أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نهاد السكني - سُرّة العالم التي لا تسقط، غزة… المدينة التي تُولد من رمادها














المزيد.....

سُرّة العالم التي لا تسقط، غزة… المدينة التي تُولد من رمادها


نهاد السكني

الحوار المتمدن-العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 21:48
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


غزّة: سُرّةُ العالم التي لا تسقط
غزة ليست مدينة.
غزة حالة.
حالة صمود، حالة حياة، حالة لا تعترف بالموت.
منذ أن خطّها الكنعانيّون على خريطة التاريخ قبل آلاف السنين، وهي تقف في وجه كل من ظنّ أنه يستطيع محوها.
مرّ الفينيقيون تجارًا، والهكسوس رعاة، والفراعنة ملوكًا، والرومان جيوشًا، والصليبيون حملات، والمغول نارًا، والإنجليز احتلالًا، والصهيونية إبادة...
كلهم جاءوا. كلهم ذهبوا. وغزة بقيت.

غزة هاشم: ممر الأنبياء
من رمالها عبر إبراهيم الخليل عليه السلام في طريقه من بابل إلى أرض كنعان، فبارك الله خطاه.
وفيها مرّ إسحاق ويعقوب ويوسف، وسارت قوافلهم نحو مصر، تحمل رائحة الزيتون واللبان والعنب.
ومن حدودها خرج موسى عليه السلام ومعه العصا التي شقّت البحر في طريق العودة نحو سيناء.
وعلى أرضها مرّ عيسى بن مريم عليه السلام في رحلته من الناصرة إلى مصر، فنزلت عليه السكينة في طريقه إلى الجنوب.
وفي تاريخها الأبعد، دُفن فيها هاشم بن عبد مناف، جدّ النبي محمد ﷺ، الذي سُمّيت غزة باسمه "غزة هاشم"، لتكون أول تربة عانقت جذور النسب النبويّ الشريف.
وقال المؤرخون: “في غزة نام الجدّ، ومنها بدأ النور الذي سيشرق من مكة”.
هنا مرّ الأنبياء جميعًا، ومن هنا مرّ التاريخ نحو القدس.
وفي عصور الإسلام، مرّت بها جيوش عمرو بن العاص في طريقها إلى فتح مصر، وتحت راية صلاح الدين حرّرت طريقها إلى القدس، وفي عهد المماليك والفاطميين والعثمانيين كانت درع الشام الجنوبي وسيفها الذي لا يُغمد.

ولادة من الرماد
في كل مرة يُعلنون فيها أن غزة انتهت، تُولد من جديد:
1929: ثورة البراق، وغزة تقاوم الانتداب البريطاني.
1936: ثورة كبرى، وأهل غزة يرفعون السلاح والمنجل معًا.
1948: النكبة، وغزة تفتح ذراعيها لمئات الآلاف من اللاجئين.
1967: احتلال، وغزة تبدأ انتفاضتها الأولى قبل أن يجفّ حبر الاتفاقيات.
1987: الانتفاضة الأولى، وأطفال الحجارة يكتبون التاريخ بحجر.
2000: الانتفاضة الثانية، وغزة تُعلّم العالم معنى الصمود.
2008، 2012، 2014، 2021، 2023–2025: حروب متتالية، قصف، حصار، جوع...
وفي كل مرة، يخرج طفل من تحت الركام يسأل: "وين أمي؟"
ثم يبتسم.
لأنه يعرف أن غزة لن تموت.

المقاومة بالذاكرة والحياة
لأن غزة لا تقاوم بالحديد فقط،
تقاوم بالذاكرة:
كل بيت في الشجاعية يحمل اسم شهيد.
كل شارع في الرمال يروي قصة حبّ انتهت بزواج تحت القصف.
كل مدرسة في جباليا تُعلّم الأطفال أن الأرض لنا قبل أن تُعلمهم الحساب.
وتقاوم بالحياة اليومية:
امرأة تُعدّ الخبز على موقد من حطبٍ مبلول.
شاب يزرع نعناعًا في علبة تونة فارغة.
طبيب يجري عملية بمصباح هاتف.
معلّم يُدرّس تحت شجرة لأن المدرسة قُصفت.
هذه ليست بطولات استثنائية.
هذه حياة غزة اليومية.

وصفة الكنعاني
عبد الكريم السبعاوي، ابن حارة التفاح، كتب من منفاه في أستراليا:
“احترف الفينيقيون التجارة،
واحترف الهكسوس الرعي،
أما نحن أبناء كنعان فقد احترفنا طرد الغزاة.
إن الكنعاني لا يعرف على وجه التحديد
كم مرة دقّ منجله سيفًا،
وكم مرة دقّ سيفه منجلًا.”
ليست شعرًا، بل وصفة حياة.
في غزة، السيف يتحول إلى منجل، والمنجل إلى سيف، والاثنان معًا يصنعان حياة.

اليوم: بداية جديدة
الآن، ونحن نشاهد غزة تُقصف ليل نهار،
ونسمع أصوات الطائرات قبل أصوات الأذان،
ونرى أطفالًا ينامون في الشوارع لأن بيوتهم أصبحت أنقاضًا...
نحن لا نشاهد نهاية. نحن نشاهد بداية.
كل قنبلة تسقط تُعلّم جيلًا جديدًا أن الأرض لا تُباع.
كل شهيد يُدفن يزرع بذرة مقاومة في قلب طفل.
كل بيت يُهدم يُبنى من جديد في الذاكرة.
غزة لا تنتصر لأنها تملك جيشًا عظيمًا.
تنتصر لأنها تملك شعبًا لا يعرف الاستسلام.

وعد العنقاء
كل غازٍ جاء إلى غزة ظنّ أنه يكتب الفصل الأخير من تاريخها.
لكنه لم يكن يدرك أنه يكتب فقط مقدمة الفصل التالي.
غزة ليست مدينة على الخريطة.
غزة فكرة.
وفكرة لا تموت.
غزة ستولد من رمادها.
ليست أمنية، بل وعد تاريخي،
كُتب بدماء الأنبياء والأجداد،
ويُقرأ اليوم في عيون الأطفال،
ويُكتب غدًا بأيدي الأحفاد.
غزة لا تموت.
غزة تُولد.
كل مرة.
من رمادها.
كالعنقاء.
وكل من يراها يولد من جديد.



#نهاد_السكني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديكتاتورية الرقمية: حين يرى إيلون ماسك الحقيقة التي يريدها
- دور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية في تشغيل المتحف ال ...
- الديكتاتورية الرقمية: بين الخوارزميات والجماهير
- الديكتاتورية الرقمية: المزرعة السعيدة كانت تدريبًا للسيطرة ع ...
- الديكتاتورية الرقمية: كيف تم استخدام هندسة البيانات والتحول ...
- الإنسان القادم من المختبرات
- هل الموت خلل بيولوجي؟
- الجينوم البشري في قبضة الذكاء الاصطناعي: خصوصيتك مهددة من فن ...
- بين التمويل والسيطرة: تحوّلات اليسار واليمين في المشهد الأهل ...
- مستقبل مصر في الذكاء الاصطناعي واستكشاف الفضاء: من الأرض إلى ...


المزيد.....




- محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ي ...
- المتحف الكبير.. بين تلميع الفرعون وصناعة الهوية (1-2)
- حرية الصحافة بالمغرب: تكميم وخنق واعتقال
- مشروع قانون التعليم العالي بين: رهان خوصصة الجامعة وتطلعات م ...
- الشباب قيود الأخلاق التقليدية وما تتيحه التكنلوجيا الحديثة م ...
- أوقفوا هجمات ترامب على فنزويلا وأمريكا اللاتينية: بيان المكت ...
- أكثر من عام رهن الحبس الاحتياطي.. تجديد حبس أشرف عمر 45 يومً ...
- رسالة أوجلان.. كيف تؤثر على العملية السياسية في تركيا؟
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- زهران ممداني: شيوعي معادي للسامية؟


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نهاد السكني - سُرّة العالم التي لا تسقط، غزة… المدينة التي تُولد من رمادها