أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نهاد السكني - لماذا تتمدّد القاهرة شرقًا وغربًا وجنوبًا… وتتوقف شمالًا؟ قراءة تاريخية وجغرافية














المزيد.....

لماذا تتمدّد القاهرة شرقًا وغربًا وجنوبًا… وتتوقف شمالًا؟ قراءة تاريخية وجغرافية


نهاد السكني

الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 11:37
المحور: المجتمع المدني
    


رغم أن القاهرة تبدو مدينة بلا حدود، تبتلع الصحراء شرقًا وغربًا وتمتد جنوبًا على استحياء، إلا أنها تتوقف تمامًا عن التمدد نحو الشمال. وللوهلة الأولى قد يبدو السبب إداريًا أو جغرافيًا، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا، إذ أن العاصمة المصرية محكومة بشبكة متشابكة من التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والبنية التحتية.
تاريخ القاهرة يشير إلى أن العاصمة والجيزة لم تكن يومًا منفصلتين بشكل حقيقي. الفسطاط والقاهرة القديمة تطورتا على ضفّة النيل الشرقية، بينما كانت قرى الجيزة الزراعية على الضفة الغربية امتدادًا طبيعيًا لها. لم يكن النيل يومًا حدًّا، بل كان طريقًا للحياة والتجارة والتنقل اليومي بين الضفتين. ومع القرن التاسع عشر، وبالتحديد عصر الخديوي إسماعيل، بدأت القاهرة الحديثة تتشكل بوضوح، حيث شُقّت جسور مثل كوبري قصر النيل وشارع الهرم، وتمتد الحدائق والقصور على ضفاف الجيزة، فصار التفاعل بين الضفتين عمليًا كمدينة واحدة، رغم الفصل الإداري لاحقًا.
عندما تم تحويل الجيزة إلى محافظة مستقلة، لم يتغير الواقع العملي على الأرض؛ السكان يذهبون ويأتون بين الضفتين، الأسواق والمرافق مشتركة، والشوارع مستمرة دون توقف. ومن هنا ظهر مفهوم “القاهرة الكبرى” الذي يعكس هذه الحقيقة العمرانية، ويشير إلى أن القاهرة والجيزة كتلة واحدة مترابطة رغم الحدود الرسمية.
أما الشمال، فهو يمثل تحديًا طبيعيًا للبناء والتوسع. دلتا النيل والخصوبة الزراعية العالية، بالإضافة إلى الكثافة السكانية في مدن مثل شبرا الخيمة والقليوبية، تجعل أي توسع شمالي شبه مستحيل، ليس فقط بسبب الأرض، بل أيضًا بسبب الضرر المحتمل للمحاصيل وإعادة رسم الحدود الإدارية. بينما الشرق والغرب يوفّران مساحات صحراوية شاسعة يمكن البناء فيها بحرية، وهو ما استغله المخططون العمرانيون في إنشاء مشاريع ضخمة مثل العاصمة الإدارية، مدينة الشروق، مدينة بدر، والشيخ زايد. الصحراء توفر الفرصة لتأسيس بنية تحتية حديثة وشبكات طرق واسعة بدون تعقيدات المدن المأهولة.
جنوب القاهرة يتسم بالاختلاف؛ الشريط النيلي مزدحم، لذا التوسع يتم داخل الصحراء المجاورة فقط، كما هو الحال في مناطق حلوان الجديدة و15 مايو، حيث يمكن استيعاب النمو السكاني دون الضغط على الأراضي الزراعية أو المساحات المأهولة.
الجانب الاقتصادي والبنية التحتية يكمل ما بدأه التاريخ والجغرافيا. الشمال مكلف جدًا، سواء بسبب كثافة السكان أو الأراضي الزراعية، إضافة إلى تكلفة إنشاء شبكة طرق ومياه وكهرباء. في المقابل، توفر الصحراء شرقًا وغربًا مرونة كبيرة في التخطيط العمراني، وتكلفة أقل بكثير للبنية التحتية، مما يجعل هذه المناطق محورًا طبيعيًا للتوسع العمراني والصناعي، بينما المدن الجديدة تعمل على تخفيف الضغط السكاني عن القاهرة القديمة.
على مدى السنوات العشرين المقبلة، يتوقع أن تتضاعف أعداد سكان القاهرة الكبرى لتصل إلى ما يقارب 35 مليون نسمة، مع استمرار التوسع شرقًا وغربًا وصحراويًا جنوبًا. المدن الجديدة، إلى جانب العاصمة الإدارية، ستصبح مراكز حضرية رئيسية، مزودة بشبكات حديثة من الطرق والمواصلات والطاقة، بينما يظل قلب القاهرة القديمة مكتظًا، والشمال محميًا بطبقة طبيعية وقانونية تمنع أي توسع.
إن القاهرة الكبرى ليست مجرد مدينة، بل ظاهرة حضرية مركبة تجمع بين التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والإدارة. الشمال محمي بطبيعة الأرض والقوانين، والشرق والغرب مفتوحان للبناء والتخطيط، والجنوب يستفيد من المساحات الصحراوية للتمدد. وهكذا تظل العاصمة المصرية مدينة متجددة، تتنفس بين القديم والجديد، وتؤكد أن الأرض، بطبيعتها وتاريخها، هي الحاكم الصامت لكل توسع بشري.



#نهاد_السكني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان بين العلم ووهْم المركزية : حتى لو انقرض البشر… ستستم ...
- تحليل الذكاء البشري: الخريطة الجينية، التحدي البيئي، وإرادة ...
- غزة بين الجوع والركام… والرحلة الغامضة من مطار رامون إلى نير ...
- الإمبراطورية اليابانية بين التاريخ والنهضة: ما الدروس الواقع ...
- الذين يعودون مع اكتمال القمر
- وزارة الصحة الفلسطينية: خطوات نحو رقمنة النظام الصحي وتعزيز ...
- سُرّة العالم التي لا تسقط، غزة… المدينة التي تُولد من رمادها
- الديكتاتورية الرقمية: حين يرى إيلون ماسك الحقيقة التي يريدها
- دور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية في تشغيل المتحف ال ...
- الديكتاتورية الرقمية: بين الخوارزميات والجماهير
- الديكتاتورية الرقمية: المزرعة السعيدة كانت تدريبًا للسيطرة ع ...
- الديكتاتورية الرقمية: كيف تم استخدام هندسة البيانات والتحول ...
- الإنسان القادم من المختبرات
- هل الموت خلل بيولوجي؟
- الجينوم البشري في قبضة الذكاء الاصطناعي: خصوصيتك مهددة من فن ...
- بين التمويل والسيطرة: تحوّلات اليسار واليمين في المشهد الأهل ...
- مستقبل مصر في الذكاء الاصطناعي واستكشاف الفضاء: من الأرض إلى ...


المزيد.....




- حملة اعتقالات إسرائيلية بمناطق واسعة في الضفة الغربية المحتل ...
- غارات داخل -الخط الأصفر- في غزة واقتحامات واعتقالات بالضفة ا ...
- اعترافات جديدة عن جرائم حرب ارتکبتها قوات بريطانية في أفغانس ...
- مطالبات دولية بإنفاذ مذكرات اعتقال بحق قادة الاحتلال
- قوات الاحتلال تقتحم طوباس مجددا وتشن حملة دهم واعتقالات بالض ...
- الأغذية العالمي: الملايين في السودان يواجهون جوعا كارثيا
- -تعليق الدوام- في طوباس..الاحتلال يحول منازل -عقابا- إلى ثكن ...
- الأغذية العالمي: الملايين في السودان يواجهون جوعا كارثيا
- تحذير أممي من أزمة جوع تهدد اللاجئين في إثيوبيا
- ترامب يصعد ضد المهاجرين.. تجميد اللجوء مستمر لفترة طويلة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نهاد السكني - لماذا تتمدّد القاهرة شرقًا وغربًا وجنوبًا… وتتوقف شمالًا؟ قراءة تاريخية وجغرافية