أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم نعمة مصاول - المجموعة القصصية - إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً -... حياةُ شعبٍ ينهضُ من تحت رماد المأساة














المزيد.....

المجموعة القصصية - إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً -... حياةُ شعبٍ ينهضُ من تحت رماد المأساة


جاسم نعمة مصاول
(Jassim Msawil)


الحوار المتمدن-العدد: 8545 - 2025 / 12 / 3 - 20:50
المحور: الادب والفن
    


أطلقت الكاتبة القصصية الكندية ــــ الفلسطينية الأصل لولوة غازي أبو رمضان مجموعتها القصصية الثانية في مدينة مونتريال الكندية خلال الاسابيع الماضية، والتي نالت تفاعلًا ايجابيًا من قراء الجالية العربية في هذه المدينة الرائعة عاصمة الثقافة الكندية...
تقدّم هذه المجموعة القصصية" إنَّ معَ العُسْرِ يُسْرا" التي كتبتها القاصة ابو رمضان، لوحة إنسانية شديدة الثراء، تجمع بين التوثيق الواقعي الدقيق والتعبير الأدبي العميق، لتصوغ شهادة صادقة على ما يعيشه أهل غزة من مآسٍ يومية تحت القصف والحصار . فهي من جهة صرخة في وجه القتل الوحشي الصهيوني واللاإنساني، ومن جهة أخرى احتجاج على صمت عربي ودولي يتجاوز حدود التقصير ليصبح شريكًا في الجريمة. وفي كل قصة، تمتزج الحقيقة بالخيال الفني لتقديم تجربة سردية تتجاوز حدود المباشرة إلى ما يشبه الحفر في الطبقات النفسية والاجتماعية للشخصيات.
إعتمدت الكاتبة على أسلوبين متداخلين: الواقعية التقريرية التي تنقل الحدث كما هو، بتفاصيله اليومية وملامحه الحادة، والواقعية التعبيرية التي تحاول التعبير عن عمق الحدث لا عن سطحه فقط، من خلال التركيز على الأحاسيس الداخلية والانفعالات الإنسانية المتولّدة تحت ضغط الحرب. هذا التوازن بين الشكلين يمنح النصوص قدرة على لمس القارئ من جهتين: جهة الحقيقة الصادمة، وجهة المشاعر العميقة التي تختبئ خلف تلك الحقيقة.
من خلال الشخصيات الشعبية التي اختارتها الكاتبة، نساءً، رجالًا، أطفالًا، أطباء، وأناسًا عاديين يحاولون النجاة كل يوم، يستطيع القارئ أن يعيش التجربة الغزّية من الداخل. فالكاتبة لا تكتفي برصد الدمار والقتل، بل تشتغل على الصورة النفسية: الخوف الذي يتحول إلى صبر، والانتظار الذي يُنبت أملاً، والوجع الذي يقود إلى نوع من التمرّد الهادئ والعناد الوجودي.
وتقدّم، في أثناء ذلك، مشاهد لا تُنسى لبطولات صغيرة وكبيرة، أبرزها تلك التي تروي عمل الأطباء والمساعدين تحت القصف، حيث يصبح إنقاذ الحياة فعلًا بطوليًا يتجاوز حدود المهنة ليلامس المعجزة.
ولا يقتصر حضور غزة في هذه المجموعة على مأساة الحرب وحدها، بل يظهر أيضًا عبر تفاصيلها الجميلة: خيرات الأرض، وفواكهها، وذكريات أهاليها، وحتى ملامح نسائها اللواتي يصررن على الحفاظ على جمالهنّ رغم الجراح. وكأن الكاتبة تقول إن غزة ليست فقط مكانًا للقصف والموت، بل هي مكان للحياة التي ترفض أن تنطفئ.
كما تتضمن المجموعة لحظات إنسانية مؤثرة، مثل الحوار بين معلمة كندية من أصل فلسطيني وطالبها، وهو حوار يفتح بابًا للتأمل في تجربة الهجرة والاندماج، وكيف يحمل الفلسطيني هويته معه أينما ذهب، لا كجواز سفر بل كذاكرة لا يمكن أن تُنتزع.
ومن الملامح اللافتة أيضًا لجوء الكاتبة إلى إدراج آيات قرآنية في بعض القصص لتعزيز بعدها الروحي والأخلاقي. وعلى الرغم من الجدل المعتاد حول هذا الأسلوب، فقد استطاعت الكاتبة أن توظّف الآيات في سياق يخدم النص ولا يثقل عليه، بل يمنحه بعدًا دلاليًا إضافيًا، ويجعل حضور المقدّس امتدادًا طبيعيًا لحياة الناس في غزة، حيث يختلط الألم بالدعاء، والانتظار بالإيمان.
أما من الناحية الفنية، فقد جاءت القصص متماسكة البناء، واضحة التسلسل، متحررة من الإطالة غير اللازمة أو التعقيد اللغوي. وحرصت الكاتبة على استخدام لغة شفافة وسرد سلس، مع لمسات فنية ذكية في أماكن محددة، خاصة حين تنتقل من الوصف الخارجي إلى تناول الحالة النفسية للشخصيات. ويكشف هذا العمل عن قدرة الكاتبة على الموازنة بين الوظيفة الإنسانية للنص ــــــ بوصفه شهادة على واقع مأساوي ــــــ والوظيفة الفنية بوصفها نصوصًا أدبية مكتملة العناصر.
وفي النهاية، تمثّل هذه المجموعة إضافة مهمة إلى الأدب الفلسطيني المعاصر، كونها لا تكتفي بتوثيق الجراح، بل تُبرز أيضًا قدرة الإنسان على المقاومة والصمود والحفاظ على المعنى وسط العبث. وهي بهذا تسهم في حفظ الذاكرة، وفي مواجهة محاولات محو الحقيقة، وفي منح القارئ نافذة صادقة على غزة التي تنزف وتنهض في الوقت نفسه.
نأملُ أنَّ تكون هذه المجموعة القصصية إضافة جديدة الى المكتبة العربية والى الادب العربي في بلاد المهجر.



#جاسم_نعمة_مصاول (هاشتاغ)       Jassim_Msawil#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة(عُمري كتابٌ مهاجرٌ)
- كتاب - ظِلُّ وَطَنْ -: حكايةٌ عربيةٌ مِنْ وطنٍ جريحٍ...
- قصيدة(همساتٌ في المنفى)
- قصيدة(ميلادُكِ رحلةُ عشقٍ)
- قصيدة(مخاضُ الفجرِ)
- قصيدة(الشمسُ تسألُني عنكِ)
- قصيدة(خيامُ المنافي والجراح)
- قصيدة(حافيةُ القدمين في حفلةِ عرس)
- قصيدة(الحبُّ والبحرُ)
- قصيدة(اذكريني عند أغاني المطر)
- قصيدة(أحزان الثلج)
- قصيدة(نهاراتكِ الارجوانية)
- قصيدة(نزهةٌ في ذاكرتها)
- قصيدة(رحلَتْ وتركتني في النارِ)
- قصيدة(أزمنةُ المنفى)
- قصيدة(كُنتِ حُلماً)
- قصيدة(مسيرةُ عاشق)
- قصيدة(حبٌّ في المنفى)
- قصيدة(وداعُ عروسِ البحرِ)
- قصيدة(رحلةُ عشق)


المزيد.....




- الممثل التركي بوراك أوزجيفيت يُنتخب -ملكًا- من معجبيه في روس ...
- المخرج التونسي محمد علي النهدي يخوض -معركة الحياة- في -الجول ...
- سقوط الرواية الطائفية في جريمة زيدل بحمص.. ما الحقيقة؟
- منى زكي تعلّق على الآراء المتباينة حول الإعلان الترويجي لفيل ...
- ما المشاكل الفنية التي تواجهها شركة إيرباص؟
- المغرب : مهرجان مراكش الدولي للسينما يستهل فعالياته في نسخته ...
- تكريم مستحق لراوية المغربية في خامس أيام مهرجان مراكش
- -فاطنة.. امرأة اسمها رشيد- في عرضه الأول بمهرجان الفيلم في م ...
- النجمات يتألقن في حفل جوائز -جوثام- السينمائية بنيويورك
- الأدب الإريتري المكتوب بالعربية.. صوت منفي لاستعادة الوطن إب ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم نعمة مصاول - المجموعة القصصية - إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً -... حياةُ شعبٍ ينهضُ من تحت رماد المأساة