أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هدى الخباني - حين تتحول الهيئات المهنية إلى -غرف إعدام رمزي- للأصوات المعارضة.














المزيد.....

حين تتحول الهيئات المهنية إلى -غرف إعدام رمزي- للأصوات المعارضة.


هدى الخباني
صحفية.

(Houda El Khoubani)


الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 21:34
المحور: الصحافة والاعلام
    


لم يكن التسجيل الصوتي والمرئي المسرب لاجتماع إحدى اللجان الحكومية (لجنة الأخلاقيات
والقضايا التأديبية) حول الصحفي حميد المهداوي مجرد "انفلات لفظي" مؤسف.
لقد كان قنبلة موقوتة فجرت ما هو أعمق وأخطر بكثير من الإساءات الشخصية.
هذا التسجيل لم يفضح فقط عقلية بعض المسؤولين تجاه الصحافة الحرة والمحامين، بل كشف عن أن "المنظومة" التي يُفترض بها حماية الحقوق قد تحولت إلى غرفة عمليات لتصفية الحسابات بعيداً عن أي ضوابط قانونية أو أخلاقية.

لكن السؤال الجوهري الذي يتردد في كواليس القرار ليس: ماذا قالوا؟ بل: لماذا سُرِّب هذا التسجيل وبهذه الدقة تحديداً الآن؟
إن المحتوى الذي تضمنه التسجيل صادم بكل المقاييس؛ إذ تضمن عبارات مهينة، وإيحاءات خطيرة لاستخدام القضاء في "الترويض والإقصاء"، وإهانة واضحة لهيئة الدفاع، مما أكد للرأي العام أن المهداوي لم يكن يواجه قضايا عادية بل مؤامرة ممنهجة.

الأخطر من الألفاظ النابية هو الشعور بأن هذه اللجنة، التي يفترض أن تُجسد الروح التنظيمية للقطاع، هي مجرد أداة تنفيذية تعمل بعقلية عدائية، وتؤكد وجود "تغوّل" للسلطة على استقلالية المهنة.

لكن المثير للريبة هو توقيت التسريب وطبيعته الاحترافية، مما يضعنا أمام فرضية التحليل الأكثر جرأة: هذا التسريب ليس نتاج خطأ فردي، بل هو سلاح اُستخدِم عن قصد في معركة أكبر.
لقد تحول ملف المهداوي من قضية رأي عام إلى "أداة ضغط" تُستخدم داخل صراع الأجنحة الخفية للدولة. فهناك أطراف داخل النظام ترى في سيطرة بعض الأجهزة على المشهد الإعلامي والقضائي تهديداً للتوازنات الداخلية.
تسريب كهذا يُعتبر فرصة ذهبية لـ"إحراج" المسؤولين المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في الاجتماع، وتوجيه ضربة قوية لشرعيتهم في إدارة ملفات حساسة. كما أن جهات عليا قد تكون رأت أن استمرار هذه الممارسات المشينة في الخفاء يضر بصورة الدولة على المدى الطويل، وأن إزاحة هذه "العناصر الفاسدة أخلاقياً" هي وسيلة لتطهير الصف وإظهار الرغبة في المحاسبة. في هذا السياق، لم يعد المهداوي هدفاً بحد ذاته، بل أصبح رمزاً وذخيرة أُطلقت لاستهداف مسؤولين وقيادات محددة متهمة بتوظيف السلطة للانتقام. إنها رسالة مفادها: "لا حصانة لأحد عندما تتعارض المصالح العليا".
الفضيحة كشفت أيضاً عن التباين الصارخ في تعاطي الإعلام الوطني. ففي الوقت الذي أدانت فيه النقابات والهيئات الحقوقية والمهنية بشدة ما حدث، التزمت منابر إعلامية واسعة، معروفة بقربها من مراكز القرار، صمتاً مطبقاً ومخزياً. هذا الصمت ليس "حياداً"، بل هو دليل قاطع على خضوع هذه المنابر لـ"صفقات العار" التي تمنعها من إدانة أي ممارسة تخرج من رحم المنظومة التي ترعاها.
إن "صحافة التواطؤ" ارتكبت خيانة مزدوجة؛ خيانة لمهنتها، وخيانة لحق الجمهور في المعرفة والشفافية.
هذا التسجيل يضع المؤسسات المغربية أمام محك تاريخي لا مفر منه. لم يعد كافياً إصدار بيانات الشجب أو حتى المطالبة بالتحقيق. المطلوب هو الكشف الفوري والعلني عن الجهة التي سَرَّبت التسجيل وتوضيح دوافعها الحقيقية، حل اللجنة المعنية وإعادة هيكلة آليات التنظيم الذاتي للمهنة بشكل يضمن استقلالية حقيقية بعيداً عن سلطة الأجهزة، والأهم، تحقيق قضائي مستقل يذهب أبعد من الأخلاقيات، للتحقيق في ادعاءات تسييس القضاء التي وردت في التسجيل.
ما لم يحدث هذا، ستظل حرية الصحافة وحصانة المحاماة مجرد "وهم دستوري" يُساء استخدامه في صراعات الأجنحة، ويبقى صوت المهداوي وغيره، هو الثمن الباهظ الذي تدفعه البلاد مقابل استمرار لعبة الكراسي الخفية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة جيل Z: الثقة المفقودة بين -الوعاء الفارغ- و -المغرب بسر ...
- التعليم الخاص في المغرب: جحيم الأسر وبزنس لأصحاب الشكارة.
- حكم بالسجن 20 عاماً.. فكرة الزفزافي أكبر من جدران الزنزانة!
- غيثة عصفور: بين محكمة الرأي العام وغياب الحقيقة.. من يملك حق ...
- جامعة وساحة حرب: قصة فتاة لم تعرف التنازل.
- قراءة في كتاب -المرأة ليست لعبة الرجل- لسلامة موسى
- صرخة من داخل الفصل: حين يغيب الجمال عن فصول التعلم.
- إحصائيات بروح إنسانية
- العمل النقابي لصالح من ؟
- باشلار يرد على أفلاطون
- المواطنة والحرية
- قراءة في - الطاغية- دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي / ...
- عماء اللغة
- طريقي إلى الجامعة
- مرض - Sexophobia- في حصة موضوعها - الثفافة الجنسية -
- رسالة إلى الله
- عبد الهادي روضي: لوحة تتعانق فيها الألوان.
- الجوع في بطني يقتل حتى الجوع.
- الثانوية التأهيلية محمد الزرقطوني: هرطقة في هرطقة
- عبد الله: الحنين إلى مجهول


المزيد.....




- وزير خارجية لبنان يرد على تصريح مستشار خامنئي: -سيادتنا أهم ...
- إسرائيل تكشف -سرّها الأكبر- في المواجهة الأخيرة: كيف تعقّبت ...
- تقرير يُنذر بـ-مرحلة سوداء- في لبنان: ضربات إسرائيلية قد تقع ...
- الصراع الإسلامي-المدني وتداعياته على الحريات والمشهد السياسي ...
- انقلاب جديد في إفريقيا ... ضباط يستولون على السلطة في غينيا ...
- تنزانيا تلغي احتفالات الاستقلال وسط دعوات للتظاهر
- -مرسيدس بنز- تهدي عشاقها سيارة رياضية قادمة من المستقبل
- نواب ديمقراطيون يتهمون ترامب باستخدام -إف بي آي- لترهيبهم
- موقع استقصائي يكشف دور شركات النقل الأميركية في تمويل آلة ال ...
- فرك الوجه بقشور الموز.. هل يعادل تأثير حقن البوتوكس؟


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هدى الخباني - حين تتحول الهيئات المهنية إلى -غرف إعدام رمزي- للأصوات المعارضة.