أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد الطيب - إعلانات ساذجة في زمن الفوضى الرقمية














المزيد.....

إعلانات ساذجة في زمن الفوضى الرقمية


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 00:50
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لم يعد المشهد الإعلاني على صفحات التواصل الاجتماعي مجرد فوضى عابرة، بل تحول إلى حالة مرضيّة تشوّه مفهوم الإعلان وتحوّل المتلقي إلى ضحية محتملة في كل صفقة. صفحات تغص بإعلانات عفوية لا تخطيط فيها ولا معرفة بأساسيات التسويق، إعلانات تُصنع بعشوائية أشبه بوجبة سريعة بلا نكهة ولا قيمة. يستعير أصحابها كل ما يمكن استعارته لإقناع الجمهور، حتى القسم بالله يصبح بديلاً عن شهادة الجودة، وكأن مجرد ذكر كلمة “والله” يكفي لمنح المنتج هالة من القداسة، بينما الحقيقة أن المصداقية لا تُمنح بالكلمات بل بالفعل والجودة والوضوح.
ولأن الفوضى لا تأتي وحدها، تراها ممزوجة بأشخاص غير مدربين يقفون أمام الكاميرا بارتباك واضح، يخلطون بين شرح المنتج وإطلاق النكات العفوية، فيبدو الإعلان أقرب إلى دردشة عائلية منه إلى محتوى يُفترض به إقناع المتلقي. مشاهد مرتجلة بلا رؤية، وبلا أي فهم للغة الصورة، تجعل من هذه الإعلانات مادة ساخرة بدل أن تكون وسيلة تسويقية محترمة. الأخطر من ذلك أن بعض الصفحات يقع في فخ الغش المباشر، إذ يعرض أمامك منتجًا متقنًا ومصوّرًا بعناية، ثم يرسل لك نسخة رديئة لا تشبه ما رأيته إلا بالاسم. وهنا يتحول الإعلان الرقمي من فكرة تسويق إلى فخ نصب بمهارة، ضحيته المستهلك وحده.
هذه الفوضى تُغذّيها بيئة رقمية بلا ضوابط واضحة، فلا قوانين تحكم الإعلان ولا جهة رقابية تلزم الصفحات بالكشف عن هوياتها الحقيقية. النتيجة أن الثقة بالتسوّق الإلكتروني تهتزّ، وتتراجع رغبة الناس في التعامل مع المنتجات عبر الإنترنت بعد تجارب مريرة، بينما تدفع الشركات الجادة ثمن أخطاء الآخرين. ومع الوقت يتعود الجمهور على اعتبار أي إعلان رقمي محاولة احتيال مبطّنة، وتضيع فرص الأسواق الحقيقية التي تحاول بناء علاقة شفافة مع زبائنها.
ولا يتوقف الضرر عند حدود المال، بل يمتد إلى قتل الإبداع الإعلاني نفسه. فالإعلان فن قبل أن يكون تجارة، له لغته البصرية ورسائله ووظيفته في التأثير والإقناع وصناعة الصورة الذهنية. لكن حين يسيطر الهواة على الساحة، تموت الفكرة ويتراجع المستوى إلى درجة يصبح فيها الارتجال هو القاعدة والمهنية هي الاستثناء. وهكذا يختنق أي محتوى إعلاني حقيقي، وتشيع ثقافة تفضّل السرعة على الجودة، والفوضى على التخطيط.
إعادة الانضباط إلى هذه الفوضى الرقمية تحتاج إلى قوانين واضحة تنظم الإعلان وتعاقب الصفحات التي تمارس الغش، وإلى ثقافة جمهور تدرك أن المعلومة أهم من القسم، وأن الجودة تُقاس بالواقع لا بالوعود، وإلى دعم المحتوى المهني الذي يمكن أن يشكل معيارًا صحيًا لغيره. فالمشهد الإعلاني اليوم لا يحتاج إلى مزيد من العفوية، بل إلى ضمير مهني يعيد الثقة، ويضع حدًا لإعلانات تُبنى على الارتجال، وتُسوق بضاعة تُرسل معها جملة واحدة: “خُذها واصمت”.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكوكايين السلوكي: كيف نحمي جيلنا من الهاوية الرقمية؟-
- كل الغياب يعود الا انت
- دعينا نلتقي
- انتم الخراب الذي يمشي على قدمين
- رفض تاريخي آخر: لماذا تبتعد المرجعية عن لعبة الكراسي؟
- ماض لن يعود .. كوجه جميل غادره الضوء
- أحملك بقلبي وأدفنك بصمتي
- جمال الموت
- أجمل المحطات
- دروع الإبداع… حين صار الوهم أعلى من الحقيقة
- جريح الثقة لا يُشفى
- لا تمنح الحقيقة كاملة .. انهم لن يفهموك !!
- بين الثائر والطاغي شعرة
- لقد كانت معركة عظيمة كلفتني قلبًا بأكمله
- ظل الآخر
- قلب مسافر عاشق
- رحيل في منتصف الطريق
- السيادة.. ليست علماً يرفرف ولا نشيداً يصدح
- خرابٌ تحت قبّة الجامعة: حين يتحوّل الجهل إلى لقبٍ أكاديمي
- عندما تتحوّل الكتابة إلى مطرقة لا ترحم


المزيد.....




- بايدن يوجه -نصيحة- إلى الأشخاص -الذين يشعرون بالإحباط- من تر ...
- بعد فشله في نيل نوبل.. ترامب يظفر بالنسخة الأولى من جائزة -ف ...
- الرئيس اللبناني يؤكد أن لا تراجع عن التفاوض مع إسرائيل
- تعرف على ما جرى في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن
- تعرف على أبرز ملامح المرحلة الثانية من اتفاق وقف حرب غزة
- هل يتكرر سيناريو الفاشر في بابنوسة؟
- فرنسا تفتح تحقيقا بعد رصد مسيرات فوق قاعدة تابعة لقوة الردع ...
- علماء يعلنون عن -اكتشاف استثنائي- لمئات التماثيل الجنائزية ف ...
- أفريكا ريبورت: اتفاق الكونغو ورواندا موقَّع بالأيدي لا بالقل ...
- غزة مباشر.. الاحتلال ينسف مباني بالقطاع والداخلية تدعو أفراد ...


المزيد.....

- كتاب : العولمة وآثارها على الوضع الدولي والعربي / غازي الصوراني
- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد الطيب - إعلانات ساذجة في زمن الفوضى الرقمية