أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة في قصيدة الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير -للٰهِ درُّكِ (غزّا) الأبيّةَ..أرضَ الصُّمودِ بِأعْلى الهِضابْ..-














المزيد.....

قراءة في قصيدة الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير -للٰهِ درُّكِ (غزّا) الأبيّةَ..أرضَ الصُّمودِ بِأعْلى الهِضابْ..-


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 19:12
المحور: الادب والفن
    


(حين يعلو صوت الحق فوق نباح الرشاشات.. ونعيق المدافع..)

في خضم الحروب والخراب والدمار،تحتفظ قراءة القرآن بأهمية دينية عميقة للمسلمين،إذ يُعتبر مصدر القوة والسلوان ومبعث الراحة والسكينة للنفس في الأوقات الصعبة،حيث يذكر المؤمنين بحكمة الله وصبر الأنبياء على الابتلاءات.والآيات التي تتحدث عن الصبر والثبات في وجه الشدائد (مثل "واستعينوا بالصبر والصلاة") تمنح المؤمنين قوة معنوية.كما تؤكد على عدل الله وأن الظلم لن يدوم،مما يمنح الأمل للمظلومين والمضطهدين،
وتذكرهم بأن الدنيا دار اختبار وأن الجزاء الحقيقي في الآخرة.وهنا يتحول القرآن إلى وسيلة للدعاء والمناجاة،طلباً للرحمة والفرج ورفع البلاء.
سقت هذه المقدمة المتعجلة وأنا أقراء قصيدة الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير الموسومة ب"للٰهِ درُّكِ (غزّا) الأبيّةَ..أرضَ الصُّمودِ بِأعْلى الهِضابْ.."التي صيغت بحروف تداعب الوجدان،وتلامس الذائقة الفنية للمتلقي،وذلك على هامش حفلُ تكريمِ 581 حافظَا لكتاب اللهِ في (غزّةَ)..إذ تقول :
بِرَغْمِ الدِّمارِ ورغْمِ الحِصارِ
ورَغْمِ الإبادةِ،قَتْلِ...الشّبابْ

ورَغْمِ الدّماءِ وجَهْدِ البلاءِ
ورغْمِ المَجاعةِ ، …رغْمِ الذُّبابْ

ورغْمِ التشرُّدِ،رغْمٍ لِكلٍّ
وَكُلٍّ وَكُلٍّ وَرَغمِ...العذابْ

وَرَغْمِ الشّهيد وقتْلِ المَزيد
وَرَغْمِ الصَّهاينَ….
(حِفْظُوا الكتابْ)! ! .

تَراهُم وُقوفاً،صِغاراً كِباراً
بِبيضِ الثِّيابِ وخَلف…الحِجابْ

وَكُلٌ يُرَتِّلُ آيَ الكِتابِ
بِصَوْتٍ مَهيبٍ وَعالِي…الجَنابْ

فَلِلٰهِ درُّكِ (غزّا) الأبيّةَ
أرضَ الصُّمودِ بِأعْلى ……الهِضابْ

أراكِ العظيمةَ فوْقَ الجِراحِ
تُعِدِّي الرّجالَ …بِدينٍ مُهابْ

وَتَسقِي الرّضيعَِ بماءِ الحياةِ
وَدينِ الأُباةِ،لِقَهْرِ…الصِّعابْ

وقهْرِ العدوِّ بِجيلِ الكتابِ
بِجُنْدٍ أُباةٍ...وَجَمِّ الثًًّوابْ

تعالَوْا تعالَوْا فكانوا مِثالاً
لِحُرِّ الشُّعوبِ بِأسمى …خِطابْ:

"فَكُلٌّ ينادي بِدحْرِ اليهودِ
وَنصْرٍ (لِغزّةَ)، …فَرْضِ الِعقابْ

ومِنهُمْ تَباهى بإيمانِ( غزّا)
وَدانوا بِدينِها ، ……علُّوا الجَوابْ"

هنيئاً لِحافظِ وَعْداً بِنَصرٍ
فوعْدُ السّماءِ…إليكُم مُجابْ!

هذه القصيدة الرائعة تقدم رؤية ملحمية لحدث تكريم حفظة القرآن في غزة رغم الظروف القاسية،حيث تلتقي عدة محاور من ضمنها صمود إرادة الإنسان ضد القهر إذ تُصوّر (القصيدة) انتصار الإرادة الإنسانية والدينية على الدمار المادي.وتجسد التمسك بالهوية العربية والإسلامية كأداة للمقاومة الوجودية،وهنا تتجلى الثنائية الضدية حيث تتعارض صور الدمار
(الحصار،المجاعة،الدماء،الموت السافر..والقتل الكافر..) مع صور النقاء الروحي (الثياب البيضاء، الترتيل المهيب) ثم تشير الشاعرة في سياق إبداعي خلاب إلى الأمومة الرمزية،فتُصوَّر غزة بريشة فنانة ذات عبقرية،كأم تعيد إنتاج الحياة والقيم رغم الجراح.أما الطباق فيبرز جليا بين "صغاراً/كباراً"، "الدمار/الحفظ"، "الذل/العزة".
تتخذ القصيدة موقفاً واضحاً من خلال التعريف بالمقاومة كفعل ثقافي وديني وليس عسكرياً فقط،إذ تنجح الشاعرة في توظيف الموروث الديني كإطار للمقاومة الوجودية وخلق أسطورة مكانية ترفع غزة من جغرافيا محاصرة إلى رمز صمود..كما تميزت القصيدة بـالانزياح الدلالي المتمثل في تحويل حفل ديني إلى فعل مقاومة،
وكذا التكثيف الدرامي حيث الانتقال من صور المعاناة إلى مشهد التكريم المهيب،ثم الربط العضوي بين الفردي والجماعي،بين الروحي والسياسي..
وهنا أشير إلى أن العدد 581،ليس مجرد رقم،بل رمز للكم النوعي الذي يتحدى منطق القوة.
أما الكتاب،فهو يمثل الثابت الحضاري في مواجهة التغيير القسري،والماء في أرض الحصار،يشير إلى استمرارية الحياة رغم محاولات التجفيف.
ورغم أن القراءة لا تحل محل العمل لوقف الظلم والمعاناة،إلا أنها تظل مصدراً روحياً وأخلاقياً يساعد المؤمنين على الحفاظ على إنسانيتهم وإيمانهم في أصعب الظروف..
على سبيل الخاتمة :
تنجح القصيدة في تحويل حدث محلي إلى ملحمة إنسانية،حيث تتحول طقوس التكريم الديني إلى بيان مقاومة ثقافية.وهي تمثل نموذجاً للشعر المنخرط في هموم أمته دون أن يفقد بعده الجمالي،حيث وظفت التقنيات الشعرية الكلاسيكية والمعاصرة لنقل رسالة تتجاوز الزمان والمكان.
ختاما أقول : هذه القصيدة وثيقة فنية-تاريخية تثبت أن المقاومة ليست بالسلاح فقط،بل بالذاكرة والهوية والإرادة التي تصنع الحياة وسط الموت.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة-عجولة-في قصيدة الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي -ظلال ...
- تجليات البلاغة والسحر والبيان..في قصائد الشاعر التونسي الكبي ...
- تجليات الإبداع..في أفق الكون الشعري للشاعرة التونسية أ-نعيمة ...
- وقائع واحداث منبجسة من نسيج الواقع.. وممضاة بدماء شهداء فلسط ...
- قصيدة مؤثرة للشاعرة الفلسطينية الأستاذة عزيزة بشير تمجد العط ...
- ورقة بحثية موسومة ب -الإسقاط الذكوري بوصفه تقنية تناصّ تحويل ...
- لا شيء يضعفه.ولا شيء يرهبه..ولا شيء يكسره في زمن الإنكسار... ...
- ندوة ثرية بمدينة توزر الشامخة عن شاعر العشق والحياة ( أبو ال ...
- تونس..بيئة خصبة لازدهار التقنية والابتكار..بوجود علماء مثل ك ...
- حين تتغنى القصيدة بمجد فلسطين..يتفاعل القراء..وتتأثر ذائقتهم ...
- -بين الأزقة تاهت روحي- مجموعة قصصية واعدة للقاصة والشاعرة ال ...
- حين يكتب الكاتب الصحفي التونسي السامق أ-نورالدين المباركي بم ...
- قراءة فنية في لوحة ابداعية موسومة ب- لست من هذا العالم..ونصا ...
- الصدق الفني في قصيدة الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزي ...
- حين تتوجع القصيدة في رثاء أليم لشهداء الوطن..يخضر عود الزيتو ...
- لمن لا يعرف الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير. ...
- حين يقبض الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري على الجمر ...
- أيها الشعراء العرب..شدوا رحالكم إلى خيمة الشاعر التونسي الكب ...
- تجليات القصيدة وتوهجها..في الأفق الشعري لدى الشاعر التونسي ا ...
- قصيدة الشاعرة التونسية المتميزة صباح نور الصباح-فينوس تُلهِم ...


المزيد.....




- أردوغان يستقبل المخرج الفلسطيني باسل عدرا الفائز بأوسكار
- توقيع اتفاق للتعاون السينمائي بين إيران وتركيا
- تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية ...
- إطلالة على ثقافة الصحة النفسية في مجتمعنا
- مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة
- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة في قصيدة الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير -للٰهِ درُّكِ (غزّا) الأبيّةَ..أرضَ الصُّمودِ بِأعْلى الهِضابْ..-