أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ادم عربي - أزمة النظام العالمي!














المزيد.....

أزمة النظام العالمي!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 19:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بقلم : د . ادم عربي

من المتوقَّع أنْ يواجه ما يقرب من ثلاثة مليارات إنسان حالة من الجوع ونقص الغذاء، وما يرافق ذلك من آثار اجتماعية وسياسية خطيرة. فالريح الاقتصادية تظل دائماً القوة الاجتماعية و التاريخية الأشد تأثيراً؛ لأنها غالباً ما تُفضي إلى نتائج غير متوقعة، فيُنظر إليها كما لو كانت يد القضاء و القدَر. وكثيرٌ مما نعدّه اليوم صروحاً راسخة في نظمنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية، يمكن أنْ تذروه هذه الريح الاقتصادية العاتية في لحظة، كأنَّه لم يكن إلّا بناءً من ورق.

يعلّمنا التاريخ درساَ بالغ الأهمية، وهو أنَّ النظام الاقتصادي والاجتماعي الخالص ، الذي يسعى أصحابه إلى تصفيته من أي عنصر يناقضه بصورة تامة، لا يختلف في جوهره عن العدم المحض . فمثال انهيار الاتحاد السوفييتي كثيراً ما جرى تفسيره على أنه نتيجة طبيعية لتجريد نظامه الاقتصادي والاجتماعي من القوى التي تمتلك السيادة شبه المطلقة في النظام الرأسمالي، كما لو أنَّ شيئاً من الرأسمالية كان قادراً على مدّه بعوامل الحياة والاستمرار والنمو.

واليوم، بعد أنْ لم يبقَ في الساحة العالمية سوى نظام واحد هو النظام الرأسمالي، بدأ هذا النظام يتخلّى عن الملابس التي اضطر إلى ارتدائها خلال صراعه مع ما كان يُسمّى بالنظام الاشتراكي ، وهي ملابس يمكن، بتحفّظ شديد، وصفها بأنها اشتراكية. ونتيجة لذلك، فقدت الرأسمالية كثيراً من القوى التي كانت تمنحها التوازن وتخفّف عنها عبء وزنها الداخلي، أي تلك التي كانت تحول دون انهيارها تحت وطأة تناقضاتها الخاصة وثقل وزنها .

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بات من العسير أنْ تقدّم دفاعاً مقنعاً عن ماركس؛ فكيف يمكن الحديث عن نظام اشتراكي (أو شيوعي) سيخلف النظام الرأسمالي حتماً، وفق القوانين الاقتصادية الموضوعية الكامنة في الرأسمالية ذاتها، إذا كان هذا البديل المفترض لا وجود له اليوم على أرض الواقع؟

غير أنَّ الإنصاف للحقيقة وليس لماركس يقتضي أنْ نوضح أنَّ ماركس لم يتحدّث عن ضرورة حتمية لانتقال الرأسمالية إلى الاشتراكية إلّا باعتبار هذا الانتقال واحداً من خيارين تاريخيين ممكنين. فقد قال بوضوح: "إمّا أنْ تحلّ الاشتراكية محلّ الرأسمالية، وإمّا أنْ تعيد الرأسمالية العالم والبشرية إلى الوحشية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية". ويبدو لي أنَّ الخيار الثاني، أي خيار الوحشية، أصبح اليوم أقرب إلى ما نراه ونلمسه، لا مجرد توقع أو خبر يُروى.

إنَّ الرأسمالية اليوم، بعد أنْ عولمت كل شيء بما يخدم مصالحها، فقدت ولا تزال تفقد ركنين أساسيين من أركان بقائها كنظام اقتصادي اجتماعي يحمل قدراً من الأنسنة يمنعه من الانزلاق إلى وحشية شبه خالصة . وهذان الركنان هما: الدولة بوصفها الأداة التي تَحُول دون تعرّض الحاجات الأساسية للمواطنين لمخاطر جشع الرأسماليين الأفراد، وتضمن أنْ يبقى "الغذاء الرخيص" حقاً عاماً من حقوق الإنسان؛ والسوق الحرّة، التي غدت اليوم أشبه بظلّ فقد صاحبه، إذْ لم يعد وجودها في الاقتصاد الرأسمالي المعولم إلّا بقايا أثر تاريخي، تعود إلى ماضي هذا النظام أكثر مما تنتمي إلى حاضره أو مستقبله.

كنّا نقول في السابق إنَّ الدولة في الولايات المتحدة تمثّل طبقة الرأسماليين التي نجحت في جعل الشعب تابعاً لها وامتداداً لمصالحها. أمّا اليوم، فلم تعد الدولة تمثّل سوى شريحة صغيرة، بلْ شديدة الضآلة، من تلك الطبقة نفسها. وهذه الشريحة الآخذة في الانكماش لا تحركها إلّا مصالح ودوافع تجعل سياساتها وبرامجها وخططها وسلوكها متنافرة مع العقل والمنطق والحكمة، بلْ ومع تاريخها الطبقي وقيمه ومبادئه وشعاراته.

هذا الجزء الضئيل من الرأسماليين، وبفعل العولمة، جَرَّد دُوَلَنا من دورها السابق بوصفها ممثّلة للمصالح الطبقية العامة للرأسماليين داخل مجتمعاتها. فأصبحت دولنا تعيش حالة انفصال متسارع ومتزايد، ليس فقط عن شعوبها، بلْ حتى عن الطبقات الرأسمالية المحلية ذاتها. وهي الآن، في جوهرها، تعمل ممثّلةً للحكومة العالمية أي حكومة الولايات المتحدة التي لا تخدم إلّا تلك الفئة الصغيرة المتقلّصة من الرأسماليين، والتي دفعتها مصالحها إلى تبنّي أوهام "العهد القديم" كأساس لإيديولوجيتها الجديدة.

لم يعدْ شكسبير يمثل أيقونة عصرنا، بلْ أصبح شايلوك هو الرمز الفعلي، بكينونته التي تجمع بين البُعد الاقتصادي والأخلاقي والفكري، حتى بدا وكأن الإله ويهوه قد اندمجا فيه ليشكّلا كياناً موحداً. هذا النموذج هو المسيطر على مجريات العالم اليوم، ويعبّر عن الجوهر الحقيقي لهويتنا المعاصرة.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الزواج في مجتمعاتنا!
- التطور الأخلاقي والقتل الإنساني!
- من القوة إلى المدين الأكبر....مآلات الرأسمالية المالية وأسطو ...
- شيئان لمْ نتعلّمهما بعد ... أنْ نقول -لا- وأنْ نسأل -لماذا؟-
- الضرورة والصدفة جدلياً!
- البيروقراطية وشرورها!
- المال هو الإله الحقيقي للعصر الحديث!
- الدولة ومدنيتها!
- هل الرأسمالية مثالاً يُحتذى به؟
- مراثي النسيان!
- إرث الاشتراكية: قراءة في مرحلة ما بعد الانهيار!
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (5) والأخير
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (4)
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (3)
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (2)
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية(1)
- طريقة فهم المنهج الجدلي!
- على شاطئ السماء!
- ديموقراطية طوباوية!
- ميكانيكا الكم والجدل الماركسي!


المزيد.....




- هيمنة الرأسمال على الصحافة وتكريس القمع السياسي من خلال فضيح ...
- الذكرى 53 لمؤامرة حل الحزب الشيوعي وتداعياته
-  منظمة فيا كامبسينا ترفض بشدة قرار مجلس أمن الأمم المتحدة رق ...
- قمة المناخ كوب 30:ترسيخ أزمة سياسة المناخ
- التقدم والاشتراكية… محطة جديدة في قلب العاصمة الإسماعيلية مك ...
- فراقشية جدد في أعلاف الماشية… والتقدم والاشتراكية يسائل الوز ...
- التاريخ المنسي لصعود اليمين المتطرف في أوروبا بعد الحرب العا ...
- انتخابات هندوراس الرئاسية بين اليمين واليسار على وقع تهديد م ...
- بعد أحكام «الإدارية».. نحتاج لانتخابات جديدة وإطلاق الحريات ...
- كلمة الرفيق جمال براجع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي ال ...


المزيد.....

- الاقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط – الفصل السادس من كتاب - الإ ... / شادي الشماوي
- في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و ا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (المادية التاريخية والفنون) [Manual no: 64] جو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية(ماركس، كينز، هايك وأزمة الرأسمالية) [Manual no ... / عبدالرؤوف بطيخ
- تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توف ... / شادي الشماوي
- الإنتاجية ل -العمل الرقمي- من منظور ماركسية! / كاوە کریم
- إرساء علاقات تعاونيّة بين الناس وفق المبادئ الإشتراكيّة - ال ... / شادي الشماوي
- المجتمع الإشتراكي يدشّن عصرا جديدا في تاريخ الإنسانيّة -الفص ... / شادي الشماوي
- النظام الإشتراكي للملكيّة هو أساس علاقات الإنتاج الإشتراكية ... / شادي الشماوي
- الإقتصاد الماويّ و مستقبل الإشتراكيّة - مقدّمة ريموند لوتا ل ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ادم عربي - أزمة النظام العالمي!