أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏سباق المسافات الطويلة نحو بناء الوطن: من يسبق من... الخطاب الطائفي أم الخطاب الوطني الجامع؟ ‏















المزيد.....

‏سباق المسافات الطويلة نحو بناء الوطن: من يسبق من... الخطاب الطائفي أم الخطاب الوطني الجامع؟ ‏


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 09:54
المحور: قضايا ثقافية
    


‏سباق المسافات الطويلة نحو بناء الوطن: من يسبق من... الخطاب الطائفي أم الخطاب الوطني الجامع؟



‏1. مقدمة

‏يمثّل الخطاب السياسي–الاجتماعي أحد أهم المحددات في تشكيل وعي الجماعات وصناعة الهوية الوطنية. وفي الدول المتعددة الهويات الفرعية، يتحول الخطاب إلى عنصر حاسم في تحديد اتجاهات المجتمع نحو الوحدة أو الانقسام. وفي العقود الأخيرة، شهدت المنطقة العربية تصاعداً ملحوظاً في الخطابات الطائفية التي باتت تهدد مسار بناء الدولة الوطنية. ويتجلّى السؤال المركزي هنا: هل يمكن للخطاب الوطني الجامع أن يسبق الخطاب الطائفي في سباق المسافات الطويلة نحو إعادة بناء الوطن؟
‏يهدف هذا المقال إلى تحليل طبيعة هذا السباق، وتحديد العوامل المؤثرة فيه، وبيان آليات تعزيز الخطاب الوطني في مواجهة الخطاب الطائفي.


‏---

‏2. الخطاب الطائفي: آليات التأثير ومصادر القوة

‏يمتلك الخطاب الطائفي قدرة عالية على الانتشار في المجتمعات المأزومة بسبب عدة عوامل:

‏2.1 الاستثارة العاطفية

‏يعتمد الخطاب الطائفي على تحريك المشاعر الأولية (الخوف، الغضب، الشعور بالتهديد)، كما يستخدم سرديات الاضطهاد التاريخية، مما يمنحه قدرة على الاستقطاب السريع.

‏2.2 الاستثمار في الهويات المغلقة

‏تعمل الطائفية كهوية بديلة تظهر حين تضعف الهوية الوطنية الجامعة، فتحلّ محلّها بوصفها "ملاذاً" يساعد الأفراد على الشعور بالانتماء.

‏2.3 الدعم الخارجي

‏في العديد من السياقات، يترافق الخطاب الطائفي مع تدخلات دولية تستثمر الانقسامات المجتمعية، مما يضاعف من قوته وانتشاره.

‏2.4 الاقتصاد السياسي للطائفية

‏كثيرًا ما تُدار الطائفية عبر شبكات مصالح اقتصادية ومناصب سياسية محكومة بالولاء الطائفي، ما يجعلها بنية مستدامة وليست مجرد خطاب.


‏---

‏3. الخطاب الوطني الجامع: المفهوم والمرتكزات

‏الخطاب الوطني الجامع هو خطاب يستند إلى المساواة، المواطنة، سيادة القانون، والهوية المشتركة. ويهدف إلى:

‏3.1 بناء فضاء اجتماعي مشترك

‏يُعيد تعريف الانتماء على أساس المواطنة بدلاً من الهويات الفرعية.

‏3.2 حماية التنوع

‏الخطاب الوطني لا ينفي التعدد، بل يدمجه في إطار هوية عليا قادرة على توحيد المجتمع.

‏3.3 تعزيز السلم الأهلي

‏يسعى إلى تجاوز إرث الصراعات الطائفية عبر تبنّي خطاب مصالحة وعدالة اجتماعية.

‏3.4 دعم الدولة الحديثة

‏يرتبط الخطاب الوطني برؤية مؤسساتية للدولة باعتبارها الضامن الوحيد لحقوق الجميع، بعيداً عن شبكات الولاءات الطائفية.


‏---

‏4. سباق المسافات الطويلة: من يملك القدرة على الاستمرار؟

‏4.1 لماذا يتقدم الخطاب الطائفي في البداية؟

‏في مراحل الأزمات والانهيارات الأمنية، يتفوّق الخطاب الطائفي بسهولة لأنه سريع، بسيط، قائم على العاطفة، ويقدّم "عدواً واضحاً" للناس.
‏أما الخطاب الوطني الجامع فيتطلب بيئة مستقرة ومؤسسات قوية، وهو ما قد يغيب في المراحل الانتقالية.

‏4.2 لماذا يملك الخطاب الوطني القدرة على الفوز في النهاية؟

‏على المدى الطويل، يُظهر التاريخ أن الطائفية تهدم الدول ولا تستطيع بناء دولة حديثة. بينما يُعتَبَر الخطاب الوطني حاجة بنيوية لاستمرار المجتمع والدولة.
‏أهم عناصر قوته:

‏يستند إلى مشروع بناء وليس مشروع خوف.

‏يحظى بدعم القوى المدنية والطبقات المتعلمة.

‏يربط الأفراد بمصالح مشتركة لا تنحصر في جماعاتهم الضيقة.

‏قادر على إعادة إنتاج ذاته عبر التعليم والثقافة والإعلام.



‏---

‏5. تحديات الخطاب الوطني في العالم العربي

‏5.1 ضعف الثقة بالمؤسسات العامة

‏عندما تصبح الدولة عاجزة عن تأمين العدالة والخدمات، يعود الناس إلى الهويات الطائفية.

‏5.2 تسييس الدين

‏يتحوّل الدين إلى أداة تعبئة سياسية تمنح الشرعية لخطابات الإقصاء.

‏5.3 الإعلام غير المنضبط

‏تقوم بعض المنابر الإعلامية بتعزيز الانقسام عبر خطاب الكراهية والتحريض.

‏5.4 غياب مشروع وطني جامع

‏لا يمكن للخطاب الوطني أن ينجح دون وجود مشروع دولة–أمة يحدد ملامح المستقبل المشترك.


‏---

‏6. كيف يمكن للخطاب الوطني أن يتقدم ويتفوق؟

‏6.1 إصلاح التعليم وتعزيز مناهج المواطنة

‏ترسيخ تاريخ وطني مشترك، وتعليم قيم التسامح والتنوع، وربط الطالب بالدولة الحديثة لا بالهويات الفرعية.

‏6.2 إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة

‏عبر مكافحة الفساد وتطبيق العدالة الاجتماعية.

‏6.3 ضبط الخطاب الإعلامي

‏وضع تشريعات تجرّم التحريض الطائفي وتعزّز الإعلام المهني.

‏6.4 دعم المجتمع المدني

‏فهو الجسر القادر على إيصال قيم المواطنة إلى الفئات الشعبية.

‏6.5 إطلاق مشاريع وطنية كبرى

‏المشاريع الاقتصادية والتنموية المشتركة تقوّي الروابط بين المواطنين وتخلق شعورًا بالمصير الواحد.

‏6.6 العدالة الانتقالية

‏تجاوز الصراعات الطائفية يحتاج إلى معالجة جراح الماضي عبر مصالحة حقيقية ومحاسبة عادلة.


‏---

‏7. خاتمة

‏في سباق المسافات الطويلة نحو بناء الوطن، يُظهِر التحليل أن الخطاب الطائفي يتقدم في "الانطلاق" بسبب اعتماده على العاطفة والخصومات التاريخية، لكنه ينهار سريعاً أمام متطلبات الدولة الحديثة.
‏أما الخطاب الوطني الجامع، فرغم بدايته البطيئة، يمتلك القدرة على الفَوز لأنه يحمل مشروعًا حقيقيًا للمستقبل، ويستند إلى قيم المواطنة والمساواة، ويتوافق مع حاجات المجتمع والدولة.
‏إن نجاح هذا الخطاب ليس مهمة نخبوية فقط، بل هو مشروع وطني شامل يحتاج إلى إرادة سياسية ومجتمعية واضحة، لكي يبقى الوطن سابقًا للطائفة—لا تابعًا لها.


‏---

‏المراجع

‏مراجع عربية

‏1. أبو رمان، محمد. الطائفية وصناعة الكراهية في الشرق الأوسط. مركز الدراسات الإستراتيجية، عمّان، 2018.


‏2. بشارة، عزمي. الطائفية: الجذور التاريخية والاجتماعية والسياسية. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2017.


‏3. العزيز، فالح عبد الجبار. الدولة والمجتمع المدني والطائفية. دار الساقي، بيروت، 2016.


‏4. غليون، برهان. مجتمع النخبة ومجتمع المواطنين. المركز العربي للأبحاث، 2011.



‏مراجع أجنبية

‏5. Gurr, Ted. Why Men Rebel. Princeton University Press, 2015.


‏6. Anderson, Benedict. Imagined Communities. Verso, 2006.


‏7. Varshney, Ashutosh. Ethnic Conflict and Civic Life. Yale University Press, 2002.


‏8. Horowitz, Donald. Ethnic Groups in Conflict. University of California Press, 2000.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏حماية الذاكرة البصرية للمجتمع: إطار نظري ومقاربة تطبيقية ‏
- كيف تغلبت فرنسا على الهزيمة في الحرب الفرنسية البروسية
- ‏أشكال الخطاب التحريضي ضد الآخر: رواندا نموذجًا
- ‏صناعة المعرفة: من إنتاج الحقيقة إلى هندسة الوعي
- ‏صناعة التطرف: آليات التشكيل وأدوات التأثير في المجتمعات الح ...
- فنون وأشكال الإقصاء السياسي: دراسة تحليلية في آليات التهميش ...
- ‏هل سرق الإنترنت براءة الأطفال؟ دراسة نقدية لتأثير الإعلام ا ...
- ‏عندما يصبح التوجّه السياسي Off the Point
- ‏هل تعيد إسرائيل تكرار حرب عام 1967 وتضاعف مساحات الأراضي ال ...
- ‏مخاطر الاقتراض من البنك الدولي
- مراحل للإبادة الجماعية للأقليات
- ‏المؤسسات المالية الدولية: الأنواع — الملكية — العمل — آليات ...
- ك‏يف تُختطف الطوائف؟ جذور الظاهرة وآلياتها وتجلياتها في العا ...
- ‏أهمية الخطاب الديني والفتوى في وقف الحروب الطائفية
- الشركات القابضة: دراسة تحليلية في المفهوم، الأنواع، الفلسفة، ...
- ‏ثقافة الميليشيات وجذور الشر: دراسة تحليلية وتطبيقيّة
- أنسنة الروبوتات... إلى أين؟
- قوانين نُورمبرغ ضد اليهود: دراسة تاريخية – قانونية في سياق ا ...
- سورية وأمريكا وسياسة «الاحتواء» المتبادل: «من يحتوي من؟»
- ‏دمشق في قصيدة بدوي الجبل -حنين الغريب-


المزيد.....




- ترامب يعقد اجتماعًا في المكتب البيضاوي لمناقشة الخطوات التال ...
- اكتشاف مفاجئ للممثل توني شلهوب.. البيتزا تلتقي بالهوت دوغ بش ...
- من الأهرامات في مصر إلى العُلا في السعودية.. أزياء النجمات ت ...
- مصر.. الداخلية تعلن مقتل شرطي وإصابة ضابط بمواجهة مع تجار مخ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قيادي بحركة الجهاد الإسلامي في غز ...
- عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: قوات الجيش تقتل منفذ عملية الد ...
- مدفع بابل العملاق.. القصة الغامضة لحلم صدام ومقتل جيرالد بول ...
- حكايات أفريقية على أثير تشعل مواجهة حادة بين الشنقيطي ومدير ...
- -نجمة ونهر-.. مقصد جديد في مدينة أبها السعودية
- عاجل | الجيش السوداني: أحبطنا بقوة وحسم هجوم مليشيا الدعم ال ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - ‏سباق المسافات الطويلة نحو بناء الوطن: من يسبق من... الخطاب الطائفي أم الخطاب الوطني الجامع؟ ‏