أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هدى الخباني - صرخة جيل Z: الثقة المفقودة بين -الوعاء الفارغ- و -المغرب بسرعتين-.














المزيد.....

صرخة جيل Z: الثقة المفقودة بين -الوعاء الفارغ- و -المغرب بسرعتين-.


هدى الخباني
صحفية.

(Houda El Khoubani)


الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 23:40
المحور: الصحافة والاعلام
    


صرخة جيل Z: الثقة المفقودة بين "الوعاء الفارغ" و "المغرب بسرعتين ".

شكلت الاحتجاجات الأخيرة التي قادها شباب "جيل Z" ظاهرة اجتماعية وسياسية تستدعي تحليلاً عميقاً. هذه الاحتجاجات، التي اتسمت بالتنظيم اللامركزي عبر المنصات الرقمية، لم تكن مجرد غضب عابر، بل تعبيراً عن أزمة ثقة هيكلية واختلالات اجتماعية واقتصادية عميقة. سوسيولوجيًا، يمثل "جيل Z" شريحة سكانية ضخمة ترفض القبول بالواقع كما ورثه الجيل الأكبر، مطالبةً بـ "العدالة المجالية" و"إعادة توزيع الثروة" بطريقة أكثر إنصافاً.
تستند مطالب هذا الجيل إلى أسس اقتصادية ملموسة تُعمق الإحساس بـ "التفاوت المزدوج" الذي وصفه الملك محمد السادس سابقاً بـ "المغرب بسرعتين".
وفقاً لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية (ILO)، فإن شباب "جيل Z" يواجهون تحديات اقتصادية غير مسبوقة؛ فبالرغم من ارتفاع مستويات التعليم لديهم، تظل معدلات بطالة الشباب المتعلم مرتفعة بشكل مقلق.
إن السياسات الاقتصادية المنتهجة، التي ركزت على التحرير والخصخصة، أدت إلى خلق فرص عمل هشة أو وظائف غير مستدامة، مما رفع من منسوب الإحباط. الإحصائيات المتعلقة بالبطالة في أوساط حاملي الشهادات العليا تُشير إلى أن شريحة كبيرة من هذا الجيل ترى التعليم كـ "وعاء فارغ" لا يُترجم إلى استقرار مهني أو اجتماعي، الأمر الذي يهدد السلم الاجتماعي.

إلى جانب الأزمة المهنية، يُعبر المحتجون بوضوح عن غضبهم من اختلالات توزيع الثروة والفوارق التنموية بين الجهات.
فمن الناحية الاجتماعية، يولد هذا التفاوت إحساساً عميقاً بـ "الإقصاء المجالي"، حيث يشعر الشاب في المناطق المهمشة أنه يعيش في دولة أخرى تختلف جذرياً عن المراكز الحضرية المزدهرة.
مطالب مثل "نريد صحة وتعليماً قبل المونديال" تلخص هذا الرفض لسياسة الأولويات التي يرونها منحازة للبنية التحتية الترفيهية على حساب الخدمات الاجتماعية الأساسية.
ولا يقتصر هذا الإقصاء على المجال الاقتصادي والتعليمي فحسب، بل يمتد ليطال الخدمات الصحية الأساسية. فمنظور جيل Z للعدالة لا ينفصل عن الحق في الولوج إلى رعاية صحية ذات جودة متساوية، وهو حق يمس جوهر العدالة المجالية .
تُظهر التقارير أن الهشاشة البنيوية في قطاع الصحة تتفاقم في المناطق النائية والريفية، حيث تعاني المستشفيات والمراكز الصحية من نقص حاد في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية الأساسية. هذا التدهور لا يشكل تهديداً للصحة الجسدية فحسب، بل يغذي أيضاً الأعباء النفسية على هذا الجيل، الذي يعيش تحت ضغط البطالة وانعدام اليقين، مما يجعل القضايا المتعلقة بـ الصحة النفسية جزءاً أصيلاً من خطابه الاحتجاجي، رافضاً بذلك سياسات تضع الأولويات الترفيهية أو البنيوية غير المباشرة فوق حق المواطن في العلاج.

سوسيولوجيًا، تمثل احتجاجات "جيل Z" نقطة تحول في أنماط المواطنة والفعل السياسي.
ينتمي هذا الجيل، وفقاً لمفاهيم عالم الاجتماع الإسباني مانويل كاستلز عن "المجتمع الشبكي"، إلى حقبة حيث الإنترنت والهاتف الذكي ليسا مجرد أدوات، بل محور التجربة الحياتية برمتها.
هذا الإطار يوضح لماذا تتميز الحركة بـ القيادة اللامركزية والاعتماد على شبكات رقمية مستقلة (مثل مجموعات ديسكورد وواتساب) للتعبئة، بدلاً من الأطر التقليدية التي فقدت مصداقيتها. هذه اللامركزية، كما يرى بعض المحللين، تمنح الحركة قوة مرونة هائلة، وتجعلها أقل عرضة للسيطرة أو التفكيك من خلال استهداف قائد واحد. كما تتميز الاحتجاجات بـ "جمالية الاحتجاج" واستخدام السخرية والموسيقى، التي تعمل على تنشيط الذاكرة الجمعية وتعزيز الانتماء. ومن منظور بيير بورديو، يمكن اعتبار التمسك بالسلمية في بداية الحراك بمثابة "رأسمال رمزي" يكسب الحركة الشرعية والتأييد الشعبي ويحميها من محاولات التشويه، ويثبت أن المشروعية تُبنى عبر الوسائل المدنية.

إحدى أهم الأبعاد السوسيولوجية هي الفجوة الواسعة بين الجيل ومؤسسات الوساطة،فالمؤسسات التي كان يُفترض أن تمثلهم أصبحت جزءًا من المشهد الذي يرفضونه.
فقدت الأحزاب والنقابات القدرة على استقطاب الشباب أو التعبير بصدق عن همومهم يدفعهم للبحث عن أشكال بديلة للمواطنة، تتجاوز صناديق الاقتراع وتتركز في الفعل المباشر والمطالبة بـ المحاسبة والعدالة.

إن احتجاجات "جيل Z" هي في جوهرها انعكاس لـ "فشل تنموي" وليس مجرد اضطراب عابر.
إنها فرصة تاريخية تضع النخب الحاكمة أمام حتمية المراجعة الشاملة لأولوياتها الاقتصادية والاجتماعية. إن هذا الجيل، بوعيه الرقمي ولامركزيته التنظيمية، يملك مفتاح مستقبل التنمية، لكن الاستجابة لمطالبه تتطلب أكثر من مجرد وعود، تتطلب إعادة بناء للثقة وإقراراً حقيقياً بأولوية العدالة الاجتماعية والمجالية على أي حسابات أخرى.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم الخاص في المغرب: جحيم الأسر وبزنس لأصحاب الشكارة.
- حكم بالسجن 20 عاماً.. فكرة الزفزافي أكبر من جدران الزنزانة!
- غيثة عصفور: بين محكمة الرأي العام وغياب الحقيقة.. من يملك حق ...
- جامعة وساحة حرب: قصة فتاة لم تعرف التنازل.
- قراءة في كتاب -المرأة ليست لعبة الرجل- لسلامة موسى
- صرخة من داخل الفصل: حين يغيب الجمال عن فصول التعلم.
- إحصائيات بروح إنسانية
- العمل النقابي لصالح من ؟
- باشلار يرد على أفلاطون
- المواطنة والحرية
- قراءة في - الطاغية- دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي / ...
- عماء اللغة
- طريقي إلى الجامعة
- مرض - Sexophobia- في حصة موضوعها - الثفافة الجنسية -
- رسالة إلى الله
- عبد الهادي روضي: لوحة تتعانق فيها الألوان.
- الجوع في بطني يقتل حتى الجوع.
- الثانوية التأهيلية محمد الزرقطوني: هرطقة في هرطقة
- عبد الله: الحنين إلى مجهول
- حبنا يا حبيبي


المزيد.....




- كويتية تصنع من كل قفزة على الحبل تغييرًا حقيقيًا في حياتها
- شاهد كيف يسخر مستخدمو تيكتوك من أمن متحف اللوفر بعد عملية ال ...
- مصر.. هتافات باستقبال السيسي في بلجيكا تثير تفاعلا
- نائب ترامب يقلل من شأن المخاوف المتعلقة بهشاشة وقف إطلاق الن ...
- غزة.. ماذا نعلم عن الرهينة الأكبر سنا بعد تسليم رفاتها لإسرا ...
- متصفح إنترنت جديد يعمل بالذكاء الاصطناعي من أوبن أيه آي
- مباشر: تعثر تسليم رفات كامل الرهائن ووصول المساعدات مع تبادل ...
- 80 عاما من العلاقات السورية الروسية
- كيف ستكون رحلة بوتين إلى بودابست؟
- تفاعلات أزمة أوكرانيا.. كيف تستعد ليتوانيا للحرب مع جارتها ر ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هدى الخباني - صرخة جيل Z: الثقة المفقودة بين -الوعاء الفارغ- و -المغرب بسرعتين-.