|
|
(زائر الليل)
خيرالله قاسم المالكي
الحوار المتمدن-العدد: 8539 - 2025 / 11 / 27 - 22:04
المحور:
الادب والفن
خيرالله قاسم
بسمِ الفكرة التي لا تُقتَل، والكلمة التي لا تموت.
زاائر الليل: ذاكرة الملح والهروب
-1-
العناوينُ كثيرة، تتشابك وتتفرَّع كالمدنِ المكتظَّة، وكالأسماء التي نحملُها دون أن نختارها. ولكن، حين يغدو اسمُكَ تهمةً، وعنوانُكَ مقصلةً، تصبحُ كثرةُ العناوين طوقَ نجاة. أنا الذي كنْتُ بالأمسِ "الدكتور"، حاملَ المجلداتِ وحارسَ اللغة في أروقة الجامعة، أصبحتُ اليومَ مجرَّد ظلٍ هارب، طريداً يبحثُ عن عتمةٍ تبتلعه لتبقيه على قيد الحياة.
كان التنكُّرُ ضرورةً بيولوجيةً للبقاء، وليس خياراً ترفيهياً. اخترتُ مدينةً أخرى، مدينةً تلفظُ أنفاسَها برطوبة البحر، وتقعُ عند أطراف الخارطة، حيث يذوبُ اليابسُ في الماء، وتنتهي الأرضُ ليبدأ عالمٌ من الغموض الأزرق. هناك، في بيتٍ متواضع نخرتِ الرطوبةُ جدرانَه، عند أطرافِ تلك المدينة الساحلية، ألقيتُ برحالي. قومُ هذه المدينة، بوجوههم التي لوحتها الشمس وأيديهم التي شقَّقها الملح، يعملون في الغالب بحَّارةً وصيَّادين. حياتُهم بسيطةٌ كدوران الموج، وقاسيةٌ كصخور الشاطئ. هم أبناء البحر، يتنفسون ملحه، ويحلمون بأعماقه.
قلتُ في نفسي: "سأعملُ معهم، وأتدبَّرُ أمري". كان لا بدَّ من اسمٍ جديد، قناعٍ لغويٍّ أختبئ خلفَه. اخترتُ اسماً مألوفاً، واحداً من تلك الأسماء الدارجة التي لا تثيرُ ريبةً ولا تستوقفُ أحداً في هذه المدينة. اسمٌ يشبهُ أسماءهم، يذوبُ في نداءاتهم اليومية كما يذوبُ السكرُ في الشاي. ولكن، هل يكفي الاسمُ وحدَه لصنعِ حياةٍ جديدة؟
من سيعرفُني بهندامي الجديد؟ تخلَّصتُ من البدلات الرسمية، من ربطات العنق التي كانت تخنقني بوقارها المصنوع، وارتديتُ زيَّ رجلٍ يمتهنُ حرفةَ الصيد. سروالٌ فضفاض، وقميصٌ قطنيٌّ باهت اللون، وقبعةُ قشٍّ مهترئة. قد تتناسلُ الأسماءُ وتتشابه، لكن المهنَ لا تتشابه؛ فالمسافةُ بيني وبين مهنة الصيد أبعدُ من المسافة بين الأرض والسماء. أنا المدرِّسُ الذي اعتادت أصابعُه ملمسَ الطبشور والورق، ومهنةُ الصيد تتطلَّبُ أصابعَ تعتادُ ملمسَ الشباك الخشنة وحراشف السمك اللزجة.
يا لهُ من تزاوجٍ غريب، وتماثلٍ مستحيل؛ شتَّانَ ما بين أستاذٍ جامعيٍّ يُحاضِرُ في الفلسفة والتاريخ، ورجلٍ مهنتُه صيادٌ يصارعُ الأمواجَ للحصولِ على قوت يومه. ناهيكَ عن المعضلة الكبرى: الانتماء. كيف أنتمي لمدينةٍ أخرى بعنوانٍ يحملُ اسماً ومكاناً غير مدوَّنين على خارطة ذاكرتي؟ كيف أدَّعي أنني ابنُ هذه المدينة الساحلية وأنا لا أحفظُ أزقتها، ولا أعرفُ تواريخَ نواتها، ولا قصصَ عجائزها؟ الانتماءُ لا يُمنحُ كالبطاقة، إنه يُزرعُ كالبذرة في تربة الذاكرة المشتركة.
-2-
ربما يتساءلُ أحدٌ ما، في لحظةِ فضولٍ عابرة: "لماذا كلُّ هذا التغيير؟ لماذا استبدالُ الحقيقةِ باسمٍ مستعار، وعنوانٍ وهمي، ومدينةٍ لا تنتمي إليها ولا تنتمي إليك؟". سيقولون إن الأشجارَ لا تنمو ولا تنبتُ بغير جذور، وإن من يقتلعُ نفسَه من أرضه يموتُ واقفاً.
لكنهم لا يعلمون. لا يعلمون أن تغييرَ الاسم، وتغييرَ المدينة، وتغييرَ المهنة والعنوان، لا يعني الموتَ هنا. بل هو المحاولةُ المستميتةُ للبقاء بذاتِه، للنجاةِ بالروح في زمنٍ يعجُّ بالخطيئة، وزمنٍ يتربَّصُ فيه الموتُ المقنعُ اللامبرر عند كلِّ زاوية. في مدينتي الأولى، أصبح الموتُ يوزَّعُ بالمجان، يطرقُ الأبوابَ دون استئذان، يغتالُ الكلمةَ قبل صاحبها. كان الخوفُ هو الحاكمَ الفعلي، والوشْمُ على الجباهِ هو الهويةَ الجديدة.
أريدُ لزمني أن يتغيَّر. سئمتُ زمنَ المحاضراتِ التي تراقبها العيونُ الخفيَّة، وزمنَ الكتبِ التي تُفتَّشُ قبل أن تُقرأ. أريدُ لزمني أن يتماهى مع مهنتي الجديدة وعنواني الجديد. أريدُ لزمني أن يكونَ زمنَ بحَّار، لا زمنَ أستاذ. زمنٌ يكونُ فيه الصيدُ وسيلةً مشروعةً لإشباع جوع البطن، بدلاً من زمنٍ يكونُ فيه الأستاذُ صيداً سهلاً لبنادق الجهل. نعم، أريدُ أن يشبعَ "الأستاذُ" داخلي من يد "الصيد"، أن يقتاتَ على رزق البحر بدلاً من أن يقتاتَ الخوفُ على قلبه.
هنا، في هذه المدينة البعيدة، أحاولُ أن أبتعدَ عن الثرثرة. الثرثرةُ هناك كانت تعني الوشاية، كانت تعني تقاريرَ سريةً تُكتَبُ في الظلام. أما هنا، ففي جوفِ البحر لا صوتَ يعلو فوق صوت الموج، وفي أحضان الساحل تضيعُ الكلماتُ في الفراغ الأزرق. الصمتُ هنا لغة، والبحرُ هو المتحدِّث الوحيد.
ولكن، يبقى الهاجسُ الأكبر. الهاجسُ الذي دفعني لتمزيق هويتي وارتداء هذا القناع: "زائر الليل".
ذلك الزائرُ الذي لا وجهَ له، ولا ملامح، سوى سواد المعطف وصوت الخطوات الثقيلة على الدرج. زائرُ الليل الذي يأتي حين ينام الجميع، ليخطفَ الأحلامَ والأنفاس. كان شبحاً يطارِدُ أحلامَ المدينة، وصوتُ خشخشةِ بنطاله النايلون هو موسيقى الرعب التي تُوقِظُنا من منامنا.
كنتُ أظنُّ أنني بفراري إلى هنا، واختبائي بين الصيادين، سأنجو منه. لكن الخوفَ كائنٌ حي، يسافرُ معك في حقائبك، ينامُ تحت وسادتك، ويستيقظُ قبلك. الليلُ هنا طويل، لا ينتهي. ومع كلِّ حركةٍ لخفر السواحل، مع كلِّ ضوءِ كشافٍ يمسحُ سطح الماء، يرتجفُ قلبي. هل هم يبحثون عن مهربين؟ أم يبحثون عني؟ هل اخترقتُ الأمواجُ وأنا لا أدري؟
أجلسُ في كوخي الخشبي المتهالك، أصلحُ شباك الصيد كما علَّمني "العم صالح"، كبير الصيادين الذي صدَّق كذبتي واحتضنني كابنٍ ضال. يدي تدمي من الخيوط الحادة، وعقلي يدمي من الذكريات. أتذكَّرُ طلابي، مكتبي، رائحةَ القهوة في الكافتيريا، والنقاشاتِ الحادَّة حول الحرية والعدالة. كلُّ ذلك يبدو الآن كحلمٍ بعيد، حياةٌ عاشها شخصٌ آخر. هل كان ذلك أنا؟ أم أن هذا الذي أفعله الآن هو الحلم، وسأستيقظُ ذاتَ صباحٍ لأجدَ زائرَ الليل واقفاً عند قدمي السرير؟
في البحر، وجدتُ شيئاً من السلوى. البحرُ لا يسألك عن اسمك، ولا عن شهاداتك، ولا عن انتمائك السياسي. البحرُ يعاملك بحياديةٍ قاسية؛ إن كنتَ قوياً منحك، وإن كنتَ ضعيفاً ابتلعك. تعلَّمتُ الصبرَ من مراقبة العوامات وهي تطفو وتغرق. تعلَّمتُ الصمتَ من النظر إلى الأفق اللامتناهي. البحرُ يعلِّمك التواضع، فهو أكبرُ من كلِّ أحلامنا وأوهامنا.
ومع ذلك، في كلِّ ليلة، حين يسكنُ الضجيجُ ولا يبقى سوى هدير الأمواج، أرهفُ السمع. أيُّ صوتٍ غريب، أيُّ وقعِ أقدامٍ على الرمل، يعيدني إلى المربع الأول. يعيدني إلى لحظة الهروب. أتخيَّلُ "زائر الليل" يقف خلف الباب، يعرفُ أن هذا الصياد المزيف هو الأستاذ الهارب، وأن اللحيةَ الكثَّة والثيابَ الرثَّة لا تخفي حقيقةَ العينين اللتين قرأتا أكثر مما يجب.
-4-
يقولون "من خاف سلم"، وأنا أقول "من خاف مات ألف مرة". أنا أعيشُ في برزخٍ غريب، لستُ ميتاً تماماً ولستُ حياً تماماً. أنا ممثلٌ بارعٌ على خشبة مسرح الحياة، أؤدِّي دوراً لم أتدرب عليه، والجمهورُ حولي لا يعلمُ أنه يشاهد مسرحيةً تراجيدية. كلُّ نظرةٍ ألقاها، كلُّ حركةٍ أقوم بها، هي جزء من أدائي. حتى تنهُّدي محسوب، وضحكتي مُقيَّدة.
أحياناً، وأنا في عرض البحر، والفجرُ يبدأ بشقِّ عباءة الليل بخيوط من نور، أشعرُ بنوعٍ غريب من السلام. ربما لأنني هنا، وسط هذا الأزرق العظيم، أصبحتُ نكرةً تماماً. لا تاريخَ لي، لا ماضٍ يلاحقني، فقط اللحظةُ الراهنة، والسمكةُ التي ستعلق في الصنارة. في هذه اللحظات، أتقاربُ مع "عماد" الذي اخترعته، وأبتعدُ عن "الأستاذ" الذي كنتُه.
هل يمكنُ للإنسان أن يغيرَ جلده؟ نعم. هل يمكنه أن يغيرَ روحه؟ لا أظن. ما زلتُ أقرأ الوجوهَ كما كنتُ أقرأ النصوص. أحلِّلُ حركات الصيادين، لهجاتهم، أحلامهم البسيطة، وكأنني أعدُّ دراسةً أنثروبولوجيةً صامتة. الأستاذُ بداخلي لم يمت، إنه فقط مختبئٌ في قبو الذاكرة، يراقبُ ويسجِّل، بانتظار يومٍ قد لا يأتي أبداً، يومٌ يستطيع فيه أن يخلع قناع الصياد ويعود ليقول كلمته.
لكن حتى ذلك الحين، سأستمرُّ في نسج الشباك، وسأستمرُّ في ادعاء أنني "عماد" الصياد، ابن هذه المدينة المالحة. سأستمرُّ في الهروب من زائر الليل، محتمياً بليل البحر الذي لا يبوح بالأسرار، وبخفر السواحل الذين لا يعلمون أن أخطرَ ما يحرسونه ليس مهرباً، ————-بل فكرةً هاربةً تسيرُ على قدمين. هنا، حيث ينتهي اليابس، تبدأ حكايتي الحقيقية. حكايتي عن البقاء، عن الخوف الذي يصنع منا أشخاصاً آخرين، وعن الأمل الذي يلمع كالفسفور في مياه الخليج المظلمة. أنا هنا، زائرُ النهار في مدينة الغرباء، هرباً من زائر الليل في مدينة الأقرباء.
كان صوتُ ارتطام الأمواج بالصخور هو الإيقاع الوحيد في هذا السكون. جلستُ قبالة "العم صالح"، الإبرةُ الخشبية في يدي تحاولُ رتقَ ثقوب الشبكة المهترئة. كنتُ أحاولُ تقليدَ حركاته؛ انسيابيةَ الخيط، عقدةَ البحار المتقنة، والهدوءَ المريب.
فجأة، توقفت يدُ العم صالح عن العمل. رفع الفانوس قليلاً، فسقط الضوءُ على يدي المرتجفة. العم صالح (دون أن ينظر إلى وجهي): "العقدةُ التي تشدُّها بقوةٍ مفرطة.. تُخنقُ الخيط يا بني، ولا تمسكُ السمك. السمكُ يهربُ من القوة، لكنه يقعُ في الحيلة." أنا (محاولاً تصحيح العقدة بارتباك): "أخشى أن تنفلت.. البحرُ لا يرحم الشباك الضعيفة." العم صالح: "البحرُ لا يرحم من يخافه، لا من يحترمه. أنت تشدُّ الخيط وكأنك تخنقُ رقبةَ عدو، لا كأنك تصلحُ مصدرَ رزق. يدك ناعمة يا عماد .. ناعمة كمن اعتاد تقليبَ الورق، لا سحبَ الحبال." تجمد الدمُ في عروقي. هل كُشِفت؟ حاولت تدارك الأمر بابتسامة باهتة واستدعاء مفردات المكان. أنا: "الرزقُ يحتاج ليدٍ نظيفة يا عم صالح، وأنا أحاول أن أغسلَ تعبَ الماضي بماء البحر." نظر إليّ العم صالح نظرةً طويلة، بدت وكأنها تخترق الجمجمة لتقرأ ما خلف الجبهة. عيناه الغائرتان كانتا بئرين من الحكمة المالحة. العم صالح: "الماضي ليس أوساخاً لتغسلها.. الماضي وشمٌ تحت الجلد. رأيتُ الكثيرين يأتون إلى هذا الشاطئ. هاربون من ديون، هاربون من ثأر، وهاربون من نساء.. لكنك مختلف." أنا (بحرص): "مختلف؟ كلنا أبناء آدم، وكلنا نركض خلف لقمة العيش." العم صالح (بتهكم خفيف): "لقمةُ العيش تجعلك تنظر إلى البحر بطمع، تنتظر ما سيخرج منه. أما أنت.. أنت تنظر إلى البحر وكأنه كتابٌ صعبُ الفهم. أراك تهمسُ للماء بكلمات لا نفهمها. البارحة، حين هبت العاصفة، قلتَ: إنها فوضى الطبيعة الانتقائية .. صيادٌ يقول انتقائية ؟ نحن نقول: البحر غضبان ، وكفى." شعرتُ بالكلمة التي سقطت مني سهواً كحجرٍ ثقيل. لغة "الأستاذ" تأبى إلا أن تفضح "الصياد". أنا (مدعياً الجهل): "كنت أهذي.. الخوف يجعل اللسان ينطق بالعجائب." اقترب العم صالح، وصوتُ صرير أسنانه يشي بجدية الموقف. وضع يده الخشنة التي تشبه جذع شجرة ميتة فوق يدي. العم صالح: "لا تبرر. أنا لا أسألك عن اسمك الحقيقي، ولا من أي سجن أو جامعة هربت. الأسماء هنا لا تعني شيئاً، الموج يمسح الأسماء المكتوبة على الرمل كل صباح. لكن اسمعني جيداً يا غريب.." سحب نفساً عميقاً من سيجارته الرخيصة وأكمل والدخان يغلف وجهه: العم صالح: "زائر الليل الذي تخاف منه.. لا يأتي لمن رائحته تشبه رائحة الطحالب. أنت ما زلت تفوح برائحة المدينة، ورائحة الحبر، ورائحة الخوف المنظم. إذا أردت أن تكون منا، عليك أن تنسى لماذا وتعيش الـ كيف . البحر لا يهتم بالفلسفة، البحر يهتم بمن يملك الرئة الأقوى ليكتم أنفاسه." أنا (بصوت خافت، وقد سقط القناع جزئياً): "وكيف أنسى الـ لماذا ؟ كيف أنسى أنني مطارد لذنب لم أقترفه؟ كيف يصبح الإنسان مجرد كيف .. مجرد آلة للبقاء؟" ابتسم العم صالح، ابتسامة حزينة كشفت عن أسنان نخرها التبغ والزمن. العم صالح: "أخيراً.. تكلمت بلسانك الحقيقي. انظر إلى هذه الشبكة.. إنها مليئة بالثقوب، لكنها لا تزال تصطاد. نحن نرمي شباكنا المثقوبة في المجهول، ونرضى بما يقسمه الله. أنت تريد شبكة كاملة، وحياة خالية من الثقوب، ولهذا أنت خائف. تقبّل نقصك، تقبّل أنك الآن مجرد نكرة في طرف العالم.. حينها فقط، لن يجدك أحد. لأن لا أحد يبحث عن لا شيء." أنا: "أن أكون لا شيء.. هل هذا هو الثمن؟" العم صالح: "هذا هو النجاة. كن كالماء.. لا لون له، لكنه يُغرق السفن." عاد العم صالح لرتق شبكته بصمت، تاركاً إياي مع العقدة التي في يدي، والعقدة الأكبر التي في روحي. كان محقاً؛ أنا أحاول الاختباء في جسد صياد، لكن عقلي ما زال يقف على منصة المحاضرة. كان الدرس قاسياً: لكي أنجو، يجب أن أموت أولاً.. موتاً معنوياً يقتل الكبرياء، ويترك الغريزة فقط.
لم يكن الليل ساتراً كما تمنيت، بل كان وشايةً صامتة. الساعة تجاوزت منتصف القلق، وصوت الريح في الخارج يعوي كذئب جريح يخدش جدران كوخي الخشبي. كنت مستلقياً على الحصيرة، وعيناي معلقتان بالسقف المليء بشباك العناكب، أحاول استجداء النوم. فجأة، اختفى صوت الريح، وحل محله صوتٌ آخر.. صوتٌ أعرفه جيداً، حفظته عن ظهر قلب في مدينتي الأولى. طق.. طق.. طق. ثلاث طرقات جافة، معدنية، لا تشبه طرقات الجيران أو الأصدقاء. إنها طرقات السلطة على خشب الخوف. تجمدت في مكاني. دمي، الذي كان يضخ ببرود قبل لحظات، تحول إلى حمم بركانية. صوت العم صالح يتردد في رأسي كصدى في بئر: "كن لا شيء.. لا أحد يبحث عن لا شيء". نهضتُ ببطء، متقمصاً انحناءة الظهر التي يورثها البحر لرجاله. سحبتُ قميصي الممزق، وبعثرتُ شعري ليكون أشعثاً كعش مهجور. فتحت الباب، فصفعني شعاع ضوء قوي أعمى بصري للحظات. "من؟" سألتُ بصوتٍ مبحوح، خرج خشناً متقطعاً، كما لو أن حنجرتي نسيت الكلام. الصوت (آمر، حاد، ومألوف بقسوته): "دورية تفتيش. بطاقتك." تراجع الضوء قليلاً، ليسمح لي برؤية ملامح "زائر الليل". ضابط شاب، بملامح جامدة كقناع شمعي، وخلفه جنديان مدججان بالبنادق. عيونهم تمسح المكان، تبحث عن أي شيء؛ عن سلاح، عن ممنوعات، أو ربما عن رائحة "غريب". مددتُ يدي المرتجفة (لم أكن بحاجة لتمثيل الارتجاف) وأعطيته البطاقة المزورة التي دفعت فيها "تحويشة" العمر. نظر الضابط إلى الصورة، ثم إلى وجهي، ثم عاد للصورة. كانت لحظات من الصمت الثقيل، أثقل من مرساة حديدية. الضابط: "عماد.. الاسم مألوف، لكن الوجه غريب. منذ متى وأنت هنا؟" هنا، كان الامتحان. "الأستاذ" بداخلي أراد أن يجيب إجابة دقيقة، مؤرخة، ومنطقية. أراد أن يقول: "منذ ستة أشهر وثلاثة أيام". لكن "عماد الصياد" تذكر نصيحة العم صالح. أنا (بلهجة ركيكة، وعينين منكسرتين): "من زمن.. يا سيدي. البحر ينسينا الأيام. نحن نعد بالموجات لا بالسنوات." قطب الضابط حاجبيه. هل كانت الجملة فلسفية أكثر مما يجب؟ هل زل لساني مرة أخرى؟ تداركت الموقف سريعاً، وبصقتُ على الأرض بجانب قدمي (فعلٌ مقزز لم يكن الأستاذ ليفعله ولو تحت تهديد السلاح)، ثم مسحت فمي بظاهر يدي المتسخة. أنا: "الصيد قليل هذه الأيام.. والعيشة مرة. هل تبحثون عن أحد؟ المهربون يمرون من الجانب الآخر." نظر الضابط إلى البصقة باشمئزاز، ثم ركل طرف الباب بحذائه العسكري. الضابط: "نبحث عمن يظن أنه أذكى من الدولة. يدك ناعمة يا عماد.. لا تشبه أيدي الصيادين." توقف قلبي. لقد لاحظ. هذه هي النهاية. سيكتشفون الكتب المخبأة في ذهني، سيكتشفون أن هذه اليد أمسكت قلماً أكثر مما أمسكت مجدافاً. في تلك الثانية، قررتُ أن أقتل "الأستاذ" تماماً. انحنيتُ فجأة، وبدأت أسعل سعالاً عنيفاً، مقرفاً، يحاكي سعال المدخنين المزمنين الذين نخرت صدورهم رطوبة البحر. اقتربت منه خطوة وأنا أسعل في وجهه تقريباً، ماداً يدي التي جرحتها عمداً بالأمس بقشور السمك، وكانت لا تزال ملتهبة ومتقيحة. أنا (بين السعال): "ناعمة؟ انظر يا سيدي.. هذا صديد السمك. إذا كانت ناعمة، خذها واعمل مكاني ليلة واحدة في البرد.. ليلة واحدة فقط." تراجع الضوء، وتراجع الضابط خطوة للوراء هرباً من رائحة العفن والمرض التي تقمصتها. تحولت نظرته من "شك" إلى "قرف". لقد نجحت الخطة. لم يعد يراني "مشتبهاً به"، بل رآني "نكرة". رآني "قمامة بشرية" لا تستحق التفتيش. الضابط (مغلقاً أنفه): "كفى.. كفى. رائحتكم تزكم الأنوف. أغلق بابك ونم. وإذا رأيت غريباً، تبلغنا." أنا: "حاضر يا سيدي.. الله يحميكم." أداروا ظهورهم. ابتلعهم الظلام كما ابتلعوا هم طمأنينتي. أغلقت الباب ببطء شديد، ثم انزلقت على الخشب حتى جلست على الأرض. لم أبكِ. لم أرتجف. فقط نظرت إلى يدي المتقيحة، وإلى البصقة على الأرض. لقد نجا "عماد". لكنني شعرت في تلك اللحظة أنني دفنتُ "الأستاذ" في قبرٍ عميق. لم يقتلوه برصاصة، بل قتلته أنا بالذل. لكي أعيش، كان عليّ أن أصبح مسخاً في نظرهم. تذكرتُ كلمات العم صالح: "كن كالماء.. لا لون له".. ولكنه نسي أن يخبرني أن الماء قد يكون آسناً وموحلاً أحياناً لكي لا يشربه أحد. في تلك الليلة، نمتُ بعمق.. نوم الموتى الذين لا يحلمون، ولا يتذكرون من كانوا.
-5-
مرت ثلاث سنوات ثقيلة كشبكة مليئة بالطين. عماد لم يعد يمثل دور الصياد؛ لقد أصبح صياداً. يداه، اللتان كانتا تدميان من لمس الخيوط، اكتسبتا صلابة الفولاذ ورائحة الملح. تعلم قراءة السماء قبل أن يقرأ الصحف، وأتقن لغة النوارس قبل أن يعود إلى لغة الفلاسفة. اختفى "زائر الليل" من حياته، ليس لأنه هرب، بل لأنه لم يعد يبحث عن "أستاذ جامعي". لقد مات ذلك الرجل في سجلاتهم، وأصبحت أنا مجرد رقم في سجل الصيادين.
في صباح يوم رطب، يغلفه ضباب كثيف يمحو حدود السماء والبحر، كان عماد يجمع شباكه من منطقة صخرية بعيدة. كان الهدوء الذي يسبق الله الفجر هو رفيقه الوحيد. انتبه لشيء غير مألوف على حافة صخرة ضخمة: صندوق خشبي قديم، نخرته الديدان البحرية، جرفته الأمواج الغاضبة. لم يكن صندوق صيد، بل كان يحمل طابعاً مدنياً غريباً.
دفع عماد الصندوق بقدمه المرتدية حذاء مطاطياً مهترئاً. تردد. فالصياد لا يفتح صناديق الغرباء، فالبحر يبتلع الأسرار ولا يجلب الهدايا. لكن "الأستاذ" الذي دفنه فيه، تحركت فيه غريزة الاكتشاف.
كسر الصندوق بصعوبة، ووجد داخله، ملفوفاً بإحكام بقماش مشمع، قطعة سميكة من الورق. لم تكن مالاً ولا ممنوعات، بل كانت كتاباً. كتاب قديم، من جلد محروق الأطراف، طبعة نادرة. إنها "مقدمة ابن خلدون"، الطبعة التي كان يتباهى بها في مكتبه القديم، والتي لم يكن يملكها إلا هو وزميله المقرب، الدكتور "مراد" – الذي كان أول ضحايا "زائر الليل" قبل سنوات، وقيل إنه اختفى بلا أثر.
قبض عماد على الكتاب بيديْن لم تعد تعرفا الفق بين الحرير والرمل. ارتعدت أصابعه. لم يكن هذا مجرد كتاب، بل كان لسان حال الماضي، سفير أرسلته ذاكرة مدفونة.
في تلك اللحظة، لم تعد يداه خشنة. شعر فجأة بالبدلة الصوفية التي كان يرتديها، وبأن ربطة العنق تعود لتخنق رقبته. لقد انهار القناع.
الأستاذ يصرخ: هذه خط الدكتور مراد! هذه النسخة هي دلالة التحدي! هذا النداء موجه إليّ شخصياً، لأنه يعرف أن أحداً غيري لن يجرؤ على لمس هذا الكتاب أو فهم دلالته.
الصياد يهمس: ألقِ به في البحر. لا تفتح باب الجحيم من جديد. ارجع إلى كوخك، واشرب قهوتك المالحة، وأنسَ هذا الوهم. النجاة هي البقاء هنا.
فتح عماد الكتاب على عجل. لم تكن الصفحات سليمة؛ كانت مليئة بالدلالات والرسائل المشفرة التي اعتاد عليها هو ومراد في نقاشاتهما السرية. في الصفحة التي تحمل عنوان "في أهمية العمران البشري"، كانت الجملة التالية مميزة بخط الزميل الأحمر:
"فإذا فسد عمران مدينة، وجب على أهل الفكر أن يغادروها قسراً، أو يعودوا لإصلاحها ولو حُرقت المآثر."
لكن تحت كلمة "حُرقت"، كان هناك ثلاثة خطوط حمراء، وفوقها تاريخ محفور بالقلم الجاف: "تاريخ اليوم + سبعة أيام". أدرك الأستاذ المغروس في جسد الصياد الرسالة: مدينته القديمة، عمادها الفكري قد انهار، أو مكتبة الجامعة التي كانت رمز المقاومة قد أحرقت فعلاً، والنداء إليه ليس للنجاة، بل للعودة والمحاولة الأخيرة للإصلاح، قبل فوات الأوان بأسبوع واحد. لم يعد الأمر يتعلق بـ"زائر الليل" الذي يطارده شخصياً، بل بـ"الليل الذي يطبق على المدينة كلها". لم يعد يستطيع الاختباء خلف الشباك والأسماك عندما تنهار أسوار الحقيقة التي كان يدافع عنها.
عاد عماد إلى كوخه مهرولاً. لم يعد يرى الأشياء بعيني صياد. رأى الفقر والرطوبة والهروب القسري. دخل الكوخ، وتوجه مباشرة إلى المكان الذي خبأ فيه آثاره القديمة، تحت أرضية خشبية مفككة: سحب شفرة حلاقة قديمة، وأمام مرآة صدئة، بدأ بحلق لحيته الكثة التي كانت قناعه. سقطت خصلات الشعر المتلبدة على الأرض، وفي كل خصلة تسقط، كان يرى شبح الأستاذ يعود إلى الحياة. كشف الحلق عن فك قوي وملامح حادة، وعن تلك العيون التي تفضح عقل الرجل المفكر. سحب حقيبته القديمة، وأخرج منها قميصاً أبيض كُوي بعناية فائقة قبل سنوات، وبنطالاً داكناً. خلع ثياب الصياد المتسخة والملطخة بالملح ورمى بها في ركن الكوخ كأنها جلد ثعبان فارغه. لقد قرر التخلي عن هذه "الكينونة" الجديدة بكل ما فيها من سلام زائف.
خرج عماد، الأستاذ الآن، ليلتقي العم صالح الذي كان جالساً يصلح قاربه. رآه العم صالح، وحاجباه العريضان ارتفعا دهشة. العم صالح (بهدوء غريب): "عماد... أم من كنت عليه؟ لقد خلعت جلدك." عماد (بصوت الأستاذ الواثق، الذي لم يعد يعرف الركاكة): "من كنت عليه، يا عم صالح. لا يمكن للماء أن يبقى في بركة صغيرة إلى الأبد، لا بد له أن يعود إلى النهر. هذا الصندوق... أعادني إلى نهري." العم صالح (وهو يرمي بشباكه القديمة على القارب): "كنت أعلم أنك مؤقت هنا. بعض الرجال ليست مصممة للبقاء. لكن تذكر درسي يا ولدي: إذا لم تستطع أن تصطاد السمكة، اصطد الصياد الذي يحميها. هل ستعود لتقاتل زائر الليل؟" عماد: "لن أعود لأقاتل زائر الليل فقط، بل لأقاتل الليل كله، يا عم صالح. إذا حُرقت المكتبة، فواجبي أن أكون الرماد الذي يبعث منه كتاب جديد." أعطى العم صالح نظرة أخيرة، لم يكن فيها حزن بقدر ما كان فيها فهم. ناول عماد قطعة من الخبز والجبن. العم صالح: "تزود. طريق العودة أطول وأخطر من طريق الهروب. لن أسألك متى تعود، سأسألك: هل ستعود بكلمتك أم ستعود بصمتك؟" عماد: "سأعود بكلمتي كاملة يا سيدي. سأعود بصوتي." انطلق عماد، الأستاذ الذي عاد إليه عقله وهويته، تاركاً خلفه رمال الساحل وصدأ الكوخ ورائحة الملح. كان يسير ببطء في البداية، ثم تحولت خطاه إلى ركض متسارع. لم يعد يخشى "زائر الليل" القادم من المدينة، بل يخشى الوقت الذي ضاع وهو يهرب. لقد عاد إلى واقعه الأول، ليس خوفاً من مطارديه، بل وفاءً لقضيته. والآن، وهو في طريق العودة، لم يعد يبحث عن مكان يختبئ فيه، بل عن منبر يجهر منه بالحق، ولو كان ثمنه الموت الأكيد.
-6-
كانت المدينة غريبة. الرائحة هي أول ما يهاجم الحواس: رائحة الغبار، والزيوت المحترقة، ورائحة الخوف الباهتة التي تتراكم في الأزقة، مختلفة تماماً عن رائحة اليود والملح النقي في مدينة الصيد. ثلاثة أيام وساعتان استغرقت رحلة العودة، ترك خلالها "الأستاذ" خلفه كل أثر لـ"عماد الصياد". هو الآن رجل يرتدي ثياباً نظيفة، ووجهه حليق يكشف عن حقيقة عينيه المرهقتين، وعقله المشحوذ بالنداء الأخير.
في محيط الجامعة، كان الصمت أثقل من الضجيج. وصل الأستاذ إلى حيث كان يوماً صرح العلم ومنارة الفكر. لم يجد إلا هياكل سوداء تقف شامخة كأضرحة للذاكرة. المبنى الرئيسي، الذي كان يحتضن مكتبته الكبرى ومدرجاته التاريخية، بدا الآن وكأنه قطعة فحم ضخمة؛ جدران سوداء تتناثر منها شظايا الزجاج المذاب. كانت المكتبة قد أحرقت، كما نَصَّت الرسالة المشفرة.
مشى الأستاذ بين الركام، وكأن قدميه تخوضان في مقبرة للأفكار. كانت رائحة الورق المحترق خانقة، حارقة، كأنها شهادة وفاة جماعية لآلاف الكتب والمخطوطات. رأى بقايا مقاعد دراسية بلاستيكية ذابت بفعل الحرارة العالية، وتمازجت مع سواد الإسفلت. لم يكن هذا حريقاً عادياً، بل كان إعداماً منظماً للوعي.
توقف أمام ما كان يوماً مكتب زميله الدكتور "مراد". الزاوية كانت لا تزال قائمة بشكل جزئي، وهناك، بين كومة من الطابوق المتفحم، لاحظ شيئاً يلمع. انحنى، رفع القطعة بيد مرتعشة. لم تكن سوى قطعة معدنية صغيرة، محروقة جزئياً، لكنه عرفها فوراً. كانت جزءاً من إطار نظارة طبية، نوع نادر لا يستخدمه إلا الدكتور "مراد" لضعف بصره الشديد. لم يكن هناك جسد، ولا جثة، فقط هذا الأثر الضئيل. هذه هي النهاية المأساوية. لم يغادر الدكتور مراد المدينة، ولم يهرب. لقد كان شاهداً على الحرق، وربما كان وقوده. لقد ماتت الكلمة، ومات حارسها في نفس المكان. أغلق الأستاذ يده على إطار النظارة، فكانت حارقة ومؤلمة. لم يبكِ؛ فالدموع لا تليق بالرماد.
رفع الأستاذ رأسه، مستوعباً أن العودة لم تكن لإصلاح الفساد، بل للوقوف شاهداً على الكارثة. وضع الكتاب الذي جلبه من البحر تحت ذراعه، وبدأ يتجه نحو الساحة الرئيسية للجامعة المحترقة. في تلك اللحظة، شعر بالوخز المألوف: الشعور بأنه مراقب.
لم يكن "زائر الليل" غريباً يرتدي معطفاً. لقد كان منظومة كاملة. التفت الأستاذ ببطء نحو زاوية الشارع المظلم. رأى رجلاً يقف هناك، يرتدي زياً مدنياً بسيطاً، لكن وقفته كانت عسكرية، ونظرته لا تخطئ. لم يكن الضابط الشاب من دورية التفتيش، بل كان شخصاً أكثر أهمية، شخصاً يمتلك عيوناً لا تخترق الجسد بل تخترق السجلات.
لم يتحرك الرجل. لم يرفع سلاحاً. فقط كان يقف، كتمثال من الخطر، وعيناه مثبتتان على الأستاذ، خاصةً على يده التي كانت تمسك بالنظارة المحروقة والكتاب.
أدرك الأستاذ اللعبة: لقد عاد إلى الشباك، طوعاً. لم يُعتقل، بل سُمِح له بالوصول إلى المكان ليتأكدوا من عودته. إنه الآن تحت المراقبة اللصيقة، وكل خطوة سيخطوها ستكون مسجلة.
نظر الأستاذ إلى الرجل، ثم نظر إلى الرماد المتناثر حوله. لو كان سيهرب مجدداً، لكان ركض الآن. لكنه لم يفعل. رفع الأستاذ الكتاب، "مقدمة ابن خلدون"، وفتحه على صفحة "أهمية العمران". لم يتحدث. لم يهرب. بل سار خطوة واحدة نحو مركز الساحة المحترقة.
كان هذا هو القرار. كان هذا هو صوته. لقد عاد إلى مدينته ليس كهارب، بل ككلمة، كفكرة ترفض الاحتراق. لم يتبق من منبره شيء، لكن الرماد ذاته كان سيصبح منبره الجديد. الرجل الواقف في الظل كان يعرف ذلك.
انتهى زمن "عماد الصياد". وبدأ زمن الأستاذ الذي اختار المواجهة بالبقاء. البقاء كشاهد، وكندبة في جسد الزمن، وكقلبٍ ما زال ينبض تحت الرماد.
#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الايام
-
صُوَ رلا تنسى
-
(لذة العطر )
-
أتذكرين يا شقية
-
رواية (غموض الأبواب والإشارات السوداء)
-
(خذلان)
-
هُذَيان
-
أكواخ الكهف
-
تَعْرِيفَة
-
لَوْ أَنِّي أَبْحَرْتُ
-
تفكيك الخرافة
-
مداد البحر المر
-
الطوفان الخبز
-
عُرْزَالُ مَنْفَى
-
(وطنٌ يَرْفُضُ الاكْتِمَال)
-
(المسرح / منصة الصمت)
-
ضياع آخر
-
أنا مَنْ أَنَا
-
الوجه الآخر للنجوم
-
خفافيش النهار
المزيد.....
-
الأمير مولاي رشيد: مهرجان الفيلم بمراكش منصة للحوار وإبراز ا
...
-
كهوف الحرب وذاكرة الظلمات اليابانية الغارقة -تحت الأرض- في ق
...
-
وفاة الممثلة الجزائرية بيونة عن 73 عاما
-
إيران تحظر دخول غابات مدرجة على قائمة التراث العالمي بعد أن
...
-
اكتشافات بجنوب شرق تركيا تشرح حياة البشر في العصر الحجري الح
...
-
عمليات جراحية على نغمات الموسيقى: اكتشاف علمي يغير قواعد الت
...
-
متاحف قطر تحصد جوائز مرموقة في النسخة الثالثة من جوائز قطر ل
...
-
الألكسو تكرم ستيفاني دوجول عن ترجمة -حكاية جدار- وتختار -كتا
...
-
تشييع الممثلة الراحلة -بيونة- إلى مثواها الأخير في مقبرة الع
...
-
نساء غانا المنفيات إلى -مخيمات الساحرات-
المزيد.....
-
خرائط العراقيين الغريبة
/ ملهم الملائكة
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|