أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - إسرائيل وفقدان الاتزان الإستراتيجي: قراءة مهنية في البنية والسياسات والخيارات المستقبلية














المزيد.....

إسرائيل وفقدان الاتزان الإستراتيجي: قراءة مهنية في البنية والسياسات والخيارات المستقبلية


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 15:38
المحور: القضية الفلسطينية
    


إعداد وتقرير: المحامي علي أبو حبلة –
تواجه إسرائيل منذ عامين حالة متصاعدة من فقدان الاتزان الإستراتيجي؛ وهي حالة تتجاوز التراجع التكتيكي أو الظرفي، لتلامس جوهر البنية السياسية والمؤسسية للدولة العبرية، وتنعكس على قدرتها في إدارة الأزمات وصياغة القرارات المناسبة في البيئة الإقليمية والدولية. يتجلى هذا الفقدان في خطأ تقدير القدرات الذاتية، وإساءة فهم قدرات الخصوم، وتعاظم الصراعات الداخلية، في ظل تغول خطاب اليمين الديني والقومي.
أولًا: أزمة بنيوية تتجاوز مفاعيل الحرب
على مدى عقود، نجحت إسرائيل في ضبط تناقضات مجتمعها المركب، وبناء منظومات سياسية وقضائية وعسكرية متماسكة نسبياً. لكن السنوات الأخيرة – وخصوصًا منذ تشكيل حكومة نتنياهو الأكثر انحيازًا للصهيونية الدينية في 2022، ومنذ اندلاع معركة “السابع من اكتوبر 2023” – كشفت هشاشة هذا البناء.
فقد برزت أزمة العقد الاجتماعي الإسرائيلي بوضوح خلال احتجاجات 2023 ضد التعديلات القضائية، التي عمقت الانقسام بين المتدينين والعلمانيين، وأعادت طرح سؤال شكل الدولة وهويتها. كما تجلى التصدع المؤسسي في الصراع المفتوح بين الحكومة والجيش والشاباك والسلطة القضائية، وصولًا إلى سلسلة الاستقالات والإقالات التي طالت قيادات أمنية وعسكرية رفيعة، انعكست على كفاءة صنع القرار.
هذه المعطيات تؤشر إلى أن الأزمة ليست ظرفية، بل هيكلية تمس جوهر النظام السياسي وتوازنه الداخلي.
ثانيًا: اختلال تقدير البيئة الإستراتيجية
تعاني المؤسسة الإسرائيلية – كما يظهر في السلوك السياسي والعسكري – من سوء إدراك إستراتيجي للبيئة المحيطة. ويندرج ذلك ضمن ما تؤكده نظريات العلاقات الدولية، خصوصًا "نظرية سوء الإدراك" التي برز فيها روبرت جيرفس، والتي تشير إلى إمكان اتخاذ قرارات كارثية نتيجة قراءة خاطئة لقدرات الخصوم أو نواياهم.
وقد تجلى هذا الإخفاق في:
التقليل من قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود لمدى زمني طويل.
الفشل في إنتاج ردع مستدام، رغم القوة التدميرية الهائلة.
سوء تقدير تداعيات توسع الجبهات (غزة، لبنان، سوريا، اليمن)، الأمر الذي أدخل إسرائيل في حالة إنهاك عسكري واقتصادي.
تجاهل الأثر التراكمي للجرائم الواسعة على صورة إسرائيل دوليًا، ما أدى إلى تراجع غير مسبوق في شرعيتها وروايتها الرسمية.
وبذلك فقدت إسرائيل القدرة على المناورة الطويلة، وتحولت من التخطيط الإستراتيجي إلى إدارة أزمات متلاحقة.
ثالثًا: تآكل الردع وتراجع الشرعية الدولية
تستند إسرائيل تاريخيًا إلى ثلاث ركائز أساسية: الردع العسكري، التفوق الاستخباري، والدعم الدولي السياسي والاقتصادي. غير أن هذه الركائز تشهد اليوم تآكلًا واضحًا:
1. تراجع الردع التقليدي نتيجة قدرة المقاومة على الاستمرار في المواجهة.
2. اتساع العزلة الدولية، وإحالة إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية في قضايا تتعلق بالإبادة والتهجير.
3. تراجع التعاطف الغربي وصعود الاعترافات بالدولة الفلسطينية.
4. اهتزاز الثقة الداخلية في الحكومة والجيش، إذ تظهر استطلاعات الرأي تقدم المعارضة وتراجع شرعية القيادة الحالية.
هذه المؤشرات تضع إسرائيل أمام مأزق بنيوي لا يمكن تجاوزه عبر التفوق العسكري وحده.
رابعًا: خيط النجاة الأميركي وتأجيل الانهيار
شكلت خطة إدارة ترامب “لليوم التالي لغزة” وقرار مجلس الأمن 2803 مخرجًا مؤقتًا لإسرائيل من حالة الاستنزاف، عبر إعادة صياغة الترتيبات الميدانية بما يخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية، وتخفيف الضغط الدولي عليها.
غير أن هذا الدعم، رغم أهميته، لم يعالج أسباب أزمة الاتزان: الانقسام الداخلي، ضعف وحدة القرار، وتضخم الخطاب الأيديولوجي الذي يعادي التسوية ويعطل استقرار المنطقة.
خامسًا: السيناريوهات المستقبلية
تقود المعطيات الحالية إلى ثلاثة مسارات محتملة:
1. استعادة جزئية للاتزان
من خلال انتخابات وتشكيل حكومة جديدة أكثر براغماتية، وإعادة انتظام العلاقة بين المؤسستين السياسية والعسكرية، مع توسيع مسار التطبيع. لكن هذا الاحتمال يبقى هشًا ما دامت العقلية الحاكمة ترفض حلولًا عادلة للفلسطينيين وتعتمد منطق الهيمنة.
2. استمرار فقدان الاتزان
وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا في المدى المنظور، نتيجة الانقسام المتنامي، وتراجع الثقة بالمؤسسات، واستمرار السياسات العدوانية التي تستفز البيئة الإقليمية وتدفع نحو مزيد من المقاومة.
3. انهيار أوسع للاتزان الإستراتيجي
وهو احتمال أقل ترجيحًا لكنه وارد، خصوصًا في حال توسع نفوذ اليمين الديني المتطرف ودفع إسرائيل نحو مغامرات عسكرية تتجاوز قدرتها، مع تراجع الاستعداد الأميركي لتحمل الكلفة.
خاتمة
إن الأزمة التي تعيشها إسرائيل ليست عابرة، بل بنيوية تتعلق بطبيعة النظام السياسي والعقلية الأيديولوجية المسيطرة على القرار. وما يبدو من حالة “انتشاء” بعد وقف الحرب على غزة ليس سوى استراحة هشة، تُخفي خلفها حالة مزمنة من عدم الاستقرار الإستراتيجي، ستستمر في تشكيل تهديد طويل الأمد على مستقبل الكيان وعلى معادلات المنطقة برمتها.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحملة العسكرية الإسرائيلية على طوباس: استراتيجية فرض واقع ا ...
- مصادقة إسرائيل على مشروع -بوستان حيفتس-: تحدٍّ مباشر لترامب
- اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني: اختبار للإرادة الدو ...
- التعليم والصحة الفلسطينية: انهيار مؤسسي يهدد استقرار المجتمع ...
- -المخيمات الفلسطينية تحت الحصار: النزوح القسري كأداة احتلالي ...
- ويلٌ لأمّةٍ تأكل مما لا تزرع
- تحولات «حماس» بين المقاومة والسياسة: قراءة موضوعية في ضوء نق ...
- **نقابة الأطباء الإسرائيلية تتحدى بن غفير:
- قرار 2803: وصاية على غزة وتكريس الهيمنة الإسرائيلية… أخطر من ...
- التحليل الاستراتيجي: الشبكات الرقمية المنسّقة وأثرها على الأ ...
- أزمة الحكم في فلسطين ومتطلبات الإصلاح
- الفكر الهجين وتحديات الهوية الوطنية
- تسليح الميليشيات الاستيطانية يرفع منسوب الخطر: اليمين المتطر ...
- الحرب الإعلامية النفسية… أخطر الأسلحة الإسرائيلية فتكاً
- قرار مجلس الأمن 2803: إسرائيل تحتفل بالنص وتراهن على الالتفا ...
- مخالفة دستورية تمس جوهر القانون الأساسي الفلسطيني وإقحام غير ...
- اللقاء المرتقب بين ويتكوف وخليل الحية: دروس من التاريخ الفلس ...
- زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة: رسائل القوة وإ ...
- السلطة الفلسطينية وخطة ترامب – الأخطاء الاستراتيجية والالتزا ...
- جامعة النجاح رؤية استراتيجية لبناء بيئة تعليمية دامجة وعادلة


المزيد.....




- البابا ليو يغادر بيروت: أدعو الشرق الأوسط إلى مقاربات جديدة ...
- هل دقت ساعة نهاية رحلة النجم المصري محمد صلاح مع ليفربول؟
- بوتين يستقبل ويتكوف وكوشنر : ما فرص نجاح المحادثات إذا أصرت ...
- حظر أستراليا وسائل التواصل بالنسبة لصغار السن فرصة لفهم تأثي ...
- دراسة تربط زيت الطهي المفضل في أميركا بالسمنة
- كاميرا الجزيرة ترصد آثار الدمار بعد الفيضانات في إندونيسيا
- كيف بررت إسرائيل تمديد صلاحيات اختراق الكاميرات الخاصة بعد ا ...
- نتنياهو لا يستبعد اتفاقا مع سوريا ويطالب بإقامة منطقة عازلة ...
- صحف عالمية: نتنياهو يناور للإفلات من العقاب وعنف المستوطنين ...
- -نريد السلام-.. الكرملين يُعلّق على جهود إدارة ترامب في محاد ...


المزيد.....

- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - إسرائيل وفقدان الاتزان الإستراتيجي: قراءة مهنية في البنية والسياسات والخيارات المستقبلية