أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الإستخدام السّلْبِي ل-الذّكاء- الإصطناعي















المزيد.....

الإستخدام السّلْبِي ل-الذّكاء- الإصطناعي


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يجتذب الذكاء الاصطناعي استثمارات هائلة فقد تدفّقت، منذ إطلاق شات جي پي تي قبيل عامين، مئات المليارات من الدولارات نحو هذا القطاع، في سباق محموم وراء العوائد المرتفعة التي اعتادت عليها شركات التكنولوجيا بوادي السيليكون، واعتمدت هذه الشركات على السّلطات الحاكمة لكي يقتحم الذكاء الاصطناعي حياتنا اليومية والفضاء العام والخاص، ففي مؤتمرات المناخ مثل مؤتمر "كوب" السّنَوِي ( COP – Conference Of the Parties)، ترفع الشركات الكبرى شعارات تزعم أنّ الذكاء الاصطناعي سيعالج التغيّر المناخي، وفي مؤتمرات التنوع البيولوجي، تسوّق شركات الوقود الأحفوري الذكاء الاصطناعي كحلّ لانقراض الأنواع. أما الساسة الأمريكيون فيُشيدون بالذكاء الاصطناعي باعتباره سبيل الولايات المتحدة إلى الهيمنة، حيث يشترك الحزبان الدّيمقراطي والجمهوري في تمْجيد النزعة التكنولوجية في مختلف مجالات الحياة، وخصوصًا في التّطبيقات العسكرية والسيطرة على العالم...
يخْدِم الذكاء الإصطناعي مصالح الشركات التي ابتكرَتْهُ وحدّدت أهدافه وطرق عمله في ظل هيمنة الإقتصاد المعولم، وقامت هذه الشركات بتشييد مراكز بيانات ضخة في معظم بقاع الأرض والجو والبحر، وخلافًا لما يزعم الدّاعون إلى تعميمه فإن مراكز الذّكاء الإصطناعي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، ولذلك تروج هذه الشركات (ومعها السلطة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب) إلى تطوير المفاعلات النّوَوِيّة ذات الإستخدام المَدَنِي والعسكري، وتروّج لمجتمع تقوده أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تُراقب كل حركاتنا وسكناتنا وتستخدم الخوارزميات في عمليات القتل والإبادة، مما يجعل الكلفة الحقيقية لمجتمع تقوده أنظمة الذكاء الاصطناعي مرتفعة جدًّا، وما "الذّكاء" الإصطناعي سوى آلة لا تُفَكِّر، لكنها آلة متطورة تقدّم تنبؤات استناداً إلى كمّيات هائلة من البيانات ومسحٍ شاملٍ لجمع أكبر قدر ممكن من البيانات الجينية أو البيومترية، على سبيل المثال، ويتم تدريب النموذج أو الآلة على التعرّف إلى الأنماط لإنتاج تخميناتٍ مدروسة، من خلال إجراء ملايين العمليات الحسابية في آنٍ واحد، ولكنها تبقى في عداد التّخمينات، ولا ترقى إلى الحقائق العلمية المُؤَكّدة، خصوصًا وإنه يعْسر تتَبُّع أو مراجعة عمل الآلة، وتم استخدام الذكاء الاصطناعي من قِبَل إيلون ماسك ليقرّر أي الأشخاص وأي البرامج تُحذف من الموازنة الفدرالية، وكانت النتيجة كارثة على المواطنين الأمريكيين وملايين الأشخاص في العالم.
شكّلت التكنولوجيا الرقمية أداة فعّالَة في تسريع وتيرة التفاوت الطّبقي وعدم المساواة بين مواطني البلد الواحد وبين سكان العالم، خلال العقود الثلاثة الماضية، وشكّلت كذلك أداة لتَمَرْكُزِ السيطرة وزيادة الفوارق واختلال موازين القوى لصالح أثرى الأثرياء ولصالح القوى الإمبريالية، واستفاد أثرياء الطّفرة التكنولوجية أكثر من أي قطاع آخر، فأصبح ثمانية من أغنى عشرة أثرياء في العالم، من رؤساء شركات وادي السيليكون التي صمَّمَت وأنشأت مراكز بيانات عملاقة، وشبكة رقابية مهولة عبر «إنترنت الأشياء»، من الأجهزة المنزلية الذكية، إلى السيارات المتصلة، إلى كاميرات التعرّف إلى الوجوه، وأجهزة الاستشعار البيومتري، وغيرها من أدوات التّجسّس والمراقبة التي اجتذبت مزيدا من الإستثمارات ومن العُلماء والمُهندسين وذوي الكفاءات لتشديد مراقبة المجتمع وتزويد الذكاء الاصطناعي على الدوام بمادة تدريب جديدة عبر جمع البيانات والمدخلات الجديدة باستمرار ملفات شخصية دقيقة لكل فرد في المجتمع وفي العالم وتحويل هذه الملفات ( قواعد البيانات) إلى سلعة تُباع وتُشترى في السوق، فإذا تخلّف أحدنا عن سداد فاتورة الكهرباء أو قسط قرض السيارة أو قسط التّأمين، يمكن لشركة الكهرباء قطع التيار عن بُعْد ويمكن للشركات الأخرى تعطيل محرّك السيارة أو الهاتف أو أي جهاز آخر، وهي الطّريقة التي استخدمها جيش واستخبارات العدو الصهيوني لتحديد قوائم الاغتيال، وأدّى ذلك إلى اغتيال عشرات الآلاف من الأشخاص لأنهم كانوا على مقربة من شخص موصوف بالإرهاب في أفغانستان أو العراق أو اليمن أو فلسطين...
استخدمت السلطات الأمريكية برنامج " كامبريدج أناليتكا"، وهي شركة الحرب السيبرانية التي عملت مع ستيف بانون على التلاعب بـ230 مليون ناخب أمريكي سنة 2016، مستخدمةً أدوات الذكاء الإصطناعي لتحديد الناخبين القابلين للتأثير واستهدافهم، مما ساعد في انتخاب دونالد ترامب، وأتاح لاحقاً تمرير الإستفتاء على خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، كما تستخدم شركة آير بي أن بي أساليب مماثلة لإفشال التشريعات المحلية الرامية إلى تنظيم الإيجارات قصيرة الأمد.

أمازون – التّربّح من الإبادة
نَظّم ثمانون اتحادًا عُمّاليا ومنظمات المجتمع المدني ومناضلون مدافعون عن عمّال المستودعات ومصانع الملابس وسلامة البيئة والمناخ والعدالة الضريبية والمدافعون عن حقوق المهاجرين ومجموعات التضامن مع شعب فلسطين في ما لا يقل عن ثلاثين دولة في جميع القارات، تحرّكا عالميّا منسّقا ضدّ شركة «أمازون»، ضمن حملة "اجعلوا أمازون تدفع الثمن" وتوقيع تعهّد "ولا فِلْس واحد للإبادة" ( Not a dime for genocide ) والامتناع عن الشراء من أمازون من يوم الجمعة في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، الذي يصادف يوم «الجمعة السوداء» العالمي (Black Friday) وحتى الأول من كانون الأول/ديسمبر 2025، والالتزام بعدم شراء المنتجات المُدرجة في قوائم المقاطعة وسحب (BDS)، وتنظّم هذه التحرّكات «التقدّمية العالمية» بهدف تسليط الضوء على ما تصفه الحملة بانتهاكات الشركة بحق العمّال وممارساتها المدمّرة للبيئة، وتهرّبها الضريبي، بالإضافة إلى دورها في تسهيل القمع الحكومي في الولايات المتحدة و«الإبادة الجماعية» بحق الشعب الفلسطيني، مما يجعل شركة التجارة الإلكترونية «أمازون» أداةً لاستغلال العمال ووسيلة للتّسلّط والإضطهاد والقمع من خلال أنظمة المراقبة وجمع البيانات الضخمة وخدمات الحوسبة السحابية التي توفرها للدّول، مما جعل أمازون تحقّق أرباحاً بقيمة 59,2 مليار دولارا سنة 2024 بفعل الإستغلال الفاحش للعمّال وإلحاق الضّرر بالبيئة والتهرّب من دفع الضرائب على أرباحها.

دعم الإحتلال الصهيوني وقمع المهاجرين
شاركت أمازون ( وكذلك غوغل) في "مشروع نيمبوس" ( بقيمة 1,2 مليار دولار) في الإبادة في فلسطين من خلال تزويد الإستخبارات والجيش الصهيوني بالخدمات السحابية والذكاء الإصطناعي لتطوير آليات مراقبة وقمع الشعب الفلسطيني وتأمين الإبادة الجماعية، وفي الولايات المتحدة ارتبطت شركة أمازون بعقد مع وكالة الهجرة بقيمة ستمائة مليون دولارا سنويا، لتوفير التقنيات الضرورية وأنظمة المراقبة والتّتبّع لوكالة الهجرة الأمريكية التي تنفذ المداهمات والإعتقالات والترحيل القَسْرِي للمُهاجرين...
أما في المستودعات والمخازن فإن تقرير ( Strategic Organizing Center ) سجّل أعلى مُعدّل لإصابات العمال سنة 2023، حيث بلغت نسبة إصابات عمال أمازون 6,6 إصابات لكل 100 عامل، أي ضعف المعدل الوطني الأمريكي تقريباً، كما سجّلت نحو 39 ألف إصابة في مرافق «أمازون» سنة 2022 ويفوق مُعدّل نقل العُمّال إلى المستشفيات أو توقّفهم عن العمل بسبب الحوادث والمرض معدّل شركات الشحن المنافسة بنحو 67%، بسبب ظروف العمل القاسية ومحاربة أي محاولة لتأسيس نقابة عمالية، وتمكّنت شركة أمازون من تحقيق أرباح بلغت 33 مليار دولار، سنة 2021، ولم يتجاوز معدّل الضريبة 6% من الأرباح، ولم تُسدّد الشركة دولارا واحدًا لمكتب الضرائب الإتحادية بين سنتَيْ 2018 و 2022، كما لا تُسدّد أي ضرائب في أوروبا ( بفعل تسجيل مقرها في لكسمبورغ ذات المعدّل المنخفض للضرائب) حيث تجاوزت إيرادات فرعها في لكسمبورغ (Amazon EU Sarl ) 51 مليار يورو سنة 2021، ويدفع عُمال أمازون ومواطنو العالم ثمنا مرتفعا لهذه الإيرادات والأرباح، فقد ارتفعت انبعاثات عمليات الشحن والتسليم لشركة أمازون بنسبة 40% بين سنتَيْ 2019 و 2024، لتصل إلى 69 مليون طن من ثاني أُكْسِيد الكربون ( CO2 ) سنة 2024، فضلاً عن النفايات الإلكترونية والبلاستيكية التي تنتجها والمُقَدّرة بأكثر من ثلاثمائة نليون كيلوغرام سنويا وفق منظمة أوسيانا ( Oceana )...
لهذه الأسباب وغيرها، انطلقت حملة "اجعلوا أمازون تدفع"، منذ ست سنوات بمشاركة النقابات وعُمال التكنولوجيا ومنظمات البيئة في محاولة لفضح سياسات الشركة تجاه العمال وتأثيرها السياسي وانعكاس نشاطها على البيئة ولمشاركتها في سياسات القمع والإضطهاد والإحتلال وتغذية عدم المساواة، وتقويض الحُرّيّات والحقوق الديمقراطية، ونَشْر العُنف حول العالم، فأصبحت أمازون "أحد أركان النظام الإستبدادي الجديد القائم على المراقبة والاستغلال "، وفق منظمة "الأممية التقدمية" التي أشار بيانها ( 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) إلى مشاركة أمازون في تأسيس البُنية التحتية الضرورية لمداهمات إدارة الهجرة والجمارك وإبادة الفلسطينيين وسحق كرامة العمال وأشارت بيانات حملة "اجعلوا أمازون تدفع الثمن" إلى التحالف بين شركات التكنولوجيا الكبرى المملوكة لمليارديرات مثل أمازون والأنظمة القمعية، ما يمثل خطرا متزايدا على حقوق مواطني العالم، كما يؤدي ارتفاع استثمار الشركة في الأتمتة ( automatization ) والذكاء الاصطناعي إلى تسريح مئات الآلاف من العاملين في العالم...



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُتابعات – العدد الثاني والخمسون بعد المائة بتاريخ التاسع وا ...
- انتخابات نيويورك وفوز زهران ممداني
- اقتصاد العراق بين وَفْرَة النّفط وارتفاع حجم الدُّيُون
- حركة التضامن الأوروبية مع الشعب الفلسطيني
- فلسطين - خطة استعمارية أمريكية
- مُتابعات – العدد الواحد والخمسون بعد المائة بتاريخ الثاني وا ...
- التدخلات الأمريكية في امريكا الجنوبية
- أوروبا - الفساد في أعلى هرم السّلطة
- غزة، من -ريفييرا الشرق الأوسط- إلى -خطة السّلام-
- بإيجاز - خطوات أمريكية على طريق إنجاز -الشرق الأوسط الكبير-
- تفاوت طبقي بالأرقام
- الصين والولايات المتحدة ومكانة الدّولار والصناعة والتكنولوجي ...
- مُتابعات – العدد الخمسون بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من تشر ...
- عرض كتاب -عقيدة الصّدمة ورأسمالية الكوارث-
- بإيجاز - حق تقرير المصير
- الأزمة = شطب وظائف
- عام من رئاسة دونالد ترامب
- مُتابعات – العدد التّاسع والأربعون بعد المائة بتاريخ الثامن ...
- أوروبا – بعض مظاهر الدّيمقراطية الزّائفة
- العلاقات الهندية الأمريكية ومحاصرة الصين


المزيد.....




- -فرصة جيدة-.. ترامب يعرب عن ثقته في التوصل لاتفاق بين روسيا ...
- مصر: الداخلية تعلن ضبط مخدرات بقيمة 113 مليون جنيه وإحباط عم ...
- من هم أبرز ضحايا الإيدز في مختلف المجالات؟
- بالأرقام.. شركات السلاح حول العالم تحقق أرباحًا غير مسبوقة
- في اليوم الثاني لزيارته.. البابا ليو الرابع عشر يزور ضريح ما ...
- الولايات المتحدة.. أكبر مقبرة للطائرات في ولاية أريزونا
- ماكرون يستقبل زيلينسكي في باريس لمناقشة شروط سلام عادل
- كيريل ديمترييف رسول روسيا -الهامس في أذن ترامب-
- أونروا: إسرائيل تحتجز المساعدات وغزة تواجه كارثة إنسانية
- ماكرون يتصل برئيس مدغشقر الانتقالي ويعرض دعم فرنسا


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الإستخدام السّلْبِي ل-الذّكاء- الإصطناعي