عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 21:46
المحور:
القضية الفلسطينية
ونحن نتابع الشهر الثاني والعشرين للعدوان الصهيو أميركي الأطلسي على قطاع غزة نتذكر العدوان الصهيوني على لبنان عام 1982 ، وحصار بيروت الذي استمر ثلاثة أشهر نشهد ذات الموقف العربي الرسمي والدولي ، في خذلان الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة لكن بفارق أولي أن المقاومة في غزة رغم الخذلان العربي الرسمي والشعبي ، لم ترفع شعار " يا وحدنا" رغم أنها تقاتل وحدها بمساندة عسكرية من حركة أنصار الله ، في حين أن القيادة المتنفذة لمنظمة التحرير رفعت في حينه هذا الشعار رغم مشاركة قوات الحركة الوطنية اللبنانية بالقتال.
ظلت المقاومة في لبنان تقاتل في إطار القوات الفلسطينية – اللبنانية المشتركة، لمدة ثلاثة شهور، والنظام العربي الرسمي يمارس الفرجة على بيروت وهي تحترق، تحت وطأة عشرات الآلاف من القنابل الفراغية ، ويعيش الحياة كالمعتاد ، فمحطاته التلفزيزنية ظلت تبث قائمة البرامج من نشرات الأخبار والأغاني والمسلسلات وفيلم السهرة كالمعتاد ، وظل ذلك الرئيس وذلك الأمير والحاكم يواصل جولاته الشكلية على الرعية ، ليشرح لهم قيمة الأمن والأمان بعيداً عن مفردات الصراع ،معتمداً على أمريكا أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً، لضمان بقائه على الكرسي العاجي ، وكأن ما كان يحدث في بيروت ، من صمود وقتال وشهداء وجرحى يحصل في قارة بعيدة.
المعادلة هي ذات المعادلة رغم فارق الزمن ، هي نفسها تنطبق على قطاع غزة ، إنها التبعية للإمبريالية الأمريكية ، التي تصب في التحليل النهائي في تغطية العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ، لكن بفارق آخر يحدث بشكل فاقع ، وهو أن معظم أطراف النظام العربي الرسمي ، باتت منذ معركة السابع من أكتوبر التاريخية ، تتخنق عملياً في خندق العدو الصهيوني ، وليس في خندق أمريكا فقط ،وتمد العدو بالأسباب التي تمكنه من الاستمرار في العدوان على قطاع غزة ، في الوقت الذي تحجب فيه عن القطاع كل أسباب استمرار الحياة من ماء ودواء وغذاء ، وتشارك في حرب الإبادة الجماعية وحرب التجويع لأبناء شعبنا في قطاع غزة.
عوامل الحسم
ومن الموضوعية هنا قبل أن ننتقل إلى جوهر الموضوع " حرب الاستنزاف" أن نشير إلى أن رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية وقادتها العسكريين ، قدموا أسطورة في الصمود والمقاومة في مواجهة العدوان لكن تقتضي الموضوعية أيضاً في سياق آخر أن نؤكد على جملة مسائل رئيسة على النحو التالي:-
1-أن القيادة الحالية التي تقود المقاومة في قطاع غزة التي تندرج في إطارها جميع فصائل المقاومة، قيادة مؤتمنة على أهداف الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة.
2- أنها ترفض الدخول في نهج التسوية
3- أنها تستند إلى حاضنة شعبية عظيمة ، لم تخذل المقاومة بل ترفدها بالمقاتلين رغم استشهاد وإصابة ما يزيد عن 198 ألف مواطن فلسطيني.
4- أن قيادة المقاومة في قطاع غزة مقاومة كادحة، لا تخضع لأبجديات الرتب والرواتب التي فرضتها آليات الدعم النفطي القاتل ، بل تخضع لآليات تطوير تكتيكات ومهارات القتال والتسابق على الشهادة.
لقد تمكنت المقاومة في مواجهة العدوان الجديد على قطاع غزة في الثامن عشر من مارس ( آذار) بعد أن تراجع العدو عن صفقة كانون ثاني لتبادل الأسرى ، أن تجر قوات الاحتلال إلى حرب استنزاف غير مسبوقة ، مستفيدة من تجربة المقاومة العنيدة الممتدة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى يناير (كانون ثاني) 2025 .
حرب الاستنزاف
في حرب الاستنزاف التي باتت تخوضها المقاومة منذ مارس( آذار) الماضي ، اتخذت قيادة فصائل المقاومة قرارها بالاعتماد على عاملها الذاتي المقاوم ،لإجبار العدو على التسليم بشروطها لأي صفقة ، للتعويض عن خذلان وخيانة النظام العربي الرسمي لها ، الذي رفض ولا يزال يرفض استخدام أي ورقة ضغط على العدو ، لإجباره على الانسحاب وإيصال المساعدات الطبية والغذائية ، فكان أن شمرت المقاومة عن ساعدها لتحطيم الورقة الأخيرة للعدو ممثلة بعملية العدو العسكرية " عربات جدعون " التي وضعها رئيس الأركان الصهيوني الجديد " إيال زامير".
المقاومة بتنفيذها كمائنها المركبة بكفاءة عالية استندت إلى ما يلي :
1-خوض حرب عصابات بوحدات صغيرة تمتد في كافة أرجاء القطاع
2- اعتماد اللامركزية في القتال
3- تطوير المهارات القتالية لرجال المقاومة بإجراء مناورات رغم عمليات رصد العدو.
3- تطوير عمليات الكمائن المركبة ، في المناطق التي يعتقد العدو بأنها أصبحت آمنة كما حصل في كمين بيت حانون المميت بتاريخ 12 تموز الجاري ، الذي أدى إلى مصرع خمسة جنود صهاينة وإصابة (15) بجروح خطيرة ، حيث وصفه المراقبون العسكريون بأنه مثابة (7)أكتوبر آخر ، وكذلك في سلسلة الكمائن المتعددة في الشجاعية وجباليا وعبسان الكبيرة وغيرها.
4- توظيف الأنفاق وركام الأبنية المهدمة في نصب الكمائن.
5- اللجوء للقتال المباشر بعد تنفيذ كل كمين لاصطياد قوات النجدة
6- توظيف الكمائن ليس لإيقاع خسائر بشرية ومادية في صفوف العدو فحسب ، بل لأسر جنود من العدو وتوظيف عملية الأسر في صفقات التبادل .
7- الاعتماد الهائل على عمليات الرصد والاستطلاع لتحركات العدو ونقاط ضعفه لدرجة أن المقاومة باتت تعرف أسماء بعض قادة الوحدات و السرايا الإسرائيلية المتقدمة ، والطرق التي ستسلكها قوات العدو ، كما أن عمليات الرصد لطائرات استطلاع العدو وطائراته المسيرة مكنت المقاومة من الاستيلاء على كميات هائلة من المواد التي تستخدم في صناعة المتفجرات ذات الكفاءة التدميرية العالية
8- توظيف القذائف التي لم تنفجر في صناعة تقنيات عسكرية وفق أسلوب الهندسة العكسية.
تصاعد الكلفة البشرية للاحتلال
لقد تمكنت فصائل المقاومة التي ضاعفت من أعداد المقاتلين المتمرسين ،من تحطيم خطة "عربات جدعون" التي كانت بمثابة الطلقة الأخيرة في مسدس كل من نتنياهو ورئيس أركانه لتحقيق أهداف العدو من الحرب ،ممثلة بالقضاء على حماس وفصائل المقاومة وتجريدها من السلاح وتنفيذ خطة تهجير ( 5, 2 ) مليون فلسطيني إلى الخارج ، وبات العدو يعلن كل يوم أكثر من مرة عن حادث أمني صعب ، يؤدي إلى مصرع وإصابة عدد كبير من الجنود ، وبتنا نشهد طائرات الهليوكوبتر تنقل يوميا القتلى والجرحى الإسرائيليين، إلى مستشفيات بئر السبع والقدس وتل أبيب.
وبات العدو يتجرع كأس الهزائم في ضوء هذه الخسائر في صفوفه ، وراح رئيس أركانه يعلن أن عملية عربات جدعون حققت أهدافها في السيطرة على معظم أنحاء قطاع غزة ، متجاهلاً حقيقة أنه رغم تواجد قوات الاحتلال في معظم أرجاء القطاع ، إلا أنها لم تمسك بأي شبر من الأرض جراء كمائن المقاومة ، وجراء الشجاعة والجرأة غير المسبوقة لرجال المقاومة التي اعترفت بها وسائل إعلام العدو ، لدرجة أن أحد رجال المقاومة وصل إلى أحد دبابات الميركافا وألقى بالعبوة من فوهتها ، لتحترق بمن فيها ، وأن مقاوماً آخر اصطاد دبابة بعبوة شواظ وعاد بعد أقل من دقيقة ليصطاد أخرى ، ناهيك أن الجنود باتوا يتركون رشاشاتهم على سطح ناقلات الجند خشيةً من قنصهم ، دون أن يستخدموها ما يمكن رجال المقاومة من تدميرها.
لقد رفعت المقاومة الكلفة البشرية لجيش الاحتلال ، الذي بات يعيش حالة خواء معنوي ويذهب مجبراً إلى القطاع ، في الوقت الذي يفر العديد من جنوده من ميدان المعارك ، ويتخلف الآلاف من قوات الاحتياط الذهاب إلى غزة، محبذين المحاكمة والسجن على الموت في رمال غزة ، وقد أفادت "القناة 12" الإسرائيلية بتاريخ 22 يوليو (تموز) الجاري، بأنّ عدد الجرحى في صفوف قوات الاحتلال بلغ أكثر من 18.500 منذ بدء العدوان على قطاع غزة، بينهم 12.500 أُصيبوا بجروح جسدية، فيما يعاني أكثر من 10.000 آخرين من صدمات نفسية واضطرابات ما بعد الصدمة.
وبحسب القناة، فإنّ 33% من الإصابات كانت في الأطراف، و13% في الرأس والعيون والأذنين، بينما نُسبت 7% من الإصابات إلى العمود الفقري والرقبة والظهر، ما يعكس مستوى القتال الكثيف وشدة الخسائر البشرية في صفوف "الجيش" الإسرائيلي.
وأظهرت البيانات أن 65% من الجرحى هم من قوات الاحتياط، و18% من الجيش النظامي، و10% من عناصر الشرطة وقوات الأمن، و7% من عناصر الخدمة الدائمة، فيما شكّلت النساء 7% من إجمالي الجرحى
هذه التطورات التي أحدثتها عمليات المقاومة الظافرة ، و حرب الاستنزاف التي تخوضها في قطاع غزة ، دفعت أمهات الجنود الصهاينة لرفع شعار أوقفوا الحرب ، وغيرت بشكل جذري معطيات استطلاعات الرأي لتصبح نسبة من يطالبون بوقف الحرب تصل إلى 77 في المائة ، ودفعت كذلك رئيس الأركان لأن يكذب على جمهور المستوطنين بقوله : " أن الحرب حققت أهدافها وأن الصفقة المنتظرة هي نتيجة تضحيات قواته" ..متجاهلاً حقيقة أن الصفقة المنتظرة هي نتيجة الخسائر البشرية الهائلة في صفوف قوات الاحتلال، ونتيجة الهزائم التي لحقت بهذه القوات في حرب الاستنزاف الظافرة.
وأخيراً عاد اللواء المتقاعد اسحق بريك إلى الواجهة بعد انقطاع زمني ، ليكذب الرواية الإسرائيلية في غزة بقوله :
-حماس عادت إلى حجمها قبل الحرب ، بنحو (40) ألف مقاتل متمركزين في الأنفاق.
-النجاحات التي يتحدث بها جيش ( إسرائيل) في غزة ، لا تتطابق الواقع المرير على الأرض وأن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أي إنجاز عسكري يذكر في حربه ضد حركة حماس في قطاع غزة
-أن الجيش الذي يظهر نفسه بأنه الأقوى في الشرق الأوسط هزمته حماس ، وأن كل ما يهم حكومة بنيامين نتنياهو "هو البقاء الشخصي والحكومي" وأن قيادة (إسرائيل) تقودنا إلى الانتحار الجماعي.
-"الأنفاق الممتدة من سيناء إلى داخل قطاع غزة لا تزال نشطة، وتمر عبرها الأسلحة رغم مزاعم الجيش العام الماضي، أنه سدّها بالكامل" " وانأن أقل من ربع أنفاق حماس تضرر وهو اعتراف جديد "يتناقض مع التصريحات الرسمية السابقة".
انتهى
#عليان_عليان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟