أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نهاد السكني - الجينوم البشري في قبضة الذكاء الاصطناعي: خصوصيتك مهددة من فنجان قهوة!














المزيد.....

الجينوم البشري في قبضة الذكاء الاصطناعي: خصوصيتك مهددة من فنجان قهوة!


نهاد السكني

الحوار المتمدن-العدد: 8364 - 2025 / 6 / 5 - 11:12
المحور: المجتمع المدني
    


قبل أكثر من عقدين، احتفى العالم بإتمام مشروع الجينوم البشري، أحد أعظم الإنجازات العلمية في العصر الحديث. بميزانية قاربت 3 مليارات دولار، ومشاركة عشر دول بقيادة أمريكية، تم الإعلان في عام 2003 عن اكتمال خريطة الحمض النووي للإنسان، واكتشاف أكثر من 30 ألف جين مسؤول عن بناء حياتنا البيولوجية.

اليوم، لم تعد هذه البيانات حكراً على المختبرات الكبرى، بل أصبحت في متناول اليد، وبمساعدة الذكاء الاصطناعي، صار تحليل الجينات مهمة تُنجز في دقائق، وبتكلفة لا تتجاوز ثمن هاتف ذكي متوسط.

لكن، في ظل هذه القفزة التكنولوجية، يُطرح سؤال جوهري: هل نحن مستعدون للثمن الأخلاقي لهذه المعرفة؟

الذكاء الاصطناعي يفتح أبواب الجينوم
في السابق، كان فحص الجينوم الكامل مكلفاً ومعقداً، يتطلب شهوراً من التحليل وأجهزة عالية الدقة. أما اليوم، فبفضل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يمكن تحميل بياناتك الجينية إلى منصات سحابية تحللها بدقة مذهلة وتمنحك تقريراً شاملاً عن صحتك الحالية والمستقبلية خلال دقائق.

في الواقع، أصبحت شركات التقنية الحيوية تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بإصابة الأشخاص بأمراض مثل السرطان والزهايمر والسكري بناءً على نمط جيني دقيق، معتمدة في ذلك على كميات هائلة من البيانات المجمعة من مستخدمين حول العالم.

من التقدم إلى التهديد
ورغم الفوائد الطبية الهائلة، إلا أن هذا التقدم يحمل في طياته تهديداً خطيراً لخصوصية الفرد. فالجينوم، ببساطة، هو هويتك البيولوجية. وكل طفرة جينية فيه قد تحمل أسرارًا لا ترغب بمشاركتها مع أحد – لا صاحب العمل، ولا شركة التأمين، ولا حتى الدولة.

تخيّل أن مجرد ارتشافك لفنجان قهوة في مكتب صديق قد يتيح له – نظرياً – جمع عينة من لعابك وتحليل حمضك النووي! هذا ليس مشهداً من فيلم خيال علمي، بل سيناريو بات تقنياً ممكناً.

التمييز الجيني: عنصرية من نوع جديد؟
واحدة من أخطر التبعات هي احتمالية ظهور تمييز جيني ممنهج. فشركات التأمين قد ترفع رسومها على الأفراد المعرضين وراثياً لأمراض مزمنة. وأرباب العمل قد يشترطون فحوصات جينية لتوظيف موظفين "أكثر صحة". النساء فوق الأربعين قد يُطلب منهن فحص جين BRCA1 قبل قبولهن في وظائف مرموقة. والرجال قد يُرفض توظيفهم إذا أظهرت جيناتهم قابلية مرتفعة للإصابة بسرطان البروستات أو أمراض القلب.

إنه عالم جديد قد تتحول فيه جيناتك إلى عبء، وتُستخدم كذريعة لمنعك من فرص لمجرد احتمالية إصابتك بمرض لم تعانِ منه بعد – وقد لا تعاني منه أبداً.

ما العمل؟ تشريعات أم فوضى؟
ما زالت معظم الدول تفتقر إلى قوانين واضحة تحمي المواطنين من إساءة استخدام البيانات الجينية. وبينما تتسابق الشركات لتوفير "فحوصات جينية شخصية"، يتأخر المشرعون في فرض ضوابط صارمة على استخدام هذه المعلومات.

نحتاج اليوم إلى:

قوانين تمنع التمييز الجيني في العمل والتأمين.

إلزام الشركات بالحصول على موافقة خطية ومحددة لأي تحليل جيني.

هيئات رقابة تجمع خبراء في الأخلاقيات والذكاء الاصطناعي لضبط استخدامات التكنولوجيا البيولوجية.

خاتمة: العلم لا يكفي وحده
مشروع الجينوم البشري، بدعم الذكاء الاصطناعي، يمثل وعداً طبياً مذهلاً، لكنه أيضًا يطرح أكبر تحدٍ أخلاقي في عصر البيانات. المسألة لم تعد تتعلق فقط بما يمكن للعلم أن يفعله، بل بما يجب عليه ألا يفعله.

ففي زمن يمكن فيه "قراءة الإنسان" كما تُقرأ البيانات، لا بد أن نعيد تعريف الخصوصية، ونحرسها… قبل أن تفلت من أيدينا إلى الأبد.



#نهاد_السكني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجينوم البشري في قبضة الذكاء الاصطناعي: خصوصيتك مهددة من فن ...
- بين التمويل والسيطرة: تحوّلات اليسار واليمين في المشهد الأهل ...
- مستقبل مصر في الذكاء الاصطناعي واستكشاف الفضاء: من الأرض إلى ...


المزيد.....




- الاحتلال يغيب آلاف الأسرى ويواصل تعذيبهم في سجونه
- حملت اسم -Viper-.. عملية دولية تسفر عن اعتقال نحو 20 شخصاً ب ...
- الاحتلال يمدد اعتقال سناء سلامة دقة حتى الأحد المقبل
- طفلة عمرها 6 سنوات ضمن معتقلين في ميانمار لقتلهم جنرالا متقا ...
- الأمم المتحدة تدعو واشنطن لرفع العقوبات عن قضاة المحكمة الجن ...
- الأمم المتحدة تدعو واشنطن لرفع العقوبات عن قضاة المحكمة الجن ...
- كاليفورنيا.. اعتقال مهاجرين بحوزتهم مخدرات بملايين الدولارات ...
- اللاجئون السوريون بالأردن ما بين البقاء والعودة للوطن
- واشنطن تفرض عقوبات على قضاة في المحكمة الجنائية الدولية
- الأمم المتحدة: فرصة نادرة مع سوريا لمعالجة 19 مسألة تتعلق بم ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نهاد السكني - الجينوم البشري في قبضة الذكاء الاصطناعي: خصوصيتك مهددة من فنجان قهوة!