أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كوره جي - -التفوق الزائف-: كيف يفرّغ العنصريون إحباطهم العالمي في حقد محلي؟














المزيد.....

-التفوق الزائف-: كيف يفرّغ العنصريون إحباطهم العالمي في حقد محلي؟


حميد كوره جي
(Hamid Koorachi)


الحوار المتمدن-العدد: 8542 - 2025 / 11 / 30 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




العنصرية القومية: وراء زوال النظام يكمن حقد "الثقافة"


العنصرية "ثقافة قومية" تتجاوز الأطر الأيديولوجية والسياسية، وتنتقل عبر المجتمع كقوالب نمطية وأحكام .استمرار العنصرية حتى بعد زوال النظام البعثي يؤكد هذا التفسير.
لقد مررت بتجارب شخصية مؤلمة جعلتني أخلص إلى أن العنصرية تجاه الكرد ليست مجرد نتاج لنظام سياسي معين (مثل البعث)، بل هي متجذرة في ثقافة قومية أوسع، وتستمر حتى بين أولئك الذين عارضوا الأنظمة السابقة.
أن السخرية من مهن شريفة (مثل صبغ الأحذية)، وربطها بشكل عنصري بمجموعة قومية معينة، هي فعل مشين. القيمة الحقيقية للفرد تكمن في أخلاقه وصدقه، "العيب هو أن تسرق وتكذب وتنافق".
لا حظت كيف يُستخدم اللجوء إلى "حجج العمالة لإسرائيل" أو "هدف تدمير الوطن" كذريعة جاهزة لتبرير الكراهية، أو حتى ممارستها لمجرد "الاستمتاع والحقد الأسود" دون أي منطق. هذه التبريرات هي أداة كلاسيكية في الخطاب العنصري لتجريد الضحية من إنسانيتها وتبرير الاضطهاد.
تجربتي تسلط الضوء على تحدٍ كبير في المجتمعات التي تعاني من انقسامات قومية أو عرقية، حيث يصبح التخلص من العنصرية يتطلب تغييرًا ثقافيًا عميقًا وليس مجرد تغيير سياسي.
جوهر الظلم الذي يُلقى على كاهل الأفراد العاديين نتيجة الصراعات السياسية والقومية يكشف عن أهمية فصل السياسة عن الشعوب في معادلة العنصرية.

إن التجارب الشخصية العديدة، التي عشتها مع أشخاص ينتمون إلى مختلف الأيديولوجيات ومنهم من كانوا عارضوا النظام البعثي نفسه، تدحض الفكرة السائدة بأن العنصرية هي مجرد صناعة بعثية أو نتاج لنظام سياسي معين. بل تفرض حقيقة قاسية: العنصرية تجاه الكرد هي "ثقافة قومية" متجذرة استمرت وتفشّت حتى بعد زوال النظام، مؤكدة أنها تتجاوز الأطر الأيديولوجية لتصبح قالباً نمطياً ينتقل عبر الأجيال.
إن جوهر هذا التعصب ليس سياسياً، بل هو أخلاقي واجتماعي.
لقد أصبح واضحاً أن خطاب الكراهية يلجأ إلى أدوات مكشوفة لتجريد الضحية من إنسانيتها. من أبشع هذه الأدوات هي السخرية المهينة من المهن الشريفة، كمهنة صباغة الأحذية، وربطها بشكل عنصري بمجموعة قومية كاملة. وهي سخرية لا تليق بأي مجتمع يدّعي الكرامة؛ فالعيب الحقيقي يكمن في السرقة، الكذب، والنفاق، لا في العمل بجد وكدح.
الأخطر هو استخدام تبريرات واهية ومبتذلة، مثل اتهام الكرد بـ "العمالة لإسرائيل" أو "تدمير الوطن"، كذريعة جاهزة لتفريغ "الحقد الأسود" بلا منطق. هذه التبريرات ليست سوى أداة كلاسيكية في الخطاب العنصري لتبرير اضطهاد الأبرياء.
جبن العنصرية: استهداف العامل لا القائد

إن جوهر الظلم يكشف عن نفسه في اللحظة التي يفصل فيها العنصري بين السياسي والشعبي. العنصري لا يهاجم سياسات الأحزاب والقادة الكرد الذين يمثلون مراكز القرار. بدلاً من ذلك، يوجه كراهيته إلى الفلاح والعامل الكردي العادي، الذي لا يملك إلا الطيبة والكدح، ولا يسعى سوى للعيش بكرامة وسلام.

هذه ليست مواجهة فكرية؛ إنها تنفيس عن كراهية عمياء تستهدف الحلقة الأضعف والأقل خطراً. فلو كان العنصري شريفاً، لواجه النخب السياسية، لا الجماهير المغلوبة على أمرها التي لا تملك أي تأثير مباشر على تلك السياسات.
بل إن الإشارة إلى أن غالبية الكرد من الريف قد لا يمتلكون حتى شعوراً قومياً حاداً تفضح العنصري: هو يهاجم الفرد لأنه كردي وفق الصورة النمطية في ذهنه، وليس لموقفه السياسي أو الأيديولوجي. هذا يثبت أن العنصرية تنبع من اللاوعي الثقافي الذي يسبق الفعل السياسي للمستهدف.

مغالطة "التعتيم الانتقائي" وخواء التفوق الزائف

يعتمد الخطاب العنصري على آلية خبيثة تسمى "التعتيم الانتقائي": تجميد صورة الكردي في خانة السلبية (صباغ الأحذية مثلاً)، وتجاهل متعمد للإنجازات المشرقة.
هذا التعتيم يتجاهل الآلاف من الأساتذة، الأطباء، والقادة السياسيين والعسكريين الكرد الذين ساهموا بشكل محوري في تأسيس وبناء دول مثل العراق وسوريا. بل يتغاضى عن إنجازات هائلة، كدور شخصية كردية في تأسيس المجمع اللغوي العربي السوري، وهو دليل على أن الكرد لم يساهموا في بناء وطنهم فحسب، بل في صون وتطوير الهوية الثقافية العربية نفسها.
هذا التعتيم مدعوم بـ وهم التفوق الزائف. العنصريون الذين يسعون للتكبر على مكون وطني أصيل كالكرد، يتغافلون عن أنهم لا يملكون أي رصيد من الإنجازات العالمية الكبرى (كالفلسفة الألمانية أو الأدب الإنجليزي) التي تمنحهم الحق في ادعاء التفوق على أي أمة أخرى. إنهم يعوضون إحباطهم العالمي بممارسة الهيمنة والتسلط على المواطن الأقرب والأضعف.

المعركة الحقيقية: المواطنة والمصداقية

إن المواجهة الفعالة لهذا الوباء ليست محاولة عقيمة لإقناع العنصريين الذين اختاروا العماء، بل تكمن في إيصال حقائق المساهمات الكردية إلى الأغلبية الصامتة والأجيال القادمة لصدّ السرديات العنصرية.
وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى أن النزاهة الأخلاقية تقتضي إدانة أي شكل من أشكال التعصب، بما في ذلك العنصرية التي قد تظهر داخل المجتمع الكردي نفسه تجاه الآخرين. العنصرية شرٌ مطلق، والمعركة الحقيقية يجب أن تكون ضد فكرة العنصرية ذاتها، لبناء مستقبل يقوم على الإخاء والمواطنة الحقيقية للجميع.


2025-11-29



#حميد_كوره_جي (هاشتاغ)       Hamid_Koorachi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم الحضارات الكبرى: تفكيك الأسس الدينية والثقافية للتمايز ف ...
- ترامب يفقد السيطرة: هل هذه بداية النهاية؟
- الفردوسي ودوره المحوري في سياق التاريخ الثقافي الإيراني
- الترجمة الأيديولوجية: بين أفيون -الشعب- و -الشعوب-
- التباين الجمالي بين الشعر العاطفي والسياسي
- فجر الاعترافات
- التأطير الأحادي للإبداع -2
- التأطير الأحادي للإبداع -1
- الأزمة الهيكلية في بلدان الشرق الأوسط
- الترجمة العربية: تحريفات لأسباب إيديولوجية
- أسباب ضعف السلع الاستهلاكية في الاتحاد السوفيتي
- الأهمية المستمرة لكتاب -رأس المال- في عصر الرقمنة
- الشوفينية الفارسية أمام تحديات العقلانية والأممية
- حقبة الركود السوفيتية
- بين مزيج الأمواج والذكريات
- ركود الأغنية العربية: بين أسطورة الماضي وتحديات الحاضر
- أزمة اليسار في العالم العربي: تحديات الهيمنة القومية والليبر ...
- ضرورة تحريم التقية: بين رخصة الضرورة وخطرها على المجتمع
- اختلاف الآراء في اشتراكية الاتحاد السوفييتي السابق
- ثلاثة قرون من الجمود: كيف دفع العرب والمسلمون ثمن حظر آل عثم ...


المزيد.....




- رموز مطرّزة بالروحانية..تفاصيل أزياء البابا لاوُن الرابع عشر ...
- JEC Tower يعيد تعريف أفق جدة.. المملكة السعودية تبني أطول بر ...
- الأمن السوري يلقي القبض على قائد ميليشيا موالية لنظام الأسد ...
- معهد سيبري: زيادات قياسية في إيرادات شركات السلاح العالمية
- هندوراس: نصري عصفورة المدعوم من ترامب يتصدر النتائج الأولية ...
- الهلال الأحمر القطري يرمم 4 مراكز صحية في قطاع غزة
- عمروف.. تتاري مسلم يقود وفد المفاوضات الأوكراني
- صحافة عالمية: قلق إسرائيلي من تسرّع أميركي بخطة غزة
- الجيش السوداني يقصف قوات الحركة الشعبية ويتقدم بجنوب كردفان ...
- في اليوم العالمي للإيدز.. تحذير من نقص تمويل مكافحته


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كوره جي - -التفوق الزائف-: كيف يفرّغ العنصريون إحباطهم العالمي في حقد محلي؟