون ، بيت لاهيا ، بيت حانون ، حي الشجاعية وبلدات شرق خان يونس وغيرها)
5- كما أن رئيس الأركان الإسرائيلي، أعلن بوضوج أن قوات الاحتلال ليست بوارد الانسحاب من المنطقة الصفراء واعتبارها حدود الكيان الصهيوني ، مع الجزء الخاضع لسلطة حركة حماس في قطاع غزة ، رغم التزام المقاومة بمتطلبات المرحلة الأولى .
غطاء أمريكي كامل للكيان الصهيوني
واللافت للنظر ما يلي :
1-أن الإدارة الأمريكية غضت النظر عن عدم التزام حكومة العدو بما هو مطلوب منها ، ومنحتها هامشا كبيراً لمواصلة عمليات القصف والقتل بالقطاعي، بدلاً من قتل الفلسطينيين بالجملة ، وفي ذات الوقت لم تحرك الإدارة الأمريكية ساكنا بشأن ضم حكومة العدو الضمني للمنطقة الصفراء ، الذي أعلن عنه رئيس أركان العدو يائيل زامير بقوله :" إن الخط الأصفر الذي يفصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية )حماس ) والمناطق تحت السيطرة الإسرائيلية، يُمثل "الحدود الجديدة" بين )إسرائيل( وقطاع غزة، وأنها باتت خط دفاع أمامي للمستوطنات وخط هجوم في ذات الوقت".
2- وبخصوص المركز العسكري الأمريكي في كريات جات (الفلوجة) قرب القطاع ، الذي زعمت الإدارة الأمريكية بأنه معني بمراقبة وقف إطلاق النار إلى جانب مهمات أخرى ، فإنه لم يحمل قوات الاحتلال مسؤولية عشرات الخروقات لقرار وقف إطلاق النار ، بل قام بتغطية هذه الخروقات، لدرجة أن نتنياهو أعلن أكثر من مرة بأنه وضع المركز الأمريكي بصورة عمليات قصف القطاع تحت مبررات كاذبة ومكشوفة .
3- أن الإدارة الأمريكية تضغط على حكومة العدو للانتقال للمرحلة الثانية دون أن تطلب منها الانسحاب من المنطقة الصفراء ، أو وقف عمليات القصف لمدن وقرى ومخيمات القطاع ، كون الإدارة الأمريكية مشغولة بما هو أهم لصالح الكيان الصهيوني وأمريكا.
واللافت للنظر أن الوسطاء والضامنين من الدول العربية والإسلامية، لم يحركوا ساكناً حيال تحلل الكيان الصهيوني من الاللتزامات المطلوبة منه ، ولم يستخدموا أية أوراق ضغط بأيديها وهي كثيرة ، فقط هي ملتزمة بالعمل على نزع سلاح المقاومة تنفيذاً لإملاءات السيد الأمريكي ، والتي هي بالأصل متماهية معها منذ بداية معركة الطوفان .
إنجازات لمصلحة الكيان الصهيونيي
ما يجب يجب الإشارة إليه هنا أن خطة ترامب وقرار مجلس الأمن المنبثق عنها حقق للعدو الصهيوني ما يلي :
1- لعب دوراً هاماً في تخفيف العزلة الدولية عن الكيان الصهيوني ، وتبدى ذلك في انحسار كبير في عدد المسيرات المتضامنة مع قطاع غزة، في مختلف المدن والعواصم الغربية ، وتراجع الكثير من الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول الأوروبية ضد حكومة العدو .
2- أن القرار وتداعياته اعتبر قطاع غزة تهديد للسلم والأمن الدوليين ، وأن المشكلة لا تكمن في الاحتلال وحرب الإبادة والتجويع ، بل تكمن في سلاح المقاومة المطلوب نزعة باعتباره أولوية الأولويات ، أما الكيان الصهيوني المدجج بكل أنواع الأسلحة فلا مشكلة بشأنه ، وكأن الشعب الفلسطيني هو يمارس عملية احتلال ( إسرائيل)
3- أن تداعيات القرار ومراحل الخطة وضعت في السياق العملي حداً لإجراءات محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف الإبادة الجماعية ، واعتبرت الضفة والقطاع والقدس أرض محتلة يجب أن ينسحب الاحتلال منها.
4- يضاف إلى ما تقدم فإن رفض معظم الدول التي طلب منها الاشتراك في قوة الاستقرار الدولية ، أن تلعب أي دور في نزع سلاح المقاومة وإمكانية أن تشتبك معها ، منح حكومة العدو فرصة إضافية للاستمرار في حرب الإبادة والتجويع- التي أدت حتى اللحظة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى ارتقاء أكثر من 70 ألف شهيد و171 ألف مصاب/ والتنصل من ما هو مطلوب منها ، ما يمكنها من فرض سياسية الأمر الواقع في المنطقة الصفراء والعمل على توسيع هذه المنطقة بالتدريج.
.
سؤال المهمات
وقبل أن نطرح سؤال المهمات ، يجب أن نعترف بأن خطة ترامب كانت مصيدة للمقاومة ،وأن المقاومة وقعت في الفخ، خاصة بعد أن ارتكب المفاوض الفلسطيني خطيئة كبرى، بقبوله هذه المرة بأن يبقى الاحتلال في المنطقة الصفراء التي تشكل 53 في المائة من مساحة القطاع ، بعد أن أبلى بلاءً عظيماً في صفقة يناير / كانون ثاني الماضي ،حين أصر على تواجد قوات الاحتلال فقط على عمق يتراوح بين 700- 1000 متر غرب خط الهدنة مع الكيان الصهيوني.
في ضوء ما تقدم من أخطار ومن أجل تجاوز كمين التصفية للمقاومة وللقضية الفلسطينية ، يتوجب على فصائل المقاومة أن تكافح من أجل إفشاله ، عبر بلورة مهام مركزية في هذه المرحلة الأخطر بعد مرحلة أوسلو ، ولست هنا بصدد التنظير على قادة المقاومة وعلى من يخوضون المعركة في الميدان والسياسية ، بل أقترح ما يلي :
1- أن تستثمر فصائل المقاومة الوضع الراهن لإعادة بناء نفسها عسكريا وتنظيمياً واستقطاب الآلاف من المقاتلين وتدريبهم ، للاستعداد للجولة القادمة التي هي حتما ً آتية.
2- العمل على تطوير حالة التنسيق القائمة بين فصائل المقاومة في إطار غرفة العمليات المشتركة ،باتجاه تشكيل جبهة وطنية عريضة تضم فصائل المقاومة والشخصيات الوطنية في الداخل والخارج ، ببرنامج مشترك ، وبقيادة واحدة للتصدي للأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية.
3- إيلاء أهمية استثنائية للضفة الغربية ، في ضوء ما تتعرض له من ارتفاع غير مسبوق في رفع وتيرة الاستيطان والبؤر الاستيطانية ، وما تشكله من ضم زاحف وتدريجي للكيان الصهيوني ،ومن حملة قمع غير مسبوقة من قبل الاحتلال والمستوطنين ، أدت إلى ارتقاء ما يزيد عن ألف ومائة شهيد واإصابة ما يزيد عن 21 ألف فلسطيني واعتقال ما يزيد عن (11) ألف، منذ السابع من أكتوبر 2023 / وزيادة عدد الحواجز التي تفصل مناطق الضفة عن بعضها ( ما يزيد عن ألف حاجز) باتجاه إشعال انتفاضة جديدة تتجاوز في مفاعيلها انتفاضتي الحجارة والأقصى ، لا سيما وأن الضفة باتت حبلى بارهاصات انتفاضة جديدة.
وهنا يجب التأكيد على أن إشعال انتفاضة جديدة ، يشتت جهد العدو وقواته ويفرمل تداعيات وأبعاد خطة ترامب .
4- التواصل الجاد مع كافة أطراف محور المقاومة في لبنان وجنوب سورية واليمن والعراق وإيران باتجاه تفعيل المحور ، لأن رأس المحور بكامله بات مطلوباً للتصفية كشرط لإنجاز ( إسرائيل) الكبرى ومشروع الشرق أوسط الصهيو أمريكي .
5- العمل على كشف حقيقة فزاعة مسار الدولة الفلسطينية الواردة في خطة ترامب ، بأنها لا تعدو كونها طرحاً تمويهياً ، لتمرير مخطط توسيع دائرة التطبيع الإبراهيمي.
6- العمل على استنهاض الشارع العربي ليأخذ دوره في دعم صمود الشعب العربي الفلسطيني ومقاومته الباسلة، بوصف القضية الفلسطينية قضية الأمة العربية المركزية.
وأخيراً لا بد من تفعيل دور الشتات الفلسطيني واللاجئين في الدول المضيفة ليشتقوا المهمات المطلوبة لدعم المقاومة ،وحماية القضية الفلسطينية من خطر التصفية ، ولا بد من إعادة الاعتبار للحراك الشعبي العالمي ، من خلال تعميق التشبيك مع المؤسسات الشعبية في مختلف دول العالم ، التي لعبت دوراُ مركزياً في تفعيل هذا الحراك نصرة لغزة ولفلسطين.
انتهى
#عليان_عليان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟